3 خطوات لتحافظ على عقلانيتك

توجد فوائد كثيرة مرتبطةٌ بالعقلية التحليلية؛ فهي تتيح للفرد إمكان اتخاذ قرارات بنَّاءة، وفهم أحداث العالم حوله على أكمل وجه، وتحقيق نجاحات أكثر تميزاً.

غالباً ما يُخلط بين الإفراط في التفكير وتحليل الأحداث؛ لأنَّ الفرق بينهما يكاد لا يُرى، فيحد التفكير الزائد من سعادة الفرد، ويتميز بنظرة سلبية تجاه أحداث الحياة، ويمكن أن يؤدي في أحيان كثيرة إلى التردد والعجز عن اتخاذ قرارات حاسمة؛ ومن ثَمَّ يمتنع الفرد عن اتخاذ التدابير اللازمة في المواقف الحَرِجة التي لا تحتمل التأجيل.



تقول المعالجة النفسية "إيمي مورين" (Amy Morin): "يقتضي التفكير الزائد تقريع الذات على أخطاء الماضي، والقلق بشأن المستقبل؛ إذ تسيطر الأفكار السامة على سلوك الفرد، ويؤدي عجز الإنسان عن إيقاف التفكير الزائد إلى العيش في حالة من العذاب النفسي المتواصل".

يقدم المقال 3 خطوات بسيطة لإيقاف التفكير الزائد واستعادة السلامة العقلية:

1. قبول حقيقة عجز الإنسان عن فهم بعض أحداث الحياة:

لا يسع الإنسان فهم كل ما يحدث في الكون حوله، وتوجد أسئلة لن يجد لها أجوبة مهما بحث عنها، ويميل الأشخاص الذين يُكثرون التفكير إلى محاولة اكتشاف الأسباب الكامنة وراء كل ما يحدث حولهم والآثار المترتبة عليها.

لكنَّنا نعيش في عالم شائك يرتبط فيه السبب والنتيجة بعلاقة معقدة جداً؛ إذ يتعذر على الإنسان في أحيان كثيرة أن يحلِّل هذه العلاقات ويتوصل إلى الأسباب الحقيقية، لهذا السبب يجب أن تقبل حقيقة عدم وجود أسباب واضحة لكثير مما يحدث حولنا، أو أنَّ هذه الأسباب معقدة جداً، وغير مرتبطة مباشرة بالأثر الفعلي قيد الدراسة التحليلية؛ ومن ثَمَّ لا جدوى من محاولة اكتشاف هذه الأسباب وهدر الوقت والطاقة الذهنية والجسدية سدىً.

يصعب على ذوي العقلية التحليلية قبول هذه الحقيقة القاسية؛ لهوسهم بتفسير ودراسة جوانب المواقف والأحداث كلها، واكتشاف الأسباب والحقائق الكامنة خلفها، وتكمن المشكلة في الوقت والجهد المهدورَين في محاولة البحث دون هوادة عن "حقيقة خفية" لا وجود لها بالأساس.

يحتاج الإنسان إلى التحلي بمستويات عالية من الصبر والنضج العقلي حتى يتقبل حقيقة أنَّ بعض الأمور في الحياة لا يستطيع كائن من كان تفسيرها، وليس لكل نتيجة سبب محدد وواضح، فيساعدنا هذا القبول على تخفيض مستويات التوتر في حياتنا تخفيضاً كبيراً.

شاهد بالفيديو: التخلص من التفكير الزائد

2. التركيز على الهدف النهائي مع اتخاذ خطوات عملية بسيطة:

يجب أن تركِّز على الصورة الكاملة للأحداث، ويدفع سلوك التفكير الزائد أحياناً الفرد إلى إفراط التفكير في موقف معين لدرجة استنزاف طاقاته الجسدية والعقلية، ويحول دون إدراك الصورة الكبيرة نتيجة التركيز على الموقف بحد ذاته.
حذارِ أن تشغل تفكيرك بتفاصيل الأمور وتنسى أولويات الحياة الهامة، فيساعدك التركيز على الصورة الكبيرة على تجنب إفراط التكفير في أسباب وحيثيات كل حدث يمر في حياتك.

