7 عادات تبدو كسولة لكنَّها تفيد في الإنتاجية

نشر الاقتصادي الفرنسي "كلود فريدريك باستيا" (Claude-Frédéric Bastiat)، في عام 1850، مقاله الشهير "الأمور المرئية وغير المرئية" (What is seen and what is unseen)، والتي ينتقد فيها الاقتصادي السيِّئ الذي يركِّز على التأثير الأوَّلي للإجراءات المتَّخذة، وليس على عواقبها الأخرى التي قد تأتي على الأمد الطويل.



إذ يستخدم "باستيا" مثال عن نافذة متجر مكسورة، فلإصلاح النافذة يجب على صاحب المتجر استئجار صانع زجاج، وحينها يصبح لدى صانع الزجاج المال، ويمكنه استخدامه لشراء أي شيء، وبهذه الطريقة فإنَّ الاقتصاد سيتحسَّن.

لكنَّ هذا الأمر يشير فقط إلى الأمور المرئية وإلى المال المُنفق وصانع الزجاج، في حين تشير الأمور غير المرئية إلى ما كان يمكن شراؤه بالمال بدلاً من ذلك؛ إذ يركِّز الاقتصادي السيِّئ على الأمور التي يمكن رؤيتها، ويرى بأنَّه يجب علينا كسر النوافذ لتحفيز الاقتصاد، في حين يؤكد الاقتصادي الحكيم أنَّ تحطيم الأشياء يجعل الناس في وضع أسوأ.

فمن البديهي أن يؤدي تحطيم الأشياء إلى نتائج سلبية، لكن في حياتنا العملية اليوم، معظمنا هم بالضبط الاقتصاديون السيئون الذين حذَّر منهم "باستيا"، فنحن نركِّز على أن نكون منتجين مرئياً، وغالباً ما نتجاهل القدرة غير المرئية التي تحثُّنا على القيام بعملٍ هامٍّ.

فكِّر في الشخص الذي يبقى لوقت متأخِّر في المكتب كل ليلة، ليظهر لجميع من حوله أنَّه مهتم بتحقيق النجاح لفريقه، لكنَّ هذا يجعله ينام فترةً أقل، ممَّا يجعله كسولاً وبطيء الاستجابة، فهو يفتقد الوقت الذي يقضيه مع زملائه الذين زكَّوه للمشاريع والترقيات، فلم يكن لديه وقت للتفكير، ومن ثمَّ سيفشل في التوصُّل إلى الأفكار الجيدة التي من شأنها أن تدفعه إلى الأمام، فعلى الرَّغم من العمل الشاق الذي يبذله، إلا أنَّ افتقاره للتقدُّم يقنعه بأنَّه يفشل في العمل بجد بما فيه الكفاية.

لنلقي نظرة على السؤال الذي طرحه "باستيا"؛ لأنَّه ينطبق على عملنا، وهو: ما هي العوامل غير المرئية التي تؤثر في إنتاجيتنا، وتجعل من أمر ما يبدو كسلاً يؤدي إلى نتائج مُرضية؟

1. الحصول على قسط كافٍ من النوم:

إنَّ الأشخاص الذين يفكِّرون في الإنتاجية يفضِّلون الاستيقاظ باكراً، ويعتقدون أنَّ الاستيقاظ عند الساعة 7 صباحاً ليس أمراً كافياً، وإنَّما تحتاج إلى الاستيقاظ عند الساعة 6 أو 5 أو حتى 4:30 صباحاً.

فقد نختلف جميعاً في ساعات نومنا الطبيعية، لهذا قد يكون الاستيقاظ المبكِّر مناسباً لبعض الناس، لكن بالنسبة إلى كثيرين، فإنَّه يجبرنا على اتباع وتيرة غير طبيعية تؤدي بطبيعة الحال إلى قلة النوم.

فالنوم هو أساس النشاط الإنتاجي الذي يُعَدُ سبباً للشعور بالكسل؛ إذ لا يقتصر النوم على تقوية الذاكرة وتعزيز الإدراك وتحسين الحالة المزاجية فحسب، وإنمَّا يؤدي غيابه إلى حدوث كارثة؛ إذ يعتقد معظمنا - عند فشلنا في الحصول على قسط كافٍ من النوم - أنَّنا اعتدنا على ذلك، لكنَّ الحقيقة هي أنَّ أداءنا المعرفي مستمر في التدهور، إذ يؤدي النوم الجيد إلى العمل بصورة أفضل.

