4 خطوات لتحب حياتك كما هي

لن تكون أبداً كما تعتقد، ولن تكون الحياة سهلة كما تتوقع، هذه هي الحقيقة المرَّة، فكل واحد منَّا يواجه نفس الواقع؛ إذ ستمرُّ حتماً أوقات نخطئ فيها ونفشل في تلبية توقعاتنا غير المعقولة، ومن المحتمل أن يحدث ذلك كثيراً أيضاً، وإذا لم نتقبَّل هذه الأخطاء والإخفاقات بوصفها دروساً ضروريةً يجب الاستفادة منها، فسنصبح تدريجياً دون علم منَّا قلقين بشأن كل ما لا نفعله ونحقِّقه وفقاً لما قد خطَّطنا له.



هذا ما يحدث كل يوم حتى مع أفضل الناس؛ إذ غالباً ما نجد أنفسنا نفكِّر في تقصيرنا، فنشعر بالقلق لأنَّنا لم نحرز تقدماً كبيراً كما كنَّا نعتقد؛ إذ إنَّنا قلقون من أنَّنا لن نكون منتجين أبداً كما ينبغي، ويؤدي قلقنا هذا إلى مزيد من التوتر غير المنطقي.

نحن قلقون من أنَّنا لا نمتلك أجساماً أجمل، ولا نرتاد صالة الألعاب الرياضية عدداً كافياً من المرات، ولا نحقق أهدافاً أكثر، وقلقون من أنَّنا يجب أن نحقِّق أشياء أفضل وأروع، ومن كل تلك الأشياء المدهشة التي يفعلها الأشخاص الذين نشاهدهم على التلفاز وفي وسائل التواصل الاجتماعي؛ وهكذا نشعر بالذنب لأنَّنا لسنا جيدين كما ينبغي، لأنَّنا لا نفعل الشيء المثالي في الوقت المناسب.

هذه الأفكار طبيعية، لأنَّ العقل البشري ليس مثالياً؛ فهو قلق بشأن كثير من الأشياء، لكن يمكننا أن نتعلَّم كيف نتعرَّف إلى هذه الأفكار ونتحكَّم بها، حتى لا تتحكَّم بنا.

الكف عن السعي وراء حياة مثالية:

تراودنا جميعاً تلك الفكرة المذهلة عن شكل حياتنا؛ إذ نتخيَّل أنَّنا يجب أن نعيش حياةً مختلفةً وأفضل، حياة دون تسويف وفشل، حياة مليئة بالنجاح والسفر والمغامرات، حياة نقضيها مع الأصدقاء والعائلة والشركاء المثاليين، وخلال كل ذلك من المفترض أن نبقى دائماً مبتسمين، لكن لا تسير الحياة بهذه الطريقة أبداً؛ وذلك لأنَّنا بشر لدينا عيوب، ونعيش حياة غير مثالية، ولكي نمضي في حياتنا علينا الرضى بما لدينا وتحقيق أقصى استفادة منه.

لذا، أغمِض عينيك وفكِّر في الواقع الحالي لحياتك، واهمس: "إنَّني بخير، والحياة بخير، لن أسعى لجعل واقع حياتي مثالياً، سأتقبَّله كما هو، لكنِّي سأستفيد من كل الخير الذي فيه".

فالمفتاح هو قبول حقيقة أنَّه لا يوجد شيء اسمه حياة مثالية، فلا يوجد شيء مثالي كان يجب أن تنجزه بالفعل، ولا يوجد تسلسل مثالي للأشياء يجب أن تنجزه الآن؛ إذ إنَّك لا تمتلك إلا هذه اللحظة التي تعيشها وما تختار أن تفعله بها، وإنَّ خيبة الأمل من هذه اللحظة، ومن نفسك ومن الآخرين غالباً ما تكون جزءاً من الحياة، لا مفرَّ من هذا الواقع.

قد تصاب بخيبة أمل في هذه اللحظة ولا تفعل شيئاً، أو يمكنك أن تشعر بالرضى، لأنَّك تمتلك الفرصة لتحقيق أقصى استفادة منها.

