7 نصائح تساعدك على التغلب على الخوف من الرفض

في هذا المقال سنوضِّح كيف يعوقك الخوف من الرفض عن التقدُّم في حياتك، وكيف يمكن أن تتحسَّن حياتك تحسُّناً كبيراً عندما تتوقف عن إيلاء الاهتمام لآراء الآخرين بك، لكن في البداية يجب أن نعرف أنَّ معظم مخاوفنا ومشاعر القلق لدينا تقتصر على شيء واحد، وهو الخوف من أن نفقد ما نمتلكه، فنحن مثلاً نخشى:

  • أن نخسر شبابنا.
  • أن نخسر مكانتنا الاجتماعية.
  • أن نخسر أموالنا.
  • أن نخسر السيطرة.
  • أن نخسر راحتنا.
  • أن نخسر حياتنا.


ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتب "مارك كرنوف" (Marc Chernoff)، ويقدِّم فيه 7 نصائح تساعدنا على التخلص من مشاعر القلق حيال آراء الآخرين.

كما أنَّنا نخشى أكثر من أي شيء أن يرفضنا الآخرون، ويتعزَّز هذا الخوف ويعوقنا إذا لم نعالجه، لكن لماذا هذا النوع من الخوف متأصِّل فينا إلى هذا الحد؟

كان الرفض في المجتمعات القبلية القديمة يعني أنَّ الشخص لن يحصل بعد الآن على الحماية التي يوفرها له المجتمع القبلي، وهذا يعني أنَّه سيموت؛ لذلك من الطبيعي أنَّ هذه الحاجة استمرت لدينا مُسبِّبةً هذه الرغبة في أن نكون مقبولين من الآخرين.

الخوف هو عاطفة بشرية فطرية، الغاية منها إبقاؤنا حذرين وآمنين، مثل أضوية الكشاف في السيارة التي تساعدنا على التعرُّف إلى المخاطر الموجودة على طول الطريق، لكنَّ الكثير من الخوف يعني الإفراط في الحذر، وهذا يجعلنا غير مدركين للواقع، ممَّا يسبِّب نتائج كارثية كنَّا نخاف أساساً الوصول إليها.

وينطبق هذا التشبيه بشدة على الخوف من الرفض، وسأقدِّم هذا المثال من تجربتي الشخصية:

عندما كنت مراهقاً كنتُ منبوذاً وأسعى دوماً إلى أن ألقى القبول من زملائي، وارتدت ثلاث مدارس مختلفة مع ما فيها من بيئات اجتماعية مختلفة، وكل ذلك خلال أربع سنوات فقط، وكنت أُرفَض من زملائي في كل واحدة من هذه المدارس، حتى إنَّني أتذكَّر بوضوح كيف كنت ألعب كرة السلة بمفردي في مناسبات عديدة، فكنت دوماً الفتى الجديد الذي يسعى إلى أن يكون مقبولاً من زملائه.

لفترة طويلة ظننتُ أنَّ تجربتي في مرحلة الطفولة هي السبب الأساسي لسعيي الدؤوب إلى إرضاء الناس عندما أصبحت راشداً، ففي العشرينيات من عمري كنت أبحث دائماً عن إشارات تدل على أنَّ الناس لا يحبونني؛ إذ كنت أسعى دائماً إلى الطمأنينة، وأتساءل دوماً عن رأي الآخرين بي.

هل يبدو هذا مألوفاً بالنسبة إليك؟ هل تبحث عن قبول الآخرين مع ما يسبِّبه لك ذلك من شعور بالطمأنينة؟

إليك إذاً ما تعلمته على مرِّ السنين: السعي المستمر إلى الحصول على الطمأنينة من خلال قبول الآخرين لك هو طريق مسدود؛ بل لا يمكنك الحصول على الطمأنينة من خلال السعي إلى أن تكون مقبولاً، فالطمأنينة تكمن في داخلك وليس فيما يقدِّمه لك الآخرون.

ذلك لأنَّ أي موقف أو رد فعل من الآخرين يمكن أن تفسِّره على أنَّك شخص منبوذ؛ لذلك سأقدِّم لك بعض النصائح التي ساعدتني على الحصول على السلام الداخلي، وفي النهاية ساعدتني على التغلب على خوفي من الرفض والقلق بشأن ما يظنُّه الناس بي:

1. أَدرِك أنَّ الخوف نفسه هو المشكلة الأساسية:

يقول الرئيس الأسبق للولايات المتحدة الأمريكية (USA) "فرانكلين دي روزفلت" (Franklin D. Roosevelt): "الشيء الوحيد الذي يجب أن نخافه هو الخوف نفسه"، لا أظنُّ أنَّه يوجد اقتباس يعبِّر عن حقيقة الخوف مثل هذا، فغالباً ما يؤدي الخوف إلى تفويت الفرص الهامة وتدمير العلاقات.

