4 حقائق صعبة ستجعلك شخصاً أقوى

جميعنا أشخاصٌ رائعون، ونحاول إيجاد طريقنا في الحياة، ونسعى يومياً إلى فهم أفضل معنى لحياتنا، ونتطلع إلى اكتشاف مواهبنا وإظهارها للعالم بأسره، ونأمل في أن نعثر على السعادة والسلام والقوة في طريقنا، وبالنسبة إلى بعضٍ منا، تقود رغبتنا في العثور على تلك الأشياء التصرفات التي نقوم بها، وكيف نقوم بها من لحظة إلى أخرى.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدونة "أنجيل شيرنوف" (Angel Chernoff)، وتُحدِّثنا فيه عن 4 حقائق صعبة، ولكنَّها ستجعلك شخصاً أقوى في الحياة.

أما بالنسبة إلى الآخرين، فتختفي احتياجاتهم العميقة في ضجيج الحياة اليومية، وراء الكبرياء، والخوف، والضغوطات، والأعراف التي نواجهها في المجتمع، ومن ثمَّ نادراً ما تُحقَّق احتياجاتهم.

خلال رحلتي الخاصة لتحقيق الذات، رأيت العديد من الأشخاص الرائعين سواء من الأصدقاء، أم طلاب الدورات التدريبية، وما إلى ذلك، يكتشفون مساراتهم الخاصة نحو السعادة وتحقيق الذات، وقد لاحظتُ ظهور العديد من الأمور المشتركة، وفي جميع الحالات، فإنَّ السعادة التي يكتشفونها وتطوُّرهم الداخلي الذي يحدث تدريجياً، يتم من خلال إدراكهم لبعض الحقائق الصعبة والأساسية عن طبيعة حياتهم في يومنا هذا.

يبدو أنَّنا جميعنا موجودون في هذه الحياة من أجل إدراك هذه الحقائق، لكن بطريقتنا الخاصة، وبعد أن ندرك هذه الحقائق إدراكاً كاملاً، ليس فقط على المستوى الفكري، لكن عاطفياً وروحياً أيضاً، فعندئذٍ نصبح قادرين على العثور على السعادة والسلام والقوة التي نسعى إليها.

فيما يأتي 4 من هذه الحقائق التي يجعلك اكتشافها شخصاً أقوى:

1. يتغير كل ما تحبه وكل ما تشعر بالراحة بشأنه:

طوال العقد الماضي، عملنا أنا وزوجي "مارك" (Marc) تدريجياً مع المئات من طلاب الدورات التدريبية والعملاء الذين يتلقون الكوتشينغ، وتوصَّلنا إلى أنَّ السبب الجذري لمعظم التوتر البشري هو ببساطة نزعتنا العنيدة إلى التمسك بالأشياء.

باختصار، نحن نتمسك بشدة بأمل أن تسير الأمور كما نتخيل تماماً، ثم تتعقَّد حياتنا عندما لا تسير الأمور كما نريد؛ فكيف يمكننا التوقف عن التمسك بالأشياء؟ يمكننا القيام بذلك من خلال إدراك أنَّه لا يوجد شيء يمكن التمسك به في المقام الأول.

فمعظم الأشياء التي نحاول يائسين التمسك بها، كما لو أنَّها أمور حقيقية ودائمة في حياتنا، ليست موجودة، أو إذا كانت موجودة في شكل ما، فهي تتغير، أو غير مستقرة أو غير دائمة، أو ببساطة هي عبارة عن تخيُّلات في أذهاننا؛ فعندما نفهم هذا الأمر، يصبح التعامل مع الحياة أسهل بكثير.

تخيَّل نفسك أنَّك تكافح بشدة للتمسك بشيء غير موجود، أو بشيء تظن أنَّه موجود، ولكنَّه في الحقيقة ليس كذلك، فإنَّ مجرد تخيُّل وجود هذا الشيء، يُسبب لك الضغط النفسي والتعب؛ وذلك لأنَّك تسير بلا هدف، وتحاول التمسك بشيءٍ غير موجود.

الآن تخيَّل أنَّك تأخذ نفساً عميقاً، وتدرك أنَّ الشيء الذي تحاول التمسك به، هو غير موجود، فعندها يمكنك إمَّا الاستمرار في الكفاح في التمسك بالشيء غير الموجود، أو تقبُّل فكرة أنَّه لا يوجد شيء للتمسك به والاسترخاء.

