3 نصائح تساعدك على تحقيق هدفك بغض النظر عن عمرك

خلال دراستي في مدرسة التمثيل قمت مع زملائي بدراسة لأعمال الشاعر الإنجليزي ويليام شكسبير (William Shakespeare)، والكاتب الإيرلندي صامويل بيكيت (Samuel Beckett)، والكاتب الأمريكي تينيسي ويليامز (Tennessee Williams) والكاتب النرويجي هنريك إبسن (Henrik Ibsen).



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدوَّن نيك ماكاروني (Nick Maccarone)، ويقدِّم لنا فيه ثلاث نصائح لتحقيق الأهداف بغض النظر عن العمر.

قدَّم كل من هؤلاء الكُتَّاب المسرحيين نظرته الخاصة عن العالم، ويشعر من يقرأ لهم كأنَّه يتنقل في أرجاء العالم، فقد واجه هؤلاء الكتَّاب عقبات أكثر صعوبةً حتَّى من العقبات التي واجهتها الشخصيات التي اخترعوها في كتاباتهم، وقد جاءت كتاباتهم ملهمة بفعل ما واجهوه في الحياة.

لكن من بين كل الأعمال المسرحية التي قرأتها، ثمة عمل ترك أثره فيَّ منذ العشرينيات ولغاية هذه اللحظة؛ فقد كانت أعمال هذا الكاتب غريبة ومربكة ومجنونة حتى، وفي أكثر من تجربة كنا نؤديها لأعمال هذا الكاتب كنت أُصاب بالذهول وأتساءل ما المأساة التي مرَّ بها هذا الشخص حتى دفعته ليكتب هذا النوع من الأعمال الغريبة.

لقد أُغرمت بعمل الكاتب يوجين يونسكو (Eugene Ionesco)، وعندما كبرت أصبحت معجباً بشدة بحس الدعابة لديه، بالإضافة إلى جرأته، والأصالة الواضحة في نظرته للعالم والتي تجسدت في كتاباته.

لكن ما أثار دهشتي أنَّ كاتباً مسرحياً بهذه العظمة الذي حصد عدَّة جوائز في المسرح العالمي وكتب ما مجموعه 34 مسرحية، لم يكتب مسرحيته الأولى حتى شارف على بلوغ عامه الأربعين.

اليوم جزء كبير من أسباب قلقنا يرجع إلى مفهوم خاطئ عن علاقة الإنسان بالوقت؛ فقد أصابنا التفكير في الوقت بالعجز، بحيث أنَّنا نضع مواعيد محددة وصارمة لتحقيق الأحلام وما لم يتم ذلك في الوقت المحدد فإنَّنا نستسلم.

لكن بالنسبة لشخص مثلي قضى ما يقرب من ثلث حياته في متابعة فن التمثيل، والآن أعمل رائد أعمال، فإنَّ نجاحي يعتمد على إيمان مطلق بأنَّه يمكن للإنسان أن يبدأ بالعمل الذي يحبُّه في أي عمر كان.

3 نصائح تساعدك على تحقيق هدفك بصرف النظر عن عمرك:

1. تقبَّل فكرة أنَّ لديك وقت أقل:

في صيف عام 2013 سافرت إلى قرية صغيرة في جنوب أفريقيا (South Africa) تُدعى تشينتسا (Chintsa Village) للعمل التطوعي بوصفي معلماً، وبعد نهاية البرنامج قررت أن أستأجر سيارة وأتجه إلى ميناء إليزابيث (Port Elizabeth)، إحدى أكبر مدن جنوب أفريقيا.

بعد بضعة دقائق من انطلاقي شغَّلت المذياع لأستمع إلى بعض الموسيقى لكن لم يلتقط المذياع أيَّ محطة، وبينما كنت على وشك إطفائه، أدرت القرص مرةً أخيرة فالتقط المذياع محطة ما.

كانت المحطة تبث مقتطفاً لأحد الوعاظ من جنوب أفريقيا يقول فيها: "خذ منزلي، وخذ سيارتي، ويمكنك حتى أن تأخذ كل أموالي، لكن رجاءً اترك لي وقتي، لا تأخذ وقتي لأنَّه إذا ذهب لن أستطيع تعويضه"، وبعد ثوانٍ فقط توقف المذياع عن استقبال تردد المحطة وتلاشى الصوت، لكن تلك اللحظة كانت كفيلة بتغيير حياتي.

