5 طرق لدعم الموظفين المصابين بمرض مُزمن

حينما يعاني زميلٌ لنا في العمل من مرضٍ مزمنٍ أو خطيرٍ قد يكون من الصعب أنَّ نعلم ماذا يجب علينا أن نقول له أو كيف يجب علينا أن نتصرّف معه. حينما تُوضَع في موقفٍ كهذا من الصعب أن تحدّد ماذا يجب عليك أن تفعل حتى لو كنت قد مررتَ بالتجربة نفسها من قبل، وقد تقول أو تفعل -دون قصدٍ أبداً- أموراً لم يكن يجب عليك أن تقولها أو تفعلها، وقد تظن بأنَّ ما تقوم به يُعَدُّ مناسباً بينما يكون ما تقوله أو تفعله سبباً لإحساس الموظف المريض بمزيدٍ من الضغط.



أجرت منظمةٌ مؤخراً استطلاعاً شمل 1000 شخصٍ بالغٍ وقادرٍ على العمل في الولايات المتحدة، حيث تبيَّن أنَّ 88% من الأشخاص الذين استُطلعَت آراؤهم تساورهم الشكوك إزاء قدرتهم على دعم زميلٍ يعاني مرضاً خطيراً. من أبرز الشكوك التي ذَكَرها الأشخاص الذي أجروا الاستطلاع:

  • حجم التعاطف الذي يجب عليهم إظهاره عند إبداء الدعم أو نوع العواطف التي يجب عليهم إظهارها.
  • كم مرةً يجب عليهم أن يسألوا زميلهم عن مرضه أو حالته.
  • ما نوع المساعدة التي يجب عليهم أن يقدموها إلى زميلهم في العمل.

من الواضح أنَّ ثمَّة فجوةً بين احتياجات أولئك الذين يعانون مرضاً مزمناً في مكان العمل من جهة وبين الدعم الذي يُقدَّم لهم من قِبَل زملائهم ومديريهم من جهةٍ أخرى، ويرجع سبب الجزء الأكبر من هذه الفجوة إلى قلّة الوعي والتدريب. فيما يلي بعض الطرق التي يمكن اتباعها لدعم زملاء العمل الذين يعانون مرضاً مزمناً:

1- إظهار التعاطف:

يكفي في البداية أن يشعر زميلك بأنَّك تفكّر فيه، إذ لا بأس في أن تقول: "لا أعلم ماذا أقول الآن، لكنَّني إلى جانبك وأشعر بما تشعر"، أو أن تقول: "أريد أن أكون قربك وأن أفكر في بعض الأمور التي ربما يمكنني أن أقدمها لك لأخفف عنك ما أنت فيه الآن".

ثمَّة عبارةٌ واحدةٌ يجب على الناس ألَّا يقولوها هي: "لا يمكنني أن أُصَدّق أنَّك لم تخبرني بذلك من قبل"، لأنَّ هذه العبارة ستجعل زميلك يُحِس بالذنب عوضاً عن الاهتمام.

إقرأ أيضاً: 50 طريقة بسيطة تجعل بها الآخرون يشعرون بالتَّميز

2- احترام رغباتهم:

يُنصَح الموظفون بالتحقق من رغبة زميلهم المريض في التكلّم عن حالته الصحيّة وتحديد النهج الذي يجب اتباعه عند التعامل معه حسب ردّة فعله. يجب على الأشخاص أن يكونوا حذرين حينما يحكون قصص أشخاصٍ آخرين يعانون من المرض نفسه، وأن يتأكدوا قبل ذلك من رغبة الشخص المريض في سماع تلك القصص.

إذا لم تكن تعرف بَعدُ ما يفضِّله المريض قد تعكس بعض العبارات حُسْنَ نواياك مثل: "أنا متأكِّدٌ من الأمور ستكون على ما يُرام"، أو "أعرف شخصاً حدث له ما حدث لك وصحَّته الآن بأحسن حال"، لكنَّها قد لا تكون مناسبةً إذا كان المريض يشعر بأنَّ الأمور لا تسير على ما يُرام.

