4 أخطاء يرتكبها رواد الأعمال بشكلٍ دائم

عانى مصرف "ويلز فارجو" بين عامي 2007 و2012 من بعض الأزمات التي كانت يزداد خطرها يوماً بعد يوم، حيث ذكرت دراسةٌ مفصلة أجرتها جامعة "دوك لو" (Duke Law) أنَّ عملية احتيالٍ ضخمة حصلت في تلك الفترة، إذ كان موظفو المصرف يفتحون حساباتٍ دون أن يطلب أحدٌ منهم ذلك – أو يقنعون الزبائن بفتح حساباتٍ لا يحتاجون إليها – من أجل تحقيق الأهداف التي تجعلهم مؤهلين للحصول على علاوات. ويبدو أنَّ بعض الموظفين حاولوا تنبيه الإدارة لكن لسببٍ أو لآخر لم تجد أخبار أنشطة التزوير طريقها إلى المدير التنفيذي للشركة.



لا يبدو واضحاً سبب عدم صعود الرسالة بشكلٍ متسلسل إلى أعلى هرم المنظمة: أهو عدم وجود نظام مناسب لضبط هذه العملية؟ أمَّ أنَّ القادة في "ويلز فارجو" كانوا مشغولين بالكثير من الأمور التي منعتهم من التواصل مع الموظفين الذين يشغلون المستويات الإدارية الأدنى؟ لقد افتُضِحَ أمر عملية التزوير في جميع الأحوال وأُلقي اللوم جزئياً فيها على المدير التنفيذي لـ "ويلز فارجو".

ليس ضرورياً حينما تكون قائداً أن تكون جميع الأمور تحت سيطرتك، لكن ثمَّة بعض الأمور التي تستطيع فعلها وبعض الأخطاء التي يمكنك تجنبها لتُهيئ نفسك وتهيئ المنظمة لتحقيق النجاح.

1- تحمُّل الكثير من الأعباء:

ذَكَرَ "مارك موزس" (Mark Moses) أحد الشركاء المؤسسين لشركة (CEO Coaching International) في مقالةٍ كتبها أنَّ العديد من المديرين التنفيذيين يحملون على عواتقهم مسؤولياتٍ أكبر من التي يطيقونها فكتب قائلاً: "قد يبدو أنَّ وضع قيودٍ تُحدّد الأمور التي ستقوم بها والأمور التي لن تقوم بها فيه نوعٌ من التراخي والكسل، لكن ثِقْ أنَّه ليس كذلك". وأضاف: "أنت لا زلت تعمل بعقلية صاحب الشركة الناشئة، وإذا لم تتوقف عن التفكير كشخصٍ يدير شركته من الكراج وبدأت التفكير كمديرٍ تنفيذي لشركةٍ عالمية لن تصبح شركتك عالميةً أبداً".

إذا كنت أنت المسؤول عن تسليم الرواتب، وتنظيف المكتب، وتحديث الموقع الإلكتروني، وعن غيرها من الأمور يبدو أنَّ هذه النصيحة موجهةٌ لك تماماً. لحسن الحظ يمكن أن يكون التفويض مفيداً هنا حيث يحتاج المديرون التنفيذيون إلى الجلوس وكتابة جميع المهمات التي يؤدونها فإذا كانت المهمة تحتاج إلى اهتمامٍ من قِبَل مسؤولٍ يتبع للإدارة التنفيذية يمكنها أن تبقى في قائمة المهام. أمَّا الأمور التي لا ترتبط بالمهام الأساسية للمدير التنفيذي (كشراء الصابون ووضعه في الحمام) يجب أن تُسنَد إلى أشخاصٍ آخرين.

2- عدم الإنصات:

وفقاً لدراسةٍ أجرتها كلٌّ من مجموعة (Miles Group) وكلية (Stanford Graduate School) يفتقر المديرون التنفيذيون عادةً إلى مهارة إدارة الموظفين – لا سيما حينما يتعلق الأمر بمهاراتٍ كالإنصات. وعلى الرغم من أن تجاوز هذه المشكلة يُعَدُّ أمراً شاقَّاً لكنَّك تستطيع إحراز تقدمٍ كبير من خلال استخدام ما تُطلِق عليه مكتبة أوكسفورد لعلم النفس (Oxford Library of Psychology) اسم "علم إبداء التعاطف" في مكان العمل.

وقد قال "ديفيد ديستينو" (David Desten) أستاذ علم النفس في جامعة (Northeastern University) في مقالةٍ نشرها مؤخراً في مجلة (Harvard Business Review): "إنَّ الموظفين الذين يشعرون بالفخر وبأنَّهم يحظون بالتعاطف يكونون أكثر استعدادً للمواظبة على أداء المهام الصعبة بنسبة 30% موازنةً مع أولئك الذين تنتابهم مشاعر إيجابيةٌ أخرى كالسعادة لأنَّ الشعور بالفخر والإحساس بالتعاطف يدفعهم إلى الإحساس بأنَّ المكافآت التي سيتلقونها مستقبلاً ذات قيمةٍ أكبر".

ومن أجل تطبيق هذا الأسلوب في الإدارة يجب عليك أن تبدأ الإنصات إلى الموظفين، فتعرَّف من خلال الحديث معهم ومع مديريهم على الأمور التي يحبونها والأمور التي يبغضونها في عملهم، ثمَّ جِد طريقةٍ تستطيع من خلالها الحد من معاناتهم وزيادة المكاسب التي يشعرون أنَّهم يتلقونها من خلال العمل لصالح شركتك.

