3 طرق لإيجاد السلام والهدوء عندما تكون الحياة مُرهِقة

توجد مهام كثيرة عليك إنجازها، وليس لديك الوقت الكافي لذلك، وهذا سيناريو مألوف للجميع؛ ففي بداية ثورة الإنترنت الحديثة، قبل خمسة وعشرين عاماً، كان الناس يتوقعون أنَّ تقدمنا التكنولوجي سيسمح لنا في نهاية المطاف بالعمل عملاً أقل، حتى نتمكن من إيلاء اهتمام كبير لما هو هام حقاً في حياتنا؛ أمَّا اليوم، ومع ذلك هناك أدلة كثيرة تثبت عكس ذلك.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتب مارك تشيرنوف (MARC CHERNOFF)، ويخبرنا فيه عن تجربته في تحديد الأولويات لينعم بالسلام الداخلي.

ربما نتمكن من تحقيق ضعف المهام في نصف الوقت، لكن هذا ما هو متوقع منا الآن؛ أي أصبح هذا هو المعيار الجديد، إضافة إلى ذلك، تملأ التكنولوجيا وقت فراغنا بمصادر تشتيت لا نهاية لها، فنتحقق من الرسائل النصية والبريد الإلكتروني ونتصفح موقع فيسبوك (Facebook) وإنستغرام (Instagram) وسناب تشات (Snapchat) وما إلى ذلك، طيلة الساعة خلال أيام الأسبوع، وهكذا، وعلى الرَّغم من فوائدها، تجعلنا هذه التكنولوجيا نشعر بالإرهاق الشديد، كما كنا دائماً.

إذاً هل اليقظة الذهنية والتركيز على اللحظة الحالية هو الحل؟ أو بشكل أكثر تحديداً؛ اليقظة الذهنية من ناحية صلتها بتحديد الأولويات والتحرر من الأفكار السلبية وإعادة صياغتها.

إليك 3 طرائق لتنعم بالسلام عندما تشعر بالإرهاق:

أولاً: إتقان فن تحديد الأولويات:

في اللحظة التي نعترف فيها لأنفسنا بأنَّنا نحاول تجميع أشياء كثيرة (المهام والالتزامات والمشتتات وما إلى ذلك) في وقت قصير نسبياً (24 ساعة في اليوم)، يصبح من الواضح أنَّنا بحاجة إلى إزالة بعض الفوضى من جداولنا؛ لذلك يعدُّ تحديد الأولويات بعناية هو الحلُّ.

انتبه جيداً لكلِّ الأشياء التي تفعلها اليوم، كلُّ الأشياء التي تحاول حشرها خلال 24 ساعة، كم من الوقت تقضي في مشاهدة التلفاز في الصباح والمساء؟ وما هي المواقع التي تتصفحها؟ ما هي الألعاب التي تلعبها؟ كم من الوقت تقضيه في إرسال رسائل نصية أو إرسال بريد إلكتروني أو تحديث حساباتك على مواقع التواصل الاجتماعي؟ ما مقدار التسوق عبر الإنترنت الذي تقوم به؟ كم من الوقت تخصص للأكل والتنظيف والعناية بالآخرين؟ كيف تقضي الدقائق الثمينة من يومك أيضاً؟

ما قد تلاحظه أولاً هو أنَّك تقوم بأشياء عشوائية عديدة لا تحتاج إلى القيام بها، وكثير من الأشياء التي تعدُّ مضيعةً للوقت، وقد تلاحظ أيضاً أنَّك تُكلِّف نفسك كثيراً من الالتزامات، وهذه الالتزامات تملأ حياتك.

يمكنك البدء في استثمار وقتك مرة أخرى عن طريق التخلص من أكبر عدد ممكن من مصادر تشتيت الانتباه والالتزامات التي لا داعي لها، ورفض بعض الالتزامات الجديدة التي تطرأ، وربما تطبيق ذلك على أرض الواقع صعب جداً، لكنَّ الشيء الهام الذي يجب إدراكه هو أنَّك تستطيع تغيير طريقة تخصيص وقتك.

بعد ذلك، انظر إلى قائمة مهامك (بافتراض أنَّ لديك واحدة): كم عدد هذه الأشياء التي يمكنك القيام بها بطريقة معقولة خلال الـ 24 ساعة القادمة؟ ربما ثلاثة إلى خمسة فقط بطريقة عقلانية.