3- احترام الخصوصية:

إذا أخبرك زميلك عن مرضه هذا لا يعني أنَّه يريد الآخرين أن يعرفوا بالأمر أيضاً. إذا أخبرك شخصٌ في العمل عن أزمةٍ صحيةٍ يعانيها من المهمّ أن تفترض بأنَّك الشخص الوحيد الذي أُخبر بالأمر، إلَّا إذا كان قد قال لك غير ذلك. الناس حذرون جدَّاً من موضوع انتشار معلوماتهم الشخصية -وهكذا يجب عليهم أن يكونوا- لذلك من المهمّ جدَّاً التفكير في خصوصية الآخرين.

إقرأ أيضاً: 5 طرق لمواجهة النميمة في مكان العمل

4- عرض المساعدة:

عوضاً عن إخبار الزميل المريض أنَّ في إمكانك القيام بكلّ ما يحتاج إليه يُعَدّ وضع قائمةٍ قصيرةٍ تتضمن واجبات العمل التي تجد أنّ لديك الاستعداد لتوليها عوضاً عنه إجراءً عمليَّاً أكثر يخفف الضغط عن الشخص الذي تحاول تقديم المساعدة له.

من الطبيعي جدَّاً أن تكون لديك الرغبة في أن تبدو قرب زميلك ومستعدَّاً للمبادرة، لكنَّ المشكلة في ذلك أنَّ هذا يلقي المسؤولية على عاتق الشخص الذي هو مريضٌ أساساً وسيُضطر إلى التفكير في مجموعةٍ كبيرةٍ من الأمور التي يمكنك أن تساعده فيها حتى يمنحك إحساساً بالرضى حينما تساعده.

5- عدم تجاهل الحالة:

قد يجعلك تجنُّب الزميل المريض أو تجاهل حالته تشعر براحةٍ أكبر، لكن من الأفضل أن تفكر كيف تُفضِّل أن تُعامَل إذا كنت في مكانه.

مثل أيَّة عملية تواصل تجري في مكان العمل، حينما تشعر بالشك فإنَّ أفضل إجراءٍ تتخذه هو أن تتحلّى باللطف وأن تضع نفسك في مكان الآخرين. إذا كنت غير متأكِّدٍ مما يجب عليك أن تقوله أو تفعله انتظر حتى تقوم بمزيدٍ من عمليات البحث، أو حتى تتحدث مع أشخاصٍ يعلمون ما يجب عليك أن تفعل أو تقول.

كيف يستطيع القادة تقديم المساعدة في مثل هذه الحالة؟

يبيِّن الاستطلاع الذي أشرنا إليه في البداية أنَّ العمَّال في الولايات المتحدة يريدون الحصول على مزيدٍ من الدعم من قاداتهم، حيث يقول 59% منهم إنَّهم غير متأكدون من أنَّ القادة يعلمون كيف يقدمون الدعم للموظفين المريضين، إذ من بين العمال الذين سَبَق لهم العمل مع شخصٍ يعاني من السرطان يعتقد 90% أنَّ في إمكان الإدارة بذل مزيدٍ من الجهد لتقديم دعمٍ أكبر إلى أولئك الأشخاص. من النتائج الأخرى التي تَوَصّل إليها الاستطلاع:

  • يعتقد 45% بأنَّ في إمكان الإدارة توفير مزيد من وسائل الراحة في مكان العمل مثل جداول العمل المرنة أو المعدات الخاصة والتكنولوجيا.
  • يعتقد 37% بأنَّ في إمكان الإدارة بناء بيئة عملٍ أكثر توفيراً للدعم وتعزيزها.
  • يعتقد 35% بأنَّه كان في الإمكان مراعاة خصوصية الزملاء المريضين بشكلٍ أفضل.
  • يعتقد 33% بأنَّ في إمكان الشركة وضع سياسات أفضل لدعم الموظفين المريضين.
  • يشير 16% إلى أنَّ الطريقة التي عومل بها موظفون مصابون بالسرطان جعلتهم أقلّ وفاءً للشركة.

