4 عناصر رئيسية من أجل إدارة أمثل للمحافظ الاستثمارية

تُعدُّ إدارة الصَّناديق والمحافظ الاستثمارية، والإدارة النَّشطة والإدارة السَّلبية، من الأمور المألوفة بالنِّسبة إلى من يعملون في مجال الاستثمار. ولعلَّ كلمة "إدارة" هي أولى العوامل المشتركة بين تلك المصطلحات جميعاً. لكن ماذا تعني كلمة "الإدارة" بمعناها العام؟ وما هي أهميتها في قطاع الاستثمار؟



يقول جون شيرمرهورن في كتابه (الإدارة - Management): "تُعرَّف الإدارة على أنَّها عملية تخطيط وتنظيم وقيادة وسيطرة على استخدام الموارد بغيةَ تحقيق الأهداف".

يُعَدُّ تقسيم هذه العملية إلى العناصر الأربعة الرئيسة أعلاه، مدخلاً إلى فهم النتائج المترتبة على إدارة الأموال. إذ يجب أن تشتمل أي عملية استثمارية على التخطيط والتنظيم والقيادة والسيطرة -بدرجةٍ معينة- كي يَتمَّ إدارتها. بيد أنَّه يمكن إجراء أيٍّ من هذه العناصر الأربعة إمَّا بصورةٍ جيدة، أو بصورةٍ سيئة؛ وهو ما سيؤثر على عوائد الاستثمار.

الفرق بين إدارة الاستثمار، والإدارة بشكلها العام:

تختلف تعاريف الإدارة في قطاع الاستثمار عن نظيراتها في مجال الإدارة العامة ( General Management). فمثلا؛ تُعرَّف إدارة المحافظ على أنَّها: "فنُّ وعلم اتِّخاذ القرارات المتعلِّقة بالاستثمارات، والسِّياسات المتَّبعة في إدارتها، ومواءمة تلك الاستثمارات مع الأهداف وطرق توزيع أرباح الأصول المالية على الأفراد والمؤسسات، وموازنة المخاطر مقابل الأداء". وهو ما يُعدُّ تعريفاً محدداً وواضحاً للغاية ضمن السِّياق الاستثماري.

إلا أنَّ الأسُسَ الأربعة للإدارة العامة ما تزال ساريةً ضمن هذا السِّياق الاستثماري، وتنعكس بوضوح في تعريف إدارة المحافظ. ومع ذلك، كثيراً ما نجد ميلاً واضحاً عند كل من مديري الاستثمار والمستثمرين، إلى التجاهل والتَّقليل من شأن مبدأ واحد أو أكثر من المبادئ الرئيسة في الإدارة العامة. وهو ما يعدُّ أمراً خطيراً للغاية.

وبالمقارنة مع مرحلتي القيادة والسَّيطرة، تكون مرحلتي التَّخطيط والتنظيم من المجالات الأقل إشكالية بالنِّسبة للمستثمرين في حال تم إغفالها. في حين تكون "السَّيطرة" على وجه الخصوص، نقطة ضعفٍ حقيقية في إدارة الاستثمارات.

إقرأ أيضاً: 10 قواعد عليك اتّباعها إذا كنت ترغب في استثمار أموالك في الأسهم

القيادة والسَّيطرة: مجالات الخطر

إنَّ ما يجعل المستثمرين ضعفاء أمام سوء القيادة والسَّيطرة من قِبَل مديري الاستثمار؛ هو أنَّ المستثمرين غالباً ما يُسَلِّمون أموالهم إلى مديري المحافظ بعد إنجاز مرحلتي التَّخطيط والتنظيم. وهذا هو سبب ميلِ مديري المحافظ الاستثمارية لإهمال مرحلتي القيادة والسَّيطرة. فإن لم تكن هناك أيُّ نيَّةٍ لإدارة الأموال بالمعنى الدقيق للكلمة، وكان المستثمرون على علمٍ مسبق بهذا الأمر -كما في حالة الإدارة السَّلبية للمحافظ- فلا توجد مشكلة. لكن إن ظنَّ النَّاس بأنَّهم يحصلون على إدارة نشطةٍ تحميهم من تقلبات السُّوق، فإنَّ الافتقار إلى إدارة تتَّسم بالكفاءة قد يكون أمراً كارثياً.

وبناءً عليه، قد تُعطي الوعود بالإدارة النَّشطة -والتي تخلق انطباعاً بوجود سيطرةٍ قويَّة وفعالة للحدِّ من الخسائر- مبرراً قانونياً لمنح المستثمرين تعويضات في المحكمة. لذا فإنَّ إلقاء نظرة معمَّقة على الاختلافات الجوهرية بين الإدارة النَّشطة والإدارة السَّلبية للمحافظ الاستثمارية، سيوضح لنا طبيعة المسألة والمشكلة الكامنة فيها.