اسأل نفسك الآن هذا السؤال: ما هي المهمة التي ستعمل عليها إذا كان بإمكانك العمل على مهمة واحدة فقط خلال الـ 24 ساعة القادمة؟ ستكون هذه الأولوية رقم 1 بالنسبة إليك، مهمة واحدة فقط، والحقيقة هي أنَّه ربما لا يمكنك إكمال كلَّ شيء في قائمتك في يوم واحد، ولا يمكنك القيام بأهم ثلاث إلى خمس مهام في الوقت الحالي، لكن يمكنك فعل شيء واحد تلو الآخر؛ لذلك ركِّز فقط على مهمتك رقم 1، وبمجرد الانتهاء منها، حدِّد الأولوية الآتية؛ لذا احذف كلَّ شيء من قائمة المهام، وركِّز على ما بين يديك فقط.

شاهد: 5 أسئلة تساعدُكَ على تحديد الأولويات

ثانياً: إتقان فن الاستغناء عمَّا هو غير ضروري

إذاً ماذا عن كلِّ الأشياء الأخرى التي تريد القيام بها (أو تشعر أنَّه "يجب" عليك فعلها)، والتي لا يمكنك القيام بها ببساطة؟ ماذا تفعل بالمهام التي لا تتسع ضمن قائمة مهامك اليومية؟ يأتي هنا فن الاستغناء ببساطة عن بعض المهام.

كان لديك أشياء كثيرة أردت أن تنجزها في يومك، والآن تدرك ذلك؛ لذلك قررت وضع الأشياء الهامة فقط في قائمة أولوياتك، لكنَّ هذا يعني أنَّه من المحتمل أن يكون هناك بعض الأشياء التي تعتقد أنَّك "يجب" عليك فعلها، والتي لن يكون هناك متسع من الوقت لإنجازها.

إذاً ماذا يمكنك أن تفعل؟

يمكنك فعل هذه الأشياء غداً، أو يمكنك أن تقرر إلغاءها نهائياً، وفي الحالتين كلتيهما، الحقيقة هي أنَّهم لن يتسعوا ضمن الـ 24 ساعة القادمة من حياتك، ولأنَّ هذه الأشياء لم تكن على رأس الأولويات، فلا توجد مشكلة في عدم إنجازها.

تظهر المشكلة فقط عندما تشعر بالقلق والإرهاق والإحباط؛ لأنَّك لا تستطيع استيعاب كلِّ شيء، لكن عليك أن تدرك أنَّ مُثُلك العليا - فكرة أنَّه يجب أن تكون قادراً على فعل كلِّ شيء، وأن تكون كلَّ شيء بالنسبة إلى الجميع، وأن تكون إنساناً خارقاً - ليست هي الواقع.

لذلك عليك أن تعدِّل مُثُلك لتتلاءم مع الواقع، الحقيقة أنَّه لا يمكنك فعل كلِّ شيء في يوم واحد،  يمكنك فقط اختيار القيام ببعض الأشياء - الأشياء الهامة - وسيتعين على كلِّ شيء آخر الانتظار حتى الغد، أو إزالته من قائمتك.

نظراً لأنَّك لا تستطيع الحصول على أكثر من 24 ساعة في اليوم، فأنت بحاجة إلى تعديل مُثُلك العليا؛ لذا ركِّز على ما هو هام حقاً، وافعل ما يمكنك فعله اليوم، فهذا يكفي، وتخلَّ عن التفكير بأنَّ الأمر ليس كذلك.

ثالثاً: إعادة صياغة أفكارك بطريقة مدروسة

بمجرد أن تُدار أولوياتك إدارة جيدة، وتتخلَّ عن بعض الأشياء، يحين الوقت لإعادة صياغة طريقة تفكيرك في الانشغال الذي يربكك؛ إذ يعزز اعتقادنا بحجم انشغالنا نحن بوصفنا بشراً، شعورنا بالإرهاق؛ وهذا يعني أنَّ القصص التي نرويها لأنفسنا عن الحياة يمكن أن تؤدي إلى تصعيد أو تخفيف مستويات التوتر لدينا بطريقة كبيرة؛ لذا يأتي هنا دور إعادة الصياغة التي يمكن أن تؤدي دوراً هاماً.

أخبرتني منذ فترة إحدى المتدربات الجدد في جلسة كوتشينغ حديثة، وهي زوجة وأم لثلاثة أطفال، وتمتلك مشروعاً ناجحاً للتصوير الفوتوغرافي، كيف أعادت صياغة الطريقة التي تفكر بها في حياتها:

"كنت أصف حياتي بأنَّها مكتظة بالمهام، لكن ليس بعد الآن، فأنا الآن أراها زاخرة بالعمل ومثيرة للاهتمام إثارة استثنائية، وأشعر بالقوة من خلال التحديات التي أواجهها شخصياً ومهنياً، ولا أرفض الاعتراف بحقيقة هذه التحديات، وغالباً ما أكون منهكة في نهاية معظم الأيام؛ لكنَّه الآن نوع مُرضٍ من الإرهاق بالنسبة إلي، فقد فعلت ما يمكنني فعله، وبذلت قصارى جهدي، وهذا يجعلني أشعر بأنَّني في حالة جيدة.

