3 أسباب تجعل النساء يبتعدن عن المناصب القيادية

كان أحد التغييرات المجتمعية العديدة التي أثارتها حركة تحرير المرأة في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي هو التحول في إيديولوجية الدور باختلاف الجنس، ومكَّنَت طريقة التفكير الجديدة النساء العاملات بشكلٍ خاص؛ إذ فتحت الأبواب أمامهن لتولِّي مناصب رفيعة المستوى والنجاح فيها.



استمر هذا النهج التقدمي في مكان العمل في النمو خلال الثمانينيات والتسعينيات وحتى نهاية القرن؛ إذ وصل حينئذ إلى طور من الاستقرار، ووفق تقرير قدمه مركز التقدم الأمريكي، فإنَّ أقل من 9% من النساء في الولايات المتحدة يشغلن مناصب إدارية عليا، ونسبة النساء في جميع مجالس إدارة الشركات كانت تتراوح نحو 12% خلال العقد الماضي. والعدد القليل من النساء العاملات في الوظائف رفيعة المستوى لم يستمررن في مناصبهن.

ما هو السبب؟

هناك العديد من الأسباب، ولكن يبدو أنَّها جميعاً تشترك في مشكلة واحدة؛ وهي أنَّ المديرات التنفيذيات لا تتمتَّعن بفرص كثيرة للتقدُّم في حياتهن المهنية مثل الرجال.

تتوافق البيانات من موقع تقييمات مكان العمل "إن-هير-سايت" (InHerSight) الذي يحيط بهذه المشكلة مع الإحصاءات الوطنية المماثلة؛ إذ قارن الموقع تصنيفات النساء القياديات والتنفيذيات اللواتي تركن وظائفهن مع أولئك الذين بقينَ فيها، وأظهرت البيانات أنَّ هناك ثلاثة مجالات محددة كانت فيها النساء اللواتي يستقلن غير راضيات بشكل ملحوظ.

إقرأ أيضاً: لماذا دور المرأة القيادية مازال محتشم ؟

1. قلَّة فرص المرأة:

يُعدِّل موقع "إن-هير-سايت" (InHerSight) تعريف ذلك ليشمل فرصاً مثل الترقيات، والأدوار القيادية، وزيادة الرواتب، وبرامج التحفيز. يُعَدُّ الوصول إلى "الوظائف ذات الطلب العالي" إحدى الفرص الرئيسة التي تقل احتمالية أن تحصل عليها النساء؛ وذلك وفقاً لما جاء في تحليل شركات "كاتاليست" (Catalyst)؛ وهذا يعني أنَّ النساء يحصلن على عدد أقل من الأدوار التي تركز في المهمات، ومن فرص السفر التي يمكن أن تعزز حياتهنَّ المهنية.

وجد التقرير أنَّ الرجال يحصلون على المزيد من الفرص التي يمكن أن تُشكِّل تقدماً في حياتهم المهنية؛ بما في ذلك قيادة المشاريع ذات الميزانيات والفوارق الكبرى، وبعضها يتضمن تلقِّي مهام دولية. توضِّح إحدى النساء إحباطها فيما يخص تصنيفها لرب عملها على موقع "إن-هير-سايت" (InHerSight):

بصفتي مشرفة في قسم يُعَدُّ مُرهِقاً بالنسبة إلى الإناث، فإنَّ القدرة على الارتقاء أمرٌ مستحيل، ويسمح الدور نفسه في قسم آخر بالارتقاء الوظيفي، أمَّا في قسمي فقد باءت كل محاولاتي بالفشل ولم أستطع الترقِّي في السلم الوظيفي، وغادرتُ بعد أكثر من عام لأنَّني شعرت بأنَّ لا أحد يريد أو يهتم إذا كان في إمكاني مواصلة مسيرتي المهنية هنا.

إقرأ أيضاً: المرأة و القيادة

2. ضعف تمثيل المرأة في القيادة:

إنَّ هذا التفاوت ناجم مباشرةً في جزء منه عن هذا النقص في فرص التقدم، ومن الهام أن ندركَ ماهية العقبات التي تعترض طريق هذا التقدم؛ على سبيل المثال، تخبرنا بيانات الاستطلاع الذي أجراه "مركز بيو للبحوثات" (Pew Research Center) أنَّ المشاركين قد ذكروا في كثير من الأحيان سببين لعدم تولِّي النساء أدواراً قيادية:

  1. إنَّهنَّ يخضعن إلى معايير أعلى من الرجال.
  2. يوجد نقص في استعداد الشركات إلى توظيف النساء في المناصب التنفيذية العليا.