شاهد بالفيديو: كيف تجعل من غفوتك أداة للإبداع والإنتاجية؟

2. المشي لمسافات طويلة للتفكير فحسب:

قد نقلِّل من قيمة الوقت الذي نقضيه في التفكير فحسب، لأنَّه من غير الواضح للغُرباء ما هي الأمور التي نفكِّر فيها، فغالباً ما يُنظَر إلى الأشخاص الذين يحدِّقون في الفضاء أو يأخذون قسطاً من الراحة على أنَّهم كُسالى.

فإنَّ المشي لمسافات طويلة للتفكير هو أحد أكثر الأمور التي يمكنك القيام بها إنتاجيةً، فقد طبَّق العالم "ألبرت أينشتاين" (Albert Einstein)، كثيراً من الأفكار الكامنة وراء النسبية العامة خلال التفكير والمشي لمسافات طويلة، ولو أنَّه أُجبِرَ على نشر أبحاث رديئة باستمرار بدلاً من ذلك لإظهار الإنتاجية، فإنَّ فهمنا الكامل للكون كان ليكون ناقصاً.

3. الدردشة مع الزملاء عن العمل:

إنَّ الثرثرة في أروقة المكاتب هي علامة على التراخي والتهرب من العمل، لكن يجادل الباحثان "هوغو مرسييه" (Hugo Mercier)، و"دان سبيربر" (Dan Sperber) بأنَّ البشر لم يتطوروا للتفكير جيداً بالأمور بمعزل عن غيرهم، وإنَّما تطورت قدرتنا على الاستنتاج والمنطق والرؤية، لكسب الحجج وليس لتحديد الحقيقة.

ما يعنيه هذا، أنَّه عندما تفكِّر في المشكلات بنفسك، يكون التوصُّل إلى حلٍّ مناسب أمراً صعباً، لكن عندما تناقش أفكارك مع الآخرين، فإنَّ معظم الأفكار التي تبدو غير قابلة للتحقُّق بمعزل عن بعضها بعضاً تصبح واضحة خلال التفاعل.

فمثل كل عمليات تحسين الإنتاجية غير المرئية، فإنَّ هذا الأمر يحمل سمعةً سيئةً، وذلك لأنَّ التواصل الاجتماعي غالباً لا يكون عن تحقيق الإنتاجية، ومع ذلك نادراً ما يكون تخصيص الوقت للدردشة عن المشكلات الصعبة مع الزملاء إهداراً للوقت.

إقرأ أيضاً: لماذا لا تحدد إنتاجيتك قيمتك الذاتية؟

4. أخذ قيلولة:

النوم أمر هام، وتحديداً في الليل؛ إذ يمكنك الدخول في مراحل أعمق من النوم تساعد على تعزيز الذاكرة، ومع ذلك، فإنَّ حياتنا عموماً لا تسمح لنا بالحصول على نوم مثالي، ففي بعض الأحيان سنجد أنفسنا نواجه صعوبة في البقاء مستيقظين في أثناء العمل، وبالكاد نحقِّق أي تقدم، ففي هذه الحالة، يجب أن يُنظَر إلى موضوع أخذ القيلولة على أنَّه أمر إنتاجي، وليس مُهدِراً للوقت.

تكمن الصعوبة في أخذ قيلولة في منتصف النهار في أنَّك تُفرط في النوم وتشعر بالدوار بعد ذلك - ناهيك عن إضاعة الوقت - ومن ثمَّ إذا كنت في وضع تكون فيه القيلولة من الخيارات، فيمكنك استخدام خدعة الملعقة، وتتضمَّن هذه الخدعة بأن تُمسك ملعقةً في يدك وترفعها عن الأرض، وعندما تغرق في النوم بعمق، وتسترخي عضلاتك ستسقط الملعقة وستستيقظ على أثر صوت وقوعها.

