7 طرائق لتغيير حالتك المزاجية

تُعدُّ العواطف البشرية واحدة من أعظم هبات الحياة، فلا شيء في تاريخ البشرية كان له مثل هذا التأثير في الأحداث العالمية؛ فهي من بدأَ الحروب وهي من تُنهيها، وتجعل الناس يفعلون أشياء مجنونة، وتجلب لهم الشعور المطلق بالرضى، وعلى الرَّغم من قوتها، فمن السهل أن نعتقد أنَّ العواطف البشرية خارجة عن سيطرتنا، لكنَّها ليست كذلك.



إذا كنت تتساءل "هل يمكنني تغيير حالتي المزاجية؟" فالإجابة هي نعم؛ إذ عليك أن تختار كيفية تفاعلك مع العالم والمعنى الذي تحدده لتجاربك، كما يمكنك اختيار حالتك الذهنية، واختيار التحوُّل إلى حالة من التمكين، وتعلُّم كيفية تغيير حالتك المزاجية.

ما هي حالتي الذهنية؟

تُعرَّف "الحالة الذهنية" بأنَّها نوعية وعي الفرد من حيث علاقته بالعالم الخارجي، فضلاً عن إدراك الأفكار والعواطف الداخلية، وهي تتضمَّن حالتك المزاجية والعقلية في وقت معيَّن، فالاكتئاب والقلق والعقلانية والانتقاد والانشغال كلها أمثلة عن الحالات الذهنية، ويمكنك حتى أن تمرَّ بأكثر من حالة ذهنية في نفس الوقت.

وقبل أن تتمكَّن من الإجابة عن السؤال: "كيف يمكنني تغيير حالتي الذهنية؟"، عليك أن تعرف أنَّها تختلف عن الحالة المزاجية؛ إذ إنَّ مزاجك يمكن أن يتغيَّر بسرعة، فقد تشعر بالغضب إذا تجاوزك أحدهم في زحمة المرور، أو قد تشعر بالاكتئاب إذا قرأت خبراً محزناً، حتى لو مر اليوم وأنت تشعر بهذه الطريقة، فما يزال مزاجك سيئاً.

أمَّا حالتك الذهنية، فهي في مستوى أعلى من الوعي، وأنت تتحكَّم بكليهما؛ فعندما تتحكَّم بحالتك الذهنية، تتحكَّم بمشاعرك وتُدرك أنَّ الحياة تقف إلى جانبك وليس ضدك، وعندما تُغيِّر حالتك المزاجية، فإنَّك تغيِّر حياتك.

"الاختلاف بين ذروة الأداء وضعف الأداء ليس الذكاء أو القدرة، وإنَّما الحالة التي يكون فيها عقلك وجسدك" - "توني روبينز" (Tony Robbins).

ما الذي يؤثر في الحالة الذهنية؟

إنَّ مزاجك وعقليتك أمرٌ مُعقَّد مثل أي شيء متعلِّق بالمشاعر الإنسانية، ومثل أي شيء آخر في الحياة أيضاً، فإنَّ الشيء الأول الذي يؤثِّر في حالتك الذهنية هو تركيزك والشيء الذي تختار التركيز عليه؛ إذ إنَّ عقلك مُدرَّب على البحث عن الشرِّ واستجابة الكرِّ أو الفر، كما هو الحال منذ مليوني عام، لكن يمكنك إعادة تدريبه للبحث عن الخير.

شاهد بالفيديو: 6 إرشادات هامة لتحسين الحالة المزاجية

تُعدُّ العناية بجسمك أمراً ضرورياً أيضاً لمزاجك، وخاصةً هذه العوامل الخمسة:

1. النظام الغذائي:

لن تضع الوقود الخاطئ في سيارتك، والأمر نفسه ينطبق على جسمك، كما أنَّ ما تُغذِّي به جسمك يغذِّي عقلك أيضاً، لذا تأكَّد من أنَّك تتناول طعاماً صحياً وتشرب كثيراً من الماء.