عندما عدت إلى الولايات المتحدة الأمريكية (USA) بدأت أرى الوقت استثماراً، فإذا بدأت بمشروع ولم يكن نافعاً على صعيد تطوير شخصيتي أو تكوين علاقات نافعة أو حقق لي نوعاً من الإشباع الشخصي، فيجب أن أتخلى عنه.

كوني شاباً وأقترب من سن الرشد، فهمت أخيراً أنَّ وقتي محدود، بدأت فجأةً أحاول التخلص من أي مصدر من مصادر التشتيت، وتجنُّب أيِّ عمل بدا بالنسبة إلي مضيعة للوقت، ووضعت حدوداً لعلاقاتي مع الأشخاص الذين ينتقدون أكثر مما يقدِّمون لي الفائدة، باختصار كنت أشعر أنَّ الوقت يداهمني باستمرار.

ببساطة لم أشعر أنَّ لديَّ الوقت لأبدأ بمشروعي وأكون محاطاً في الوقت نفسه بالأشخاص الذين يرفضون أن يتخلوا عن نمط حياتهم خشية أن أتأثر بهم وأتتبَّع في حياتي نمطاً مشابهاً لحياتهم، فتعلُّمت التخلي عن كل شيء لا يخدمني، فقد أصبح الوقت سلعة ثمينة بالنسبة إلي.

شاهد بالفديو: 18 نصيحة لاستثمار الوقت بفاعلية

2. افهم قيمة الصبر:

قبل سنوات حزم شابٌ من سيول (Seoul) في كوريا الشمالية (South Korea) أمتعته واتجه لباريس (Paris) لدراسة صناعة الأفلام، وينحدر هذا الشاب من أحد الأحياء النادرة التي كان بإمكانها أن تقدِّم الوسائل والدعم العاطفي لشاب يريد تحقيق حلم كبير.

بعد عدة سنوات توفيت أمه بعد صراع مع مرض السرطان، وقد تغيَّر كل شيء بالنسبة إليه وإلى عائلته، لكن هو تحديداً كانت تربطه علاقة مميزة بأمه، ممَّا سبَّب له معاناةً كبيرةً، وعلى الرَّغم من ألمه، إلا أنَّه اكتسب الشجاعة والوضوح للاعتراف بأنَّ حلمه في أن يصبح مخرج أفلام لم يكن نابعاً من قناعته.

اقترض مبلغاً كبيراً من عمته، وقضى ستة أشهر يسافر في أنحاء كوريا، ويتذوق الطعام ويختبر مختلف الوصفات، تعلَّم كثيراً عن تقاليد الثقافات المختلفة، وكيف تختلف الأطباق من منطقة لأخرى، وكيف يصبح طبقٌ محليٌّ مشهوراً على مستوى البلاد، بعد فترة وجيزة نسبياً من رحلته الاستكشافية، افتتح أول سلسلة مطاعم ناجحة جداً تقدِّم وجبات لذيذة وبسعر مقبول في الوقت نفسه.

ليس من المستغرب أنَّ مطاعمه أثبتت شهرتها خاصةً في أوساط طلاب الجامعات.

هذا الرجل هو ابن عمي، وكان عمره تقريباً 50 عاماً عندما حقق حلمه أخيراً. في النهاية، سمحت له انطلاقته هذه بتحديد ما يريد أن يصبح بوضوح، وفي حين كان الجميع يعملون ببطءٍ كان ابن عمي يكد ويجتهد، وعدم امتلاكه للوسائل الكافية ليفتتح مطعمه لم يمنعه من امتلاك رؤية واضحة للمستقبل، لقد فهم قيمة الصبر؛ ولذلك كان دائماً مستعداً لفعل ما يلزم عندما تحين الفرصة.