ومن المثير للاهتمام أنَّ الدراسة تُظهِر أنَّ العمال على دراية بهذه المشكلة. يتَّفق المستطلعون - عبر أربعة أجيال "من الجيل الصامت إلى جيل الألفية" وثلاثة أحزاب سياسية "الجمهوري والديمقراطي والمستقل" - على أنَّه من السهل للرجال تولِّي مناصب تنفيذية أكثر من النساء.

أحد أسباب مغادرة النساء لمناصبهنَّ العليا يتمثل في أنَّهن ينظرن من حولهن ولا يرين أحداً يشبههن.

شاهد بالفيديو: 8 نصائح لرفع معنويات كل امرأة

3. ساعات عمل غير مرنة:

أظهر استطلاع أنَّ المسؤوليات الأسرية للمشاركات البالغات غير العاملات - اللواتي تتراوح أعمارهن بين 25 و54 عاماً - يُعَدُّ سبباً لعدم عمل 61% من النساء، بينما ذكر 37% من الرجال السبب نفسه؛ وربما يكون ذلك بسبب تولِّي النساء مهمات رعاية الأطفال أكثر بكثير من الرجال.

من بين الذين شملهم الاستطلاع في دراسة "شركة ماكينزي آند كومباني" (McKinsey & Company)، قال معظم الرجال إنَّهم كانوا المعيلين الأساسيين ولكنَّهم ليسوا من مقدمي الرعاية الأساسيين، بينما قالت نحو نصف النساء بأنَّهن كُنَّ المعيلات الأساسيات ومقدمات الرعاية الأساسيات أيضاً.

في اقتصاد تُمثِّل فيه رواتب النساء ما يقارب 40% من إجمالي دخل الأسرة النموذجي، تضطر النساء إلى تولِّي كلا الدورين. ولتسهيل الأمور، غالباً ما تترك النساء وظائفهنَّ مفتوحةً "لزيادة القدرة على التنبؤ وتقليل السفر"؛ وذلك كما تقول دراسة شركة "ماكينزي" (McKinsey)، ولكن قد يكون ذلك صعباً عندما تكون الوظائف بدوام كامل هي الخيار الوحيد؛ وهو ما يحدث غالباً. إنَّ 3% من المديرين "الرجال والنساء" وأقل من 1% من كبار التنفيذيين يعملون بدوام جزئي.

إقرأ أيضاً: الشخصيّة القياديّة وأهم الصفات التي تجعل منك قائدًا ناجحًا

100 عام لوصول النساء إلى جناح القيادة:

في حين أنَّ العوامل المذكورة آنفاً تساعد على تفسير سبب ترك النساء - في كثير من الأحيان أكثر من الرجال - لوظائف عالية المستوى، فإنَّها تساعد أيضاً على تفسير سبب وجود عدد قليل جداً من النساء في تلك الوظائف في المقام الأول.

وجدت دراسة شركة "ماكينزي" (McKinsey) أنَّه عند الدخول والمستوى المتوسط، فإنَّ النسبة المئوية للنساء والرجال الذين يتطلعون إلى المضي قدماً متقاربة؛ إذ إنَّها تبلغ 69% من النساء مقابل 74% من الرجال، ولكنَّ نسبة الرجال 36% يريدون الوصول إلى منصب الرئيس التنفيذي مقابل 18% فقط من النساء ممن يُردن ذلك.

كما يشير التقرير، فإنَّ إحدى طرائق تغيير ذلك هي أن "تخطط الشركات بناء على تطلعات النساء قصيرة المدى لتحفيزهنَّ ومساعدتهنَّ على النمو ليصبحن مديرات ونائبات رؤساء؛ فكل خطوة تبني الثقة لاتِّخاذ الخطوة التالية".

ومع ذلك يقول آخر تقرير لشركة "ماكينزي" (McKinsey) بالاقتران مع منظمة "لين-إن.أورغ" (LeanIn.org): إنَّه بالمعدل الحالي للتقدُّم؛ سيستغرق الأمر 25 عاماً قبل أن تصل النساء إلى المساواة على مستوى نائب الرئيس وأكثر من 100 عام في المناصب الرئاسية.

توجد طرائق لتغيير هذا الأمر، ولكنَّها تبدأ بالشركات التي ترى نفسها معنيَّة بهذه المشكلة.

المصدر: 1.




مقالات مرتبطة