7 تقنيات للتخلص من عادة إرضاء الناس

إرضاء الناس عادة تميت القلب وتستنزف الروح؛ لأنَّ معظم الناس يستغلُّون هذه العادة لخدمة مصالحهم.

مثل أي عقلية مُقيِّدة أخرى تنشأ عقلية إرضاء الناس من نمط التفكير السلبي في عقلك الباطن، وتتطور أنماط التفكير هذه عموماً من تجارب الطفولة السلبية؛ على سبيل المثال الأهل الذين دأبوا على مخالفتك الرأي، وجعلوك تشعر بالنقص.



الآن عندما يألف عقلك مثل هذه المعتقدات المُقِّيدة فإنَّك تسعى تلقائياً إلى نيل استحسان الآخرين؛ ما يُمهد لاكتساب عادة إرضاء الناس، فإذا أدركت أنَّك تمارس هذه العادة فقد خطوت الخطوة الأولى نحو التغلب عليها، والخطوة الهامة التالية هي إعادة تهيئة دماغك، وهو أمر ممكن بفضل اللدونة العصبية، وهي قدرة دماغنا المذهلة على استبدال أنماط التفكير القديمة بأخرى جديدة.

بناءً على هذه الفرضية إليك 7 تقنيات بسيطة تساعدك على إعادة تهيئة دماغك، والتخلص من هذه العادة المُقيِّدة للأبد:

1. إدراك نمط التفكير السلبي:

كل عقلية تنشأ من نمط تفكير في عقلك الباطن، نمط التفكير هو شبكة عصبية في دماغك، فتخيَّل نمط التفكير هذا كياناً صغيراً مستقلاً بذاته، لقد نشأ وحافظ على بقائه على مدى سنوات من التعزيز.

لحسن الحظ لدى الدماغ القدرة على التغيير؛ إذ يستطيع استبدال أنماط التفكير القديمة بأخرى جديدة، وتُعرَف قدرة الدماغ هذه باللدونة العصبية.

إذاً كيف يمكنك إجراء هذا التغيير؟

أهم خطوة في التخلص من نمط التفكير السلبي هي إدراكه؛ فعندما تعي وجوده فإنَّه لم يعد يختبئ في أعماق عقلك الباطن؛ لأنَّك أحضرته إلى الواجهة لمزيد من التدقيق والتمحيص، ويمكنك تشبيه هذا الأمر بالقبض على هارب في مخبئه.

إليك تمرين بسيط لإدراك أنماط التفكير السلبي:

اتخذ وضعية جلوس مريحة، وأغمض عينيك، وخذ بضعة أنفاس عميقة، والآن تذكَّر حادثة اضطررت فيها إلى قبول طلب من شخص آخر، وعِش هذه اللحظة في عقلك، وحدِّد الآن نمط التفكير الذي دفعك إلى التصرف بهذه الطريقة بطرح سلسلة من أسئلة الاستفسار على نفسك.

على سبيل المثال: لماذا وافقت؟ أصغِ إلى إجاباتك بعناية.

إذا حلَّلت إجاباتك بدقة فسوف تدرك أنَّها مجرد معتقدات بريئة اكتسبها عقلك عندما كنت طفلاً صغيراً، وستدرك أنَّ هذه المعتقدات ساعدتك في طفولتك على معاملة بعض المواقف، ولكن مع بلوغك سن الرشد لم تعد هذه المعتقدات مفيدة.

أيضاً عندما تطرح هذه الأسئلة تبدأ في اكتشاف نمط التفكير هذا، والخطوة التالية هي معرفة العاطفة التي يولدها هذا النمط من التفكير.

2. إدراك الرابط بين نمط التفكير والعاطفة:

لكل نمط تفكير استجابة عاطفية كامنة موجودة في الجسد، ومن ثمَّ يساعدك تحديد الروابط بين نمط التفكير والعاطفة على فهم نمط التفكير فهماً أفضل.

كرر التمرين السابق (عيش حدث سابق)، ولكن الآن بدلاً من التركيز على نمط التفكير حوِّل انتباهك كله إلى الشعور الذي يولده في جسدك، هل تشعر بأي أحاسيس في جسدك؟ كيف تبدو هذه الأحاسيس؟ أين تشعر بها؟ داخل قلبك وحوله، أم في منطقة أمعائك، أم حلقك؟ حلل هذا الشعور بعمق قدر الإمكان.

عندما تدرك هذا الشعور سيتضاءل تأثيره فيك، وفي المرة القادمة التي ينتابك فيها هذا الشعور سيسهُل عليك معاملته؛ لأنَّك على دراية به، والآن بعد أن أدركت نمط التفكير والعاطفة المرتبطة به سيسهُل عليك تمييز نمط التفكير عند ظهوره في المرة القادمة، ولن تتفاجأ به؛ بل سيكون لديك خيار استيعابه بدلاً من التفاعل معه، ولن تضطر بعد الآن إلى قبول طلبات الآخرين؛ لأنَّك ستفكر ملياً قبل الرد.

3. ترديد عبارات التحفيز:

تُعدُّ عبارات التحفيز طريقة رائعة لإعادة تهيئة أنماط تفكيرك السلبية، ويمكنك ببساطة الاستماع إليها، أو ترديدها بصوت عالٍ، أو في ذهنك.

إليك بعض الأمثلة:

  • أنا رائع على طبيعتي، ولست بحاجة إلى أي شخص ليؤكد لي ذلك.
  • لا تهمني آراء الآخرين بي، ما يهمني هو رأيي بنفسي.
  • أحبُّ نفسي وأقبلها دون قيد أو شرط.
  • لا يوجد شيء لا أستأهله، أنا أستحق الخير كله في الحياة.
  • لا تعتمد سعادتي على الآخرين، وليس منوطاً بي إسعادهم.
  • اليوم سأتخلى عن عاداتي القديمة، وأمارس عادات جديدة أكثر إيجابية.
  • أنا عصامي ومبدع ومثابر في كل ما أفعله.

