4 خطوات للمضي قدماً بعد المرور بظروف قاسية

لقد واجه المخترِع العظيم "توماس إديسون" (Thomas Edison) محنة قاسية؛ إذ احترق مختبره بالكامل ودُمِّر معه عمل العديد من السنوات، وقد وصفت الصحف الحادثة بأنَّها أسوأ شيء حدث لـ "إديسون"، لكنَّ هذا لم يكن صحيحاً؛ وذلك لأنَّ "إديسون" لم ينظر إليه بهذه الطريقة على الإطلاق، بدلاً من ذلك، اختار أن ينظر إلى ظروفه على أنَّها فرصة حماسية لإعادة بناء ودراسة الكثير من أعماله الحالية.



ورد أنَّ "إديسون" قال بعد فترة وجيزة من الحريق: "الحمد لله أنَّ كل أخطائي احترقت، والآن يمكنني أن أبدأ من جديد"، وهذا بالضبط ما فعله هو وفريقه؛ لذا فكر في ظروف مماثلة مررت بها في حياتك، كم مرة سمعت أنَّها النهاية بينما كانت البداية؟ كم مرة حاول التشاؤم إطفاء شعلة أملك به؟ ربما في مرات أكثر مما تدرك، والحقيقة هي أنَّ "حرائق" الحياة تبطش بنا جميعاً، ونمر جميعاً بظروف تؤثر فينا بعمق، وحينها:

  1. نشعر بالقلق.
  2. نشعر بخيبة أمل.
  3. نشعر بالإرهاق.
  4. نرغب في الاستسلام.
  5. لا نشعر بالرضى الكافي.
  6. نتمنى أن نمتلك مزيداً من الموارد.
  7. نتمنى لو كانت وظائفنا مختلفة.
  8. نتمنى أن تكون حياتنا الشخصية مختلفة.
  9. نظن أنَّ كل شيء في الحياة يجب أن يكون أسهل.

لكنَّ جزءاً كبيراً من معاناتنا موجود فقط في أذهاننا، ونحن نزيد الوضع سوءاً على أنفسنا عندما نضع تخيُّلات عن كيف يجب أن يبدو عليه الواقع كي نكون سعداء؛ لذا هل أنت مستعد للمشي على خطى "إديسون" وعيش حياتك على الرغم من ظروفك؟

إليك 4 خطوات للمضي قدماً بعد المرور بظروف غير متوقعة:

1. ملاحظة القصة في ذهنك ثم التدرب على التخلي عنها:

يمكن أن تكون قد عشت قصة مفجعة في الماضي دون السماح لها بالتحكم بحاضرك، وفي الوقت الحاضر نشعر جميعاً بنوع من الألم، سواء تجلَّت هذه المشاعر غضباً أم حزناً أم إحباطاً أم خيبة أمل أم ندماً أم غيرها.

لذا لاحظ هذا الألم في داخلك وراقبه عن كثب، وافهم أنَّه ناتج عن قصة تدور في رأسك عما حدث في الماضي، سواء في الفترة الأخيرة أم منذ وقت طويل، قد يصر ذهنك على أنَّ سبب الألم الذي تشعر به هو ما حدث وليس القصة التي تدور في ذهنك عن هذا الموضوع، لكنَّ ما حدث في الماضي لا يحدث الآن، فقد انتهى ومررت به وأنت هنا الآن، لكنَّك تشعر بالألم الآن بسبب القصة التي كنت تخبرها لنفسك دون وعي عن تلك الحادثة الماضية.

لاحظ أنَّنا نقول "قصة" وليس "قصة مزيفة"، لكنَّنا لا نقول "قصة حقيقية" أيضاً؛ فليس من الضروري أن تشير كلمة "قصة" حين تقيمها بينك وبين نفسك إلى أنَّها صواب أو خطأ، أو إيجابية أو سلبية، أو أن تحكم بأي شكل؛ لذا افهم أنَّها مجرد عملية تحدث داخل ذهنك:

  1. أنت تتذكر شيئاً حدث.
  2. أنت تنظر إلى نفسك دون وعي على أنَّك ضحية لهذا الحادث.
  3. تتسبب لك ذكرياتك لما حدث بالألم.

لذلك لاحظ القصة التي في ذهنك دون الحكم عليها ودون الحكم على نفسك، فمن الطبيعي أن يكون لديك قصة، وكلنا لدينا قصص، وهكذا يجب أن تنظر إليها، وافهم أنَّها سبب ألمك، ثم ابذل قصارى جهدك لتغيير استجابتك.

ابدأ بالعودة بانتباهك إلى اللحظة الحالية، وركز على ما هو موجود معك الآن، من الضوء والأصوات وجسمك والأرض تحت قدميك والأشياء والأشخاص الذين يتحركون من حولك، لا تحكم على هذه الأشياء أو تفكر كيف ينبغي أن تكون، فقط تقبَّل ما هي عليه؛ وذلك لأنَّه بعد قبولك للواقع، يمكنك تحسينه؛ لذا انظر إلى الحياة كما هي، دون كل المُثُل والتخيلات التي شغلت بها نفسك.

