5 أساليب تساعد القادة على الظهور بمظهر مميز

نحن نعيش في عالمٍ يؤمن الناس فيه بالعلم والمنطق، ونودُّ دائماً أن نعرف السبب وراء كل شيء يحدث، فعندما تبدو الأمور وكأنَّها حدثَت عن طريق الصدفة، نحن نحتاج إلى معرفة التفسير المنطقي لها، ومع ذلك، تحدث معنا العديد من الأمور التي لا يمكن تفسيرها يومياً؛ كأن تتمكَّن من صعود القطار في آخر لحظة والوصول في الوقت المناسب إلى اجتماع هام، أو الدخول في مصعد في الوقت نفسه مع مديرك المستقبلي.



هل كان كل ذلك صدفةً؟ أم سحراً؟ أم ببساطة كان التوقيت المناسب؟ قد تبدو فكرة السحر خيالية أو طفولية، ولكن يبدو أنَّ القضية أقرب إلى سحر أكثر من خفة اليد والخيال.

إذا توقفنا عن محاولة التحليل كثيراً، والملاحظة أكثر، والإيمان بالأمور التي لا يمكننا التحكم بها، فسوف تظهر الأنماط والفرص التي يمكننا أن نكون أكثر استعداداً للاستفادة منها، وقد نجد بعض المرح في هذه العملية.

تُظهِر الأبحاث في "جامعة كاليفورنيا في بيركلي" (UC Berkeley)، و"جامعة كاليفورنيا في إيرفاين" (UC Irvine)، أنَّ شعور الذهول يحفز المشاعر والسلوكات الاجتماعية، فعندما نواجه أمراً هاماً ويهدف إلى التغيير، فإنَّنا ندرك عموماً ضآلة تأثيرنا.

يجب أن نسعى إلى تهدئة عقولنا المضطربة وإبطاء معدل ضربات القلب لدينا لاستيعاب المعلومات الضخمة التي نتلقاها كل يوم؛ لذا تُفرِّق البروفيسورة "ميشيل شيوتا" (Michelle Shiota) في "جامعة ولاية أريزونا" (ASU) بين شعور الذهول والمشاعر الأخرى، مثل الحماسة، الذي يتيح لنا أن نكون فضوليين ومنفتحين على ما هو موجود من حولنا، بدلاً من أن يكون مطابقاً لما نتوقع وجوده.

يمكن أن يكون شعور الذهول أمراً مُحيراً، فنحن ندرك ذلك الشعور عندما نحصل عليه، فكلما وُجِد الذهول أكثر، أصبحنا أكثر انفتاحاً على الطرائق التي تساعد على التأثير فينا بصفتنا قادة في منظماتنا ومجتمعاتنا، فهو يمنحنا القدرة على تعزيز ثقافات الشركات وبيئاتها التي ستغير المجتمعات تغييراً إيجابياً، ولم يعد القادة المذهلون يضعون أنفسهم موضع اهتمام فحسب؛ وإنَّما يشجعون على وجود نظام بيئي تزدهر فيه الأفكار والابتكار والأفراد.

يُعتقَد أنَّ السبب وراء عدم رؤيتنا للأمور المدهشة، هو أنَّنا لا نوليها اهتماماً ولا نبحث عنها، وثمَّة سحرٌ من نوعٍ خاص يحيط بنا ويدخل في أنماط حياتنا والأمور الصغيرة التي تجعل كل شيء يبدو وكأنَّه مصادفة، ولكنَّ الانتباه قد يكون الحل لكشف الأسرار.

عندما نفكر كيف يمكن أن تؤثر أفكارنا ومشاعرنا وعواطفنا في حياتنا، فإنَّنا نصبح أقل تفكيراً في أنفسنا، وأكثر انفتاحاً على الأنماط والإمكانات من حولنا، ومن خلال الوعي الاجتماعي والوعي بالعلاقات، يمكننا إدراك الأمور التي نراها والتي لا نراها بالعين المجردة، ولتعزيز قدرتنا على القيام بذلك، سنلقي نظرة على بعض الأساليب التي تساعد القادة على إدراك ما يدور حولهم والظهور بمظهرٍ مميز:

1. التزام الصمت:

إنَّ العجلة والتحدث عن كل شيء لا يسمح لأدمغتنا بالاستيعاب ولآذاننا بالإصغاء ولأعيننا بالرؤية والملاحظة، فنحن نحاول شرح كل شيء بالمنطق والتحليل والنقاش.