أفضل وقت لترديد هذه العبارات هو قبل النوم مباشرة، وبعد الاستيقاظ في الصباح الباكر.

4. اعتياد رفض طلبات الآخرين بعض الوقت:

إحدى الطرائق الناجحة لتغيير نمط التفكير هي تغيير أسلوبك في التعاطي مع الناس، ونظراً لأنَّك اعتدت قبول ما يمليه عليك الآخرون؛ فإنَّ أفضل طريقة للتخلص من هذه العادة هي رفض طلباتهم، وافعل هذا يومياً.

قل لنفسك كل صباح إنَّك أهم أولوية، وإنَّك سترفض الطلبات التي لا تروقك، وإذا رأيت هذه الطلبات غير مناسبة فسترفضها، وفي بعض الأحيان عليك فعل النقيض لتحقيق التوازن.

شاهد بالفيديو: 7 نصائح فعالة تعلّمنا كيف نقول لا

5. ممارسة الرفض بحزم:

عندما ترفض عليك أن ترفض بحزم وثقة، فأولاً لا تظن أنَّك مضطر إلى تبرير إجابتك، وإذا فعلت ذلك فقد تبدو ضعيفاً، وقد يحاول الشخص الآخر الضغط عليك بطرائق أخرى؛ ما يجعل الموقف أصعب، إن شئت يمكنك تقديم تبرير عام، ويمكنك أيضاً أن تتخيل نفسك ترفض رفضاً قاطعاً.

إحدى الطرائق الأخرى هي أن تسجل مقطعاً صوتياً وأنت ترفض طلباً ما، وتستمع إليه مراراً وتكراراً حتى تتقنه، ويجب أن تبدو نبرة صوتك حازمة، وليست بالضرورة متعجرفة، فلا تقلق إذا لم تنجح في المرات القليلة الأولى فسوف تنجح بالممارسة، فالعقل البشري عضو مذهل؛ إنَّه يتعلم بالممارسة، ومن ثمَّ يتحسن.

إقرأ أيضاً: 10 فوائد للرفض ستثير إعجابك بالتأكيد

6. إقناع نفسك بأنَّك لست على خطأ:

نظراً لأنَّك غير معتاد الرفض؛ فإنَّك ستشعر بالذنب والاستياء من نفسك في المرات القليلة الأولى التي ترفض فيها طلب أحدهم، لكن لا تخضع لهذه العاطفة، وافهم أنَّه لا يوجد في الحياة شيء جيد أو سيئ بالمطلق، وأنَّ كل شيء هو وجهة نظر.

اسأل نفسك: "لماذا أشعر بالضيق؟"، قد تكون إجابتك:

  • أظنُّ أنَّني قد جرحت هذا الشخص برفضي لطلبه.
  • قد يتآمر علي وينتقم مني.
  • لن يحترمني بعد الآن.

طمئن نفسك أنَّ هذا الشخص ناضج، ويعرف كيف يعامل الأذى إن كان يحسبه كذلك، فالاستخفاف بك وتوقُّع الموافقة على طلبه هو مشكلته؛ لذلك إذا شعر بالأذى فهذا ليس خطأك، وفكر بهذه الطريقة المُطمئِنة كلما انتابك شعور بالذنب.

7. مراقبة تركيزك:

كلما زاد دافعنا للتغيير كانت عقولنا أكثر استعداداً لتجاهل أنماط التفكير السلبية واستبدالها بأخرى تمنحنا القوة، ومن أقوى الأشياء التي يمكنك القيام بها للمساعدة على إحداث هذا التغيير الإيجابي هي أن تراقب تركيزك.

إذا وجدت أنَّك تركز على القلق الناجم عن إلحاق الأذى بالطرف الآخر فأعد تركيزك إلى الأفكار الإيجابية، وعندما لا تركز على أنماط التفكير السلبي فإنَّك تُضعف هذه الروابط؛ هذه هي آلية عمل اللدونة العصبية.

يقول المؤلف واختصاصي علم الأعصاب ريك هانسون (Rick Hanson): "الروابط العصبية غير النشطة تتلاشى نسبياً"، وهذا يعني أنَّك عندما تُجرِّد نمط التفكير من التركيز اللاواعي، وتحول تركيزك الواعي إلى أنماط التفكير الإيجابية، فإنَّ الأنماط السلبية تتلاشى.

قد تكون ممارسة التأمل المركَّز مفيدة للغاية في هذا الصدد؛ إذ تساعدك على البقاء أكثر وعياً بمكان تركيزك؛ ما يساعدك على اكتساب مزيدٍ من التحكُّم بتركيزك.

إقرأ أيضاً: 5 نصائح تساعدك على التركيز على الحاضر

في الختام:

في أثناء تطبيقك لهذه التقنيات ستجد نفسك متحرّراً من عقلية إرضاء الناس ومن العقليات المُقيِّدة الأخرى ذات الصلة التي تعوقك، نظراً لأنَّ هذه العقليات كلها يرتبطُ بعضُها ببعض؛ فإنَّ النجاح في معاملة نمط تفكير واحد يهيئك تلقائياً للنجاح في معاملة أنماط التفكير المُقيِّدة الأخرى.

أخيراً إليك هذا الاقتباس للدكتور سوس (Suess): "تصرَّف على طبيعتك، وقل ما تشعر به؛ لأنَّ المعارضين غير هامين، والهامين لا يعارضون".




مقالات مرتبطة