5 نصائح للتغلب على عادة التسويف

تتحكَّم عادة التسويف في حياة كثير من الأفراد، وتعوق تقدُّمهم ونجاحهم في أحيانٍ كثيرة، وعندها يمكن أن ينشب صراع داخل الفرد ولا يستطيع أن يتغلب على هذه العادة، ويكشف المقال بعض النصائح التي بوسعها مساعدة الفرد على التغلب على مشكلة التسويف، واستعادة السيطرة على حياته.



فيما يأتي 5 نصائح للتغلب على عادة التسويف:

1. اسأل نفسك: "علامَ تدل عادة التسويف؟"

توقف عن عدِّ التسويف مشكلة تحتاج إلى حل، وانظر إليه على أنَّه بوصلة ترشدك إلى الحل، فيُعامَل التسويف على النحو الآتي:

  • التوقف عن التفكير بأسباب التسويف.
  • التركيز على الأعمال التي تقوم بها، وليس التي يُفترَض أن تقوم بها.

في حال كنت تتجنب القيام بعمل يُعِدُّه الآخرون هاماً جداً؛ لكنَّك تفتقر للحماسة اللازمة لمعاملته بجدية، وتُفضِّل عوضاً عن ذلك قراءة كتابٍ يتحدث عن موضوعٍ يهمك فعلاً، فإنَّ التسويف ليس مشكلتك الحقيقية في هذه الحالة؛ بل إنَّ التسويف في هذه الحالة ما هو إلَّا دليل على وجود مشكلة داخلية، وتكمن المشكلة الحقيقية في هذه الحالة في التعارض ما بين طموحاتك وأهدافك الكامنة غير المحددة بدقة وبين واقعك الخارجي الحالي.

ثمَّة فارق ما بين المماطلة في تنفيذ عمل ترغب في فعله من أعماق قلبك، وما بين العودة إلى نمط السلوك التلقائي المعتاد الذي تقوم على أساسه بتصفح الإنترنت لساعات طويلة بدلاً من أن تستثمر وقتك في تنمية معارفك ومهاراتك.

تصفح الإنترنت هو خير مثال على الفرق ما بين قوة الإرادة الواعية وأذية النفس غير الواعية؛ أي إنَّ كلاً من المعرفة غير المحدودة والتسلية في متناول يدك في الوقت نفسه، وهنا يأتي دور الإرادة الواعية في اتخاذ القرار؛ خلاصة القول لا تَلُم نفسك بسبب الظنِّ السائد بأنَّ نجاحك يعتمد مزاولتك لعمل لا يحقق لك الرضى الذاتي؛ إذ تنجم معظم حالات عدم الرضى والقناعة في الحياة عن قيام الفرد بعمل لا يوافقُ شغفَه وشخصيته، وليس بسبب الكسل أو غياب الدافع؛ أي باختصار يدل التسويف على وجود مشكلة يتطلب حلها أن تستكشف ذاتك وشغفك في الحياة، وتسعى إليه؛ لتنعم بحياة حافلة بالحماسة والنماء.

2. باشر العمل على المهمة الأصعب في البداية:

من الهام أن تعلم أنَّ المهمة الأصعب عادةً ما تكون ذات أهمية بالغة وألوية عالية بالنسبة إلى معظم الأفراد، وأنت لن تبدأ بمثل هذه المهام لأنَّها الأصعب أو ذات الأولوية القصوى وحسب؛ بل كي تشعر بالراحة عندما تنجزها؛ لأنَّ المهام الباقية ستكون سهلة جداً مقارنةً معها، ناهيك عن أنَّ إنجاز المهام الصعبة أو الهامة أو المملة في البداية سيساعدك على الحفاظ على حماستك ودافعك.

يكون هذا الأسلوب فاعلاً على نحو خاص عندما تنتهي من المهمة الصعبة بادئ ذي بدء في الصباح؛ أي باختصار يمكنك أن تمارس هذه الحيلة النفسية لتحسين مزاجك، وتعزيز ثقتك في نفسك، والحفاظ على دافعك لبقية اليوم.