بالطبع توجد تنازلات صعبة يجب إجراؤها في بعض الأيام، لكن لا بأس؛ وذلك لأنَّ التنازلات التي أقدمها تخدم أولوياتي؛ فأنا لا أستطيع أن أفعل كلَّ شيء، لكن يمكنني أن أبذل قصارى جهدي، وما أفعله يعزز ثقتي، ويمكِّنني من أن أجعل الناس يشعرون بالاحترام والحب".

خلاصة القول: إنَّه من السهل أن تشعر بالإرهاق عندما يكون لديك مسؤوليات والتزامات ومهام كبيرة على عاتقك؛ لكنَّ الحلَّ هو حصر أولوياتك، والتخلي عن بعض المهام عندما يكون ذلك منطقياً، ثم إعادة صياغة أفكارك بطريقة تجعلك تكتشف أنَّ حياتك ليست مربكة حقاً؛ لكنَّها بدلاً من ذلك زاخرة بالعمل ومثيرة للاهتمام، ومكتظة فقط بقدر ما تريد لها أن تكون.

إقرأ أيضاً: كيف تحقق السلام الداخلي؟

بعض الاقتباسات لتخفيف العبء عن ذهنك المشغول:

إذا كنت بحاجة إلى القليل من الإلهام الإضافي، فإليك فيما يأتي سبعة اقتباسات ساعدتني على إبقاء الأمور في نصابها؛ فهي تتضمن بعض الدروس الرئيسة التي تعلمتها طيلة السنوات؛ فعندما تصبح الحياة مكتظة، وأشعر بالارتباك يتملكني، أفكر في هذه الاقتباسات لأنَّ الأمر يتطلب مني تغيير طريقة تفكيري، وأشجعك على أن تفعل الشيء نفسه:

  1. أفضل وقت للعمل هو عندما لا تشعر بالرغبة في ذلك؛ لأنَّ ذلك يمكن أن يحدث فرقاً كبيراً عندما تقاوم رغبتك.
  2. يأتي كلٌّ من التوتر والإرهاق من الطريقة التي تستجيب بها، وليس من طريقة الحياة؛ لذا حدِّد موقفك وسيختفي التوتر والإرهاق، فأنت من يتحكَّم بالطريقة التي تنظر بها إلى الحياة.
  3. إنَّ ما تهتم به ينمو ويتطور؛ لذا ركِّز حصرياً على ما يهم وحاول أن تتخلص ممَّا لا يهم.
  4. كلُّ شيء على ما يرام، أظهر لنفسك بعض الحب؛ إذ لا يمكننا أن نفعل كلَّ شيء لكلِّ شخص وفي كلِّ حالة؛ لذا افعل ما تستطيع، وافعله بصدرٍ رحب.
  5. القلق والإحباط والغضب والمماطلة ستجعلك مُرهَقاً، أمَّا الجهد الحقيقي والصادق فهو على النقيض من ذلك، سوف يزيد من نشاطك؛ لذا تصرَّف وفقاً لذلك.
  6. مواصلة التقدم، خطوة واحدة تلو الأخرى؛ فالهدف الحقيقي ليس له حد زمني، وليس له موعد نهائي، ركِّز فقط على الخطوة التي تخطوها.
  7. مهما كان الأمر، يمكنك دائماً مواجهة أعباء ومهام اليوم الواحد، لكن عندما تثقل كاهلك فقط بالمزيد من الأعباء والمهام، تصبح الحياة معقدة للغاية.
إقرأ أيضاً: كيف تحصل على السعادة والسلام الداخلي

في الختام:

واجه التحدي في التركيز فقط على الشيء الهام الوحيد في قائمة مهامك، واخطُ خطوة صغيرة واحدة تلو الأخرى.

بصراحة، هذا كلُّ ما في الحياة، اتخاذ خطوات صغيرة وهامة، لحظة بلحظة، ثم في يوم من الأيام عندما تنظر إلى الوراء، تجد أنَّ هذه الخطوات على بساطتها تراكمت وصنعت شيئاً جديراً بالاهتمام، شيء غالباً ما يكون أفضل كثيراً ومختلفاً عمَّا كنت تتصوره عندما بدأت.

3Ways to Find Your Peace When Life Feels Overwhelming




مقالات مرتبطة