شاهد بالفيديو: 6 طرق لتجاوز عقبات الحياة والتغلب عليها

2. المضي قدماً دون أحكام مؤلمة:

في الآونة الأخيرة، كانت جائحة كورونا من الأسباب الرئيسة لانشغال معظمنا؛ إذ أجبرتنا على العيش في ظروف جديدة قيَّدتنا تماماً ذهنياً وجسدياً، وكل شيء تغير جذرياً بين عشية وضحاها، وهذا جعلنا نحنُّ إلى الماضي، فقد أجَّلنا أو ألغينا كثيراً من الأمور في هذه الفترة، لكن ليس كل شيء، ومن الهام إدراك ذلك الآن.

فلم يتأجل الحب أو يُلغى، ولا الأمل، وبالتأكيد لم يطرأ ذلك على الرعاية الذاتية، ويوجد الآن فرص كثيرة للاستثمار في الأشياء الصغيرة الأكثر أهمية، والمفتاح هو ألا تسمح لصعوبات الحياة بأن تعمي بصيرتك، ففكر في أقسى المواقف التي مررت بها في الماضي، من المحتمل أن يسبب لك ذلك بعض المشاعر غير المريحة، وقد تثير الذكريات المرتبطة بها القلق أو الغضب أو الحزن، وهذا هو المأزق الذي يواجهه معظمنا.

تخيَّل الآن كيف ستشعر إذا استطعت التغلب على هذه المشاعر؛ ويعني ذلك ألا تعاني من شيء لا يمكن السيطرة عليه، وهذا ممكن من دون شك، وفي حين لا يوجد حل واحد يناسب الجميع، لكن تبدأ جميعها بالتخلي عن أحكامك، والحقيقة هي استحالة تجاوز موقف صعب إذا كنت ما تزال تحكم عليه وتفكر فيه وتقارنه بشيء آخر؛ لذا دعنا نعيد النظر في موقف واحد مؤلم من ماضيك، فاختر موقفاً ما يزال يثير فيك المشاعر السلبية، ثم اسأل نفسك:

  1. هل تظن أنَّه ما كان يجب أن يحدث على الإطلاق؟
  2. هل تظن أنَّ النتيجة كان يجب أن تكون مختلفة؟
  3. هل تأخذ ما حدث على محمل شخصي؟
  4. هل تلوم شخصاً آخر على ما حدث؟
  5. هل تلوم نفسك؟
  6. هل تظن أنَّه من المستحيل تجاوز ما حصل؟

إذا أجبت بالإيجاب عن واحد أو أكثر من هذه الأسئلة فإنَّ سبب استمرار معاناتك وما يمنعك من تجاوزها هو الحكم؛ إذ تستمر أحكامك عما "كان يجب أن يحدث" في تأجيل مشاعر الحب والأمل والرعاية الذاتية التي تعرف أنَّك قادر على ممارستها، والآن، ربما تفكر أنَّ ما حدث كان فظيعاً جداً ولا تستطيع أن تتخيل كيف تتخطاه أبداً، لكنَّ التخلي عن حكمك لا يعني أنَّك مسرور بما حدث أو أنَّك تدعمه؛ بل يعني أنَّك تتخلص من العبء السلبي الذي تحمله عند التشبث بالحكم عليه.

عندما تتخلى عن أحكامك السلبية، فإنَّك تتخلى معها عن التفكير في نفسك بصفتك ضحية، وتستبدلها بالقبول والحضور، وهذان معاً سيحرران ذهنك ويدفعانك قدماً، وينطبق هذا المبدأ نفسه على التحديات التي نواجهها حالياً مع جائحة كورونا، خاصة بالنسبة إلى الأشخاص غير المرضى، عندما نفكر بإيجابية أكثر في ظروفنا سنعيش عيشة أفضل على الرغم منها، ولا يوجد سبب للتأجيل.

3. تقبُّل حزنك:

ربما تعرف شخصاً أُصيب بكوفيد-19، أو ربما تكون قد فقدت شخصاً تحبه، فعندما تعمي بصيرتنا الظروف الأليمة يتملكنا الحزن، ويستغرق تخطيه وقتاً، لكنَّ الحزن عملية صحية تسمح لنا بالبدء من جديد بعد نهاية غير متوقعة، وربما سمعت أنَّه ليس من الصحي أن تحزن لفترة طويلة؛ لأنَّ القيام بذلك يعوق الشفاء، لكنَّ هذا غير صحيح، فدموعك ضرورية، وهي التي تساعدك على التقدم ببطء في شفائك وحتى تتعافى لتصبح روحك أقوى وألطف وأكثر حكمة مما كنت عليه من قبل.