على سبيل المثال، قد تظنُّ خطأً أنَّ مجموعة من الناس سترفضك؛ لذلك يصبح سلوكك دفاعياً؛ بل ربما عدائياً معهم، وفي النهاية تُرفض لأنَّك تصرَّفت على هذا النحو، مع أنَّهم لم يكن لديهم نية في رفضك، ومن ثمَّ تشعر أنَّك كنت محقاً في اعتقادك ويتعزَّز هذا السلوك.

هكذا يؤدي الخوف إلى هذه النتائج السلبية؛ لذلك يجب أن تكون حذراً في معتقداتك عن نفسك وعن الآخرين، فهي تؤثِّر في علاقتك معهم، وهي ما يحدِّد قبولك من عدمه؛ لذلك بدلاً من السماح للخوف بتأكيد معتقداتك الخاطئة، ابحث عن إشارات تؤكِّد لك العكس.

شاهد بالفيديو: 12 أمراً يساعدك في التغلب على الخوف

2. تجنَّب المبالغة في توقع مدى سوء النتائج:

تنمُّ جميع مشاعر الخوف بما فيها الخوف من الرفض عن مبالغة في تقدير النتائج السلبية، بمعنى أنَّنا نظنُّ أنَّ النتيجة السلبية التي نتوقعها تعني حدوث كارثة في حال حدثت؛ إذ يسأل الشخص في هذه الحالة نفسه أسئلة من قبيل:

  • ماذا لو لم يحبونني؟
  • ماذا لو رفضوني؟
  • ماذا لو لم أنسجم وبقيت وحيداً؟

لكن لا تمثِّل أي من هذه النتائج كارثة في الواقع إلا إذا أقنعنا أنفسنا بذلك، فسوف نخشى بطريقة غير منطقية من حدوث النتائج، ومن ثمَّ سنسمح لمخاوفنا بالسيطرة علينا.

إنَّنا نفشل غالباً - بوصفنا بشراً - في التنبُّؤ بردِّ فعلنا على الأحداث المستقبلية، وفي معظم الحالات نتجنب التفكير منطقياً في مخاوفنا، ممَّا يؤدي فقط إلى استمراريتها.

لذلك اسأل نفسك، إذا حدث ما أخشاه، فما هي الطرائق الثلاثة البنَّاءة التي يمكنني من خلالها التعامل مع الموقف والمضي قُدماً؟ خذ وقتك في الإجابة عن هذا السؤال، ويفضَّل أن تدوِّن توقعاتك تجاه ما يمكن أن تشعر به إذا تعرَّضت للرفض، وكيف ستعبِّر عن انزعاجك لبعض الوقت، وكيف ستحوِّل هذه التجربة إلى فرصة لتطوير الذات ومن ثمَّ المضي قُدماً؛ إذ يساعدك هذا التمرين على التخفيف من خوفك بشأن احتمال تعرُّضك للرفض.

3. اعرف أنَّ الرفض يتعلَّق بالأخرين وليس بسبب عيوبك:

تخيَّل أن يجد شخص قطعة ألماس ثمينة جداً، في حين ينقِّب في المنجم بحثاً عن الفحم مثلاً، لكنَّه وبسبب جهله بالألماس فإنَّه يظنُّ أنَّ ما وجده ليس له قيمة ويُلقي بها أرضاً، فإنَّ العيب ليس في قطعة الألماس إنَّما في هذا الشخص.

بنفس المنطق، عندما يرفض شخص شخصاً آخر فإنَّ الموقف لا يكشف قيمة الشخص الذي تعرَّض للرفض، بل يعبِّر عن عقلية الشخص الآخر؛ بمعنى أنَّك عندما تتعرض للرفض، فإنَّ ما حصل هو أنَّه يوجد شخص واحد فقط عبَّر عن رأيه بك؛ لذلك ضع في حسبانك ما يأتي؛ لو استسلمت الروائية البريطانية الشهيرة "جي كي رولينغ" (J.K Rowling) بعد رفض أعمالها من قبل عدة ناشرين ولعدة أعوام، فما كنَّا لنرى اليوم رائعة "هاري بوتر" (Harry Potter).