من غير المفاجئ ألَّا يعلم الموظفون كيف يتصرفون فعلاً، بل الذي يستحق الوقوف والتأمل هو افتقار هؤلاء الموظفين إلى الثقة في قياداتهم. فيما يلي بعض الطرق التي يستطيع من خلالها القادة والمديرون تقديم الدعم للموظفين المريضين:

1- إعادة النظر في الامتيازات، والسياسات، والعمليات:

يُنصَح المديرون والقادة بالتأكُّد من أنَّ السياسات تعمل بشكلٍ فعالٍ وتُحقق الغاية التي كان مُخطَّطاً لها أن تُحقِّقها أساساً، ليست الأموال وحدها من تحرّك الموظفين، بل الوظيفة بأكملها هي التي تحركهم. ما المعطيات المتوافرة حالياً بين يديك؟ إذا كان لديك ثغرات، أتَكمُن هذه الثغرات في أمورٌ تستطيع القيام بها لتحسين العمليات حتى يعلم الناس بشكلٍ أفضل ماذا يفعلون إذا مَرِض أحد زملائهم؟

أمَّا إذا كانت السياسات المُتَّبعة في الشركة قديمة فقد حان الوقت لتعيد تقويمها، احرص على مواكبة الطريقة التي يتطور بها عالم الأعمال، ومع الطريقة التي يتَّبعها اللاعبون الآخرون الذين ينشطون في مجال عملك. تُقدِّم بعض الشركات لموظفيها على سبيل المثال إجازاتٍ مدفوعة تتيح لهم التوقف عن العمل في حال إصابتهم بمرضٍ ما.

إقرأ أيضاً: 10 نصائح لتحفيز الموظفين من دون اللجوء إلى المال

2- توضيح السياسات:

لأنَّ تذكُّر الأمور المسموح أن تفعلها في العمل حينما تمرُّ بأزمةٍ وتحاول الاهتمام بصحتك يُعَدُّ عملاً شاقَّاً، من المهمّ أن تبيِّن الشركات للموظفين بانتظام السياسات المُتَّبعة فيها. يجب على الشركة أن تفكر في طريقةٍ للتواصل مع الموظفين العاملين فيها، يمكنهم أن يفكروا على سبيل المثال في نشر قوانين المكافآت الجديدة التي أصدروها عبر تويتر أو إعادة التذكير من خلاله بالقوانين السارية حالياً.

3- تدريب المديرين على الأمور التي يجب عليهم أن يفعلوها:

من المهم جدَّاً التأكُّد من أنَّ المديرين مستعدون جيداً لمساعدة الموظفين الذي يثقون بهم، فإذا كان موظفٌ ما يعاني مرضاً معيناً وقَصَدَ أوَّلاً مديره الذي لا يعرف كيف يدعمه قد يقوِّض هذا أيَّة سياساتٍ وعمليات تواصل مُتَّبعة فعلاً في الشركة. يواجه الموظفون مثل هذه المواقف لأنَّ الشركات لا تخصص وقتاً لتدريب شخصٍ ما على إدارة الموظف بصفته إنساناً كاملاً. في هذا السياق في إمكان المديرين القيام بالأمور الآتية:

  • السماح للموظفين المريضين باقتراح أفضل الطرق التي يمكن اتباعها لتقديم الدعم لهم، وعدم ترك ذلك للافتراضات.
  • التفكير في طرق لجعل عملهم أكثر إنتاجاً من خلال توفير ساعات عمل مرنة لهم والسماح لهم بالعمل عن بُعد.
  • تخصيص بعض الوقت لمناقشة الأمور التي يستطيع أعضاء الفريق الآخرون القيام بها لمساعدة زميلهم المريض.
  • معرفة الأمور التي يُسمَح بالحديث عنها والأشخاص الذين يُسمَح بتقديم المعلومات لهم.
  • تعيين شخصٍ يقدم آخر المعلومات حول حالة المريض الصحية بعد أخذ الإذن من الموظف المريض.

لأنَّ الموقف الذي يمرُّ به الشخص الذي يعاني من المرض يُعَدُّ موقفاً عصيباً ولأنَّ الزملاء لا يعرفون كيف يتعاملون معه يجب على الإدارة أن تتولّى زمام المبادرة لضمان أن تكون بيئة العمل داعمة، ووديّة، وقائمة على التعاون.

 

المصدر




مقالات مرتبطة