بالطبع هذا الأمر ليس سهلاً؛ بل إنَّ أصعب الدروس في الحياة هو التخلي، سواء كان التخلي عن الشعور بالذنب أم الغضب أم الحب أم حتى الخسارة؛ فالتغيير ليس أمراً سهلاً أبداً، فأنت تقاتل من أجل الصمود وتكافح من أجل التخلِّي، لكنَّ التخلي هو في كثير من الأحيان أفضل طريق للمضي قدماً؛ فهو يزيل الأمور السامة من الماضي، ويمهِّد الطريق لتحقيق أقصى استفادة إيجابية من الحاضر؛ لذا عليك أن تحرر نفسك عاطفياً من بعض الأشياء التي كانت تعني لك الكثير في السابق؛ وذلك حتى تتمكن من تجاوز الماضي والألم الذي يسببه لك.

شاهد بالفيديو: 8 علامات قوة في شخصيتك، كيف تعرفها؟

2. 98% من الألم الذي تشعر به اليوم ناتج عن ارتباطك العاطفي بالماضي:

إذا كان شخص ما يعمل على تحسين نفسه وعلى التغيير نحو الأفضل، فليس من الضروري الاستمرار في تذكيره بماضيه؛ إذ يمكن للناس أن تتغير وتنمو، ولا بد أنَّك تعلم أنَّ هذا الأمر صحيح، لكن، هل منحت نفسك الفرصة للتغيير والنمو أيضاً؟ وهل حاولت نسيان كل شيء مرَّ في حياتك بالماضي لتتمكن من التقدم مرة أخرى في حياتك؟

إذا أجبت بـ "نعم"، فأنت لست وحدك، وأنا أعرف تماماً كيف تشعر؛ فقد مررت بهذا الأمر، وأعرف الكثير من الأشخاص الذين مرُّوا بنفس الأمر أيضاً؛ ففي بعض الأحيان، نقع جميعنا ضحية تعلقنا بالماضي، وأحياناً لا ندرك أنَّنا نمنع حدوث الأحداث الجيدة في حياتنا بسبب تمسُّكنا بالماضي؛ لذا ابذل قصارى جهدك لإدراك هذا الأمر في الحال.

إنَّ النمو والتغيير مؤلم للغاية، لكن في النهاية، لا يوجد ما هو مؤلم بقدر البقاء عالقاً في مكانٍ ما في الماضي؛ لذا ذكِّر نفسك بدرس قوي، وبحقيقة أساسية: "من الممكن أن يكون لديك قصة مفجعة حدثت معك في الماضي، لكن لا يعني هذا أن تسمح لها بالتحكم بحاضرك".

في الوقت الحاضر، جميعنا نشعر بنوع من الألم سواء كان الغضب أم الحزن أم الإحباط أم حتى خيبة الأمل والندم، وما إلى ذلك؛ لاحظ هذا الألم الموجود في داخلك، وراقبه عن كثب، ولاحظ أنَّه ناتج عن قصة محددة تدور في رأسك عما حدث في الماضي، سواء في الماضي القريب أم في البعيد.

وقد يصرُّ عقلك على أنَّ الألم الذي تشعر به الآن سببه ما حدث في الماضي، لكنَّ الأمر الذي حدث في الماضي لا يحدث الآن، فقد مرَّ الأمر وانتهى، ولكنَّك ما تزال تشعر بالألم حتى في الوقت الحالي، بسبب القصة التي كنت تخبرها لنفسك دون وعي بشأن تلك الحادثة الماضية.

لاحظ أنَّ كلمة "قصة" هنا لا تعني "قصة مزيفة"، كما أنَّها لا تعني "قصة حقيقية"؛ فلا يجب أن تشير كلمة "قصة" في سياق التقييم الذاتي الخاص بك إلى الصواب أو الخطأ، أو الإيجابي أو السلبي، أو أي نوع آخر من الحكم القوي؛ إنَّها مجرد عملية تحدث في رأسك:

  1. تتذكر شيئاً قد حدث في الماضي.
  2. أنت ترى نفسك لا شعورياً ضحيةً لهذا الحدث.
  3. عندما تتذكر ما حدث، تُثار فيك عاطفة قوية.

