5 حيل لتنمية المواهب وزيادة أداء الموظفين (الجزء الثاني)

تحدَّثنا في الجزء الأول من هذا المقال عن 3 طرائق لتنمية المواهب وتعزيز أداء الموظفين، وسنكمل في هذا الجزء ونتحدَّث عن طريقتين ثانيتين، فتابعوا معنا السطور القادمة:



1. استثمار قوة التفكير الجماعي:

هل يعمل فريقك بوصفه مجموعة واحدة أم مجموعة أفراد؟

تبرهن إحدى ألعاب بناء الفريق التي تشمل التظاهر بأنَّ أعضاء الفريق تائهون على جزيرة مواردها محدودة أنَّ نتائج التفكير الجماعي أفضل دائماً من التفكير الفردي، فعندما يُطلب من المشاركين ترتيب العناصر حسب أهميتها للبقاء على قيد الحياة، يكون ترتيب الفريق حين يفكرون معاً دائماً أفضل من ترتيب كل فرد.

توجد قوة هائلة تتولَّد عندما يجتمع الناس ويعملون سويَّةً، لكن لكي يحدث هذا يجب أن تسأل نفسك: هل أعزِّز أنا أو ثقافة الشركة أسلوب التفكير الفردي عوضاً عن أسلوب التفكير الجماعي؟ هل تشجِّع أنظمة المكافآت والحوافز التي تستخدمها الشركة أسلوب التفكير الفردي أم الجماعي؟ أي نوع من القادة أنت، هل تشجِّع العمل الفردي أم الجماعي؟

إليك حيلة بسيطة لتنمية المواهب لتعزيز عقلية المجموعة، اطلب من الفريق التفكير في جميع العقبات التي تمنعهم من أن يكونوا القسم الأفضل أداءً في الشركة، وإذا كانوا بالفعل الفريق الأفضل أداءً، فاجعلهم يفكِّرون في كيفية تحسين أدائهم الحالي.

اكتب قائمة من العناصر ورتِّبها حسب الأولوية، بحيث يكون أولها هو العائق الأكبر، واطلب من الفريق التفكير في كيفية التغلب عليه، يجب أن يكون الحل شيئاً يمكنهم فعله معاً وليس شيئاً يجب على شخص آخر تغييره أو فعله، ويُسمح بالحلول التي تتطلب التأثير في أشخاص أو مجموعات أخرى بشرط أن يطوِّروا الاستراتيجية لفعل ذلك وينفذوها معاً.

خلال كل هذا راقب تفاعلات المجموعة لمعرفة من هم الأشخاص الذين يمتازون بالصفات القيادية والذين يجيدون التأثير في الآخرين، ومن هم الماهرون في وضع الاستراتيجيات والذين يجيدون التواصل بوضوح، وعندما تلاحظ أنَّ بعضهم يتمتَّعون بمهارات استثنائية، اجعل هؤلاء الأفراد يشاركون استراتيجيتهم للنجاح مع أعضاء الفريق الآخرين، ويمكنك أيضاً توسيع هذا النشاط ليشمل الفرق الأخرى في الشركة.

بصرف النظر عن حقيقة أنَّ التفكير الجماعي يتفوَّق دائماً على التفكير الفردي، هذا النشاط مفيد لأنَّ الموظفين لا يعارضون الحلول التي يقترحونها بأنفسهم، فإذا توصَّل أعضاء الفريق إلى الحل سيبادرون بأنفسهم لتحقيق النجاح؛ لأنَّهم يعدُّون أنفسهم جميعاً مسؤولين عنه، في حين إذا أخبرتهم بصفتك مديراً بما يجب عليهم فعله، سيكون تحقيق النجاح مسؤوليتك وحدك.

2. مفهوم الخلايا العصبية المرآتية:

يوجد في مجال علم الأعصاب مفهوم يسمَّى الخلايا العصبية المرآتية، التي اكتشفتها لأول مرة في عام 1995 بالصدفة مجموعة من الباحثين في إيطاليا بقيادة عالم الفيزيولوجيا العصبية "جياكومو ريزولاتي" (Giacomo Rizzolatti)، في أثناء مراقبتهم النشاط العصبي في أدمغة القرود عند قيامها بحركات معينة.

إذ قلَّدَ ذات يوم باحثٌ حركة أحد القردة عن غير قصد، وحينها وجدوا أنَّه حين رأى القرد الباحث يقلِّده كان لديه نشاط عصبي في دماغ القرد مماثل للنشاط الذي يولِّده قيام القرد بالحركة نفسها.

تنتج الخلايا العصبية المرآتية محاكاة تلقائية، وتنشئ حالة مماثلة في دماغ المراقب لحالة الشخص الذي يؤدي الفعل، ومن ثمَّ فإنَّ تفكير وأفعال شخص ما تؤثر مباشرة في تفكير وأفعال شخص آخر.

شاهد: 10 طرق لزيادة الإنتاجية في العمل

قابلية انتقال العاطفة من شخص إلى آخر:

اكتشفت الأبحاث أنَّ رؤية شخص ما لشخص آخر تعبِّر عن مشاعر محددة؛ إذ ينشط في دماغ المراقب مناطق الدماغ نفسها المرتبطة بتلك المشاعر، وهذا يعني أنَّ المشاعر قابلة للانتقال.