في الوقت ذاته، يُنصَح بالمضي في الحياة وفق منهجية قائمة على خطوات منفردة تتابعية، ويؤدي التفكير الزائد إلى توليد الشعور بالذنب نتيجة الإفراط بالقلق بشأن المستقبل، والمبالغة في تحليل كل موقف بعينه.

يكمن الحل في التركيز على الصورة الكبيرة، مع القيام بالأعمال الصغيرة المرحلية اللازمة لتحصيل الهدف النهائي، وقد ينشغل الإنسان أحياناً بأحد الخطوات المرحلية ويعجز عن تجاوزها، وبالنتيجة يتوقف عن التقدم في حياته.

في الوقت نفسه، يمكن أن يركز بعض الناس على الصورة الكبيرة النهائية دون وضع خطة تنفيذ مؤلفة من خطوات عملية لتحقيق الهدف المنشود، ويكمن الحل في إيجاد التوازن بين التفكير في الهدف النهائي واتباع خطوات عملية صغيرة للوصول تدريجيَّاً إليه.

إقرأ أيضاً: الأهداف المتعلقة بالعملية مقابل المتعلقة بالنتيجة: كيف تستخدمها للنجاح

3. تكوين تصور واضح عن الغاية المنشودة:

غالباً ما يكون الأشخاص الذين يبالغون في التفكير عرضة لتشتت الانتباه والانحراف عن الغاية الأساسية؛ إذ يصبح الفرد عاجزاً عن التحكم في مسار أفكاره، وهنا تبرز الحاجة إلى امتلاك رؤية واضحة، مما يعني تحديد الأهداف في المرحلة الحالية والمستقبلية بحكمة ووضوح.

عندما يركِّز الفرد على أهدافه وطموحاته ويرسم خطة واضحة لحياته المستقبلية، فإنَّه سيكون قادراً على تجاوز المواقف والأحداث التي يمكن أن تشغل باله وتجبره على الإفراط في التفكير لفترة زمنية أطول من اللازم.

من الهام أن يكوِّن الإنسان تصوراً مستقبلياً عن الأهداف التي يسعى إلى تحقيقها بصرف النظر عن نوع هذه الأهداف، ولا سيما بالنسبة إلى الأفراد الميالين للتفكير الزائد في مواقف حياتهم وأحداثها.

أي يجب أن تعدَّ خطة عمل واضحة ومقتضبة، وتلتزم بها، ولا تسمح للأزمات الطارئة بالتفاقم وبثنيك عن متابعة تقدُّمك باتجاه هدفك النهائي.

إقرأ أيضاً: 7 خطوات مهمة يجب ان تتقيّد بها لتصل إلى هدفك المنشود

تحرير العقل:

العقلية التحليلية سيفٌ ذو حدين؛ وذلك لأنَّ إجراء دراسة تحليلية للوضع قبل اتخاذ القرار النهائي ينم عن عقلية حكيمة، ويضمن تحقيق نجاحات بارزة من جهة، لكن يجب الانتباه من جهة ثانية من تجاوز الحد الطبيعي والوقوع في شرك التفكير الزائد.

لحسن الحظ توجد طرائق تساعدنا على التخلص من الجوانب السلبية للعقلية التحليلية، والاحتفاظ بالجوانب النافعة منها.

نود أن نذكر مجدداً أنَّه لا يوجد خير ولا جدوى في إفراط التفكير في مواقف وأحداث الحياة؛ بل إنَّه يؤدي غالباً إلى تفاقم المشكلات ومنعنا من تحقيق التقدم والوصول إلى الأهداف النهائية، ويجب أن يتصالح الإنسان مع فكرة عدم وجود تفسير صحيح أو سبب فعلي وراء كل ما يحدث في حياته، أو أن يقنع بالتفسير البسيط ولا يهدر عمره في التفكير الذي لا طائل منه.

يستطيع الإنسان تجنب الوقوع في فخ التفكير الزائد عندما يقنع بعدم وجود تفسيرات صحيحة لكل ما يحدث له، ويركز على المسائل الهامة في حياته، ويكوِّن تصوراً واضحاً عن معالم حياته المستقبلية.

في الختام:

لا طائل من تضخيم المسائل في الحياة، ولا جدوى من التفكير الزائد في المواقف، ستتخلص من الإجهاد وتنعم بالسعادة عندما تعطي كل موقف حقه من التفكير دون إفراط.




مقالات مرتبطة