لذلك لا تحكم على قصتك، ولا تحكم على نفسك؛ فكلنا لدينا قصص، ومن الطبيعي أن يكون لديك قصة خاصة بك؛ لذا انظر إلى قصتك على ما هي عليه، ولاحظ الألم الذي تسببه لك، ثم خذ أنفاساً عميقة؛ ففي اللحظة التي تأخذ فيها أنفاساً عميقة وتختار فيها ألا تسمح للماضي بالسيطرة على مشاعرك الداخلية، يبدأ السلام الداخلي؛ لذا تحلَّ بالإيمان في الوقت الحاضر.

3. العديد من الأشياء التي ترغب في التحكم بها اليوم، من الأفضل تركها دون تحكُّم:

تستحق بعض الأشياء في الحياة التغيير والتحكم بها، ومعظم الأشياء ليست كذلك؛ لذا "إذا كنت تريد السيطرة على الحيوانات، فامنحها مرعى أكبر"، هذا اقتباس سمعته أنا وزوجي في منتجع للتأمل قبل عدة سنوات، قيل في مناقشة جماعية ركَّزت على قوة تغيير سلوكك تجاه الأشياء التي لا يمكنك تغييرها أو لا تحتاج إلى التغيير.

أنا أرى "الحيوانات" و"مراعيهم الأكبر"، شكلاً من أشكال التخلي والسماح للأشياء بأن تكون على ما هي عليه؛ فبدلاً من محاولة التحكم بشدة بشيء ما، يجب أن تتساهل، فهذا يمنح الأمر مساحة أكبر؛ أي "مرعى أكبر"، ومن ثمَّ ستكون الحيوانات أسعد، وسيتجولون ويفعلون ما يفعلونه بشكل طبيعي، وستُلبَّى احتياجاتك أيضاً، وسيكون لديك مساحة أكبر لتكون في سلام كما هي الحال بالنسبة إلى الحيوانات.

تنطبق نفس هذه الفلسفة على العديد من جوانب الحياة، فالتراجع والسماح بحدوث أشياء معينة يعني أنَّ هذه الأشياء ستحدث كما يجب أن تحدث، وكما ستُلبَّى احتياجاتك؛ فسوف يخف الضغط عليك، وتقلُّ الأشياء المترتبة على عاتقك، وسيزيد وقتك وطاقتك من أجل العمل على الأشياء الهامة، والأشياء التي يمكنك التحكم بها، مثل سلوكك تجاه كل شيء.

هذا الشكل من أشكال التخلي لا يعني الاستسلام، لكن يتعلق الأمر بالتخلي عن أي هوس سواء كان بأشخاص أم نتائج أم مواقف معينة، فهو يعني بدء كل يوم من حياتك بنيَّة أن تكون أفضل نسخة من نفسك، وأن تقوم بأفضل ما يمكن، دون أن تتوقع أن تسير الحياة بطريقة معينة؛ إذ يتعلق الأمر بالتركيز على ما هو هام في الحياة، والتخلي عن الأشياء غير الهامة.

إنَّ طاقة الشخص الذي يطمح إلى القيام بشيء رائع، بالإضافة إلى هذا النوع من الاستسلام، هي أكثر قوة بكثير من شخص مصمم على الحصول على نتائج بعقلية الإجبار واليأس، ويجلب الاستسلام السلام الداخلي والفرح، ولا يجب أن ننسى أنَّ حياتنا الخارجية هي انعكاس لحالتنا الداخلية؛ لذا امضِ قدماً وسيطر على نفسك مرة أخرى من خلال السماح بمعظم الأشياء أن تمشي على هواها.

إقرأ أيضاً: 6 طرق فعّالة لتتحكم في حياتك

4. وقتك اليوم لا يُقدَّر بثمن:

في هذا الصباح كنت أردُّ على رسائل البريد الإلكتروني الواردة من طلابنا الجدد في الدورة التدريبية، عندما صادفت رسالة لفتت انتباهي على الفور من طالبة اسمها "لورا" (Laura)، وكان موضوع الرسالة كالآتي: "كتابك منحني القوة عندما كنت أحتضر".

