5 طرق سهلة لتبسيط أفكارك

لا يقتصر مفهوم البساطة على إعادة ترتيب مرآب بيتك أو تنظيف خزائنك الخاصة فقط، بقدر ما أحب الخزانات النظيفة المرتبة جيداً ووجود كثير من المساحات الخالية في مرآبي، إلا أنَّ ثمة معانٍ للبساطة في الحياة أكثر ممَّا تبصره العين، ويمكن أن تكون البساطة أعمق بكثير ممَّا هو موجود على الملأ أمام العالم.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتبة آنجل كرنوف (ANGEL CHERNOFF)، وتُحدِّثنا فيه عن تجربتها مع تبسيط الأفكار، وتقدم لنا 5 طرائق للقيام بذلك.

يوجد ذلك الجانب الآخر من البساطة، إنَّه الجانب الذي يكشف عن الفوضى النفسية التي لا حاجة لوجودها و"الخردة البالية" التي تحملها في داخلك معك دائماً، وهذا النوع من البساطة هو الذي يكشف التدمير الذاتي الذي سمحت له بالسيطرة على عقلك.

عندما نشعر بالارتباك أو التشتت في جوانب عديدة من الحياة، فقد يبدو الموقف خارجاً عن سيطرتنا، لكن ماذا لو صدقنا للحظة أنَّه بمقدورنا كلياً التحول إلى موقف السلام والقوة؟

يكمن سبب المشكلة في داخلنا، إنَّه جزءٌ من طبيعتنا البشرية؛ وذلك ما يعوق سبيل الوصول إلى البساطة؛ إذ يقع اللوم على ميلنا إلى تعقيد كلِّ الأشياء.

معظمنا بارعون في تعقيد ما هو بسيط؛ فسبب القلق والتوتر في حياتنا هو إضافة ضغوطات لا ضرورة لها ومبالغتنا في تبسيط المفاهيم؛ فنكتب رسائل إلكترونية أطول، نتواصل نصياً بالرسائل أو التعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي أكثر من اللازم لتفسير نقاط بسيطة، كم قمنا بتصعيد النقاشات مع أحبتنا عن موضوعات تافهة، وتطول القائمة.

إذا كنت تقوم بأيٍّ من تلك الأشياء، فإنَّك تعاني الشكل الثابت من الفوضى النفسية التي تشغل حيزاً لا لزوم له من عقلك؛ لكنَّك لست وحيداً في هذا الصراع، ولست وحيداً برغبتك في تعقيد أقل الأشياء بساطة في حياته.

لذا، فلنتعرف معاً كيف يمكن أن تفعل ذلك، فيما يأتي خمس طرائق للتغلب على فوضاك النفسية بقوة البساطة، وكلَّما كررت تطبيق هذه الاستراتيجيات، ازدادت سرعة تبسيط أفكارك، وأصبحت حياتك أقرب من جوهر البساطة:

1. التشكيك في القصص التي نسمعها:

أنت تعرف ما يقولون، لا تصدق كلَّ ما تسمعه ولا كلَّ ما تقرؤه، لا تصدق الإشاعات التي تُنشَر في المجلات، والتنبؤات السوداوية التي يطلقها زملاؤك في العمل، أو "الأخبار الصادمة" التي تسمعها على التلفاز حتى تتأكد منها؛ حسناً، ينطبق هذا المفهوم نفسه على عالمك الداخلي وأفكارك.

لدينا جميعاً قصص تحكي عنا، وإن لم نعدها قصصاً، مثال على ذلك كم مرة تتوقف قليلاً لتتأمل في علاقاتك أو عاداتك أو تحدياتك؟ من ناحية أخرى كم مرة تتفوه بعفوية بأيِّ مشاعر عابرة تتبادر أولاً إلى الذهن - مثل القصة التي تشغل بالك منذ مدة - دون تفكير حتى؟

يمكن أن تكون القصص قصيرة، مثل "أنا لست كاتباً جيداً"، أو "أنا لست جيداً في ممارسة اليوغا"، أو "أنا أعاني مشكلات تسويف عميقة"، سنتعمق أكثر في هذا الموضوع في هذا المقال، وستُسر في النهاية حينما تعرف سبب حدوث ذلك.

يكمن الحل هنا في التشكيك في قصتك، على سبيل المثال، لنأخذ مثال الكاتب، اسأل نفسك: لماذا أعتقد أنَّني لست كاتباً جيداً؟ ماذا عليَّ أن أبدو حتى أكون كاتباً جيداً؟ هل يمكنني توصيف كتابتي الحالية بطريقة تخدمني خدمة أفضل؟

ستندهش من عدد المرات التي تساعدك فيها عملية طرح الأسئلة على التوصل إلى نسخة أفضل وأكثر دقة بكثير من قصتك، فقط جربها.