كما يوجد ما يُسمَّى بقيلولة القهوة؛ إذ يمكنك الجمع بين قيلولة قصيرة واحتساء فنجان من القهوة قبل القيلولة، ممَّا سيزيد من شعورك باليقظة؛ إذ يعمل هذا المزيج جيداً، وذلك لأنَّ الأدينوزين الذي يجعلك تشعر بالنعاس، يُزَال من المستقبلات بعد أخذ غفوة، ويمكن بعد ذلك توصيل المستقبلات المُحرَّرة بالكافيين، ممَّا يبقيك مستيقظاً.

5. رفض بعض الفرص والمهام:

"إذا كنت تريد إنجاز أمر ما، فاعطه لشخص مشغول"، هذا القول وراءه معنى خفي، فالأشخاص المشغولون هم الذين يجدون صعوبة في قول لا للأشخاص الذين يريدون ببعض من وقتهم، لهذا هم مشغولون.

يعدُّ الأسلوب الذي اتبعه الفيزيائي "ريتشارد فاينمان" (Richard Feynman) الحائز على جائزة نوبل، جيداً؛ إذ يعترف "فاينمان": "للعمل على الفيزياء بصورة عالية الجودة، أنت تحتاج إلى فترات زمنية طويلة جداً، والحل الذي أقدِّمه لتجنُّب مقاطعة الناس لي في العمل، هو أنَّني أخبرهم أنَّني كسول وغير مسؤول، فأنا أخبر جميع من حولي بأننَّي لا أفعل أي شيء، وإذا طلب مني أي شخص أن أتولَّى رعاية أي أمر، أرفض وأخبره بأنَّني شخص غير مسؤول".

إذ لا تعني الإنتاجية إنجاز الكثير، وإنَّما تعني تحقيق أقصى استفادة ممَّا أنجزته.

إقرأ أيضاً: 10 عادات سيئة عليك التخلّي عنها لتصبح أكثر إنتاجية في عملك

6. أخذ إجازات بصورة منتظمة:

"إذا كنت تحب ما تفعله، فكل يوم هو بمكانة إجازة"، هذا الأمر جيد من الناحية النظرية، وسيِّئ من الناحية العملية، فحتى إذا كنت تحب وظيفتك، فإنَّ الابتعاد عن العمل الذي تفعله لتصفية ذهنك هو أمر ضروري للتخلُّص من الروتين التي يشعرك بأنَّك عالق فيه.

ففي مناقشة عن السفر بين الصحفي "إيزرا كلاين" (Ezra Klein) والخبير الاقتصادي "تايلر كوين" (Tyler Cowen)، لاحظ "كلاين" أنَّه غالباً ما يشعر بالإرهاق من السفر، في حين ردَّ "كوين" بأنَّه قادر على السفر كثيراً، لأنَّه يتعامل مع فكرة السفر بالجدية التي يتعامل بها معظم الناس مع العمل، وبدلاً من أن يعدَّ السفر فرصة للترفيه، فإنَّه يراه فرصةً لتوسيع معرفته.

فالسفر ليس الطريقة الوحيدة لتوسيع نطاق تفكيرك، وإنَّما الذهاب باستمرار إلى مكان جديد أمر ضروري لتجنُّب الوقوع في العادات التي لا معنى لها؛ إذ تمنعك الإجراءات الروتينية في النهاية من اكتشاف حلول إبداعية جديدة، في حين تُعَدُّ رؤية واكتشاف أمور جديدة أمراً ضرورياً لمنعك من أن تصبح غير مرن في أفكارك وأفعالك.

شاهد بالفيديو: 7 طرق لتتوقف عن الكسل وتبدأ إنجاز واجباتك

7. التوقف عن القيام بعمل تكرهه:

يكون الشخص الأكثر اجتهاداً وإنتاجيةً في بعض الأحيان هو من يحقِّق أقل قدر من الإنجاز، وذلك لأنَّ تقبُّل إنجاز العمل الشاق يمنعه من ترك العمل غير المُجزي.

فكل الأشخاص الذين أنجزوا أمراً ذا قيمة قاموا بعمل هادف ومُمتع بالنسبة إليهم، ربما ليس طوال الوقت أو دون جهد، لكنَّ العمل بجد لسنوات في عمل غير مُرضٍ بصورة أساسية نادراً ما يكون سبباً لتحقيق أمور عظيمة، فلكي تُنجز العمل الذي تحبه حقاً، أنت تحتاج أحياناً إلى التوقف عن القيام بعمل تكرهه.

المصدر




مقالات مرتبطة