كانت بداية بريدها الإلكتروني تقول: "أريد أن أشكرك على إعطائي الأمل، والتذكيرات اليومية، والوسائل البسيطة التي احتجت إليها، ونظراً لأنَّني كنت أقاتل من أجل حياتي بعد جراحة القلب الطارئة التي خضعت لها، فقد قرأت نسخة من كتابك الجديد الذي أرسلته إليَّ في أثناء وجودي في المستشفى.

خلال أصعب جزء من عملية الشفاء الخاصة بي، كنت أحاول إجبار نفسي على القراءة لمدة خمس دقائق فقط في كل مرة، فهذه كانت كل الطاقة التي أملكها، لكنَّ كلماتك أبقت معنوياتي عالية، وزادت من تركيزي عندما كنت أحتاج إليه، حتى ولو حدث هذا الأمر بجرعات صغيرة.

لقد كانت عادتي اليومية لقراءة كتابك حبل النجاة بالنسبة إليَّ في بعض الأحيان، وصدِّقي أو لا تُصدِّقي، فإنَّ الفرصة المقدَّرة بنسبة 50% للشفاء الكامل التي قدَّروها لي قبل شهرين فقط، أصبحت 99.9% هذا الصباح عندما خلُص أطبائي رسمياً إلى أنَّ الجراحة والإجراءات الجارية، كانت جميعها ناجحة بشكل لا يُصدَّق".

هذا أمرٌ لا يُصدَّق! يا لها من امرأة شجاعة، يا لها من رحلة ملهمة! ثم أَنهَت بريدها الإلكتروني بقول: "أنا ممتنة جداً لأنَّ الفرصة قد أتاحت لي أن أستخدم ما علمتني إياه من أجل فرصتي الثانية في الحياة".

قبل كل شيء، يذكِّرني بريدها الإلكتروني بأنَّ معظمنا ينتظرون وقتاً طويلاً ليعيشوا الوقت الأفضل من حياتهم؛ فنحن نستمر في تأجيل كل ما هو هام بالنسبة إلينا حتى الغد، ثم ببساطة نلاحظ أنَّنا لا نملك كثيراً من الوقت كما توقعنا، ونجد أنفسنا نسأل فجأةً: "كيف مرَّ الوقت بهذه السرعة؟".

لذا لا تدع هذا الشخص يكون أنت؛ بل كن مثل "لورا"، واجعل اليوم بداية لفرصتك الثانية في الحياة، وخذ وقتك لتكتشف نفسك، وتدرك ما تريده وتحتاج إليه، وخذ وقتك في المجازفة والحب والضحك والبكاء والتعلم والعمل من أجل ما تحتاج إليه؛ فالحياة أقصر مما تبدو عليه في كثير من الأحيان.

إقرأ أيضاً: 4 طرق لإعلاء قيمة ذاتك عبر تقدير قيمة وقتك

في الختام:

تضاعِف الجهود التي تبذلها اليوم - مهما كانت صغيرة - التقدم الذي ستحرزه في الغد، ويمكن القيام بالعديد من الأشياء الصغيرة الرائعة في يوم واحد إذا لم تؤجل ذلك اليوم دائماً إلى الغد.

لذا اتخذ إجراءات إيجابية وأنجز الأمور المفيدة والمناسبة لحياتك؛ فالحياة لا تميز بين الأمور التي تقوم بها؛ بل هي تعززها سواء كانت مفيدة لك أم لا؛ لذلك ضع في حسبانك الأمور التي تقوم بها اليوم، فهي ما ستحصده في الغد.

والحق يُقال، يوماً ما لن يأتي غداً، وهذا الواقع الصعب يجب مراعاته، لقد تذكرت هذا الأمر في وقت سابق اليوم، عندما كنت أتحدث مع امرأة من طلاب الدورة التدريبية تبلغ من العمر 74 عاماً، بشأن الندم؛ إذ بدأت مكالمتنا بقولها: "لماذا لم أتعلم تقبُّل وتقدير كل شيء مرَّ في حياتي، ومعاملة كل يوم كما لو أنَّه آخر يوم فيها؟ بصراحة، إنَّ ندمي الأكبر هو كم كان إيماني بالغد كبيراً"؛ أنا أتمنى أن نلتفت جميعاً إلى كلماتها ونتعلم منها.

المصدر




مقالات مرتبطة