إقرأ أيضاً: كيف تفكر خارج الصندوق بنجاح

2. استخدام عبارات التشجيع الإيجابية:

ربما سمعت عن عبارات تشجيعية إيجابية؛ إنَّها عبارات إيجابية تشير إلى وجود شيء إيجابي بالفعل، مثل:

  • أنا كاتب جيد.
  • أنا شخص موهوب.
  • أنا شخص عطوف ودود.

الآن دعونا نتكلم بصراحة، عندما تشعر بالإحباط أو الاستياء، هل تشعر حقاً بالرغبة في قول عبارات تشجيع إيجابية، والأهم من ذلك، هل تصدقها؟ على الأرجح لا، فكيف نتغلب على الجانب السلبي لدينا؟ يكون ذلك من خلال التجرد ممَّا نسميه "الزلات العفوية"؛ وهي الأشياء الفظيعة الفاسدة التي تنبعث من عقلك الباطن في كلِّ فرصة تتاح له؛ إذ تكمن الفكرة بالاستفادة من وجود هذه الأفكار المتضاربة داخلك والتوفيق بينها توفيقاً يساعدك على تجاوز الفوضى العقلية والسلبية لديك.

إليك طريقة ممتعة للتفكير في الأمر: تذكر قليلاً بعض الرسوم الكرتونية القديمة، كان هناك شيطان على أحد كتفي الشخصية وملاك على الكتف الآخر؟ حسناً، زلاتك العفوية هي الشيطان وعبارات الإطراء الإيجابية هي الملاك، الآن فقط أدِّ دورك في الأمر.

لنبدأ بفكرة عفوية تدور في ذهنك: "سأبقى وحدي إلى الأبد"، واجه هذه الفكرة بعبارة إطراء إيجابية تقول فيها: "في الواقع، سأجد الشخص المناسب لأشارك حياتي معه".

الآن قد تتبادر إلى ذهنك فكرة عفوية مفادها: "أوه نعم، ومتى سيحدث ذلك، بعد 50 عاماً من الآن؟" فترد عليها، قائلاً: "لست متأكداً؛ لكنَّني أشعر بالثقة في أنَّ الشخص المناسب سيجدني".

تتبادر إلى ذهنك فكرة عفوية مرة أخرى "حسناً، ما الذي يجعلك واثقاً جداً من نفسك؟"، فتجيب بعبارة إطراء إيجابية، تقول فيها: "لأنَّني شخص رائع ومحب ولديَّ الكثير لأقدمه".

 تتبادر إلى ذهنك عبارة عفوية تقول: "أوه حقاً؟ حسناً، لماذا لم يحدث ذلك بالفعل إذا كنت رائعاً جداً؟"، وترد على هذا بـ "حسناً، كلُّ شيء في الحياة يأتي في توقيته المناسب".

ربما يثير هذا الكلام سخريتك؛ لكنَّني أعدك بأنَّك إذا التزمت فقط بالقيام بهذا (وهنا قد يكون من المفيد أن تدوِّن أفكارك)، فسوف تتعامل مع أفكارك الداخلية كما لو أنَّك تنظف منزلاً، وسوف تفهم نفسك وجذور سلبيتك بعمق أكبر.

يتحقق هذا عندما تبدأ في تغليب السلام على الفوضى التي تقبع في عقلك، وهنا تكون بداية البساطة الداخلية.

شاهد بالفديو: 6 طرق لتصفية ذهنك

3. تمرير الأفكار عبر ثلاث مراحل فرز رئيسة:

أحياناً تكون على عجلة من أمرك، وقد لا يبدأ يومك بدايةً رائعة، في مثل هذه الأيام، يوجد تمرين لتخليص العقل من الفوضى، يمكن تطبيقه سريعاً ويبقي أمورك تحت السيطرة.

لقد كنت في جدال مع زوجي في الماضي وأحد الأشياء التي ندمت عليها أنَّني لم أنتقِ كلماتي قبل نطقها، وفي ذلك الوقت، لم يكن بحوزتي الأدوات المناسبة، باستثناء "كن لطيفاً"، والتي لا نفع منها إذا كنت تشعر بكلِّ شيءٍ ما عدا اللطف، وبعد بضع سنوات، تعرفت إلى هذه الحيلة البسيطة، وساعدتني على تغيير سلوكي، إليكم طريقتها:

قبل أن تنطق بأيِّ شيء، مرر أفكارك عبر ثلاث مراحل فرز رئيسة ولا تتحدث، إلا إذا حصلت على ثلاث إجابات نعم صريحة:

  • هل فكرتي صحيحة؟
  • هل فكرتي لطيفة؟
  • هل فكرتي مفيدة؟

على سبيل المثال، لنفترض أنَّ ثمة فكرة تدور في رأسك مفادها أنَّ شريكك لا يهتم لأمرك، وأنت على وشك التصريح بها؛ لأنَّه لم يؤدِّ آخر مهمَّةٍ طلبتها منه، تحقق أولاً من هذه الفكرة: هل صحيح أنَّ شريكي لا يهتم بي؟ هل من اللطيف أن أقول هذا أو أفكر فيه؟ هل من المفيد أن أقول هذا أو أفكر فيه؟

تذكَّر أنَّه لا يمكنك التراجع عن كلامك، إضافة إلى ذلك، لن تندم أبداً على التصرف بطريقة صادقة ولطيفة ومفيدة في المستقبل؛ لذا اعتد على تطبيق هذه الطريقة.

