7 طرق لتدريب عقلك على تحسين التركيز

في عالمنا هذا الذي يسير بخطىً مُتسارعة، لا ننفك نشعر بالإرهاق بسبب التوجهات ومصادر تشتيت الانتباه التي تحيط بنا في كل مكان، ومع استمرار هذا التقدم التكنولوجي وزيادة متطلبات هذه الحقبة غير المسبوقة، يصبح الحفاظ على التركيز وتحسينه من الأمور الهامة والأكثر صعوبة، فقد أضحى تحسين قدرتنا على التركيز في وقتنا هذا أهم من أي وقتٍ مضى.



ستندهش دهشةً ملؤها السرور عندما تعلم أنَّ التغلب على صعوبة التركيز لم يَعُد يتعلق باكتشاف أسرار امتلاك الإرادة والانضباط فحسب، فمع هذه التدريبات الأولية للتأمل الذاتي وتقنيات التدريب المعرفي، لن تواجه صعوبةً بعد اليوم في متابعة العمل.

لذا سنورد فيما يلي 7 طرائق لتتعلم كيفية تحسين التركيز يمكنك تنفيذها منذ اليوم:

1. امتلاك خطة واضحة:

أحد أشهر أسباب صعوبة الحفاظ على التَّركيز هو أنَّنا لا نعي بوضوحٍ الخطوة العملية التالية التي يتعيَّن علينا اتِّخاذها؛ فإذا كنت تحاول إنقاص وزنك لكنَّك لا تعرف الأنشطة التي تحتاج إلى اتِّباعها للقيام بذلك، فربما لن تفلح في تحقيق أي تقدم نحو هذا الهدف، فإذا لم تكن لديك خطوات واضحة ووقت كافٍ، ستعرقل العقبات البسيطة خطتك.

تختلف كمية التفاصيل اللازمة للإحساس بالاستعداد للمضي قُدُماً والثقة في القدرة على ذلك من شخصٍ إلى آخر، قد يحتاج بعض الأشخاص إلى الكثير من التفاصيل بينما يحتاج بعضهم الآخر إلى مقدار أقل منها؛ لذا حاول وضع خطة واضحة والحصول على موارد كافية من أجل اتخاذ الخطوات اللازمة، وعند القيام بذلك سيَسهُل عليك المضي قُدُماً إلى الأمام واكتساب الزخم الذي تحتاجه في كل مرحلة.

2. ضبط المزاج والأجواء المُحيطة:

ثمَّة مَن يقول إنَّ ارتفاع درجات حرارة الأجواء المحيطة يمكن أن يعزز الإبداع والإنتاجية والإحساس بالاسترخاء، وفي المقابل تبيَّن أيضاً أنَّ انخفاض درجات الحرارة يؤثِّر تأثيراً إيجابيَّاً في يقظة الشخص وقدرته على اتِّخاذ القرارات.

أجرت جامعة كورنيل (Cornell University) دراسة حول ارتباط ارتفاع درجات الحرارة في المكتب إيجاباً بإنتاجية الموظفين الإداريين في المكاتب، ووجدت الدراسة أنَّ دقة الموظفين في أثناء الطباعة وصلت إلى 90% حينما بلغت درجة الحرارة 25 درجة مئوية، ولكن مع انخفاضها إلى 20 درجة مئوية؛ انخفض معدل الكتابة، وازداد معدل الخطأ بنسبة 25 ٪.

لا يَنصَبُّ الاهتمام هنا على درجات الحرارة وحدها فقط؛ ذلك لأنَّ الإضاءة الجيدة ضروريةٌ أيضاً، إذ تزيد الأشعة الزرقاء المنبعثة من معظم الأجهزة الإلكترونية مستويات السيروتونين لدينا وتبقينا متنبهين؛ لذا ضع في حسبانك أنَّ الضوء الطبيعي هو الأفضل إذا أمكن ذلك، وعندما تشعر بالتعب، عليك احترام إيقاعات الساعة البيولوجية لجسدك وأخذ فترة استراحة.

من ناحية أخرى، أوقف تشغيل تطبيقات التواصل، واجعل الوصول إلى هذه التطبيقات والأجهزة المحمولة صعباً عن طريق وضعها في أماكن بعيدة، وجرب أن تجعل الوصول إليها يستغرق وقتاً أطول، فمن غير المرجح أن تبادر إلى التقاط هاتفك كل بضع دقائق إذا لم يكن في متناول يدك دوماً، فكيف سيصبح الحال لو أنَّك تضعه في غرفة أخرى؟

كما يمكنك وضع رسائل مرئية، مثل تذكيرات ورقية صغيرة تُحدد فيها ما ينبغي عليك التركيز عليه في أي مهمة تعمل عليها، وذلك لتبقى على المسار الصحيح في أثناء العمل.