2. التمرينات الرياضية:

لقد ثَبُتَ أنَّ التمرينات الخفيفة مثل المشي تساعد على علاج الاكتئاب والقلق، وتساعد على إفراز هرمون "الإندورفين" (Endorphins) الذي يجعلنا نشعر بالسعادة.

3. النوم:

الحصول على قسط كافٍ من النوم يسمح للجسم والعقل بالتعافي ومعالجة نفسه بنفسه، فهو أمرٌ بالغ الأهمية لوظائف الذاكرة والدماغ وتنظيم الهرمونات وأكثر من ذلك.

4. ضوء الشمس:

لقد ثَبُتَ أنَّ الحصول على ما يكفي من ضوء الشمس، مثل ممارسة التمرينات الرياضية، يقلِّل من الاكتئاب عن طريق المساعدة على إطلاق مادة "السيروتونين" (Serotonin)، "وهي مادة كيميائية مسؤولة عن السعادة"، والتي تزيد من الشعور بالراحة.

5. التوتر:

توجد أيضاً مواد كيميائية سلبية ينتجها دماغنا كثيراً عندما نشعر بالتوتر، وحتى لو لم نشعر به بأسلوب صريح، فإنَّ التوتر يسبِّب نقص التركيز والاكتئاب والقلق، ويمكن أن يؤثر في كل من حولك.

كيف أُغيِّر حالتي الذهنية؟

متى كانت آخر مرة كنت فيها في مزاجٍ سيئ؟ وكيف أثَّر وجودك في هذه الحالة في أجزاء أخرى من حياتك؟ إذ غالباً ما نشعر أنَّ عواطفنا خارجة عن إرادتنا، لكنَّ هذا غير صحيح تماماً؛ إذ يمكنك تعلُّم كيفية تغيير حالتك المزاجية والقيام بذلك في لحظة واحدة، من خلال:

1. فحص معتقداتك المُقيدة:

يعتقد كثيرٌ من الناس أنَّه يتعيَّن عليهم العيش مع أي مزاج يمرُّون به، بدلاً من طرح السؤال "كيف يمكنني تغيير حالتي الذهنية؟"، فهم يؤمنون بالاعتقاد المقيد بأنَّهم عرضة للتعاسة أو القلق، أو أنَّه لا يمكنهم أن يكونوا في حالة مزاجية جيدة إلا عندما يتحرَّك العالم الخارجي كما يريدون.

فإنَّ المفتاح لحياة طيبة لا علاقة له بالأشخاص أو الأحداث الخارجية؛ إذ يجب عليك فحص معتقداتك المقيدة - هل هي إيجابية أم مُدمِّرة؟ وتحديد أي معتقدات يمكن أن تدمِّر قدرتك على التحكُّم بعواطفك واستبدالها بأُخرى تمنحك القدرة على التحكم بعواطفك.

2. تغيير حوارك الداخلي:

تؤثِّر معتقداتك المقيدة في حديثك الداخلي، وتنشئ هذه الأفكار عالمك، ومع ذلك فإنَّ كثيراً من الناس لا يتوقفون أبداً عن استجواب ناقدهم الداخلي، وتحويله إلى صديق بدلاً من عدو.

فعندما تبدأ بحوارٍ سلبي عن النفس، تخيَّل أنَّك أفضل صديق لك، فهل يمكنك التحدث إلى أصدقائك بالطريقة التي يتحدث بها ناقدك الداخلي معك؟ فكِّر في شيء إيجابي بدلاً من ذلك، لن تكتشف فقط كيفية تحسين الحالة المزاجية، بل ستتغيَّر نظرتك للحياة بالكامل.

