5 خطوات لتحفيز نفسك ودعمها من خلال الحديث الذاتي

قليلةٌ هي الأمور التي تُعَدُّ أهم من أن تحيط نفسك بأشخاص يساندونك عندما تمر بأوقاتٍ صعبة، أو يشجعونك في نجاحاتك، وقد يساعدك هؤلاء المحفزون على النهوض والاستمرار عندما تفشل مشيرين إلى كلِّ الأشياء العظيمة التي أنجزتها عندما لم تكن تعتقد أنَّك تستطيع إنجازها، كما يساعدونك على الحفاظ على وجهات نظرك لتحقيق أهدافك، لكن بصرف النظر عن كمِّ المحفزين المحيطين بك في حياتك، ستكون وحيداً في مرحلةٍ ما مع أفكارك فقط، فماذا يحدث بعد ذلك؟



كلُّ فشل أو خيبة أمل أو انتكاسة في الحياة لديها القدرة على إحباطك وتدميرك، لكن مع ذلك، لديها القدرة أيضاً على أن تبني منك شخصية أكثر قوة وحكمة وذكاءً من أيِّ وقتٍ مضى؛ فليس ما حدث هو ما يهم؛ بل الطريقة التي تتعامل بها داخلياً مع ما حدث، وعلى وجه التحديد، هي الطريقة التي تتحدث بها مع ذاتك عندما لا يوجد أحد من حولك.

إليك فيما يأتي 5 خطوات لرفع مستوى حديثك الذاتي، ومنح نفسك الدافع والمثابرة التي تحتاجها في أيِّ وقت:

1. الإصغاء إلى أفكارك:

قبل أن تتمكن من تحسين حديثك الذاتي، عليك أولاً معرفة ما يدور حالياً في ذهنك؛ فنحن جميعاً في محادثة مستمرة مع أنفسنا؛ لكنَّ معظم هذه الأحاديث تحدث دون وعي، مثل محتوى مكرر اعتدنا على مناقشته ذاتياً عاماً بعد عام؛ لذا أصغِ إلى أفكارك لفترة من الوقت، ولا تحاول تغيير الحديث تماماً؛ بل دعها تجري بصورة طبيعية؛ فالوعي هو مفتاح أيِّ تغيير ترغب في تحقيقه.

2. التخلص من الأفكار السابقة:

عندما تصغي عن كثب وتميز الأصوات المختلفة، والعبارات، والمعتقدات، حدِّد أصلها؛ إذ ستدرك على الأرجح أنَّ معظم الكلمات أو المشاعر ليست كلماتك أنت؛ لكنَّها تنتمي بدلاً من ذلك إلى والديك أو أصدقائك أو معلميك القدامى أو أعدائك السابقين، فقد استقرت هذه الأصوات في ذهنك دون إذنك (وغالباً دون علمك) وحان الوقت لإخراجها؛ فأنت لست بحاجة إلى الإصغاء دائماً إلى ملاحظات الآخرين القاسية المتعلقة بقدراتك فيما تستطيع تحقيقه، كما أنَّك لست بحاجة إلى أن تتأثر في مخاوف أسرتك وتسمح لها بإعاقتك.

لقد حان دورك الآن؛ إذ إنَّك لا تمثِّل الماضي، ولست فرداً من مجموعة متشابهة من الأشخاص تحمل الأفكار والمخاوف والشكوك نفسها، أنت شخص فريد بقدراته وأهدافه وأحلامه؛ لذا تمسَّك برحلتك الفردية هذه.

شاهد بالفيديو: 9 طرق لممارسة التحدث الإيجابي إلى الذات من أجل تحقيق النجاح

3. التعامل بودٍّ مع عواطفك:

في أثناء إصغائك إلى عواطفك، ستميز ثرثرتها المستمرة، وستدرك الأصوات المختلفة للخوف أو الغضب أو الغيرة أو عدم اليقين أو غيرها من المشاعر الكامنة؛ فليس من السهل دائماً قبول أنَّ كلَّ هذه العواطف تخصنا؛ لكنَّها هي ما يحدد شكل شخصياتنا بوصفنا بشراً، فإذا وُجِهَت توجيهاً صحيحاً، يمكنها أداء دورها الحقيقي في نقل الشعور، ممَّا يساعدنا على أن نصبح أكثر قوةً وذكاءً، وحتى أنَّها توضح لنا الطريق إلى الأمام.

