4 أخطاء شائعة تسبِّب القلق

يعاني نحو 40 مليون من البالغين الأمريكيين؛ أي خمس السكان من القلق المزمن واضطرابات القلق الأخرى، ممَّا يجعل القلق أكثر الأمراض النفسية شيوعاً في الولايات المتحدة وفقاً لـ "جمعية القلق والاكتئاب الأمريكية" (Anxiety and Depression Association of America).



لأسباب عديدة، مثل كثرة التعامُل مع التكنولوجيا، والأرق والحرمان من النوم، والشعور بالوحدة، والافتقار إلى العلاقات العميقة والصادقة، خاصةً بين المراهقين؛ لكنَّ الحديث اليوم لن يدور حول الأسباب؛ بل حول أربعةٍ من الأخطاء الشائعة التي يرتكبها الناس عند تعاملهم مع القلق والتوتر؛ وذلك وفقاً للخبراء:

1. السعي إلى اليقين والسيطرة المُطلقة:

يظن الخبراء أنَّ ثمة شيئين يسبِّبان القلق أكثر من أي شيء آخر: هما الشك والافتقار إلى السيطرة، يقول الكاتب "تايلور كلارك" (Taylor Clark): "الشك هو العدو اللدود للقلق، إنَّه النبع الذي يتدفق منه القلق والخوف، لدرجة أنَّ نستطيع عدَّ القلق دافعاً إلى القضاء على الشك".

من المفترض أنَّ اليقين من شيءٍ وإزالة الشكوك حوله سوف يزيل القلق، لكن توجد ثغرةٌ واحدة في هذا الافتراض، ألا وهي السعي المفرط من أجل اليقين.

قد تظن أنَّ مفتاح علاج القلق هو التيقن من الشيء الذي تخاف منه، وهذا صحيح إلى درجةٍ ما، على سبيل المثال إذا لم يصل ابنك إلى المنزل بعد ولم يُجِب على مكالماتك، فتستطيع التأكد من الأمر من خلال الاتصال بأحد أصدقائه، لكن إذا شعرت بأنَّك ستصاب بمرض خطير يوماً ما، فإنَّ محاولة تزييف اليقين بشأن شيء ما قد يحدث في المستقبل ستجعلك أكثر قلقاً.

إليكم ما يقوله "مايكل دوغاس" (Michael J. Dugas)، أستاذ علم النفس في جامعة كيبيك (University of Quebec) عن هذا الموضوع: "إنَّ معظم المشكلات التي يعانيها القلقون ناتجة عن رفض احتمال وقوع حدث سلبي في المستقبل".

إليكم ما يقوله "كلارك" أيضاً: "إنَّ اليقين والسيطرة هما نعمة ونقمة؛ إذ يخف قلقنا عندما نشعر بأنَّنا نمتلكهما، لكن عندما نبحث عنهما عندما لا نستطيع امتلاكهما، أو نحاول السيطرة على ما لا نستطيع السيطرة عليه، أو إيجاد اليقين التام في عالم مملوء بالشكوك، فإنَّنا نزيد الأمور سوءاً فقط".

2. كبت قلقك:

يقول "كلارك": "يمنع القلق التعبير عن العواطف، مما يجعل التغلب على الخوف أكثر صعوبةً، فيبدو أنَّه يعمل بمنزلة حاجز يمنعك من مواجهة ما يزعجك".

وجدت الدراسات أنَّ مستوى التيقظ لدينا ينخفض عندما نشعر بالقلق؛ لذا فمن المنطقي أن تبوح بمخاوفك إلى أشخاص آخرين أو حتى لنفسك، فبدلاً من كتمانها، اتصل بصديق أو احتفظ بمذكرة أو تحدث بصوت عالٍ مع نفسك.

وفقاً لدراسات عدة أجرتها قوات البحرية الأمريكية، فإنَّ التحدث بصوت عالٍ مع أنفسهم هو ما يستخدمه الجنود للتغلب على التوتر والمهام الصعبة، وبالطبع على الخوف.

شاهد بالفيديو: 9 خطوات تساعدك على السيطرة على القلق

3. التفكير بدلاً من العمل:

يقول "جوزيف ليدوكس" (Joseph LeDoux) عالم الأعصاب في جامعة نيويورك (New York University): "ينبع شعور الخوف من اللوزة الدماغية المسؤولة عن اللاوعي، وليس من قشرة الدماغ المسؤولة عن التفكير؛ لذا فإنَّ محاولة التغلب على شعورك بالخوف من خلال التفكير أشبه باستخدام مطرقة لفك البراغي".