شاهد بالفيديو: كيف تتخلص من المماطلة والتأجيل؟

3. خصِّص مدة زمنية محددة للمهمة:

يُعَدُّ التأطير الزمني أسلوباً فاعلاً جداً؛ فهو يساعدك على الحصول على الدافع الذي تحتاج إليه لتمضي في تنفيذ المهمة بصورة بنَّاءة، وبإيجابية وإنتاجية عالية، ويقتضي هذا الأسلوب تحديد مهمة تعتزم إنجازها، وتضبط مؤقتاً زمنياً لمدة 20-30 دقيقة فرضاً.

يهدف التأطير الزمني إلى التركيز على المهمة قيد العمل بأقصى شدة ممكنة خلال الفترة الزمنية المحددة، ويكمن الهدف الرئيس لعملية التأطير الزمني في التركيز الكامل على المهمة التي تعتزم إنجازها؛ أي إنَّك لا تقوم بأي عمل آخر في أثناء ذلك، سواء أكان تصفح مواقع التواصل الاجتماعي، أم إرسال الرسائل النصية مثلاً، أنت تعمل على المهمة وحسب، وعندما ينتهي الوقت المخصص للمهمة عندئذ يمكنك أن تتوقف عن العمل دون أن تشعر بالتقصير.

يؤدي تحديد عدد ساعات العمل إلى تحسين المزاج والتركيز والتوقف عن إفراط التفكير في المسائل غير الهامة، كما يتيح لك التأطير الزمني إمكانية استبعاد مصادر التشتُّت بأنواعها بدلاً من أن تهدر وقتك وجهدك وتعجز عن إتمام المهام المطلوبة، وتكمن روعة التأطير الزمني في أنَّك ستكون في حالة من التركيز الشديد والأداء العالي بعد انتهاء الفترة الزمنية المحددة؛ ومن ثمَّ سترغب في مواصلة العمل.

ستدرك عند استخدام هذا الأسلوب أنَّ العائق الحقيقي أمام تقدمك لا يكمن في مشاعر الخوف، أو القلق، أو التسويف؛ بل إنَّ الأمر مرتبط بالتغلب على هذه المشاعر في البداية قبل أن تزداد شدتها وتسيطر على العملية، الأمر أشبه بدفع صخرة إلى أعلى تلة، وعندما تصل إلى القمة فإنَّك ستفلت الصخرة، وتترك الأمور تسير وفق مجراها الطبيعي؛ أي إنَّ التحدي الحقيقي يكمن في تحمل فترة التنفيذ، وليس في الهدف النهائي بحدٍّ ذاته؛ لذا عليك أن تتعلم تهيئة الظروف اللازمة لزيادة حماستك من خلال العمل حتى يتسنى لك أن تتحكم بحياتك.

4. خصِّصْ بعض الوقت للمتعة:

من الهام أن تخصص بعض الوقت للاستمتاع بنشاطاتك المفضلة والاسترخاء خلال يوم العمل، فتؤدي هذه الطريقة إلى زيادة الحماسة خلال العمل؛ لأنَّك تنتظر مكافأة في وقت لاحق، وتسهم هذه الطريقة في تنشيط الفرد وتجديد طاقته وحماسته، وتتولد مشاعر الحماسة نتيجة وجود مكافأة؛ وهي القيام بنشاط تستمتع به في وقت لاحق خلال اليوم، أو الأسبوع، أو أياً كان التوقيت؛ وبالنتيجة سيصبح تنفيذ المهام أكثر يسراً، لا سيَّما عندما يكون العمل مملاً وأنت مضطر للقيام به.

يمكنك دمج هذه النصيحة مع نصيحة التأطير الزمني السابقة؛ لتحصل على نتائج أكثر فاعلية؛ فعلى الأرجح أن تحافظ على انضباطك الذاتي وحسن سير عملك عندما تكافئ نفسك على التزامك في وقت لاحق؛ لذا لا داعي لانتظار المكافأة من أطراف خارجية ما دمتَ قادراً على بناء نظام مكافأة خاص بك.

