5 طرق تساعدك على التوقف عن التذمر

ربما لا تعرف فداحة التذمُّر الدائم؛ وذلك ليس لأنَّه يمنعك من التقدُّم أو يجعلك عاجزاً عن حل المشكلات فحسب؛ بل نتيجة آثاره التي تنعكس عليك سلباً.



يتذمَّر الناس العاديون من 15 إلى 20 مرة في اليوم، ناهيك عمَّن لا يكفُّون عن التذمُّر أبداً ويجهلون أنَّ هذا الموقف لن يغيِّر من الأمر شيئاً، قد يكون التذمُّر مُسلِّياً، لكنَّه لا يغيِّر من الموقف شيئاً.

تقول كريستين لويكي (Christine Lewicki)، الكوتش والمتحدِّثة ومؤلِّفة كتاب "توقفوا عن التذمُّر!" (Stop grumbling!) إنَّ التذمُّر يجب ألا يكون رد فعل الناس الوحيد عند مواجهة المشكلات؛ بل يجب اتِّباع استراتيجيات أخرى للتعبير عما يرونه خاطئاً من وجهة نظر بنَّاءة.

عواقب كثرة التذمُّر:

للتذمر آثار سلبية متعددة منها:

  • تدهور العلاقات: يؤثِّر التذمُّر في الخلايا العصبية المرآتية في الدماغ، ومن ثم تؤثر سلباً في كل مَن حولك؛ حيث تنتقل هذه الروابط العصبية - التي تُعَدُّ مصدر التعاطف - من شخصٍ لآخر، وبهذه الطريقة ينتشر التذمُّر، ويؤثر تأثيراً مباشراً في البيئة المحيطة.
  • الإدمان: يعتقد الناس غالباً أنَّ التذمُّر ينفِّس عما بداخلهم؛ لكنَّهم يجهلون أنَّه يولِّد نمطاً من الاتكالية والإنهاك وعدم الارتياح؛ لذا إن كنت كثير التذمُّر، فحاول تجنُّب هذه العادة بالامتناع عن ممارستها، ثمَّة أيضاً استراتيجياتٌ أخرى للتوقُّف عن التذمُّر سنأتي على ذكرِها لاحقاً. تُعزَّز السلوكات في الدماغ عن طريق الممارسة، ولكي تكون قادراً على التحكُّم بدوافع التذمُّر، عليك أن تقاوم إغراء الوقوع فيه، ومن جهة ثانية، لا يجلب لك التذمُّر إلا مزيداً من التذمُّر، وبهذا تسير في دوامةٍ من التذمُّر لا نهاية لها، فإن لم تسِر الأمور لمصلحتك خفِّف التذمُّر، ولا تُكثِر الكلام، وابحث عن حلول.
  • إلحاق الضرر بالذهن: : في تحقيق أجرته جامعة ستانفورد (Stanford University) في الولايات المتحدة، تبيَّن أنَّ التذمُّر يقلِّص حجم الحُصين في الدماغ، وهي منطقة مفيدة مسؤولة عن التفكير والمساعدة على حل المشكلات، فإن كنت قد عوَّدت ذهنك على التذمُّر، فهذا لن يعود عليك إلا بمزيد من السلبية، فتجد نفسك عالقاً في المسار نفسه من التذمُّر، مما يُسبِّب ضمور الحُصين، وبمرور الوقت يتوقف عن إعطائك نتائج مختلفة تكون بدائل وحلولاً لمشكلاتك.
  • إفساد الأشياء الجميلة في الحياة: إنَّ استمرارك في رؤية النصف الفارغ من الكوب يجعلك لا تقدِّر الأمور الإيجابية الموجودة دائماً؛ وذلك لأنَّك درَّبت ذهنك على جعل التذمُّر ردة فعله الأولى، وبهذه الطريقة، تصبح رؤيتك سوداوية دائماً كغشاوة على عينيك تمنعك من الاستمتاع بما حولك.
  • يجعلك شخصاً نِكداً ويؤذي صحتك: إضافة إلى ارتباط التذمُّر بكل شيء، يعزز التذمُّر إفراز الكورتيزول (cortisol) المسمَّى بهرمون التوتر، فيضعُف جهاز مناعتك، مما يجعلك عرضة للإصابة بأمراض القلب والجهاز الهضمي والسكري وارتفاع نسبة الكوليسترول في الدم.

تذكَّر أنَّ الهدف ليس التخلُّص من التذمُّر تماماً؛ حيث إنَّ التذمُّر المعتدل الذي يوُجَّه توجيهاً صحيحاً ضروري ومفيد لإيجاد الحلول، والهدف الرئيس هنا هو عدم جعلِ التذمُّر آلية تلقائية للتواصل.

إقرأ أيضاً: 13 علامة تشير إلى أنك تضيع حياتك ولكنك لا تستطيع الاعتراف بذلك

5 نصائح للتوقُّف عن التذمُّر:

1. ركِّز دائماً في إيجاد الحلول:

طالما أنَّك عوَّدت ذهنك على التذمُّر، ستستطيع تدريبه على عدم التذمُّر؛ حيث إنَّ ميل الأشخاص إلى التذمُّر الدائم سيقودهم مع مرور الوقت إلى أفكار كارثية أو مُروِّعة، فيوجد ضرر كبير حتى في التعبير عن التذمُّر ولو بكلماتٍ بسيطة؛ وذلك لأنَّ هذه العملية تتضمَّن الحُكم على المسائل ووضع افتراضاتٍ حولها ومعايير للتمييز بينها، وإذا أضفنا إلى ذلك نبرة الصوت وتقُّلب العواطف بدرجاتٍ مختلفة، سنرى التذمُّر الصرف بأوضح أشكاله.