ويجب عليك أيضاً أن تَقْرُن أقوالك بالأفعال ليشعر أعضاء الفريق أنَّ أسلوب القيادة الذي تمارسه أسلوبٌ مبنيٌّ على إظهار التفهُّم. باختصار ركز الاهتمام على بناء جسور الثقة مع الموظفين ودعهم يعرفوا أنَّك تقف إلى جانبهم وأنَّك ممتنٌّ لوجودهم في الفريق.

إقرأ أيضاً: طرق تعامل المدير الناجح مع الموظفين

3- الاستسلام سريعاً:

لقد كانت شركة (Barnes & Noble) تعلم أنَّها مُقدِمةٌ على مواجهة مع بدء نجم شركة (Amazon) بالصعود. في البداية أثبتت دار بيع الكتب هذه نفسها بقوة وألحقَتْ بمكتباتها مقاهٍ لحث الزبائن على زيارتها، ووصلوا إلى حد صناعة قارئ إلكتروني خاص بهم لينافس جهاز (Kindle) الخاص بـ (Amazon).

على الرغم من تلك التغييرات التي قامت بها الشركة تابعت أمازون تحقيق النجاح في حين استسلمت (Barnes & Noble) سريعاً. لقد كان في إمكان دار الكتب تلك تحقيق المزيد من الإنجازات لكن إمَّا أنَّ القيادة لم يكن لديها الزخم وإمَّا أنَّها لم تكن تملك أفكاراً لتجريب تكتيكات جديدة. وقد أضحت الآن أمازون تسيطر على السوق بيع الكتب.

إقرأ أيضاً: قصة نجاح جيف بيزوس مؤسس موقع أمازون

4- الإخفاق في وضع الحدود:

ثمَّة الكثير من الأحاديث التي تدور اليوم حول البُنى التنظيمية المرنة، إذ بعد التغيرات التي طرأت على مشهد عالم الأعمال انهارت العديد من البنى الجامدة التي ظلت تقوم عليها المنظمات فترةً طويلةً من الزمن – كالهرمية، والوظيفية، إلخ. وعلى الرغم من تغير البنى التنظيمية إلَّا أنَّ الحدود يجب أن تظل مكانها، فحينما تكون مديراً تنفيذياً تحتاج إلى تطبيق قواعد تساعد فريقك الذي يضم مجموعةً متنوعةً من الأعضاء في تقديم مستويات عمل رائعة سواءً حينما يعملون معك أو حينما يعمل أحدهم مع الآخر.

في مقابلةٍ أجراها عالم علم النفس السريري الذي قضى حياته المهنية في إسداء النصائح للمديرين التنفيذيين الدكتور "هنري كلاود" (Henry Clou) مع مجلة فوربس ذكَر أنَّ القادة يحتاجون إلى وضع أنواع مختلفة من الحدود. حيث أشار في البداية إلى إصدار توجيهات تتيح للموظفين تركيز الاهتمام على الأمور المهمة، ومن الحدود الأخرى التي أوصى بها الدكتور "كلاود" تلك التي توضع لتجنُّب العواطف السلبية، إذ يستطيع أصحاب الأعمال وضع قواعد تعزز البيئة العاطفية التي توفر لهم الدعم وتقوي أدائهم ربما وتعزز شعورهم بالسعادة.

ومن الأمثلة على الحدود التي يجب الالتزام بها تلك المتعلقة بالتواصل الفعال، فأسلوب التواصل القائم على تناقل الأقاويل يُعَدُّ أسلوباً مؤذياً ويمكن أن يُلْحِق الضرر بعلاقة بعض الموظفين مع بعضهم الآخر، فعوضاً عن اتباع هذا الأسلوب ضع حدوداً واضحة تفرض على كل الأحاديث التي تُناقَش مع الموظفين أن تبقى سرية.

وإذا لم يكن الموظف راغباً في الحديث معك وجهاً إلى وجه اسأله إذا كان يرغب في أن يشارك طرفٌ ثالثٌ في الحديث وبهذه الطريقة سيكون الجميع مُمثَّلين وستحظى أصواتهم بآذانٍ صاغية دون الشعور بالإرباك الناجم عن تناقل الإشاعات وتداول المعلومات.

إقرأ أيضاً: دور التواصل والصورة المهنية في بناء شبكة العلاقات

لدى القائد دوماً مجالٌ للنمو:

على الرغم من أنَّ "ويلز فارجو" احتاجت إلى وقتٍ طويلٍ لاستعادة ثقة الزبائن إلَّا أنَّ الشركة بدأت أفضل بدايةٍ ممكنة إذ إنَّ المصرف خلال السنوات القليلة الماضية عالج ممارسات البيع غير المنضبطة وأجرى تغييراتٍ طالت هيكل المنظمة. وخلال السنوات التالية استمر موظفو "ويلز فارجو" بالعمل بلا كلل لإعادة بناء جسور الثقة مع الزبائن.

إنَّ عمل الشخص مديراً تنفيذياً مهمةٌ شاقة لا بُدَّ من ارتكاب الأخطاء فيها، لكن لحسن الحظ عند امتلاك المعلومات الصحيحة ستكون قادراً على تحديد الأخطاء الإدارية الشائعة وتجنُّبها قبل أن تُلْحِق الأذى بسمعتك ومكاسبك.

 

المصدر




مقالات مرتبطة