لو استسلم رجل الأعمال الأمريكي "هوارد شولتز" (Howard Schultz) بعد أن رفض 200 بنك تمويل مشروعه، فما كنَّا لنرى اليوم سلسلة مقاهي "ستاربكس" (Starbucks) ولو استسلم "والت ديزني" (Walt Disney) بعد أن رفض أكثر من 300 مستثمر مشروعه فما كنَّا اليوم سنرى مدينة "ديزني للأطفال" (Disney World).

الدرس المؤكَّد في الحياة أنَّك عندما تولي اهتماماً كبيراً لآراء الآخرين فيك، فإنَّك لن تكون حرَّ الإرادة أبداً؛ لذلك لا تسمح لشخص آخر بتحديد واقعك، ولا تضحِّ أبداً بشخصيتك الأصيلة أو بحلمك لأنَّ شخص ما أخبرك بأنَّ ما تحلم به مستحيل.

أحِبَّ نفسك بكل ما فيك، واستمر بالمحاولة، فلا أحد يستطيع أن يجعلك تشعر بأنَّك ضعيف ما لم تسمح له بذلك، وعندما يرفضك شخص ما فلا تسرع بالحكم على نفسك بأنَّك غير محبوب أو أنَّك بلا قيمة، فمن وجهة نظر عملية، يقتصر ما حدث على أنَّ شخصاً ما عبَّر لك عن قصر نظره.

4. ركِّز على الحاضر:

إنَّ الأشخاص الذين يعانون من مشكلات عاطفية يعبِّرون دوماً عن المشاعر التي يخشون اختبارها، فقد تظنُّ أنَّ هذا طبيعي، وهو كذلك إلى حدٍّ ما، لكن في مرحلة ما يجب أن نركِّز على المشاعر التي نتمنى اختبارها وليس التي نخشاها.

عندما تكون في موقف اجتماعي يجعلك تشعر بالقلق، فلا تفكِّر في المشاعر التي تريد تجنبها، وركِّز لبعض الوقت على المشاعر التي تريد أن تختبرها في اللحظة الحالية.

درِّب نفسك على التركيز على هذه المشاعر في اللحظة الحالية دون أن تستحضر مشاعر الماضي المؤلمة مع ما تجلبه لك من شعور بالندم وأيضاً دون خوف من تقييم الآخرين في المستقبل.

هذا هو خيارك، يمكنك تغيير الطريقة التي تفكِّر بها، فكِّر في شخص شغوف بمهمة ما وسترى أنَّه لا يهتم برأي الآخرين عندما ينكب على عمله، ولا يهتم برأي الآخرين عن مظهره أو أي شيء آخر.

عندما تؤمن بنفسك وتؤمن بهدفك فإنَّ كل شيء عدا إيمانك سيختفي من وعيك، وسيدفعك الشغف إلى تجاهل ما قد يعتقده الآخرون عنك، وهذا يثبت أنَّك أنت من يختار أن تهتم بآراء الآخرين.

5. تخلَّ عن الاعتقاد أنَّك على حق على الدوام:

السبب الذي يمنعك أحياناً من تجاوز خوفك من الرفض هو رغبتك الدائمة في أن تكون على حق، فعندما تظنُّ أنَّ شخصاً ما لا يحبك تحاول جهدك أن تثبت أنَّك محق في رأيك هذا.

نادراً ما يتعلم الأشخاص التشكيك بعواطفهم، خاصةً عندما يشعرون بالقلق، ممَّا يجعل حياتهم أكثر صعوبةً ممَّا هي عليه؛ لذا اسأل نفسك، إذا كنت مصيباً في كل شيء، فلماذا ترتكب الأخطاء؟ إذاً هذا الاعتقاد خاطئ ويجب التخلي عنه.

أن تكون واثقاً من نفسك يعني أن تعترف لنفسك أنَّك لا تعرف كل شيء ولا تستطيع التنبؤ بالمستقبل؛ وبذلك تستريح وتسمح للأشياء بأخذ مجراها الطبيعي؛ أي أن تتقبَّل أنَّك تجهل المستقبل، وهذا هو مفتاح الثقة في العلاقات والشعور بالسلام في الحياة.