3. وضع حدود للمُلهيات:

عندما يتعين عليك إعداد تقرير معقد أو مَهمة صعبة، يصبح احتمال تشتيت انتباهك أكبر من أي وقت آخر؛ وتصبح حُجة أنَّك تريد تفقُّد حساباتك على مواقع التواصل الاجتماعي فقط لكي "تطلع على آخر المستجدات" القصة الوحيدة التي تريد أن تقنع نفسك بصحتها؛ لكن كي تبقى مُركزاً في عملك، خصص وقتاً لتتفقد حساباتك أو لإجراء مكالمة هاتفية.

وبعد أن تنخرط في المهمة وتنجز جزءاً كبيراً منها، يمكنك أخذ استراحة والاستمتاع بها دون أي شعور بالذنب، فإذا كنت تدرس لمدة ثلاث ساعات، خُذ استراحة واذهب إلى مكانك المفضل، أو اخرج للمشي أو تناول وجبة خفيفة صحية.

غالباً ما يكون التخلي عن عادةٍ راسخة أمراً صعباً للغاية، فأنت لن تهدر الوقت والطاقة في مقاومة الرغبة في ممارستها فحسب، ولكنَّك ستجعل دافعك أقوى بحرمان نفسك منها؛ لذا لا بدَّ أن تتعلَّم كيف تتحكم بنفسك بدلاً من ذلك.

إقرأ أيضاً: كيف تستخدم العمل العميق لتتجنّب ما يلهيك وتزيد من إنتاجيتك

4. ممارسة التأمل واليقظة الذهنية:

إذا لم يكن لديك قناعة بأنَّ التأمل يساعدك في تحسين التركيز، فهناك العديد من الدراسات التي يمكنك الاطلاع عليها، والتي توضح كيف يمكن للتأمل أن يقلل من التفكير المستمر والتوتر والقلق، وكيف يُحسن الانتباه والعلاقات والاستقرار العاطفي والتركيز وقدرة الذاكرة العاملة.

وجدت إحدى الدراسات العلمية أنَّ "التداخلات القائمة على اليقظة (MBIs) كانت فعالة بشكل معتدل في تخفيف أعراض القلق وتحسين الحالة المزاجية، وقد وُجد أنَّ النتائج كانت مُستدامة إذ استمرت حوالي 27 أسبوعاً في المتوسط"

يسمح لك التأمل أن تُدرب نفسك على استعادة التركيز عندما يتشتت انتباهك؛ فعندما تمارس التأمل تتعلم كيف تراقب نفسك وتلاحظ الأوقات التي يسرح بها ذهنك بعيداً، ثم تتدرب على استعادة تركيزك على ما تريد توجيه انتباهك إليه.

يعمل العالم وأجسادنا وعقولنا بإيقاعات بيولوجية؛ لذا يجب أن تتعلَّم كيف تدرب عقلك على التركيز على هذا النحو؛ فإذا أجبرت نفسك على العمل، لن تنجح على الأغلب؛ بل سترهق نفسك في محاولات متكررة غير مجدية.

إقرأ أيضاً: 3 عادات بسيطة لممارسة تأمل اليقظة الذهنية

5. جدولة فترات التخطيط والمراجعة والتسليم طوال اليوم:

يوصي الكاتب "بيتر بريجمان" (Peter Bregman) بخطة بسيطة تساعدك على تدريب عقلك على التركيز ومتابعة تقدمك، فقبل أن تبدأ العمل، استثمر الدقائق الخمس الأولى من يومك في التخطيط وكتابة نشاطاتك اليومية باستخدام الورقة والقلم، وليس بمعالج النصوص الإلكترونية؛ حيث يسمح لك فعل التدوين هذا بدمج العديد من الوظائف الدماغية في العملية، وهذا ما يحفز ما يُسمى "تأثير التوليد" الذي ينشط عندما تولد أفكارك ذهنياً بدلاً من قراءتها فحسب، والذي يجعل دماغك يدرك أنَّ هذه الأعمال هامة للغاية.

ثم يوصي بريجمان بأن تتوقف لمدة دقيقة واحدة في نهاية كل ساعة من ساعات العمل وتتذكر ما أنجزته في تلك الساعة، فأنت بذلك تكافئ نفسك على ما حققته وتستعيد تركيزك وتعيد ضبط توقعاتك وتأخذ فترة راحة قصيرة لتعود للعمل بطاقة أكبر.

ومن خلال مراجعة ما أنجزته، فإنَّك تربط تجربة مؤثرة إيجابية بعملك وتقدمك؛ حيث يزيد ذلك من تركيزك ودافعك للعمل ويحافظ على استمرارية زخمك، كما أنَّ المراجعة الأسبوعية مفيدة بشكل جيد أيضاً.

