3 دروس مستفادة من ممارسة اليوغا

يمارس الأشخاص الناجحون اليوغا، ويشهد على ذلك نخبة رجال الأعمال والمشاهير حول العالم من أمثال مؤسِّس شركة "ديف جام" (Def Jam) للتسجيلات رائد الأعمال "راسيل سيمونز" (Russell Simmons)، والمغنِّيان "آدم ليفين" (Adam Levine)، و"جون بون جوفي" (Jon Bon Jovi)؛ هذا يعني أنَّ الأفراد من مختلف ميادين الحياة، والشرائح الاجتماعية، والأعمار، والأديان يمارسون اليوغا للاسترخاء، والتخلص من السموم، وزيادة القوة والمرونة الجسدية، وتنمية الجانب الروحاني.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن الكاتبة "إرين فالكونر" (Erin Falconer) تشاركنا فيه 3 دروس تعلَّمَتها من ممارسة اليوغا.

قد يتبادر للذهن أول وهلة أنَّ اليوغا ممارسة مخيفة تشمل طقوساً ووضعيات وأجواء روحانية غريبة، هذا ما حسبته شخصياً بادئ الأمر، وخطر لي حينها أنَّني على وشك خوض رحلة أستكشف خلالها ذاتي وحسب، ولكن تبيَّن لي فيما بعد أنَّني أتعلم عن ميادين الحياة كلها بما فيها الجانب المهني.

إليك فيما يأتي 3 دروس تعلمتها من ممارسة اليوغا:

1. قبول الخوف ضروري لتجاوزه:

كنت متوترة للغاية عندما ذهبت إلى صف اليوغا أول مرة، ولم أكن أقوم بالتمرينات على النحو الصحيح، ولم تكن حركاتي متناسقة مع بقية المجموعة، ولكن هذا لا يهم على الإطلاق.

يُطلَق على اليوغا اسم "ممارسة" لأنَّها تُعَدُّ فرصة للتحسين والتطوير الشخصي كما في حالة الأعمال التجارية التي تقدم في كل يوم فرصة جديدة للنجاح أو الفشل، وكنت أشعر بالثقة في النفس في اليوم الأول كوني رياضية ورشيقة، ولكن انتابني الذعر عندما طلب منا المعلم بلهجة هادئة تأدية وضعية "الوقوف على الرأس"، فطلب منا المعلم أن نقف مقابل الحائط، ونضع رؤوسنا وأيدينا على الأرض، ونسند أرجلنا إلى الحائط.

تملكني الخوف والقلق حينها، ولم أكن مرتاحة على الإطلاق؛ لكنَّني أبَيتُ التراجع وجربت تأدية الوضعية، وشعرت بضغط الدم في رأسي ووجهي ولم أستطع التنفس جيداً؛ فرفعت قدمي على الجدار وشعرت بأنَّني أذيت عمودي الفقري وخفت للغاية؛ فنزلت بسرعة واصطدم جسدي بالأرض بقوة، وعندما نظرت حولي اكتشفت أنَّ جميع الممارسين نجحوا في تطبيق الوضعية؛ فخجلت من نفسي ونسيت أمر عمودي الفقري.

بعد ذلك التزمت صف اليوغا وقررت مواجهة مخاوفي من المجهول، وآمنت بقدرتي على تأدية الوضعية، وجربتها مراراً ولم أكن أنزعج عندما أخفق في تأديتها وأسقط؛ وبالنتيجة أثمرت جهودي وصرت أقف على رأسي دون الحاجة إلى وجود جدار وأينما كنت موجودة.

حدث معي موقف مشابه عندما ظنَّ الجميع أنَّني فقدت عقلي بعد أن أطلقت موقعي الإلكتروني (Half.com)، ثمَّ خطر لي أن أطلق اسم موقعي على بلدة صغيرة تُدعَى "هاف وي" (Halfway) في ولاية "أوريغون" (Oregon)، فسخر مني الجميع وتملكني الخوف والشك، وبدأت أشعر بأنَّني لن أنجح بإعادة تسمية البلدة.

لكنَّني لم أتراجع، وتمكنت من إعادة تسمية البلدة ووضع اسم موقعي (Half.com) على الخارطة الجغرافية بعد أن دفعت مبلغاً لا بأس فيه، وتبرعت بعدد من الحواسيب للمدرسة الابتدائية، واشترت شركة "إيباي" (eBay) الموقع بعد 6 أشهر مقابل مبلغ ضخم.