نؤكِّد مرةً أخرى أهمية الثقة، فهذه حياتك وخياراتك وأخطاؤك والدروس التي تتعلمها منها، وما دمت لا تؤذي الناس فلا داعي للقلق بشأن رأيهم بك.

6. افتخر بما يجعلك مختلفاً:

السعي المستمر إلى الحصول على قبول الآخرين يعني أنَّنا قلقون دائماً من الأحكام السلبية التي قد يطلقها الآخرون علينا؛ إذ يحرمنا هذا النمط من التفكير من المتعة والإبداع والعفوية في حياتنا؛ لذلك تخلَّص من هذه العادة.

 إذا كنت محظوظاً بما يكفي لامتلاك شيء يجعلك مميزاً، فلا تخجل ولا تتغيَّر، فالتفرد لا يقدَّر بثمن، ففي هذا العالم المحموم حيث يفقد الجميع تفرُّده، ابحث عن الشجاعة لتحافظ على نفسك مميزاً، وعندما يسخر الآخرون منك لكونك مختلفاً، اسخر أنت من هذا السعي إلى التشابه.

يتطلب الأمر كثيراً من الشجاعة لتحافظ على شخصيتك المميزة، لكنَّه يستحق ذلك، فعدم الخجل من نفسك هو أمر رائع يستحق كل هذا العناء، وسيسمح لك باكتشاف أصدقائك الحقيقيين الذين يحبونك كما أنت ويعرفونك حق المعرفة، فلا تتغيَّر حتى يحبك الناس، بل كن على طبيعتك وسيحبك فقط الأشخاص الصادقون مثلك.

إقرأ أيضاً: الاختلاف بين المثابرة والكمال

7. استخدم الرفض بوصفه فرصة نمو لا تقدر بثمن:

بمجرد أن ينتقدك أحدهم أو يقلِّل من شأنك، قد تشكُّ بنفسك وتظنُّ أنَّك حقاً بلا قيمة، فما تحتاج إلى إدراكه هو أنَّ هؤلاء الأشخاص الآخرين لا يستحقونك ولا يفهمون طبيعتك ووجهة نظرك عن الحياة.

الرفض أمر ضروري؛ وذلك لأنَّه بمنزلة فرصة تتعلم منها كيفية رفض العلاقات والفرص الفاشلة سلفاً لكي تجد علاقات وفرص جديدة أسرع، وهذا لا يعني أنَّك لست جيداً بما يكفي؛ بل إنَّ شخصاً آخر فشل في اكتشاف قيمتك، ممَّا يعني أنَّك لديك الآن المزيد من الحرية لتحسين نفسك واكتشاف خياراتك.

ستشعر بالمرارة لبعض الوقت قطعاً، وربما ستشعر أنَّ مشاعرك قد جُرحت، ففي النهاية أنت إنسان، ولا يوجد إنسان لا يشعر ببعض الحسرة عندما يتعرض للرفض، ولو لفترة وجيزة فقط، لكن ستطرح بعد ذلك على نفسك أسئلة تعبِّر عن شعورك بالألم، مثلا ستسأل نفسك:

"أي خطأ ارتكبت؟"، "لماذا لم يحبوني؟"، و"كيف حدث ذلك؟".

لكن، بعد ذلك عليك أن تستثمر هذه العواطف، وهذا جزء هام في التغلب على الخوف من الرفض، فاجعل هذه المشاعر فرصة للتعلُّم والنمو والمضي قُدماً نحو مرحلة جديدة في حياتك.

إقرأ أيضاً: أثر النمو في حياتك

في الختام:

عندما تسترجع ذكرياتك، ستدرك في كثير من الأحيان أنَّك في كثير من المرات التي ظننتَ فيها أنَّك مرفوض من قبل أشخاص رائعين أو فاتتك فرص رائعة، فإنَّ ما حدث في الواقع هو أنَّك عثرت على أشخاص وفرص أفضل؛ لذلك تذكَّر يومياً أنَّه يوجد كثير من الأشياء في هذه الحياة خارجة عن سيطرتك، منها وعلى وجه الخصوص آراء الآخرين.

لذا دع الآخرين يظنُّون ما يشاؤون، ودع الأمور تحدث بالطريقة الطبيعية؛ لأنَّ هذه النتائج الخارجة عن إرادتك وهذه المواقف التي لا يمكنك تغييرها في كثير من الأحيان هي ما يقودك غالباً إلى التغيير نحو الأفضل.




مقالات مرتبطة