شاهد بالفيديو: 8 طرق لتحسين حالتك المزاجية في 5 دقائق

3. ضبط الوضعية التي يتَّخذها جسدك:

راقب وضعية وقوفك أو جلوسك عندما تكون سعيداً مقارنةً بها عندما تكون حزيناً، أو كيف تبدو عندما تكون غاضباً بالمقارنة مع الوقت الذي تكون فيه مبتهجاً، وستجد فرقاً؛ إذ نمرُّ جميعاً بحالاتٍ نفسية وعاطفية سلبية، لكن يمكنك تغيير حالتك الذهنية عن طريق تغيير حالتك البدنية؛ إذ تُرسل لغة جسدك إشارات إلى عقلك عما تشعر به وكيف تعمل، فإذا كانت الوضعية التي يتخذها جسدك سيئة، يُفسح المجال فقط للمشاعر السيئة أو الحالة السلبية بالسيطرة، وأيضاً تؤدي الوضعية الجيدة واليقظة إلى حالة أكثر إيجابية، وهي مفتاح لكيفية تغيير حالتك المزاجية.

4. الابتسام:

يُرسل الابتسام أيضاً إشارات إيجابية إلى عقلك، ويمكنه أن يخدع عقلك للاعتقاد بأنَّك تشعر بتحسُّن أكثر ممَّا أنت عليه بالفعل، لذا ابتسم لنفسك في المرآة، أو تواصل بالعين مع من حولك، وإذا لم تكن في مزاجٍ يجعلك تبتسم، شاهد مقطع فيديو مضحكاً، أو انظر إلى الصور القديمة، أو اسمع أغنيتك المفضَّلة؛ إذ يوجد دائماً شيء يرسم البسمة على وجهك، وفي النهاية ستتقن كيفية تحسين حالتك المزاجية والعقلية.

5. تحريك جسمك:

كيف تغيِّر حالتك الذهنية، حتى عندما تتعامل مع ضغوطٍ هائلة؟ يكمنُ السرُّ في تحريك جسدك، فالعاطفة تنشأ بالحركة، وبمعنى آخر ترتبط المشاعر بالحركة في أجسادنا، ففي حين تستمع لتلك الأغنية المفضَّلة التي تجعلك تبتسم، ارقص على نغماتها، أو اذهب في نزهة في الهواء الطلق، فقد ثبت أنَّ المساحات الخضراء تبعث على الاسترخاء، وارفع معدَّل ضربات قلبك بالتمرين فهو محسِّن طبيعي للمزاج؛ إذ يؤدي تحريك جسمك إلى تحرير كل هذا التوتر ورفع حالتك الذهنية.

إقرأ أيضاً: كيف تؤثر التمرينات الرياضية إيجاباً في صحتك العقلية والعاطفية؟

6. وضع برنامج يومي:

ربما تسأل بعض أكثر الأشخاص نجاحاً في العالم: "كيف يمكنني تغيير حالتي الذهنية؟"، وقد يشترك معظم هؤلاء الأشخاص بشيء واحد، وهو أنَّهم أنشؤوا روتيناً قوياً يساعدهم على البقاء في حالة إيجابية؛ لذا ابدأ صباحك مباشرةً بوجبة فطور إيجابية تمنحك الطاقة، ومارس التهيئة أو التأمُّل لضبط إيقاع يومك، تمرَّن واستمتع بوقتك وعوِّد نفسك على الامتنان، فمن المفترض أن تمنحك الحياة السعادة، لا أن تجعلك تعاني وتتألَّم.

إقرأ أيضاً: كيف تضع برنامجاً يومياً ملهماً لعيش حياة ناجحة؟

7. تبنِّي عقلية الوفرة:

تأتي الحرية الحقيقية عندما تقبل كل لحظة بإيجابياتها وسلبياتها، بدلاً من الحاجة إلى التحكُّم بكل شيء وجعله يلتزم بتوقعاتك؛ إذ إنَّ التوقعات خطيرة إذا لم تُحقَّق، فإنَّ حالتك الذهنية تتدهور وتؤثر سلباً في تعاطيك مع نفسك أو مع الآخرين، وعندما تتحمَّل المسؤولية عن نمط حياتك ومشاعرك وأفعالك فلديك الحرية الحقيقية، وعندما تفهم أنَّ الحرية حالة ذهنية وأنَّ سر تحقيقها هو تبنِّي عقلية الوفرة، يمكنك تغيير حالتك المزاجية وتغيير حياتك.

المصدر




مقالات مرتبطة