3 أسباب تدلُّ على أنَّ الانفتاح الذهني هو جزء أساسي من النمو الذاتي

في الآونة الأخيرة، امتلأت وسائل التواصل الاجتماعي بالآراء بشكل أكثر من المعتاد، ونظراً لأنَّ الناس يعبِّرون عن معتقداتهم فيها بقوة، يدافع الآخرون بصورة أكثر عدائية عن معتقداتهم رداً على ذلك، لكن عادةً ما تكون المناقشات العقلانية قليلة جداً ومتباعدة، ولقد لاحظت من خلال المراقبة والخبرة أنَّ خلافات عدائية كثيرة تنبع من الانغلاق الذهني من الطرفين كليهما، ومن مجرد عدم الإصغاء.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن المدونة إيرين هاريسون (Erin Harrison)، وتُقدِّم لنا فيه 3 أسباب تدل على أنَّ الانفتاح الذهني هو جزء أساسي من النمو الذاتي.

إذاً، لماذا يُعدُّ الانفتاح الذهني جزءاً أساسياً من النمو الذاتي؟

إليك 3 أسباب لذلك:

1. يغيِّر نهجك في المحادثات:

لقد رأيت كثيراً من الأشخاص الذين يخوضون الجدالات (بصراحة لا يمكنني حتى نعتها بالجدالات؛ بل هي أشبه بالهجوم اللفظي) عن طريق إخبار الشخص الذي يتجادلون معه بأنَّه مخطئ بطريقة مباشرة؛ إذ يؤدي هذا إلى شعور الشخص بالإذلال، لكن بدلاً من ذلك، يجب أن ندرك أنَّ الشخص الذي نختلف معه لديه سبب لمعتقده، ولكي نحدد ما إذا كان هذا السبب وجيهاً، ويمكن الاعتماد عليه، يجب أن نصغي إليه، ويجب أن ندرك أنَّه شخص يعتقد في كثير من الأحيان أنَّ طريقته هي الطريقة الأفضل والأكثر أماناً.

كذلك، يجب أن تضع في حسبانك أنَّ الانفتاح الذهني هو ليس مجرد أسلوب لتكوين معتقداتك السياسية؛ بل يجب أن تستخدمه وألا ترفض الأفكار قبل أن تسمعها وتفكر فيها.

دعنا ننظر إلى عملية التفكير هذه في إطار التخلص من الشك الذاتي وانعدام الأمان والقلق، وقد يكون من الصعب فهم سبب معاناة بعض الأصدقاء وأفراد الأسرة من القلق أو الشك الذاتي؛ لذا بدلاً من أن نقول لهم: "لا تقلقوا"، يجب أن نسألهم عما يقلقهم، وعن سبب قلقهم بشأن ذلك الأمر، وما الذي يساعدهم على تخفيف مخاوفهم، ثم بعد ذلك، يجب أن نعبِّر عن تفهمنا لقلقهم، وأن نناقش حيثياته والإجراءات التي يجب أن يتخذوها لمنع حدوثه في المستقبل؛ إذ إنَّ كلمة "لا تقلقوا"، تتجاهل المخاوف الحقيقية، وتثير شعوراً بالخزي لامتلاكها، وهو أمر لا يساعد على نمو أيٍّ من الطرفين.

على الجانب الآخر، إذا كنت تعاني شيئاً مثل القلق أو الشك الذاتي وأردت الحصول على المساعدة، فمن الممكن أن تتوقع أنَّك قد تأخرت في أخذ أي نصيحة من أحد قد تساعدك فعلاً، لكن إذا سمعت نصيحة أحد دون الإصغاء إليه والأخذ بها، فلن تكون المحادثة مثمرة؛ لأنَّك ستكون قد قررت أنَّ حالتك استثناء؛ لذلك، لكي تحصل على المساعدة، يجب أن تكون منفتحاً للحصول عليها أولاً.

إقرأ أيضاً: قبعات التفكير الست

2. يتيح مساحة للطرفين كليهما للاعتراف بعيوبهما:

إنَّ عَدَّ آرائنا معصومة عن الخطأ لمجرد أنَّنا نتمسك بها هو أمر غير مفيد على الإطلاق، فإذا كنا خائفين من غرابة منطقنا، فإنَّنا نجعل أفكارنا تبدو وكأنَّها أكثر تطرفاً؛ لأنَّنا نقدم حلولاً "مثالية" بدلاً من الإصغاء إلى آراء الآخرين.

على سبيل المثال، إذا كان لدى شخص ما آليات مواجهة سلبية للتوتر، فيجب ألا يتجاهلها كما لو أنَّها ليست مشكلة كبيرة؛ أي بدلاً من عدم عدِّها مشكلة، عليه أن يعترف بوجود خطب ما في المقام الأول، وبالمثل، إذا حاول صديقه اقتراح سلوك ليحل محل السلوك السلبي، فينبغي على الصديق ألا يعتقد أنَّ هذه الطريقة هي الأفضل والوحيدة على الإطلاق للعيش.

