5 طرق لإثارة الدافع في حياتك عندما تشعر بالعجز

من أكبر الإحباطات في الحياة أن تعلم في أعماقك أنَّك قادر على تحقيق الكثير وكأنَّ بداخلك منبعٌ من الإمكانات والقدرات تتسابق إلى الظهور، ومع ذلك أنت غير قادر على اكتشاف كيفية الاستفادة من تلك القدرات.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتبة آنجل كرنوف (ANGEL CHERNOFF)، وتخبرنا فيه عن تجربتها في إشعال شرارة الدافع في حياتها.

تودُّ لو أنَّك تبتعد عن مكان تشعر كأنَّك عالقٌ فيه، وتمضي قُدماً يوماً بعد يوم وكأنَّك تساهم في نجاح العالم على أعلى مستوى ممكن، وتستثمر كلَّ جزيء من قدراتك، وتتقدم في الحياة بكلِّ حماسة ورغبة.

أُسمِّي هذه الحالة "الشرارة"، وقد أمضيت سنوات في البحث عمَّا يتطلبه الأمر لأكون في هذه الحالة من الحماسة، وقد يفاجئك ما اكتشفته؛ إذ لا يتعلق الأمر بالعثور على ذلك "الشيء الواحد" الذي يقلبك رأساً على عقب ويزيد من حماستك، فبالنسبة إلى معظمنا، لا يشعل هذه الشرارة شيءٌ واحد، وإن حصل ذلك، فلن تتمكن عادةً من تحديده ومعرفة ماهيته حتى تحصل على خبرة كافية في الحياة من خلال التجربة والخطأ.

لكن ليس عليك الانتظار عقوداً أو سنواتٍ أو حتى شهوراً لتكون متقداً ومتحمساً، ومتمتعاً بأقصى حدود الإمكانات والقدرات؛ بل كلُّ ما عليك فعله هو البحث عن شغفك واهتماماتك وتغذيتها، وقد تمكنت في كتابي الجديد "كيف تعيش حياة جيدة؟ قصص عاطفية وعلوم مدهشة وحكمة عملية" (How to Live a Good Life: Soulful Stories, Surprising Science and Practical Wisdom)، من تحديد الاهتمامات الأساسية الخمسة التي تشعل شرارة الدافع في حياة الشخص وتثير الحماسة والحافز للحياة.

إليك فيما يأتي هذه الاهتمامات الأساسية الخمسة:

1. الفضول:

هو الإصرار والسعي وراء إيجاد الإجابة لأسئلة ملحة في الحياة: هل هناك شيء ما تحتاج إلى معرفته واكتشافه، أو إجابةً تحتاج بشدةٍ إلى اكتشافها، أو حل عليك إيجاده لمشكلةٍ تشغلك؟ إذ يُعدُّ العلماء ورواد الأعمال وحتى المنتجين والمؤلفين الإعلاميين أفضل أمثلة عن الأشخاص الذين غالباً ما تغذيهم شرارة الفضول القوية هذه.

لقد عبَّر عالم الفيزياء ألبرت أينشتاين (Albert Einstein) عن ذلك بوضوح تام: "الشيء الهام هو عدم التوقف عن التساؤل، فلا بُدَّ أنَّ ثمة سبباً للفضول؛ فالمرء لا يسعه إلا أن يشعر بالرهبة عندما يتأمل أسرار الخلود والحياة والبنية الرائعة للواقع، ويكفي أن يحاول فهم القليل من هذا السر كلَّ يوم".

شاهد بالفيديو: 6 نصائح للحصول على الدافع والبقاء متحفزاً

2. الانبهار:

الانبهار يعني الاهتمام العميق بموضوع أو مجال أو فكرة معينة، ولا تتعلق بمشكلة أو سؤال معين؛ بل بالارتباط الجوهري بشيء ما، وغالباً ما يبدأ من الطفولة ويرافقنا مدى الحياة، لكن قد تنشأ شرارة الانبهار بلمحة بصر لدى تعرضك لتجارب أو أفكار جديدة، وقد تشمل الأمثلة على ذلك مؤرخي الفن والهواة أو أيِّ شخص يحب القراءة والبحث في موضوع ما أو فكرةٍ ما لا لسبب سوى الرضى والسعادة التي يمنحها البحث والاهتمام العميق.

إنَّ بعض أكثر الأشخاص تعاسةً وفقداناً للحماسة الذين قابلتهم في حياتي هم أولئك الذين لا يهتمون بأيِّ شيء على الإطلاق؛ فالانبهار العميق والرضى أمران متلازمان، ودونهما؛ أي قدر قليل من السعادة أو التحفيز قد يتبدد بسرعة لأنَّه يفتقد إلى الشيء الجوهري الذي يجعله يدوم.

3. الانغماس:

الانغماس يعني الشعور بالانشغال التام أو الانغماس في مهمة أو عملية انغماساً كاملاً، وغالباً ما يصف الرياضيون هذه الحالة بـ "تركيز الانتباه على ما يفعلونه وإتقانه"، ويسميها علماء الاجتماع "التدفق"، وهذا يعني أن تكون متحمساً ومنشغلاً تماماً بنشاطٍ ما، بصرف النظر عن النهاية؛ وعلى الرَّغم من أنَّ السعي وراء هذه التجربة التي تدعو إلى الانغماس الكامل في شيء ما غالباً ما يؤدي أيضاً إلى إنجازٍ مذهل، إلا أنَّ هذا ليس هو المحرك الأساسي.