إقرأ أيضاً: الصبر: مفهومه، وأسبابه، ونتائجه، وكيفية تعلمه

3. استمتع في أثناء سعيك إلى تحقيق هدفك:

تصفح مواقع التواصل الاجتماعي وسترى أنَّها تعج بالمنشورات التي تحث على العمل المتواصل بدءاً من رواد الأعمال وليس انتهاءً بالرياضيين، فنحن نعاني حالياً من ثقافة تشجع على العمل المتواصل، وترى أنَّ الإجازة نوع من الكسل، وعلى الرَّغم من أهمية العمل الجاد، إلَّا أنَّه قد يأتي بنتائج عكسية إذا لم يكن مصحوباً ببعض الوعي الذاتي.

خلال سعيي الحثيث لأصبح ممثلاً مجتهداً حققت عدداً من الإنجازات، ولكنَّني في المقابل أُنهكت في جوانب أخرى من الحياة مثل العائلة، والعلاقات، والرعاية الذاتية.، واخترت العزلة بدلاً من الصداقة، والعمل المستمر بدلاً من العلاقات الاجتماعية، لكن في يوم من الأيام التقيت برجل غيِّر مفاهيمي كلَّها عن العمل الدؤوب.

طوال السنوات المقبلة تعلَّمت من هذا الرجل أهمية إيلاء اهتمام لجوانب أخرى في الحياة وليس فقط للعمل، وفي كل صباح وعلى الرَّغم من تساقط المطر أو هطول الثلج، كان يستقل القطار من المحطة قبالة منزله في كونيتيكت (Connecticut)، إلى وسط مانهاتن (Manhattan) في نيويورك (New York)، وخلال العشر ساعات المقبلة كان يقوم بتجربة أداء، أو يدرِّس أو يحضر فصلاً دراسياً.

قبل دخوله معترك التمثيل ترك هذا الرجل وظيفته، رغم أنَّها كانت توفر له دخلاً جيداً يعيل به أسرتَه، وفي كلِّ مرة رآني أعمل فيها على تجربة أداء، أو أشتكي من عدم حصولي على ثمار جهدي، كان يذكِّرني بأنَّ الحياة لا تدور فقط حول العمل، تعلَّمت منه أنَّنا أحياناً نريد شيئاً لا نحتاجه.

حرَّرتني تلك الملاحظة من الإرهاق بسبب السعي الدائم وراء النجاح، لكن أيضاً جعلني أستمتع بعملي، وفي اللحظة التي بدأت فيها بالسعي إلى القمة، بدأت أحصل على مزيد من فرص العمل، فالحياة لا تعني أنَّه يجب أن نقيدها بمواعيد صارمة، ومهما يكن عمرك يجب أن تسعى وراء ما تريده كما لو أنَّك تفعل ذلك للمرة الأولى.

خلال سنوات من العمل، شاهدت ما لا يُحصي من المسرحيات في نيويورك (NewYork)، وقد تركني عمالقة المسرح مثل فرانك لانجيلا (Frank Lngella) وتريسي بينيت (Tracie Bennett) في حالة من الذهول.

لكن رغم كل ذلك، فقد كان أداؤهم باهتاً عندما قارنته بالطريقة التي عاش فيها هذا الرجل حياته الخاصة بعيداً عن العمل في المسرح، فكان يبتسم عندما يتحدَّث عن أطفاله، ورغم أنَّه كان يأخذ عمله على محمل الجد إلا أنَّ ذلك لم يجعله يفقد المتعة، ودائماً ما كان يعبِّر عن سعادته عندما يُسأل عن حاله.

لكن يبقى الدرس الأهم الذي علَّمني إياه أنَّ الشعور بالسعادة في أثناء السعي نحو الهدف ليس ضرباً من الغرور، بل يعني ببساطة أنَّ المتعة في الحياة لا يمكن أن تُختزل بالإنجازات في الحياة المهنية.

إقرأ أيضاً: 9 خطوات سحرية لتحقيق أهدافك

إنَّ الفرق في العمر بيني وبينه والذي يبلغ 15 عاماً، وضَّح لي أنَّ عيش حياة مسؤولة لا يعني أنَّك يجب أن تضع قيوداً صارمة على حياتك، وبصرف النظر عن عمرك، فيجب أن تتصرف في أي مجال كما لو كنت تبدأ للمرة الأولى، وفي عام 2014، شارك هذا الرجل في أحد أكثر العروض التلفزيونية إثارةً في أمريكا (USA)، وكان يبلغ من العمر 50 عاماً.

المصدر




مقالات مرتبطة