5 فوائد تجعل من الراحة سبباً أساسياً للتقدم والنجاح

لفترة طويلة من حياتي اعتدت أن أكون الشخص الذي يسعى دائماً إلى التطور وتحسين قدراته ذاتياً سعياً إلى الوصول إلى أفضل حال ممكن؛ فخلال الفترة التي كنت أعاني السمنةَ فيها خضعت لحمية قاسية تشبه حمية العصر الحجري (Paleolithic diet)، وكانت هذه الحمية قائمة على قطع السكر وعصير العنب وتناول كثيرٍ من البروتين، إضافة إلى التمرينات اليومية في أفضل الصالات الرياضية، وكنت أستمتع بحصص اليوغا والزومبا، واشتركت في معسكر تدريبيٍّ ومارست تمرينات التحمل، وعلى الرغم من كلِّ ما سبق لم أشعر بالارتياح، وكنت أنتظر مرور الوقت بفارغ الصبر.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن المدونة "إرين فالكونر" (Erin Falconer)، وتتحدَّث فيه عن تجربتها مع الراحة والعمل.

كان روتيني الصباحي يتألف من الاستماع إلى الموسيقى، والتأمل، وقراءة بعض الفصول من كتب روحانية متنوعة، وتمرينات كتابة اليوميات بناءً على توصيات كوتش الحياة الخاصة بي، إضافة إلى الجري واليوغا.

ثمَّ وضعتُ هدفاً أن أصل باكراً إلى عملي كلَّ يوم حتى أتمكن من تحضير الدروس وإعدادها على نحو مثالي وعالي الجودة وإكمال جدول العمل في الوقت المحدد، وكنت أبقى في مكان العمل بعد انتهاء الدوام تحضيراً لمشروعي الخاص بالعمل عبر الإنترنت الذي كان يتطلَّب مني إعادة تنشيطه بعد فترة من الركود، وأعني بذلك كتابة منشورات لثلاثة أيام في الأسبوع والنشر على الأقل مرة يومياً على فيسبوك (Facebook) ولينكد إن (Linked In) وبنترست (Pintrest) وتويتر (Twitter) وغوغل+ (Google+)، إضافة إلى كتابة عشر تعليقات يومياً على المقالات ومنصات التواصل الاجتماعي المختلفة.

كنت دائماً أبدأ مشاريعي بحماسة زائدة سرعان ما تتضاءل وأبدأ بالتسويف على الرغم من نياتي الصادقة تجاه العمل.

في الفترة الأخيرة عدتُ لتناول الحلويات والمشروبات المتنوعة التي امتنعت عنها مساءً وبدأت في التغيُّب عن بعض الحصص الرياضية في البداية، ولاحقاً تخليت عنها بالكامل بما فيها اليوغا والزومبا، إضافة إلى ذلك بدأت أتأخر في الاستيقاظ لأجد نفسي مسرعةً للذهاب للعمل لأصل قبل الطلاب بقليل، وفي النهاية توقفت عن العمل لأسبوع كامل.

بالنسبة إلي أظنُّ أنَّها كانت دوامة من الانسحاب والتراجع جعلتني أخسر كل ما نجحت بتحقيقه؛ ممَّا دفعني إلى طلب المساعدة من الكوتش متوقعةً منها أن ترشدني للقيام ببعض الخطوات الصغيرة التي تساعدني على العودة إلى المسار الصحيح واسترجاع قوتي وعزيمتي من جديد لأنَّني كنت أظنُّ أنَّ التسويف أمر سلبي؛ لكنَّ المفاجأة الكبرى أنَّها قالت لي: "اسمحي لنفسك بالراحة".

في تلك اللحظة شعرت بالارتياب لأنَّني كنت أظنُّ أنَّني إن سمحت لنفسي بالتراخي والكسل فسأستمر على هذا الحال ولن أجد الحافز الذي يشجعني للعمل على ما أريد تحقيقه، ولكن في الواقع كان الأمر مختلفاً؛ لأنَّ هذه الفترة من الراحة سمحت لي بالتحرر من الضغط الداخلي وإدراك الأشياء التي تساعدني على الخروج من هذه الحالة، وأصبح تركيزي موجَّهاً نحو احتياجاتي الحقيقية وإعادة اكتشاف شغفي بدلاً من الانشغال الدائم بالعمل والالتزامات.

ومن أهم الفوائد التي حصلت عليها عندما قررت الاستراحة:

1. الراحة وتجديد الحيوية والنشاط:

كثيراً ما تتحدث كتب التنمية الذاتية عن التحفيز والتشجيع للعمل دون الإشارة إلى أهمية الراحة للإنسان؛ فقد سبَّب لي التوتر الزائد والناتج عن ضغط العمل زيادة في الوزن، وكنت بحاجة إلى الراحة على المستوى الذهني والجسدي قبل البدء من جديد؛ فالمرض أو المماطلة يحدثان عندما لا نمنح أنفسنا الراحة الكافية؛ لذلك يجب معالجة المشكلة من جذورها، فقد كنت أشعر بالتعب الحقيقي ولم أستطع العودة إلى نشاطي وعملي حتى اتخذت وقتاً كافياً للراحة.