إن أردت تغيير وجهة نظرك حول موضوع ما فابدأ بالتركيز على الحل، ستستطيع من خلال تدريب الذهن كبح الرغبة في التذمُّر، وبمجرد أن تعتاد آلية حل المشكلات، ستقلل من التذمُّر.

2. ابتكر سيناريوهات بديلة:

يساعد تحديد سبب التذمُّر الأشخاص الذين يجدون صعوبة في التركيز فوراً على إيجاد حل على إيجاد سلوكات بديلة في أذهانهم؛ مما يعني أنَّه عند معرفة حجم وعواقب التذمُّر الحاصل، يجب أن تشرع في البحث عن طرائق أخرى لاستبدال سلوك التذمُّر.

جرِّب أن تسأل نفسك عن الأمور التي تتذمَّر بشأنها وسبب هذا التذمُّر والبدائل المتوفِّرة لديك والفائدة التي قد تكسبها منه وما إن كان سيختلف شعورك إن لم تتذمَّر، فهذه التقنية مفيدة جداً، وبهذه الطريقة سيكون من المنطقي أكثر تغيير سلوكك.

3. عُد إلى الوراء لمعرفة سببِ تذمُّرك:

تقترح هذه التقنية الكفَّ عن أيِّ نوع من التفكير يؤجج التذمُّر، فالخطوة الأولى هي التوقف لبرهة، ويمكن أن تساعدك تقنية ستوب (STOP) التي ابتكرها الكوتش تيم غالوي (Tim Gallwey) على الكفِّ عن التذمُّر، وهي اختصار جَمَعَ الأحرف الأُولى من الكلمات التالية باللغة الإنكليزية:

  • (S = Stop): كفَّ.
  • (T = Think): فكِّر.
  • (O = Observe): راقِب.
  • (P = Proceed / Act): تابِع/ تصرَّف.

بمجرد توقف الميل إلى التذمُّر، تحقَّق مما سيحدث إذا لم تكن الأمور كما تعتقد أو تتخيل، فهذه هي تقنية الحجة المضادة داخل التصوُّر الذهني لديك؛ حيث يمكنك التحقق مما سيحدث عندما تتصرف على نحو مختلف، فعندما نتعمَّق في تحليل الموقف، سيقل الميل إلى التذمُّر، ومن خلال ممارسة هذه التقنية ممارسةً مستمرةً، من الممكن تقليل سلوك التذمُّر والتخلص منه أيضاً.

4. اسأل نفسك "ما الفائدة التي أجنيها عندما أتذمَّر؟":

يبذل الناس قصارى جهدهم لتحقيق الربح؛ حتى الأشياء التي قد تبدو غير مفيدة يمكن أن تكون مفيدة؛ ولهذا السبب يجب عليك أن تستثمر الأمور لصالحك.

يتعلَّق هذا التمرين بالوعي الذاتي وتغيير السلوك الضار إلى سلوك آخر يقدِّم لك وجهات نظر مختلفة تركز على تعزيز التغييرات أو إيجاد الحلول.

للتمرين عليه عليك أن تجلب دفتر ملاحظات وقلماً، ثم تبدأ بسؤال نفسك بصراحة عما تكسبه عندما تتذمَّر، وبعدها تُعِدُّ قائمة شاملة تتضمَّن كل تفاصيل التذمُّر التي يتردد صداها في ذهنك أو تقولها بصوت مسموع، ويمكنك التعمق بالعملية قدر ما تريد.

الآن ضع هذه القائمة جانباً لمدة ساعة على الأقل، ثم عُد إلى قراءتها لترى ما إذا كانت دوافع التذمُّر ما زالت صحيحة.

إقرأ أيضاً: كيف تتعلم التخلي عمَّا لا يمكنك التحكم به؟

5. تقبَّل ما لا يمكنك تعديله، وغيِّر ما باستطاعتك تغييره:

يقول الفيلسوف الكولومبي جيراردو شميدلينج (Gerardo Schmedling): "كل ما لا نقبله هو أساس المعاناة"؛ لذا من الضروري الاعتياد على القبول غير المشروط في المواقف التي لا يمكننا تغييرها والإجراءات الإيجابية التي لا نكون قادرين على تنفيذها.

القبول لا يعني الموافقة على الوقائع أو تبريرها؛ بل يكون القبول هو الحل الصحيح عندما تخرج هذه الوقائع عن إرادتك وسيطرتك كلياً، وفي حال لم تفعل ذلك وجعلتَها سبباً لتذمُّرك الدائم، فستكون كطفل يحمل سكيناً بيده لأذية الآخرين؛ لكنَّه في الحقيقة لن يؤذي إلا نفسه.

تذكَّر أنَّه في أيِّ ظرف من الظروف، نحن من نختار الموقف الذي سنواجه به الأمور؛ ويعني الكفُّ عن التذمُّر تغييراً جذرياً في هذا الجانب، لتستطيع التمتع بحياة فيها أقل عدد من الصراعات، وتصبح أكثر انسجاماً، وتكون شخصاً يمنح وجوده القيمة لنفسه وللمحيط الذي يعيش فيه.

المصدر




مقالات مرتبطة