إليك فيما يأتي بعض الأمثلة عن كيفية بدء الحوار مع عواطفك:

1. الخوف:

"أُدركُ قلقك وتخوفك، لكنَّ هذا الشعور جيد لكي ننمو ونستمر؛ لذا علينا التشبث والاستعداد للانطلاق".

2. الغيرة:

"أشكرك أيتها الغيرة على إظهار أكثر الأشياء التي أريدها وأرغب فيها؛ والآن سأسعى وراء تحقيقها".

3. الذنب:

"أعلم أنَّ الحديث الأخير بيننا لم ينل رضاك، ولم يكن كما كنت تأمل؛ لكنَّنا أفضل وأكثر استعداداً هذه المرة".

4. الخجل:

"كلُّ رفض هو تذكير بوجود فرصة للنجاح مع الاستمرار في المحاولة".

يقول الممثل الكندي ديفيد جيمس (David James): "كن حذراً في حديثك الذاتي؛ فهو بمنزلة محادثة مع الكون".

4. التحدث إلى نفسك وكأنَّك تتحدث إلى الآخرين:

ما هو رد فعلك الأول عندما ترسل بريداً إلكترونياً؛ لكنَّك تدرك بسرعة أنَّك نسيت الملفات المرفقة؟ هل تلوم نفسك بشدة بسبب ذلك أو تضحك وتصلح الخطأ وتتابع عملك؟ إضافة إلى ذلك، ما هي المدة التي تقضيها في إعادة أو تكرار الأخطاء أو العثرات في عقلك؟

من المحتمل أنَّك أكثر قسوة وصعوبة على نفسك ممَّا لو كنت على أيِّ شخصٍ آخر، لاحظ الفرق بين الطريقة التي تتحدث بها مع نفسك عندما ترتكب خطأً، وكيف تتحدث مع الآخرين لارتكابهم أخطاء مماثلة، وبعد ذلك، ضع في حسبانك ما قد تقوله لشخص آخر في الموقف نفسه، وكيف يمكنك رفع معنوياته، وماذا قد تقول لتشجيعه على إعادة التركيز، ثم اعمل على تقديم النصائح الحكيمة نفسها - المغلفة باللطف والصبر والتفهم - لنفسك.

إقرأ أيضاً: كيف تستخدم قوة كلماتك بحكمة؟

5. التحدث إلى نفسك بصيغة الغائب:

بعد أن قمت بتصفية ذهنك من الأفكار جميعها وأصبحت أكثر لطفاً تجاه نفسك، فقد حان الوقت للتحدث، ولكن كيف ذلك؟

نتحدث معظمنا مع أنفسنا باستخدام ضمير المتكلم، لكن تُظهر دراسة أُجريت عن الحديث الذاتي أنَّه من الأفضل استخدام ضمير الغائب بدلاً من ذلك، ووفقاً لهذه الدراسة، عندما نستخدم ضمير المتكلم، يصبح الحديث أكثر سلبية على الرَّغم من محاولاتنا لمنع حدوث ذلك؛ كأن تقول لنفسك على سبيل المثال: "لا أعرف ما إذا كان بإمكاني فعل ذلك"، لكن عندما تتحدث مع نفسك باستخدام صيغة الغائب، يبدو الأمر أكثر إيجابية بطبيعة الحال، كأن تقول: "لقد فعلتَ هذا آلاف المرات من قبل، وأنت متمكن منه جيداً الآن".

إقرأ أيضاً: الحديث السلبي مع الذات وطرق التخلص منه

في الختام:

نحتاج جميعاً إلى إحاطة أنفسِنا بأشخاص يمكنهم تشجيعنا وإعادة بناء ثقتنا بأنفسنا عندما نكون مُحبَطين، لكن أهم شخص يستطيع فعل ذلك هو أنت، ولتعزيز مستوى حديثك مع ذاتك ابدأ في الإصغاء إلى أفكارك، وأزل أيَّة أفكار قديمة، وتعامل بودٍّ مع عواطفك، وتحدَّث إلى نفسك كما تفعل مع أيِّ شخص آخر - محاولاً استخدام ضمير الغائب - فقد تكون هذه الخطوات الصغيرة هي كلُّ ما تحتاج إليه لجعل الحديث الذاتي يتصدَّر قائمة المُحفِّزات الخاصة بك.




مقالات مرتبطة