4 خطوات تستطيع اتباعها عندما تشعر في الرغبة بالتخلي عن قراراتك

قبل بضع سنوات كنت أبحث عن بعض الاستثمارات المالية الجديدة، وأقوم بكثير من البحوث. وبعد أن فكرت ملياً في الموضوع قررت شراء بعض الأسهم الفردية؛ هذه الأسهم المحددة لا تهم حقاً؛ لأنَّ شراءها الآن لن يكون رهاناً حكيماً، ولكن من أجل الشفافية، كنت في حالاتٍ كهذه أضع دائماً خطة: الشراء عند السعر {س}، والبيع عند السعر {ع} لتحقيق ربح إذا أحسنت التقدير أو عند السعر [ي] للخسارة إذا أسأت التقدير.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدون تايلر تيرفورن (Tyler Tervooren)، ويخبرنا فيه عن تجربته في اتخاذ القرارات في ظل الظروف المختلفة.

ملحوظة جانبية: هذه صيغة جيدة لاتخاذ القرار لأي استثمار في أي جزء من حياتك؛ أن تعرف متى تنسحب.

ثم تناسيت الأمر وأقلعت عن الاهتمام به، لكن لحسن الحظ عندما نظرت مرة أخرى كان أداء ثلاثة من الأسهم جيداً فضاعفت المكاسب التي كنت أتوقعها تقريباً، ما كان يجب علي فعله في هذه المرحلة هو أن أتذكر خطتي: البيع بسعر [ع]؛ لكنَّني لم أفعل شيئاً بدلاً من ذلك.

بدلاً من أن أعمل جاهداً لإعطاء قيمة ذكية للاستثمار الذي قمت به، خاطبت نفسي قائلاً: "أنا حتى أذكى مما كنت أعتقد، فدعونا نرى إلى أي أمد يمكنني أخذ هذا الأمر".

بعد عدة أيام انقلب حال السوق نحو الأسوأ، وانسحبت في حين كنت ما أزال متقدماً؛ لكنَّني خسرت مبلغاً لا بأس به من المال في محاولتي اللعب في السوق لبضعة أيام إضافية.

لماذا لم أفكر بطريقةٍ ذكية وأبيع السهم الثاني، فقد أدركت كم كنت متقدماً عن حيث كنت أتوقع أن أكون؟ لماذا أُصبت بالجشع بدلاً من تأمين أرباحي غير المتوقعة؟

تكمن الإجابة عن هذا السؤال في دراسة صغير؛ لكنَّها مهمة أجريت منذ سنوات في جامعة هارفارد (Harvard) تتعلق بكيفية اتخاذنا القرارات بناءً على المحفزات قصيرة الأمد وطويلة الأمد، فإذا كنت تريد اتخاذ قراراتٍ رائعة في حياتك، فيجب أن تفهم هذا الفكرة جيداً.

المزيد من الإجهاد يعني القليل من المال:

في عام 1999 أراد أستاذ علم النفس في جامعة هارفارد (Harvard) ويدعى جيريمي جراي (Jeremy Gray) اختبار الطريقة التي يتخذ بها الناس القرارات في ظل ظروف مختلفة، فجمع مجموعة من الطلاب وأقام تجربتين، فلعبوا لعبةً أدت إلى ربح مبلغ صغير من المال يختلف بناءً على قراراتهم، بحيث إذا فكرت في اختياراتك من البداية يمكنك التخطيط لكسب أكبر مبلغ، وإذا لم تفعل فستكسب أقل.

لكن إليك ما لا تتوقعه:

في التجربة الأولى كلَّف مجموعة عشوائية من الطلاب للنظر في سلسلة من الصور المخيفة والبغيضة، وطلب في التجربة الثانية من طلابه الإبلاغ عن مستوى توترهم بشأن الامتحانات القادمة.

ربما بإمكانك تخمين النتائج؛ فالطلاب الذين شاهدوا الصور البغيضة وأولئك الذين أبلغوا عن مستويات عالية من التوتر المتعلق بامتحاناتهم حصلوا على أموال أقل بشكل متوقع من أقرانهم في اللعبة؛ فقد كانوا أسوأ في اتخاذ خياراتٍ جيدة على الأمد الطويل؛ لأنَّ عقولهم كانت مشغولة مسبقاً بمخاوف قصيرة الأمد.

شاهد: 7 خطوات لاتخاذ القرارات والالتزام بها

التفكير على الأمد القصير: عندما يكون الصواب خاطئاً في الواقع

تبدو جودة القرار مختلفة تماماً من وجهات نظر مختلفة؛ إذ نريد جميعاً اتخاذ خياراتٍ جيدة تجعلنا سعداء على الأمد الطويل، ولكن من الصعب أن نرى ما يجب أن تكون عليه هذه القرارات إذا كنت تقضي وقتك في القلق بشأن العقبات قصيرة الأمد التي تواجهك.

ربما يمكنك التواصل مع هؤلاء الطلاب المجهدين، وربما تتذكر اتخاذ خيارات سيئة على الأمد الطويل عندما كنت طالباً - وهذا أمر طبيعي- وقد تتذكر عندما قمت بإجراء مقايضة في العمل للحصول على شيء تتمنى الآن أنَّك لم تكن قد حصلت عليه؛ كساعات عمل إضافية جعلتك تفوت لعبة كرة القدم الخاصة بطفلك أو أي حدث هام آخر لا يمكن تعويضه.

