5 مبادئ للإنتاجية تساعد في التخلص من قوائم المهام

تُعدُّ قائمة المهام واحدةً من أكثر تكتيكات الإنتاجية المُستخدَمة على نطاقٍ واسع، وقد كانت لديَّ قائمة مُكوَّنةٌ من عشرات البنود لسنواتٍ، وحين بدأتُ بإجراء الأبحاث عن الإنتاجية، ظننتُ أنَّ قائمة المهام ضرورةٌ لا بدَّ منها، فغالباً ما نظنُّ بأنَّها ناجحة ومفيدةٌ للغاية لأنَّ الجميع يستخدمونَها؛ لكنَّ فعلَ الجميع لأمرٍ ما لا يعني بالضرورة صحَّتَه؛ وقد خرجَت قوائم مهامي عن السيطرة عندَ نقطة مُعيَّنة، فلم أتمكن من مجاراة البنود المكتوبة في قائمتي أو فعلِها جميعاً؛ لذا بدأتُ البحثَ عن طرائق لتنظيم تلك القوائم.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتب "داريوس فوروكس" (Darius Foroux)، ويُحدِّثنا فيه عن أضرار قوائم المهام وكيفية الاستغناء عنها.

قرأتُ ذاتَ مرةٍ مقالاً تمت فيه مشاركةُ 15 خطوة لاستخدام قائمة المهام، وقد كان هذا مثيراً للسخرية؛ إذ يمكنك على الأرجح بناءُ صاروخٍ في 15 خطوة، فلا أظنُّ أنَّ هناك داعٍ لتعقيد الإنتاجية الشخصية أكثرَ من اللازم، أو لابتكار نظامٍ مُؤلَّفٍ من 15 خطوة لتنفيذ أمرٍ بسيطٍ مثل قائمة مهام؛ بل توجد طريقةٌ أفضل لتنظيم حياتك وإعادة ترتيبها؛ ومنذُ إنشاء مُدوَّنتي، تلقَّيتُ عشرات الأسئلة عن استخدام قوائم المهام، وسأشاركُكم في هذا المقال وجهة نظري فيما يخصُّ تلك القوائم:

نجاح قوائم المهام وفاعليتها:

يمكن بالطبع لقوائم المهام أن تكون فعالةً وناجحة، ولن أجادلَ في ذلك أو أناقشَ هذا الموضوع الآن، إضافة إلى وجود دليلٍ علميٍّ يُشير إلى أنَّ كتابة المهام غير المُستكمَلة تخفِّف من القلق الناجم عنها، كما أنَّ الناس يستخدمون قوائم المهام منذ مئات السنين، فعلى ما يبدو أنَّ الأبَ المؤسِّسَ لِـ "الولايات المتحدة" (United States) "بنجامين فرانكلين" (Benjamin Franklin) كان يستخدمُها كذلك.

أنا لا أعارض كتابةَ الأشياء؛ بل إنَّني أدوِّن يومياتي طوالَ الوقت في الحقيقة؛ لكنَّ المشكلة في قوائم المهام هي أنَّها غالباً ما تُصبح أكبر من حياتنا نفسِها فتحتوي أموراً نحتاجُ إلى أكثر من حياةٍ واحدة لإنجازها، وأودُّ الإشارة إلى أنَّني لا أتحدثُ هُنا عن قوائم البقالة التي نضعُ فيها ما يجب شراؤه من حاجيات وأطعمة، فأنا أستخدم هذه القوائم أيضاً؛ لكنَّ الفكرةَ هنا هي أنَّ قوائم المهام الضخمة، والتي تحتوي كثيرَاً من البنود تزيد من تعقيد أعمالك فقط؛ لذا فإنَّني لا أستخدمُها إطلاقاً خلال روتين أعمالي اليومية.

لديَّ قاعدةٌ بسيطة أتَّبعُها في حياتي تنصُّ على أنَّني لو احتجتُ إلى قائمة مهام كي أعمل وأُنجز واجباتي، فإنَّني لستُ مسيطراً على حياتي إذاً، كما أنَّني لم أستخدِمْ واحدةً منها منذ خمس سنوات، إذ أؤمن بأنَّ الحياة والعمل ينبغي أن يكونا بسيطَين للغاية لدرجة أنَّك تستطيع أن تكرِّرَ مهامك نفسَها يومياً وتعيشَ بطريقة جيدة.

إن كنتَ تحتاج إلى قوائم مهام لملايين الأشياء الموجودة في حياتك، أريدُك أن تسأل نفسَك وتفكِّر جيداً في حاجتك الفعلية إلى إنجاز تلك الأمور، وكذلك باحتمال أنَّك تشغل نفسَك دون سببٍ مُعيَّن؛ وأعدُّ "بيتر دراكر" (Peter Drucker) مؤلِّفَ كتاب "المدير التنفيذيُّ الفعَّال" (The Effective Executive) أحدَ مصادر الإلهام التي دفعَتني إلى التوقُّف عن استخدام قوائم المهام، كما يُعَدُّ كتابُه ذاك واحداً من أفضل كتب الإنتاجية التي قرأتُها.

حين أجدُ نفسي مشغولاً للغاية بأمورٍ لا ينبغي لي فعلُها، أذكِّرُ نفسي مباشرةً باقتباسه النموذجي: "لا يوجد أمرٌ معدوم النَّفع والجدوى كفعل ما لا ينبغي فعلُه إطلاقاً بكفاءة".