يوجد مثالان رائعان يعبِّران عن هذا العامل المحرك للدافع؛ وهما الحرفيون والفنانون؛ إذ ينتهي بهم الأمر دائماً بإبداع أشياء جميلة، لكن بالنسبة إلى معظمنا، هذه مجرد مكافأة إضافية؛ فالشيء الحقيقي الذي يشعل شرارة حماستهم هو القدرة على الانغماس انغماساً كاملاً في عملهم.

في يومك العادي، تكون عوامل الانغماس هي تلك الومضات من الحياة العميقة المفعمة بالمشاعر التي تعيشها عندما تنغمس في مهمةٍ ذات مغزى تجعلك تشعر بأنَّك حي، هذه التجارب المثلى يمكن أن تحدث عندما تكون منشغلاً في عمل مدفوع الأجر أو دون أجر، والذي يدفعك إلى التقدم، فعملٌ مثل هذا هو شيء يمكن أن تسعى وراءه يومياً.

4. المهارة:

المهارة تعني السعي الحثيث إلى التطور، فقد لا تكون مهووساً بالحاجة إلى أن تصبح الأفضل في العالم في شيء ما، لكنَّ الشعور بالتقدم - القدرة على التحقق من مؤشرات النمو على طول الرحلة - هو ما يجعلك متحمساً للتجربة؛ ولا يهم غالباً ما هو الموضوع حقاً؛ إذ يوجد مسار محدد جيداً للتميز والقدرة على قياس تقدمك في أثناء ذلك، وتُعدُّ فنون الدفاع عن النفس مثالاً رائعاً، فمع نظام "الحزام" المحدد بوضوح، يمكنك التقدم على طريق إتقان ومعرفة ما يتطلبه الأمر دائماً للوصول إلى المستوى التالي.

لقد عبَّر رئيس الوزراء الأسبق في المملكة المتحدة ونستون تشرشل (Winston Churchill) عن ذلك تعبيراً جيداً: "يمكنك إحراز تقدم كلَّ يوم، وقد تكون كلُّ خطوة تخطوها مثمرة، ومع ذلك سيكون هناك طريقاً طويلةً أمامك باستمرار وصاعدة باستمرار ومتطورة باستمرار، فأنت تعلم أنَّك لن تصل أبداً إلى نهاية الرحلة، لكن هذا بعيد عن الإحباط، يضاف فقط إلى متعة التقدم ومجده في ذلك الطريق".

5. الخدمة:

الخدمة تعني الاهتمام بمساعدة الآخرين، فإدراكك أنَّك بطريقة ما أحدثت فرقاً في حياة الآخرين هو أكبر وأفضل دافع بالنسبة إلى معظمنا؛ إنَّه الشيء الذي يجعلك تشعر بأنَّك أكثر حماسة وتحفيزاً، ومن المثير للاهتمام أنَّ متعة الاهتمام ترتبط بشخص أو مجموعة معينة، لكن يجب ألا تكون كذلك؛ ففي الواقع يجب ألا يكون "الآخر" بشراً؛ بل يمكن أن يشمل الاهتمام الحيوانات أو النباتات أو حتى المفهوم الأكبر للبيئة أو الكوكب؛ وأغلب من يدفعهم ويزيد من حماستهم هذا النوع من الاهتمامات هم رجال الدين والمتطوعون في أعمال خيرية.

ما هو نوع الخدمة التي تحفزك؟ فكِّر في الأمر، فعلى الأمد الطويل لا يشتد الحب الحقيقي إلا من خلال المشاركة، ويمكنك فقط الحصول على المزيد، ممَّا يحفزك من خلال التخلي عنه للآخرين.

إقرأ أيضاً: 7 أسباب تجعلك تفقد الدافع بعد البداية

الدوافع الخاصة بك:

أنت تعرف الآن الاهتمامات الأساسية الخمسة؛ لذا اسأل نفسك أيَّاً من هذه الاهتمامات تركت فيك الأثر الأكبر، فهل تكون أكثر حماسة عندما تنغمس في البحث عن إجابة لسؤال أو حل لمشكلة مزعجة؟ أو هل تودُّ أن تتعمق في اكتشاف فكرة أو موضوع ما؟

قد تُشعل فيك في وقتِ من الأوقات شرارة واحدة أكثر من غيرها الحماسة والدافع، لكن ليس من الغريب أن يكون لديك مزيج من هذه الدوافع؛ وفي الواقع إذا كنت ترغب في تحويل السعي وراء أيٍّ من هذه الدوافع الأربعة الأولى إلى مهنة بالنسبة إليك، ستحتاج أيضاً لإيجاد طريقة لإشعال الشرارة الخامسة بداخلك والاستفادة منها.

إقرأ أيضاً: نظرية الدافع وأمثلة عنها

في الختام:

الشيء العظيم في هذا النهج هو أنَّك غالباً يمكنك العثور على عدد لا يحصى من الأنشطة والتجارب والعلاقات الصغيرة التي ستجعلك تشعر بالإثارة والدهشة، وكأنَّك لا تريد التوقف، وأنَّك تفعل ما عليك القيام به، ولست مضطراً إلى الانتظار شهوراً أو سنوات أو حتى عقوداً لتجد هدفاً كبيراً أو فريداً أو شغفاً قد يأتي أو لا يأتي أبداً، ابدأ في متابعة شغفك فقط، وحاول تنظيم أيامك بناءً على قدرتك على إنفاق أكبر قدر ممكن من طاقتك في متابعة هذا الشغف.

ابدأ اليوم، ثم شاهد كيف ستبدأ حياتك بالتوهج.




مقالات مرتبطة