لا يحبذ المبتدئون في اليوغا وضعية الوقوف على الرأس في معظم الأحيان؛ لكنَّني تقبَّلت شعور الخوف من السقوط، والتعرض لإصابة جسدية مؤقتاً؛ وبالنتيجة تغلبت على هذا الخوف.

من الطبيعي أن يشعر الممارس بالخوف في أثناء تأدية وضعيات اليوغا؛ فقد يخشى أن يسقط ويؤذي نفسه، أو أن يخفق في تأدية الحركات أمام باقي المجموعة؛ لكنَّ التغلب على هذا الخوف يمكِّن الأفراد العاديين من تجاوز صعوبات شاقة للغاية في الأعمال التجارية.

إنَّ تجربة رجل الأعمال البريطاني "ريتشارد برانسون" (Richard Branson) خير دليل على هذا الكلام؛ لأنَّها مكَّنته من بناء شركة تُقدَّر بمليارات الدولارات منطلقاً من العمل في قبوه، وتمكَّن رجل الأعمال الأمريكي "هوارد شولتز" (Howard Schultz) من تأسيس شركة "ستاربكس" (Starbucks) المشهورة عندما تغلب على خوفه أيضاً، فيساعدك قبول الخوف والصعوبات على التغلب عليها وتحقيق الإنجازات.

شاهد بالفيديو:7 فوائد للمشي التأملي

2. الانتقال من حال إلى آخر هو ما يصنع النجاح أو الفشل:

تقتضي إحدى وضعيات اليوغا أن تقف على قدم واحدة بحيث يكون عمودك الفقري موازٍ لسطح الأرض، وظهرك مسنود إلى الجدار، وإحدى ذراعيك مرفوعة إلى أعلى، وأنت معرَّض للسقوط في كل لحظة، الوضعية بحد ذاتها ليست صعبة، ولكن تكمن الصعوبة في انتقالك من وضعيتك السابقة إليها، وقد يؤذيك هذا الانتقال أو يقويك.

ينطبق هذا المفهوم نفسه على الحياة المهنية والشخصية؛ ذلك أانَّ تنفيذ الإجراءات ليس صعباً؛ لكنَّ الانتقال من وضع إلى آخر ينذر بحدوث الفشل، كما يتطلب الانتقال من وضع إلى آخر وضع خطط مدروسة وتنفيذها بحذافيرها بتركيز شديد.

التخطيط هو المرحلة الأسهل عندما يركز الفرد انتباهه خلال العملية، ويكون الوضع حرجاً عند الانتقال من التخطيط إلى التنفيذ؛ لأنَّ الإنسان يكون معرَّضاً للفشل في هذه المرحلة، ويمكن أن تقترف الأخطاء وتحيد عن الهدف النهائي إذا فقدت تركيزك في هذه المرحلة.

كان التركيز من القواعد الثلاث الأساسية التي اعتمدها رجل الأعمال الأمريكي "ستيف جوبز" (Steve Jobs) في الخطة التسويقية لشركة "آبل" (Apple)، إضافة إلى التصوُّر وتحديد حاجات الجمهور العاطفية.

إذا لم تركز بشدة عند التنقل بين حركات اليوغا، فيمكن أن ترهق نفسك أو تسقط على الأرض، كما لا يجب أن تشتت انتباهك أو أفكارك في أثناء ذلك حتى لا تصاب بالأذى، وينطبق المفهوم نفسه في الأعمال التجارية؛ ذلك أنَّك يمكن أن تنهك نفسك أو تفشل إن لم تركز جيداً.

عندما قمنا بالانتقال من شراء الوسائط الإعلامية من خلال الإنترنت إلى نماذج إحالة التسويق؛ فإنَّنا ركزنا على المنتج والتكنولوجيا لمدة سنتين، لقد ركزنا جهودنا وعملنا بجد مع العميل الأول، وكان موقعنا الإلكتروني يتألف من صفحة واحدة في ذلك الوقت، بعد عامين من التركيز المتواصل نجحنا في توفير مبلغ يُقدَّر بملايين الدولارات للعميل الأول، ثمَّ قمنا بإنشاء موقع إلكتروني متكامل وقدَّمنا خدماتنا للعالم بعد أن أثبتنا قدراتنا وصار لدينا منتج رابح.