أفضل طريقة ممكنة لتقليل مخاوفك هي الانتقال من التفكير إلى العمل؛ وذلك كي توقف حلقة التفكير، ومع أنَّ القول أسهل من الفعل، فتوجد بعض الأساليب المفيدة التي تستطيع استخدامها لتقليل التفكير فيما يزعجك:

تأجيل التفكير في همومك:

اتخذ قراراً بأنَّك ستفكر في مخاوفك لاحقاً وسوف تتحسن على الفور، وهذه تقنية مشهورة تسمى "قبو القلق" (Worry Vault) يستخدمها الكاتب صاحب المؤلفات المشهورة "راميت سيذي" (Ramit Sethi)؛ إذ تلقي بمخاوفك في قبو وهمي في مؤخر رأسThe 10X Rule: The Only Difference Between Success and Failure)ك، وتقول: "سأفكر في الأمر غداً"، وفي معظم الأوقات ستشعر بتحسن في اليوم التالي، وإذا لم يحدث ذلك، تستطيع مرةً أخرى أن تؤجل التفكير في الأمر إلى يوم آخر.

بذل طاقةٍ أكبر:

هذا ما يظنه "جرانت كاردون" (Grant Cardone)، مؤلف كتاب "القاعدة العاشرة: الاختلاف الوحيد بين النجاح والفشل" ( أنَّه يجب القيام به للتغلب على أي مخاوف، ويتعلق الأمر ببذل جهدٍ أكبر مما يتعين عليك، حتى تضمن النجاح تماماً، إنَّه الفرق بين إجراء مكالمة مبيعاتٍ واحدة والقلق من أنَّهم لن يعاودوا الاتصال، وإجراء 10 مكالمات كي تضمن إتمام عملية بيع واحدة على الأقل.

ممارسة التأمل:

يجب ممارسة التأمل قدر المستطاع مهما انشغلت، ويطلق بعض الناس على التأمل اسم: "رياضة الحكيم"، وللتأمل فوائد صحية عديدة تُحسِّن مزاجك وصحتك أيضاً، وأفضل ما في الأمر أنَّك تستطيع ممارسته في أي مكان ودون معدات، وما عليك سوى الجلوس والتركيز على أنفاسك.

ممارسة اليوغا:

من المعروف أيضاً أنَّ اليوغا مثل التأمل تساهم في تحسين التركيز والمرونة وترفع الحالة المزاجية، وتوجد وضعيات كثيرة في اليوغا، لكن إذا قلقت جداً، وكنت في عجلة من أمرك، تستطيع الاكتفاء بالوضعيات البسيطة والشائعة التي تخفف من التوتر.

إقرأ أيضاً: تمارين اليوغا والتنفس وفوائدها للصحة

ممارسة التمرينات والرياضات المختلفة:

اركض أو ارفع الأثقال أو العب رياضتك المفضلة، تستطيع أن تشتت هذه النشاطات انتباهك عما يقلقك وتحسِّن مزاجك في الوقت نفسه، وإذا كان لديك أطفال، عليك تشجيعهم على ممارسة الرياضة في عمرٍ مبكر.

تقول "تونجي زحل" (Tonje Zahl) الحائزة على درجة الماجستير من الجامعة النرويجية للعلوم والتكنولوجيا (the Norwegian University of Science and Technology): "إنَّ النشاط البدني، وخاصة النشاط البدني المعتدل إلى القوي، يساهم في الحد من أعراض الاكتئاب المستقبلية في مرحلة منتصف الطفولة".

أظهرت دراسة أخرى أجرتها كلية "ميريماك" (Merrimack College)، أنَّ الأطفال المصابين باضطراب فرط النشاط ونقص الانتباه والقلق واضطرابات المزاج، أظهروا انخفاضاً في السلوكات المضطربة بنسبةٍ تصل إلى 51% عند تخصيص جلستين أسبوعيتين لمدة 30 دقيقة لممارسة الرياضة عن طريق جهاز ركوب الدراجات الثابت.

إقرأ أيضاً: كيف تخفف التمرينات الرياضية من التوتر؟

4. إغفال الإحصاءات الحقيقية:

تقول الأستاذة "إيفلين بيهار" (Evelyn Behar) من جامعة "إلينوي" (University of Illinois): "يوجد شيء آخر استنتجناه من المذكرات التي سجَّل فيها الناس ما يقلقهم، وهو أنَّ 95% من مخاوفنا لا تتحول إلى حقيقةٍ أبداً، وحتى إذا تحققت، فإنَّنا نتعامل معها على نحوٍ أفضل بكثير مما توقعنا".

ما تقوله "بيهار" يعني ببساطة:

  • نادراً ما تسوء الأمور كما تتوقع.
  • حتى لو حدث ذلك، فسوف تتعامل مع الأمر أفضل بكثير مما تظن.

عندما تبدأ في رؤية الأشياء من هذا المنظور، فسوف تشعر بقلق أقل نتيجة لذلك.




مقالات مرتبطة