يعود هذا مرة أخرى إلى أسلوبك في المواجهة، مما يثبت أنَّ الشخص الذي لديه آليات مواجهة سلبية ربما لا يريد الاعتماد عليها؛ بل يرغب في التحسن.

شاهد بالفديو: سمات شخصية صاحب العقل المنفتح

3. ستكون المحادثة أكثر صدقاً وإنتاجية:

بصرف النظر عن رأيك، فمن السهل تحويل المحادثة إلى هجمات شخصية وتعليقات غاضبة، لكن عندما نتخلص من هذه السلوكات، فإنَّنا نفسح المجال للحقائق والتجارب ووجهات النظر الحقيقية؛ إذ يمنح الشخص ذو الذهن المنفتح الآخرين الفرصة للتعبير عن آرائهم بصورة كاملة، وهذا يعني أنَّه في نهاية المحادثة، وإن اختلف الشخصان في الرأي، فيمكنهما حينئذٍ قول: "أنا لا أوافق؛ لكنَّني أفهم السبب لذلك"، مما ينتج عنه قدر أقل من التهجم و العداء.

عندما كنت طفلة، كنت واثقة من نفسي، وقد يختار بعضهم كلمة مغرورة، لكن لنعتمد كلمة "ثقة غير عادية"، ومن الواضح أنَّ معظم الأطفال يعانون مشكلات في التعرف إلى السمات الإيجابية التي يتشاركونها مع الآخرين، وقد عانيت من ذلك أيضاً، كان حبي لذاتي أكبر من أن أرى أنَّ الفتيات الأخريات جميلات وذكيات.

على الرَّغم من ذلك، في مرحلة ما، عندما كنت في المدرسة الإعدادية، بدأ عدم تحملي لفكرة مغادرة المنزل دون أي مستحضرات تجميل، يَحُلُّ محل ثقتي العالية بالنفس.

اتخذت من مقارنة نفسي مع الآخرين عادةً غير صحية في روتيني اليومي طيلة ست سنوات من استخدامي لوسائل التواصل الاجتماعي؛ إذ لم أدرك مدى خطورتها حتى وجدت أنَّني أقارن نفسي بفتيات أخريات متمنية قبل أن أخلد إلى الفراش الحصول على حياتهن المثالية؛ لكنَّني في النهاية، شعرت بالاستياء لأنَّني كنت أركز على الأمر كثيراً كل يوم، لكن بدلاً من اتخاذ خطوات فعلية للتخفيف من هذه العادة غير الصحية التي فرضتها على نفسي، سمحت لها بالبقاء، ولقد اخترت أن أتجاهلها، وتصرفت وكأنَّني لا أملك أيَّ سبب لإصلاح أيِّ شيء منذ أن حددت المشكلة بالفعل.

من غير المنطقي أن نتعامل مع نكساتنا الشخصية، وكأنَّها كتاب نريد قراءته منذ سنوات، ولا نقربه؛ لذلك إنَّ الطريقة الوحيدة لتجاوز عادة المقارنة هي السماح لأنفسنا بالشعور بالاستياء بين الحين والآخر؛ أي لقد كان عليَّ أن أتوقف عن تجاهل المشكلة.

لذلك، بدأت بالمحاولة ببطء، لكن بثبات، كنت أجد نفسي متربصة في صفحة شخص ما، لكن بعد ذلك كنت أدرك الأكاذيب التي كنت أخبرها لنفسي باستمرار وأبذل قصارى جهدي لرفع معنوياتي، ثم ذات يوم، قرأت مقولة مفادها: "لمجرد أنَّها جميلة لا يعني أنَّك لست كذلك".

إقرأ أيضاً: 9 نصائح لتصبح أكثر ذكاءً وتميزاً

أتمنى لو غيرت رؤية مقولة جميلة تمدُّ بالقوة كهذه وجهة نظري في الحياة تماماً، وأتمنى لو يمكنني قول إنَّني لم أظهر أيَّ رد فعل خفي سلبي بعدها أبداً، لكن هذا ليس هو الحال، فما كان يعنيه ذلك هو أنَّني منذ ذلك الحين، عندما وقعتُ في شرك المقارنة، كنت أذكر نفسي أنَّ في هذا الكون يوجد ما يكفي من الجمال، وثمة متسع للجميع ليكونوا جميلين؛ أي إنَّ جمال أي شخص آخر لن يلغي جمالك.

كنت أعتقد أنَّني إذا كنت "جميلة" بقدر الفتيات اللواتي قارنت نفسي بهن، فلن أواجه أيَّ مشكلة أخرى، لكن فهم أنَّ في هذا الكون يوجد ما يكفي من الجمال يرتبط ارتباطاً مباشراً بإدراك أنَّ لا أحد معفي من الحزن؛ فدائماً ما سيُخيِّب أحدٌ آمالنا، ودائماً ما سيكون لدينا خصم لنا، ولن تختفي السلبية أو الحزن من حياتنا تماماً.




مقالات مرتبطة