في حالة استثماري السريع كان الجشع وليس التشاؤم هو الذي غذى تفكيري على الأمد القصير؛ لكنَّ التأثير كان هو نفسه؛ فقد وضعت خطة بنتائج جيدة على الأمد الطويل؛ لكنَّني وقعت في ضغوطات المضاربة قصيرة الأمد، وقد كلفني ذلك باهظاً.

لقد تقدمت لأنَّ الخطة كانت مبنية على أساس متين، وقمت بتصحيح خطئي قبل فوات الأوان؛ لكنَّني كنت محظوظاً؛ فقد كان من الممكن أن أخسر أكثر بسهولة من خلال تجاهل الخطة طويلة الأمد؛ فالتفكير قصير الأمد ليس سيئاً دائماً، وفي بعض الأحيان عليك التفكير بهذه الطريقة.

على سبيل المثال إذا طاردك سربٌ من النحل فمن الأفضل أن تقفز في أقرب بحيرة في أسرع وقت ممكن، وألا تهتم بخطر الغرق، أو مثلاً إذا كنت على وشك أن تُطرد من وظيفتك فقد تضطر إلى التصحيح والتحكم بالضرر قصير الأمد حتى لو كان ذلك يعني أن تعامل لاحقاً الفوضى الناجمة عن ذلك، ولكن عادةً يمكن تجنب الآثار الضارة للتفكير قصير الأمد من خلال بضع خطوات استباقية.

اختيار أفضل الخيارات طويلة الأمد الآن:

إنَّ اتخاذ قرارات جيدة توفر لك السعادة طوال الحياة أمرٌ بسيطٌ للغاية، ونعلم جميعاً كيفية القيام بذلك من خلال وضع خطة من البداية والالتزام بها، ولكن بمجرد أن تبدأ قد يكون من الصعب تجنُّب عوامل التشتيت التي تأتي وتذهب، والتوسل لإيجاد حلول قصيرة الأمد تشعرك بالرضى الآن؛ لكنَّها تجعلك تندم لاحقاً.

إليك ما عليك القيام به في المرة القادمة التي تشعر فيها برغبة مفاجئة في الابتعاد عن المسار الصحيح:

1. معرفة الوقت الذي تكون فيه على وشك التنازل عن خطتك:

ففي معظم الأحيان لا نتخذ قراراتٍ خاطئة تُعرض أهدافنا للخطر من خلال المصادفة؛ بل تتوارد إلى أذهاننا ونقيمها ونتخذها على أي حال؛ لأنَّها تقدم لنا شعوراً فوريَّاً بالراحة.

2. إجبار نفسك على التوقف:

إذا كنت تعرف أنَّك على وشك اتخاذ قرار قصير الأمد - وربما تفعل ذلك - أجبر نفسك على التريث؛ ففي بعض الأحيان كل ما عليك فعله هو ترك مستويات التوتر لديك تنخفض طبيعياً، وستمر الرغبة في اتخاذ قرار سيئ؛ فعدم القيام بأي شيء يكون في بعض الأحيان هو الخيار الأفضل.

3. توسيع مساحة التفكير:

قبل اتخاذ قرار قصير الأمد تراجع قليلاً وانظر إلى الصورة الأكبر، هل تغير أي شيء جوهري منذ اختيارك طويل الأمد، شيء كان من شأنه أن يغير الخطة طويلة الأمد منذ البداية؟ إذا لم يكن الأمر كذلك فأنت تتأثر بالتوتر؛ لذا حاول مداعبة قطة أو مارس بعض النشاط الرياضي للتخفيف من شعورك السيئ.

إقرأ أيضاً: 8 نصائح لاتخاذ قرارات أفضل

4. إزالة الضغوطات الفورية غير ذات الصلة:

عندما يحين وقت اتخاذ قرار هام استخدم المعلومات ذات الصلة فقط لاتخاذ ذلك القرار، فربما يكون ذلك مفهوماً جديداً؛ لكنَّنا محاطون بجميع أنواع الضغوطات الخارجية كالأخبار وآراء الآخرين وما إلى ذلك التي تؤثر فينا بهدوء وتمنعنا من التفكير بأي شيء وتدفعنا إلى اتخاذ خياراتٍ سيئة.

هذه عملية بسيطة جداً: أربع خطوات يمكنك على الأرجح إكمالها في غضون دقائق لمعظم القرارات كل يوم.

فكر فيها على أنَّها خطتك - خطتك  طويلة الأمد - لمساعدتك على الالتزام بخططك الأخرى طويلة الأمد، لكن إذا نفذت الخطوة الأولى فقط فستحدث الخطوات الثلاثة الأخرى تلقائياً، وكل ذلك بفضل قوة عقلك في تذكُّر التسلسلات المفيدة؛ لذا جرِّب ذلك في المرة القادمة التي تشعر فيها بالتوتر، وراقب فيما إذا كان ذلك يساعدك على الالتزام بهدفك طويل الأمد.

إقرأ أيضاً: عملية اتخاذ القرارات: كيف تتخذ قرارات أفضل؟

في الختام:

كان أذكى شيء هو اتباع قاعدة محددة مع الأسهم؛ بحيث تُباع تلقائياً عندما تصل إلى سعر معين، فبهذه الطريقة كنت سألتزم بخطتي تلقائياً ولما واجهت العقبات التي واجهتها.




مقالات مرتبطة