عندما طلب رجل الأعمال الأمريكي "لاري بايج" (Larry Page) من نظيره "ستيف جوبز" أن يسدي إليه نصيحة، فإنَّ الأخير نصحه بأن "يركز، ولا يشتت انتباهه أبداً"، عندما تجري تغييراً أو نقلة نوعية في حياتك، فيجب أن تضع خطة مدروسة وتنفذها بحذافيرها مع الحرص على التركيز على الجوانب الهامة؛ لأنَّ تشتُّت الانتباه يمكن أن يلحق الفشل بمشروعك.

3. الجانب الروحي يحتاج إلى التدريب:

تعلمت أنَّ النجاح في ممارسة اليوغا وإدارة المشروع التجاري يتطلب التفاؤل والتحلي بالإيجابية، يستخدم ممارسو اليوغا كلمة "ناماستي" (Namaste) نوعاً من التحية وإظهار الاحترام للمعلِّم وهي تعني حرفياً: "النور في داخلي يمجِّد النور في داخلك"، هذه العبارة مفعمة بالطاقة والحيوية بصرف النظر عن التوجهات الدينية والعقائدية للممارسين.

يمكن استخدام هذه الطاقة لأغراض نبيلة أو مؤذية مثل غيرها من أنواع الطاقة الأخرى، وتكون الطاقة الإيجابية التي تضفيها على مكان العمل، وفي أثناء اجتماعاتك، ومكالماتك الهاتفية ملحوظة وظاهرة للعيان من خلال لغة جسدك، وابتسامتك، والإعراب عن الامتنان، وغيرها من الإشارات كأن تفتح الباب وتلقي التحية بكل رحابة صدر، وتقابل الابتسامة بأحسن منها مثلاً.

لا يوجد تعقيد في هذه التفاعلات الاجتماعية؛ لأنَّ كمية الطاقة والحيوية والبهجة الموجودة داخلك تنعكس على الأشخاص من حولك؛ لذا يجب عليك أن تتدرب حتى تحافظ على هذه الطاقة والحيوية؛ مثلاً: لدى أحد عملائنا موظفة تتصرف بطريقة غير منطقية؛ فهي ترفض وتغيِّر القرارات بسرعة، وغالباً ما تكون عصبية وحادة المزاج، كنت أحاول تجنُّبها طوال الوقت، ولكن اُضطرِرت لإجراء اجتماع معها في إحدى المرات، وقررت وقتئذٍ أن أحافظ على إيجابيتي وابتسامتي طوال الاجتماع، بدأنا نتحدث عن الأمور الشخصية فأخبرتها بأنَّ أحد أطفالي من ذوي الاحتياجات الخاصة، وتبيَّن لي حينها أنَّ أحد أطفالها من ذوي الاحتياجات الخاصة أيضاً، زال التوتر والشقاق فيما بيننا بعد اكتشاف هذه القواسم المشتركة، وأصبحنا نتحدث كما لو كنا أصدقاء.

حدث هذا التقدم في علاقتنا بفضل اليوغا؛ لأنَّ الطاقة الإيجابية والبهجة التي نكتسبها من خلال ممارسة اليوغا ترافقنا على الدوام وتنعكس على الأشخاص الذين نعاملهم في الاجتماعات، والمكالمات، والجلسات العائلية في المنزل، بالتأكيد ستقسو علينا الحياة في بعض الأحيان دون أن ندري السبب، وفي مثل هذه الظروف علينا أن نبتسم، هذه الطاقة الروحانية تحتاج إلى التدريب والابتسامة تحتاج إلى التدريب أيضاً.

إقرأ أيضاً: 25 طريقة لشحن نفسك بالطاقة الإيجابية

في الختام

اليوغا أسلوب حياة ويمكن تطبيق مبادئها في الحياة الشخصية والمهنية على حدٍّ سواء، كل يوم يمر في حياتنا يحمل في طيَّاته فرصة للتعلم والنجاح، ولكن لتحقيق النجاح تقول الحكمة: "يجب أن نبدأ من أنفسنا بإحداث التغيير الذي نريد رؤيته في العالم".




مقالات مرتبطة