سيمنحك الحزن على فقدان الأشخاص الذين تحبهم هبة الوعي؛ الوعي بأنَّ كل واحد منا سيفقد شخصاً أو شيئاً نحبه، وأنَّ هذه الحقيقة لا مفر منها؛ إنَّه من الصعب للغاية فهمها في بعض الأحيان، ولكن يوجد سبب بسيط لكل شيء، ويجب أن نعرف ألم الخسارة لأنَّنا إذا لم نعرفه مطلقاً، فلن نشعر بالتعاطف تجاه الآخرين وسنصبح تدريجياً وحوشاً أنانيين لا تهمنا سوى مصلحتنا الشخصية، ولن نرضى أبداً بما لدينا.

تُعلِّمنا آلام الخسارة الفظيعة التواضع وتبعث الدفء في أقسى القلوب، وتحول شخصاً طيباً إلى شخص أفضل؛ لذا في حين يمكن أن يكون الحزن عبئاً مؤلماً على الأمد القريب، لكنَّه يمكن أن يكون أيضاً نقطة يبدأ منها الشفاء وبداية الطريق للعيش عيشة أفضل على الأمد الطويل.

نعتاد - بصفتنا بشراً - على ثقل الحزن وكيف يُكبِّلنا؛ على سبيل المثال، قد تشعر كل يوم حتى بقية حياتك أنَّك تخسر الشخص الذي توفي، ولا بأس في ذلك لأنَّه يقرِّبك منه، فالحزن لا يختفي؛ بل شيئاً فشيئاً يصبح جزءاً منا، ويمكن أن يصبح جزءاً صحياً.

مع أنَّنا قد لا نتوقف أبداً عن الشعور بالحزن تماماً؛ وذلك ببساطة لأنَّنا لا نتوقف أبداً عن حب الأشخاص الذين فقدناهم، لكن يمكننا الاستفادة من حبنا لهم في الوقت الحاضر؛ إذ يمكننا أن نحبهم ونقتدي بهم بصفتهم مصدر إلهام لنا يومياً.

من خلال القيام بذلك نُحيي ذكراهم بدفء في قلوبنا المكسورة التي لا تلتئم تماماً، ونواصل النمو وتجربة الحياة حتى مع جروحنا؛ فإنَّ الأمر أشبه بكسر في الكاحل الذي لا يشفى تماماً، ويؤلمك دائماً عند الرقص، لكنَّك ترقص على أي حال حتى لو كنت تعرج قليلاً، ويزيد هذا عمق أدائك وصدق شخصيتك.

إقرأ أيضاً: 8 طرق ترفع من مستوى سعادتك وتخلّصك من الحزن والقلق

4. اختيار استجابة جديدة:

بصرف النظر عن ظروفك، يمكنك أن تتمتع بالقوة لتسأل نفسك: "كيف يمكنني الاستجابة بوضوح وقوة اليوم بدلاً من الاستمرار في الاستجابة للتجارب المؤلمة التي أُجبِرتُ على العيش فيها بغضب ومقاومتها؟" فكر في هذا السؤال للحظة.

في كل مرة تشعر فيها بأنَّك ستستجيب بنقس الطريقة القديمة، توقَّف للحظة وخذ نفساً عميقاً، وحاول أن تختار استجابة تؤدي إلى تغيير صحي والانتقال إلى شيء جديد؛ أي حاول إعادة توجيه تركيزك من خلال إبعاده عن الأشياء التي لا يمكنك تغييرها والتي تُثقِل كاهلك، وبدلاً من ذلك، ركز على شيء صغير وقابل للتغيير يدفعك قدماً الآن.

فلا شيء يمنعك الآن أو يعوقك سوى أفكارك وردود فعلك على ظروفك، وقد لا تكون مسؤولاً عن كل ما حدث لك في الماضي، أو كل ما يحدث لك اليوم، لكن عليك أن تكون مسؤولاً عن تغيير أنماط التفكير والسلوك الذي تستجيب به لتلك الظروف.

يتعلق الأمر بالتفكير الجيد حتى تتمكن في النهاية من العيش الجيد، فأعظم سلاح لديك ضد الألم هو قدرتك على التوقف والتنفس واختيار استجابة أخرى، وتدريب ذهنك على تحقيق أقصى استفادة مما بين يديك، حتى عندما يكون أقل مما كنت تتوقع؛ إذ يمكنك تغيير طريقة تفكيرك واستجابتك، وبعد أن تفعل ذلك، يمكنك إتقان طريقة جديدة للعيش.

إقرأ أيضاً: ملخص كتاب العادات السبع للناس الأكثر فعالية

في الختام:

إنَّ الحياة ستتحسن عندما تتحسن أنت نفسك؛ لذا ابدأ بالاستثمار في نفسك ذهنياً وجسدياً من هذه اللحظة، واختر استجابة جديدة، وليكن التعلم والنمو قليلاً كل يوم من خلال اكتساب عادات إيجابية والالتزام بها من أولوياتك، وكلما أصبحت أقوى، ستشعر بأنَّ حياتك أفضل على الأمد الطويل.

المصدر




مقالات مرتبطة