2. معرفة الدوافع الحقيقية للأفعال والعادات:

عندما توقفت عن إجبار نفسي على فعل بعض الأشياء، تمكَّنتُ من معرفة السبب الحقيقي الذي دفعني لاتخاذ بعض القرارات، هل هو رغبتي الحقيقية أم لأنَّني كنت أراها واجباً؟ على سبيل المثال اتِّباع الحمية التي تعتمد البروتين والخضار أشعرتني براحة كبيرة مع تجنُّب الإفراط في السكر، ولكن لم يكن لدي اهتمام بمراقبة الميزان يومياً، كما اكتشفت ميولي لأنواع الرياضات الأكثر قوة من الزومبا أو اليوغا، وفقدت رغبتي بالاستمرار بالمعسكر التدريبي.

وجدت أيضاً أنَّني لا أستمتع بعملي عندما يكون مرهِقاً جداً ومصيرياً، أمَّا بالنسبة إلى التأمل كان ممتعاً بالنسبة إلي، ولكن ليس بالقدر الكبير الذي كنت أحاول أن أجبر نفسي على ممارسته يومياً، فكثير من الأشياء نقوم بها لأنَّنا نظنُّ أنَّها واجب لا يجب إهماله وليس بسبب رغبتنا الحقيقية، ولكن يجب ألا يستمر الشخص بعمل شيء لا يفيده أو يضيف لحياته.

شاهد بالفيديو: 10 قواعد في الحياة للمحافظة على الدافع

3. إيقاد شعلة الحماسة والشغف من جديد:

غالباً ما نظن أنَّ التقدم في الحياة لا يمكن أن يجتمع مع الاستمتاع بها، ولكن في أثناء الفترة التي تخليت فيها عن أشياء لا أرغب بها اكتشفت نشاطات ممتعة؛ مثلاً دروس زومبا يومية وبسعر مخفض، وعندما قللت من كثافة العمل على فيسبوك تمكنت من الاستمتاع بتفاعل القراء ومشاركاتهم، إضافة إلى التفاعل مع طلابي في الوقت السابق للدرس وفي الصباح أفعل ما أحبه، فإمَّا أن أتأخر في النوم أو أستيقظ لأقرأ قليلاً قبل المغادرة.

إنَّ الراحة لفترة محددة تسمح لنا باكتشاف ذواتنا وشغفنا الحقيقي والأشياء التي نحب فعلها؛ وبذلك لن نحتاج إلى قوة إرادة أو إجبار أنفسنا على العمل.

4. تلبية الاحتياجات الفردية بسهولة ويسر:

يمكن أن يساعد الروتين المفيد على تطوير أدواتنا ومهاراتنا الإبداعية والاستفادة من إمكاناتنا للحد الأقصى، ولكن الأهم هو تلبية احتياجاتنا الآنية من خلال فترات الراحة التي سمحت لي أن أعرف ما أحتاج إليه في كل لحظة، سواء كان الخروج للجري أم جلسة يوغا.

الآن أستطيع تحديد الوقت الذي يمكنني فيه العمل بأقصى طاقة ممكنة ومتى أكون بحاجة إلى الاسترخاء والراحة ورعاية نفسي، ففي الواقع الاحتياجات ومستويات الطاقة عند البشر متغيرة دائماً، ويمكننا من خلال التأقلم مع المتغيرات أن نتجنب التسويف ونستفيد من إمكاناتنا لأقصى حد.

إقرأ أيضاً: 7 أنواع للراحة لتحصل على أقصى فائدة من طاقتك

5. تحقيق التوازن الطاقي بين العمل والراحة:

طوال حياتي كانت لدي طاقة عالية جداً تجعلني أبدأ أيَّ مشروع جديد بحماسة كبيرة لدرجة كنت أفقد القدرة على النوم أو التفكير بشيء آخر وحتى نسيان الأكل، ووصل بي الحال إلى الانهيار التام الذي أجبرني على الراحة لعدة أسابيع، وكنت أظنُّ أنَّ هذا الوضع طبيعي بالنسبة إلي، ولكن عندما قررت الاستراحة تغيرت كثيرٌ من الأشياء؛ فلم أعد أشعر بالحماسة الزائد وفي المقابل كان التعب أقل، وكان هذا الوضع أكثر استقراراً واستدامة بالنسبة إلي وشعرت بالارتياح لتقليل كمية العمل مع أخذ قسط كاف من الراحة كل يوم.

إقرأ أيضاً: 7 مبادئ لاستعادة التوازن في الحياة

في الختام:

يمكن أن يكون التوقف عن العمل والراحة أفضل شيء تقدمه لنفسك لتزيد من إنتاجيتك وقدراتك، أمَّا المماطلة فيجب الانتباه لها ومعالجتها حتى تتمكن من تحقيق التقدم في حياتك.




مقالات مرتبطة