وأخيراً اقضٍ الدقائق الخمس الأخيرة في نهاية اليوم في المراجعة والتخطيط لليوم التالي، وبذلك ستعزز قدرتك على التركيز يوماً بعد آخر.

6. تحديد أهداف تلبي أولوياتك العظمى:

عندما ترفض القيام بشيء ما، يكون هذا غالباً لأنَّه لا يتصدر قائمة أولوياتك، حيث يميل الإنسان عموماً إلى التصرف بطريقة تجعله يشعر بالأمان والراحة، ونحن ما دمنا نستطيع فهم ما نقوم به، فسنستمر في الشعور بالأمان والراحة، ولكن في اللحظة التي تظهر فيها حاجتك إلى القيام بشيء غير مألوف وغير مريح، تأكد أنَّك ستشعر ببعض المقاومة للتغيير.

يمكننا حل ذلك عن طريق دراسة وإعادة صياغة ما نحتاج إلى القيام به بطريقة تلبي قيمنا وأولوياتنا العظمى؛ فإن كنت تعتقد أنَّك تعرف قيمك وأولوياتك، فيجب عليك النظر في النتائج التي حققتها من خلال أهدافك، يعد ذلك هاماً لتتعلم كيفية تحسين التركيز.

فقد تعتقد مثلاً أنَّ إحدى أولوياتك هي الحصول على رصيد بنكي آمن، ولكنَّ بيان رصيدك يُظهر نقصاً في نسبة المدخرات، فيدل هذا على أنَّ امتلاك الكثير من المال ليس في الواقع أولوية عظمى بالنسبة لك في الوقت الراهن.

تحتاج في هذه الحالة إلى البحث عن مجموعة متنوعة من الأنشطة التي تحقق لك رصيداً مصرفياً آمناً، مثل التوفير وخفض التكاليف وإيجاد طرائق لزيادة الدخل، فقد تبدو هذه الأعمال مملة ومجهدة بالنسبة لك -وربما هذا هو سبب عدم قيامك بها- ولكنَّ الأمر الجيد هو أنَّها لا يفترض أن تكون كذلك؛ لذا حدد أياً من هذه الأنشطة هو الأسهل والأكثر متعة؛ ثم قُم بها.

إن كنت تحقق دخلاً جيداً، فاستعن بمستشار مالي لإنشاء خطة لمراقبة وإدارة ما تنفقه بدقة، وبذلك ستُحقق غايتين في نفس الوقت.

إقرأ أيضاً: أهم 7 أولويات في الحياة وطرق تحقيقها

7. نقل المعلومات لجعل الأمور أكثر إثارة:

وفقاً لنتائج علماء الأعصاب، نحن نتعلم بشكل أفضل عندما نقوم بأشياء مختلفة باستخدام المعلومات بشكل فعال، وبهذا لن تصبح تجاربنا في التعليم أكثر متعة فحسب؛ بل سننشط أيضاً المزيد من أجزاء أدمغتنا؛ حيث يسمح ذلك بحفظ الدروس والذكريات بشكل أكبر فاعلية في الذاكرة طويلة الأمد، حيث يمكنك أن تصبح أكثر ذكاءً من خلال تحفيز حواسك بانتظام معتمداً على التنوع.

فإذا كنت تدرس وترغب أن تتعلَّم كيف تُحسن تركيزك، شارك ما تعلمته مع مجموعات متنوعة للتدريب مستخدماً المعرفة والمهارات التي يجب عليك تطويرها، حيث إنَّ إحدى الطرائق المفيدة لحفظ المعلومات هي تعليمها للآخرين، ويعود ذلك وفقاً لإحدى الدراسات التي تفيد بأنَّ تعليم المعلومات يجبرك على التركيز عليها باستمرار لاسترجاعها.

من ناحية أخرى، يؤدي رسم صور ومخططات بيانية وإنشاء مذكرات صوتية حول ما تتعلمه، واستخدام الألوان والرموز إلى تنشيط أجزاء مختلفة من الدماغ وإلى تكوين المزيد من الارتباطات العصبية للمساعدة في استرجاع المعلومات وتحسين التركيز، وبذلك يصبح التركيز بمثابة عمل روتيني يومي لا يتطلب أي جهد يُذكر.

الخلاصة:

تنخفض حاجتك إلى الاستمرار بالتركيز عند تحديد أهدافك واتخاذ الخيارات التي توجهك نحو تلبية أهم أولوياتك وقيمك ومبادئك، ستواجه تجارب شاقة في حياتك وهذا أمر لا مفر منه، لكن باستخدام هذه الاستراتيجيات، يمكنك تجاوز الملهيات والملل وجعل جهودك أكثر فعالية وإنتاجية من أي وقت مضى.

 

المصدر




مقالات مرتبطة