4. عامل نفسك بالطريقة التي تعامل بها أعز صديق لديك:

نعرف جميعاً عبارة "عامل الآخرين كما تعامل نفسك"، لكن هل تلاحظ مفارقة في ذلك؟ عندما نضجت، وأصبحت أكثر وعياً بأفكاري وقصصي في الحياة، أدركت أنَّني نادراً ما أعامل الآخرين كما أعامل نفسي، أنا في الواقع أعامل الآخرين بلطافة وأكثر ودَّاً وأفضل بكثير في كلِّ مكان، ومع ذلك أتعامل مع نفسي بكثير من الغضب والقسوة ونفاد الصبر، وأنا أعلم أنَّني لست الوحيدة في سلوكي هذا.

متى كانت آخر مرة خاطبت نفسك بمحبة؟ متى كانت آخر مرة حاولت فيها التعاطف مع نفسك؟

لقد انتشر التعامل السيئ من النفس انتشار النار في الهشيم، وغالباً ما يُخلَط بينه وبين ضبط النفس والرغبة في النجاح، وهو يؤذينا أكثر بكثير ممَّا يساعدنا.

إليكم الحقيقة: يمكنك أن تكون متحمساً ولطيفاً، ومنضبطاً ذاتياً وطيباً، وناجحاً وسعيداً.

تكمن حيلة تنظيم العقل هنا في قلب الفكرة لتصبح: عامل نفسك بالطريقة التي تعامل بها شخصاً تحبه، اختر شخصاً محبوباً أو صديقاً مقرباً، كيف تعاملهم؟ هل أنت لطيف، مراعٍ للمشاعر، كريم، متسامح، متعاطف معهم؟ الآن قم بالشيء نفسه مع نفسك، وفي نهاية الأمر، ألا تستحق تلك المعاملة نفسها إن لم يكن أفضل منها؟ بالطبع أنت تستحق ذلك.

إقرأ أيضاً: 5 خطوات للتعاطف مع الذات

5. تبسيط الأمور:

أسهل حيلة للتخلص من الفوضى - رغم كونها الأصعب في الوقت نفسه - هي النظر إلى الأمور من زاوية بسيطة، عندما لا تكون لديك فكرة عن كيفية التعامل مع الفوضى العقلية أو الأفكار المزعجة أو مجرد الشعور العام بالإرهاق، عد خطوة إلى الخلف واطرح سؤالاً:

  • كيف يمكنني تبسيط هذا الموقف؟
  • ما الذي يمكنني التخلي عنه دون خسارة أيِّ شيء؟

ابتكر طريقة إبداعية واحدة على الأقل للتبسيط، والتخلص من التعقيد، وتسهيل موقفك، ربما تأخذ استراحة لمدة خمس دقائق ثم تعود مرة أخرى إلى المشكلة، وربما تتحرر من أحد الالتزامات غير الضرورية، وربما تقضي على عوامل التشتت لفترة زمنية معينة، أو ربما تقرر ببساطة في الوقت الحالي أنَّك ستتقبل الأمر كما هو ولن تقلق بشأنه.

تذكر فقط أنَّ هذين السؤالين ينطبقان على جميع المواقف وأنَّهما يمنحانك الحرية ويسمحان لك بالرجوع خطوة إلى الوراء والتخطيط تخطيطاً أفضل للعمل التالي.

في الختام:

ثق بنفسك في عملية التبسيط هذه، فأنت لست مفطوراً على التعقيد والإرهاق، وأفكارك السلبية ليست صحيحة؛ لكنَّها حقيقية في عقلك ويساعدك دحضها على التغلب على تلك المعتقدات المُدمِّرة التي تسكن في أعماق عقلك.

سوف تعثر على جوهرك في هذه الرحلة، إنَّ فطرتك هي السلام والبساطة والحب، وقد تكون بعيداً عن هذه الحالة في الوقت الراهن؛ لكنَّك تعود إلى المكان الذي تنتمي إليه حقاً؛ لذا استمر في طرح الأسئلة الصحيحة، وستظهر إجاباتها الصحيحة تدريجياً، يتعلق الأمر برمته بتبسيط حياتك بدءاً من الأفكار فكرةً تلو فكرة.

الآن دورك:

أيُّ استراتيجية من "استراتيجيات البساطة" التي نوقشت أعلاه راقت أكثر لك؟ ما هي الأشياء الأخرى التي تساعدك على تبسيط أفكارك، وإيجاد راحة البال في الأوقات العصيبة؟




مقالات مرتبطة