هذه الطريقة فاعلة جداً، لا سيَّما بالنسبة إلى من يعتمد هذا النهج بانتظام في حياته، ويمكن أن تستخدمها مثلاً في الأيام التي تستصعب فيها القيام بعمل معين كالذهاب إلى النادي الرياضي مثلاً؛ ففي مثل هذه الحالة يمكنك أن تتخيل الوجبة التي ستُعِدها بعد التمرين وتتصور مذاقها؛ بل يمكن أن تبدأ بإعداد الوجبة في الحال لتزداد حماستك ورغبتك في التمرين، وستكتشف عندما تصل إلى النادي أنَّ الجزء الأصعب قد انقضى بالفعل؛ أي إنَّ الصعوبة الحقيقية تكمن في البدء، وإنَّك ستشعر بالراحة وتستمتع بوقتك خلال التمرين.

إقرأ أيضاً: اتّبع هذه النصائح واجعل حياتك أكثر إثارة ومتعة

5. ابدأ الآن وحسب:

يتضح ممَّا سبق أنَّ "بدء العملية" هو القاسم المشترك بين جميع النصائح الواردة في المقال؛ لأنَّ الجزء الصعب يكمن في الانتقال من وضع الراحة إلى وضع الحركة والعمل، وبصرف النظر عن مدى أهمية خطوات تنفيذ الهدف أو حجمها فإنَّ الأفراد متفاوتون في القدرات، وما يبدو هيناً بالنسبة إلى أحدهم قد يكون صعباً جداً بالنسبة إلى الآخر؛ لهذا السبب عليك ألَّا تخلط بين أهداف الآخرين وأهدافك الشخصية.

عندما تفوِّت الخطوة الأولى فإنَّك لن تدرك المشكلة الحقيقية؛ وبالنتيجة لن تستطيع أن تتغلب على مشكلة التسويف، كما أنَّ التأطير الزمني أسلوب رائع للبدء؛ لأنَّه يُهيِّئُ الظروف اللازمة لمواصلة العمل الفعلي، وأنَّك ستعمل لوقت أطول عند تطبيقك هذه الاستراتيجية أكثر ممَّا تفعل في الأحوال العادية.

يتحقق التقدم في الحياة عندما يتحلى المرء بالشجاعة اللازمة لرفض الأشخاص، والأماكن، والنشاطات المُعارضة لرغبته وقناعاته؛ بل إنَّ القدرة على البدء باستبدال هذه الأشياء بأشخاص، وأماكن، ونشاطات توافق شخصيته سيؤدي إلى الحصول على عددٍ كبيرٍ من الفرص، ويشترط نجاح العملية البدء بملاحظة الآلية التي تستثمر وفقها وقتك وجهدك وإدارتها.

إقرأ أيضاً: ابدأ الآن: فأيّ لحظة قد تكون هي ولادتك الجديدة

في الختام:

إنَّ محاربتك لرغبة التسويف وتجاوزها خطوة عظيمة لتحقيق تقدم إيجابي وبنَّاءٍ في حياتك، كما ستتخلص بهذه الطريقة من مصادر الإلهاء والتشتت التي تعوق عملك، وستتعلم كيف ترتب أولوياتك ولن تنضغط في العمل، وستكون قادراً على تمييز الأعمال الضرورية من الأخرى التي لا تعدو كونها مضيعة للوقت.

إنَّ قدرتك على إدارة وقتك وتركيزك بفاعلية هو السر الحقيقي الكامن خلف حسن إدارة الحياة على كافة الأصعدة المهنية، والشخصية، والصحية، والأخرى المرتبطة باللياقة البدنية والهوايات، وستبقى تابعاً للأشخاص والمؤسسات التي تعتمد هذا النهج ما لم تعتمده بنفسك وتصبح قائداً ومسيطراً على كافة جوانب حياتك.




مقالات مرتبطة