كيفية تجنُّب قوائم المهام:

تسهِّلُ قائمة المهام إضافةَ أشياء لفعلها باستمرار إلى حياتك، لكن لا فائدة من فعل أشياء لا ينبغي فعلُها وفقاً لِـ "دراكر"، كما أنَّ المفكِّرَ الشهير "توماس إديسون" (Thomas Edison) وضَّح هذه النقطة توضيحاً أفضل، قائلاً: "لا يعني الانشغالُ دائماً عملاً حقيقياً، فالهدفُ من العمل كلِّه هو الإنتاج أو الإنجاز؛ ولتحقيق أيٍّ من هاتَين الغايتَين يجبُ أن يكون لديك بُعد نظرٍ وتدبُّرٌ وطريقةٌ مُنظَّمةٌ وتخطيطٌ وذكاءٌ وهدفٌ نزيهٌ، إضافة إلى بذل مجهودٍ كبيرٍ في سبيل ذلك؛ فالعملُ الظاهريُّ فقط لمُجرَّد الانشغال ليس عملاً فعلياً".

إن كنتَ ترغب في التخلُّص من قائمة مهامك، اعتمِدْ على المبادئ والقوانين بدلاً من التكتيكات، وذكِّرْ نفسَك دائماً بالسبب الذي يدفعُك إلى إنجاز أعمالك، وبالأمور التي ترغبُ حقاً في تحقيقها.

شاهد بالفديو: 8 طرق للعمل بشكلٍ أذكى وزيادة الإنتاجية

فيما يأتي بعض مبادئ الإنتاجية التي تساعدني على تبسيط حياتي وتسهيلها:

1. تنفيذُ المهام على الفور:

حين تصادفُك مهمة بسيطة تتطلب أقلَّ من خمس دقائق لإكمالها، افعَلْها مباشرةً؛ ومن أمثلة تلك المهام تسديد الفواتير، أو إجراء المكالمات الهاتفية أو الردُّ عليها، أو إرسال بريدٍ إلكتروني ما، أو طلبُ المُستلزمات والأمور الضرورية على الإنترنت، أو جلبُ شيءٍ ما وأنتَ في طريقك إلى المنزل وغيرها.

2. منحُ الأولوية لطاقتك:

حين تُثقِل كاهلك المهام، توقَّفْ وأعِدِ النظرَ بالطريقة التي تعمل بها، واسعَ كي تكون أعمالُك بسيطةً كي لا تملأ يومَك بالكثير من الأعمال، وتجدَ نفسَك مُرهَقاً تماماً ومُستنزَف القُوى بحلول الساعة الرابعة بعدَ الظُّهر.

إقرأ أيضاً: 3 طرق لتعتني بنفسك

3. تنظيم كلِّ المهام وترتيبُها منهجياً:

فإن كنتَ تعمل على تأليف كتابٍ مثلاً، تعوَّدْ على الكتابةَ كأوَّل شيءٍ تفعلُه في الصباح من كل يوم؛ وإن كنتَ ترغب في تجديد ديكور منزلك، اقضِ يومَ عطلةٍ كامل في ذلك؛ وإن كنتَ ترغب في ممارسة التمرينات والتمتُّع بقوام جميل، اختَرْ روتين تمرينات مُعيَّن والتَزِمْ به.

4. تحديد 3-4 أولويات يومية:

في كلِّ مساء، أنظرُ بتمعُّنٍ إلى أهدافي ومشاريعي ومهامي، وأحدَّدُ 3-4 أولويات لإنجازها في اليوم التالي استناداً إلى ما يجب القيام به منها، ويمكنك النظرُ إلى ذلك على أنَّه قائمة مهام، إلَّا أنَّني فقط أكتبُ الأولويات على ورقة لاصقة أو في دفتر مُلاحظاتي، لأجدَ تلك المهام في نهاية يومي مُنجزَةً، وقد تخلَّصت منها.

5. وضعُ المهام وكتابتُها في التقويم:

لا أستخدم تطبيقات قوائم المهام؛ بل أضعُ المهام الهامة في تقويمي أو جدول مواعيدي الخاص بدلاً من ذلك، وهي طريقةٌ للعيش والحياة كما يمكنك أن ترى، وليست مُوجَّهةً للجميع؛ وإنَّما إن كنتَ تجد نفسك تتعرَّض لضغطٍ وإرهاق شديد بسبب قوائم المهام التي تستخدمُها في العمل، أنصحُك بالتفكير في التخلُّص من تلك القوائم، أو انظُرْ إلى هذا المقال على أنَّه تحذيرٌ لإعادة النظر في أعمالك.

مُعظمُنا يستطيع العمل دون الاستعانة بقائمة مهام، وأستطيعُ أن أفهمَ سببَ استخدام الناس لها قبل مئة سنة مضَت؛ فقد كانَت أفضل خيارٍ بديلٍ لهم؛ إذ لم يكُن بمقدورهم تنظيمُ حياتهم بالطريقة التي ننظم بها حياتَنا اليوم بمساعدة التكنولوجيا.

إقرأ أيضاً: وضع خطة عمل ليوم الغد يزيد إنتاجيتك ويساعدك على الاسترخاء

في الختام:

الحقيقةُ هي أنَّ قائمة المهام تُعَدُّ تكنولوجيا قديمة، فقد تخلَّصنا من الفاكس (وهو جهاز يعمل عن طريق تقنية الاتصالات، ويقوم بإرسال نسخ طبق الأصل من الوثائق المراد إرسالها إلى الطرف الآخر)، ومن أشرطة أجهزة الفيديو المنزلية، والمودم القديم الذي كان يُستخدَم للاتصال الهاتفي، ومئات الأشياء الأخرى التي لم تعُدْ تخدمنا أو تفيدُنا بعد الآن؛ لذا حريٌّ بنا أن نفعل الشيءَ ذاتَه مع قوائم المهام.




مقالات مرتبطة