إقرأ أيضاً: عقلية آيكيدو (Aikido): ضرورة التعاسة في الحياة المثالية

عش حياتك على أكمل وجه:

يمكنك أن تتبع هذه الممارسة المكوَّنة من أربع خطوات؛ فهي سلسلة بسيطة من الخطوات التي يمكن أن تصنع العجائب في أي لحظة من الزمن، لكنَّها تتطلَّب بعض الاجتهاد، فليس بالضرورة أن يكون الأمر سهلاً أو مريحاً:

  1. عندما تشعر بأنَّ حياتك ليست جيدةً بما فيه الكفاية، وأنَّ قلقك بدأ يتصاعد، توقف للحظة، وأغمض عينيك، ولاحظ أنَّك في طور القلق بشأن ما لا تفعله، أو ما لم تحقِّقه بعد، ولاحظ مشاعر خيبة الأمل التي تشعر بها تجاه نفسك وحياتك في الوقت الحالي.
  2. تقبُّل مشاعر خيبة الأمل هذه بوصفها جزءاً منك، وركِّز عليها، واسمح لنفسك أن تشعر بها، وفي أثناء التركيز لاحظ الأحاسيس العاطفية لهذا الشعور تنتشر في جميع أنحاء جسمك.
  3. توجيه انتباهك إلى اللحظة الحالية: فما الذي تفعله الآن؟ ضع كل تركيزك في هذه اللحظة، وكن واعياً بنسبة 100% لكل الأحاسيس الجسدية والعاطفية النابعة عمَّا تفعله.
  4. التأكُّد أنَّ هذه اللحظة الحالية كافية ولا داعي لأن تكون أفضل، فإنَّها جيدةٌ بما يكفي بطريقتها الفريدة، وأنت كافٍ أيضاً.

مرةً أخرى، هذه الممارسة هي طقس يومي قادرٌ على تغيير حياتك، ولن يكون أي منَّا مثالياً فيه، فعليك فقط أن تذكِّر نفسك كثيراً، وعندما تنسى ذكِّر نفسك مرة أخرى، وكرِّر هذه الممارسة من جديد يوماً بعد يوم.

شاهد بالفديو: 6 طرق لتجاوز عقبات الحياة والتغلب عليها

في الختام: اللحظة الحالية هي أثمن ما نمتلكه

الموت هو أمر حتمي لا يمكن التنبؤ به، فهذا ما ستعلِّمك إيَّاه أكثر اللحظات المؤلمة عندما تفقد أحباءك مبكراً.

إنَّ تبنِّي هذه الحقيقة يوفِّر إحساساً متجدداً بالوعي، يجعلنا ندرك أنَّنا عشنا عدداً معيناً من الأيام، وأنَّ الأيام التي تنتظرنا ليست مضمونةً مثل تلك التي نعيشها الآن، فعندما تفكِّر بهذه الطريقة، سوف تتذكَّر أنَّ كل يوم هو حقاً فرصة لتكون ممتناً، ليس بطريقةٍ مبتذلة وإنَّما لتقدِّر بصدق ما لديك الآن، وأن تعترف بأنَّك وحدك مسؤول عن جودة حياتك الحالية، وهذا سيجعل احترامنا لذاتنا وتركيزنا الإيجابي أكثر أهمية، لأنَّه لا يترك أي وقت للانشغال بالشفقة على الذات والشك بالنفس.

آخر شيء يريده أي منَّا هو الموت نادماً، ولهذا فإنَّ احترام حقيقة الموت، يكسبك وجهة نظر صحيحة عن الحياة؛ إذ إنَّه يدفعنا للتواضع، ويجب أن يحفِّزنا بعمق لنعيش حياتنا على أكمل وجه دون شكوى وتذمُّر، وبمزيدٍ من القبول والتقدير والتمتع بهذه الحياة المباركة والعادية في كثير من الأحيان.

أحِبَّ نفسك كما هي الآن، فلقد قطعت شوطاً طويلاً وما زلت تتعلَّم وتنمو، فكن ممتناً للدروس التي تعلَّمتها وحقِّق أفضل استفادةٍ منها.

المصدر




مقالات مرتبطة