الإدارة النَّشطة والإدارة السَّلبية للمحافظ الاستثماريَّة:

من الضروري للغاية أن يفهم المستثمرون الفرق بين الإدارة النشطة والإدارة السَّلبية (غير النشطة) للمحافظ الاستثمارية. يعتمد المديرون النشطون على الأبحاث التَّحليلية وحكمهم وخبرتهم في اتخاذ القرارات الاستثمارية التي تتعلق بالأسهم والسَّندات المراد شراؤها وامتلاكها وبيعها ضمن المحفظة الواحدة.

وعلى النقيض، تعني الإدارة السَّلبية أنَّ محفظة الصندوق قد أُعِدَّت لكي تعكِسَ مؤشر السُّوق؛ أي أنَّه من المفترض أن تزيد أو تقل أرباح المحفظة مع ارتفاع أو انخفاض مؤشر سوق الأسهم. ولا توجد أيَّة نية في اختيار الأسهم "الجيدة" وتجنب الأسهم "السيئة".

في قطاع الاستثمار، ما يزال الصندوق المُدارُ بطريقة سلبية يدارُ بشكلٍ مباشر، لكن بطريقةٍ محدودة. إلا أنَّه وبالمعنى العام للإدارة، فإنَّ الاستثمارات المدارة بشكل سلبي لا تُدار فعلياً، ومن المهم لنا أن نفهم ذلك. وبالمثل، فإنَّ أي صندوق أو محفظة استثمارية لا تخضع إلى إعادة موازنة أو إلى أيَّة عملية سيطرة؛ تُعد أيضاً صناديق غير مُدارة، وذلك قياساً على تعريف الإدارة بمفهومها العام.

ونظراً إلى كثرة حالات الفشل في عملية انتقاء الأسهم ضمن الإدارة النَّشطة، فلا بأس باللجوء إلى الإدارة السَّلبية، شريطة ألا تُعطى أيَّة وعودٍ ضمنية تتعلق بالتَّدخل المباشر في إدارة المحفظة الاستثمارية.

إقرأ أيضاً: نموذج محفظة "كراليتش" لإدارة الشراء: تقويم الخطر وزيادة الأرباح

ما الذي يمكن عمله؟

بالنَّظر إلى أنَّ الإدارة النَّشطة ضمن المحفظة الاستثمارية هي أمرٌ مشكوك في فائدته، فإنَّ الصناديق الاستثمارية التي تتم إدارتها إدارةً سلبية تكون أقلَّ تكلفة، وقد تؤدي بمرور الوقت أفضلَ من نظيراتها التي تدار إدارةً نشطة.

بيد أنَّه من الممكن -وسينجح إن أجريَ بالشكل المناسب- القيام بإدارة المحفظة الاستثمارية إدارةً نشطةً من حيث توزيع الأصول وإعادة موازنة الحسابات، وانتقاء أفضل الأدوات للحدِّ من الخسارة.

يتَّفق معظم الخبراء على أنَّه يمكن تحسين أداء المحافظ الاستثمارية من خلال المراقبة والسَّيطرة والضَّبط المناسب لمزيج الفئات المختلفة من الاستثمارات والأصول داخل المحفظة الواحدة. بعبارة أخرى، إنَّ تنويع الأصول والاستثمارات ضمن المحفظة الواحدة من خلال اتِّباع نهج الإدارة النشطة، يعدُّ أمراً ضروريَّاً يستأهل القيام به.

لا يهتم النَّاس كثيراً بالطريقة المتَّبعة في إدارة محافظهم الاستثمارية، بقدر ما يهتمون في الحصول على ما قد وُعِدُوا به. لكنَّهم مع ذلك يرغبون في البقاء على علمٍ بمدى نجاعة الطريقة المتبعة في ذلك.

خلاصة ما سبق:

سواءً أكنتَ راغباً في أن تجرب حظك في إدارة أموالك، أم بالسَّماح لشخص آخر بالقيام بذلك، فإنَّ الأمر يعود إليك. بيد أنَّ ما يحتاجه كل مستثمرٍ ويريده، هو أن تحقق المحفظة ككل أفضلَ عائد ممكن. لذا لا ينبغي تركُ أيٌّ محفظة تنمو بمفردها مثل شجرة سنديان؛ بل عليك تشذيبها بالطَّريقة التي تختارها. لكن احرص على أن تكون راضياً عن النَّتيجة.

المصدر




مقالات مرتبطة