استنشق المتطوعون في إحدى الراسات رائحة مثيرة للاشمئزاز، وشاهدوا لاحقاً مقطع فيديو لشخص آخر يشمُّ شيئاً ما ويعبِّر عن اشمئزازه، ولاحظ الباحثون أنَّه كان لدى المتطوعون في كلتا الحالتين نشاطاً عصبياً في منطقة الدماغ المرتبطة بمشاعر الاشمئزاز.

تؤدي رؤية تعابير الغضب أو الفرح على وجوه الآخرين إلى إثارة الخلايا العصبية المرآتية لأفكار ومشاعر مماثلة فينا، فإذا تذكَّرت الموقف الذي كنت فيه مع شخص سعيد، ستدرك أنَّك كنت تشعر بالسعادة أيضاً، وإذا كنت بصحبة شخص مصاب بالاكتئاب، فقد شعرت بالاكتئاب.

يستخدم منتجو أفلام الرعب هذا المفهوم؛ لأنَّهم يعلمون أنَّ رؤية شخص آخر يبدو خائفاً يُشعِرك بالخوف أيضاً؛ أي تساعد الخلايا العصبية المرآتية صانعي الأفلام على إثارة المشاعر التي يريدونها في جمهورهم.

قدرة القادة على تغيير طريقة تفكير الناس:

تسلِّط الخلايا العصبية المرآتية الضوء على مدى سهولة تأثرنا في تفكير وعواطف الآخرين، ومن هذا المنطلق تمنحك أيضاً بصفتك قائداً القدرة على تغيير طريقة تفكير الناس؛ إذ كان التكتيك الرئيس المستخدم في التدريب على طريقة التفكير الذي ضاعف المبيعات والتزكيات ثلاث مرات هو الخلايا العصبية المرآتية، للحصول على هذه النتائج باستمرار.

لقد أخبر الكوتش المشاركين عن النتائج الرائعة التي سيحققونها في المبيعات بعد انتهاء التدريب، في البداية اعترض المشاركون، وعدُّوا ما يقوله سخيفاً، ثمَّ في منتصف البرنامج، توقفوا عن الجدل وتحمَّسوا لاحتمالات ما يمكنهم إنجازه.

في النشاط الأخير من البرنامج، طلب من المشاركين إكمال مهمة مستحيلة، لكنَّ المشاركين لم يعرفوا أنَّها مستحيلة، ومع ذلك أكملت كل مجموعة النشاط بنجاح؛ لأنَّهم اعتقدوا أنَّهم يستطيعون ذلك، ومن المثير للاهتمام أنَّ كل مجموعة قدمت حلاً مختلفاً.

الدليل على أنَّ مفهوم الخلايا العصبية المرآتية وليس التدريب نفسه هو الذي أدى إلى النتائج، هو أنَّ مستشار توثيق التدريب لم يتمكَّن من توثيق كيفية إجراء التدريب؛ إذ لم يبدُ أنَّه يوجد أي منطق أو سبب لنجاح تلك الاستراتيجيات.

في مثال آخر، عندما عُرِّف معلمو المدارس الابتدائية إلى مفهوم الخلايا العصبية المرآتية، قامت إحدى المعلمات بتدريس فصل من المعاقين ذهنياً؛ أي الطلاب الذين تقل نسبة ذكائهم عن 75، فتفوَّق طلابها على طلاب مجموعة التحكم في الرياضيات والهجاء، كما لاحظ المعلمون الآخرون في المجموعة التجريبية تحسُّناً ملحوظاً في درجات الطلاب وسلوكاتهم مقارنة بمجموعة التحكم.

إقرأ أيضاً: أسباب انخفاض إنتاجية الموظفين وطرق زيادتها

قدرة القادة على استثمار قوة الخلايا العصبية المرآتية:

يمكنك بصفتك قائداً استثمار قوة الخلايا العصبية المرآتية من خلال امتلاك رؤية لما تريد أن يحقِّقه موظفوك، فالحيلة هي الاستمرار في التركيز على رؤيتك وليس على الوضع الحالي.

في التدريب على المبيعات، لو اقتنع الكوتش بالمعتقدات المُقيِّدة للمشاركين خلال الفترة الأولى لما حقَّقوا النتائج التي حقَّقوها، عوضاً عن ذلك حافظ على تركيزه وتجاهل كل اعتراضاتهم وشكاويهم.

تذكَّر دائماً أن تؤثر في موظفيك بدلاً من التأثر فيهم، وهذا يتطلَّب تدريباً وتركيزاً، لكنَّ نتائجه ستغيِّر حياتك.

إقرأ أيضاً: التفكير الجماعي: فوائده وسلبياته

في الختام:

توجد خمس حيل لتطوير المواهب لتحسين أداء موظفيك وتحسين معدلات الاحتفاظ بهم وتقليل التوتر؛ إذ تبدأ الرحلة بخطوة صغيرة واحدة، ونقطة البداية هي قبول أنَّك بصفتك قائداً تستطيع قيادة الموظفين وتوجيههم للتفكير بطرائق مختلفة، حتى تنفيذ واحدة فقط من حيل تطوير المواهب سيكون له تأثير كبير فيك وفي أداء فريقك.




مقالات مرتبطة