إذا راقبتَ الأطفال، ففي الكثير من الأحيان ستلاحظ أنَّهم ينظرون إلى الأمور من حولهم بدهشة وذهول، فهم يريدون أن يفهموا كل شيء، ولكن قبل أن يبدؤوا بالسؤال، يستمتعون بلحظات الدهشة تلك، ففي تلك اللحظة، يكونون هادئين ثم يبدؤون بطرح الأسئلة، وربما يجب أن نتعلم منهم، وأن نكتفي بالهدوء والتزام الصمت ومراقبة الصدف الصغيرة والكبيرة بذهول.

2. التوقف عن التفكير وإطلاق العنان للخيال:

حتى لو وُجِدَت تفسيرات منطقية محتملة لأيِّ أمرٍ تقريباً، فإنَّ الشعور بالدهشة يمكن أن يرفع الروح المعنوية ويعيدنا إلى الفرح الذي يشعر به الأطفال؛ إذ إنَّ التوقف عن شرح كل شيء لا يجعلنا أغبياء؛ وإنَّما يذكِّرنا بأنَّ للإيمان دوراً في النفس البشرية لمساعدتنا على البقاء متفائلين تجاه الأمور التي يمكن أن تحدث.

وإذا بقينا ضمن مجال الفعل طوال الوقت، فإنَّنا لا نرى سوى المخاطر والعقبات المحتملة؛ حيث إنَّ السماح لأنفسنا بتخيُّل الاحتمالات - مهما بدت سحريةً وخياليةً - يسمح لنا بالتحرر من القيود ويمنحنا القدرة على الإبداع والاستكشاف.

إقرأ أيضاً: 6 طرق فعّالة لتنمية خيالك بشكل صحيح

3. البحث عن أنماط:

بمجرد أن نبدأ بالإصغاء جيداً، يمكننا البدء بتمييز أنماط الأمور التي تحدث من حولنا، على سبيل المثال: قد يحدث معك كل شيء في الوقت المناسب تماماً، بدلاً من أن يكون مجرد ظاهرة لسحر لا يمكن تفسيره، فقد يكون نمط سلوكك يرتقي إلى مستوى الحدث عندما يحدث في اللحظة الأخيرة؛ لذا فكِّر في الأنماط الإيجابية والسلبية في حياتك وعملك، وما الذي يمكنك تعلُّمه منها.

4. الحفاظ على الغموض:

نظراً لأنَّ السحرة يحتفظون ببعض الأسرار، فمن غير المناسب أن يعرف الجميع كلَّ سر؛ لأنَّه بهذه الحالة لن يكون للسحرة أي عمل؛ لذلك يمكننا أيضاً الاحتفاظ ببعض الغموض تجاه الأمور التي تجعلنا لا نُقدَّر بثمن لدى أيِّ فريق أو منظمة.

المصداقية هي الحل، ولكن لا يجب عليك إخبار الآخرين كل شيء عنك، فقد يندهش الناس من الطريقة التي تتذكر بها أعياد ميلادهم، ويعتقدون أنَّ ذلك مثل السحر، ولكنَّ سرك الصغير الذي لا يصعب توقعه هو أنَّك تحتفظ بتواريخ أعياد الميلاد في التقويم لديك، وقد يندهش الناس من طريقة تواصلك مع فريقك، وهم لا يعرفون أنَّك اكتشفتَ على الأقل ثلاثة أمور ذات مغزى لكل شخص، وتحرص على التواصل بصدق مع كل شخص بشأن أحد هذه الأمور.

إقرأ أيضاً: تعويذة القيادة: المصداقية

5. الممارسة:

يتدرب القادة العظماء مثل السحرة العظماء، فالممارسة هي التي تجعل الأمور تبدو سهلةً، فعندما ترى شخصاً لديه لمسة سحرية عند تقديم العروض التقديمية، فهذا الأمر تطلَّب منه الكثير من الممارسة، فالممارسة تجعل الأمور تبدو جيدةً.

ولكن بعيداً عن الممارسة، إنَّ الأشخاص الذين يجعلون من الأمور العادية أو الأكثر تحدياً لا تبدو جيدة فحسب؛ وإنَّما مدهشة، هم أشخاص يستمتعون بما حولهم، ويغفرون لأنفسهم عندما يفشلون، ويضحكون ويحبون التعلم، فالممارسة تجعل أيَّ شيء يبدو سحرياً.

أن تكون شخصاً مذهلاً يعني الانتباه إلى الأمور الغامضة المحيطة بنا وداخلنا، كما لاحظ جرَّاح الأعصاب ومدير مركز التعليم البحثي في مجال التعاطف والإيثار "جيم دوتي" (Jim Doty)، أنَّ الدماغ والقلب يحتاجان إلى بعضهما، ويساعداننا على البقاء منفتحين وفضوليين ومستعدين لمعرفة كل الأمور التي لا يمكن تفسيرها.

المصدر




مقالات مرتبطة