13 طريقة لتطوير التعلم الذاتي والتعلم بسرعة

إنَّ التعلم الذاتي ليس مَهمَّة بسيطة أبداً، حيث يتطلب الأمر تجربة طرائق دراسة جديدة، ومعرفة كيف نتعلم، وإيجاد الحافز لمواصلة القيام بذلك.



يبدو كل هذا بسيطاً نظرياً، إلَّا أنَّه من الهام أن نعرف مزاج الناس العام تجاه عملية التعلم، حيث يمضي كثير من الناس عدة سنوات دون إمساك كتاب والقراءة فيه، وربَّما لن تتفاجأ من معرفة أنَّ معظم الناس يتوقفون عن التعلم بمجرد انتهائهم من الدراسة في الجامعة أو المدرسة.

إنَّه لمن الجيد أنَّك تركز الآن على عملية تعلمك من جديد؛ ذلك لأنَّك ستدرك بمجرد الخوض في ماهية التعلم كيف أنَّ الطريقة التي تعلمت بها في المدرسة لم تكن عملية التعلم الأمثل، وأنَّ هناك العديد من الطرائق الأخرى التي تكون أكثر فاعلية، كعملية التعلم الذاتي.

ما هو التعلم الذاتي؟

يعني التعلم الذاتي أن تتلقى العلم بنفسك وتتطور من خلال هذه العملية، وهو تقنية تختلف اختلافاً جذرياً عن التقنية المستخدمة في التعليم المدرسي؛ أي بمعنى آخر: هو تقنية فعالة للغاية، ويمكن لأي شخص أن يستخدمها، وقد تكون رائعة إذا طُبِّقت في البيئة المدرسية.

في الواقع، يوجد مدرسة واحدة في الولايات المتحدة تشكل مثالاً على عملية التعلم هذه، وهي مدرسة بريسبان المستقلة (Brisbane Independent School) أو BIS، حيث تمكَّنت هذه المدرسة من تبني هذا النمط من التعلم لأنَّها لم تكن مقيدة بالمناهج الفيدارلية الضعيفة، وقد دفعت "جنيفير هاينز" (Jennifer Haynes) باتجاه عملية التعلم الذاتي هذه عندما بدأت بالتدريس في BIS في التسعينيات، وبدأ من هناك ذلك المصطلح بالتطور حتى أصبح منهجاً تعليمياً يرتكز على سبع ميزات هي:

  • المتعة.
  • الاستقلالية.
  • التقييم الداخلي.
  • الانفتاح على التجربة.
  • الحافز الذاتي.
  • تقبُّل الذات.
  • المرونة.

وقد كتبت "هاينز" (Haynes) عن هذا المنهج التعليمي قائلة: "هذه الخصائص مخططة في منهجنا، حيث يُتابَع كل طالب في إطار عملية تنمية مستمرة، ومن الرائع أن ترى كيف ينتقل الطالب من حاجته إلى مدرِّس لمساعدته على الخروج بفكرة لمشروع ما إلى مراقبته فحسب في سنواته الأخيرة وهو يخطط وينفذ المشروع لوحده؛ حيث يتعلم ذاتياً، ويكتشف روعة قدرته على تطوير فكرته، والأهم أنَّه يتعلم كيفية إكمال المَهمَّة دون أن يحتاج مساعدة أحد لإنجازها".

شاهد بالفيديو: 6 عادات يمارسها الأشخاص الذين يتقنون التعلُّم

مهارات التعلم الذاتي:

يمكننا استنتاج خصائص المتعلم الذاتي من خلال إلقاء نظرة فاحصة على المتعلمين في مدرسة BIS؛ وكلَّما بحثنا أكثر، اكتشفنا أكثر، فقد درست عدة أبحاث هذه الطريقة في التعليم مراراً، وأظهرت العديد من التأثيرات الإيجابية لتطبيقها، فمثلاً:

  1. نحن نتبنى التعلم الذاتي بمبادرة ذاتية بالكامل، وقد أشارت إحدى الدراسات إلى أنَّ الناس يكشفون عن عزيمة ومثابرة، ويمتلكون دوافع ذاتية ونزاهة عند اتباع عملية التعلم الذاتي بملء إرادتهم.
  2. يشعر الطلاب بمزيد من التمكين من خلال التعلم الذاتي، ويمارسون المساءلة الذاتية بوتيرة أعلى؛ فمثلاً: يمكننا أن ننظر إلى عملية التعلم عبر برامج شبكة الإنترنت على أنَّها نوع من أنواع التعلم الذاتي، وتحتاج إلى مراقبة وتيرة تعلمك بنفسك عندما تتبع دورات عبرها.
  3. يطور الأشخاص الذين يتبنون عملية التعلم الذاتي مهارات مفيدة أخرى؛ حيث سيكون من الأسهل بالنسبة إليهم إيجاد الوقت لتحديد أهدافهم وإيجاد دوافعهم؛ كما يمكن تطبيق هذه الأنواع من المهارات في مجالات أخرى غير التعليم في نهاية المطاف؛ فعلى سبيل المثال: يساعدنا تحديد أهدافنا الخاصة على تنمية وإثراء أعمالنا ومهنتنا وحياتنا، وندرك من خلال إتقان وضع أهداف تثير اهتمامنا وشغفنا لتحقيقها أفضلية ذلك على تحديد أهداف لا تهمنا شخصياً.

من بعض الخصائص الأخرى للمتعلم الذاتي:

  • هو شخص تأملي للغاية: تتطلب معرفة اهتماماتك وكيفية تحفيز نفسك الكثير؛ ونتيجة لذلك، يحتاج العديد من هؤلاء المتعلمين بعض الوقت لتقييم وفهم عقلياتهم وطرائق تفكيرهم.
  • هو شخص ذو كفاءة ذاتية: يصبح هؤلاء الأشخاص أكثر كفاءة من خلال تعلمهم الذاتي؛ وذلك كونهم ينتقلون من التعلم الفعال إلى التحفيز الفعال؛ فيتعلمون أساليب واستراتيجيات أفضل لإدارة حياتهم وعملهم من خلال تعميم سلوك التعلم الذاتي على جوانب أخرى من حياتهم.
  • هو شخص داعم: عندما تكون شخصاً يتعلم ذاتياً، ستقدِّر التعاون والعمل الجماعي؛ ويعلمك هذا أن تطلب المساعدة والإرشاد، ويعلمك كيف تقدم المساعدة عند الحاجة، ويساعدك على الانسجام بطريقة أفضل مع أعضاء الفريق الآخرين.
  • لديه شعور أعلى بالمسؤولية: إنَّه لمن الهام أن نعتني بأنفسنا، ولكنَّنا كثيراً ما نربط هذا بالجانب المادي من الأشياء، إلَّا أنَّ هذا النوع من التعلم يركز على الجانب الذهني الذي لا يقل أهمية عن الجانب المادي، ويساعدنا على إدراك أنَّنا نحتاج إلى إدارة كلا الجانبين من أنفسنا لنصبح أكثر وعياً بما نتعلمه.
  • هو شخص فضولي: تحثنا طريقة التعلم هذه على طرح سؤال "لماذا؟"، وعلى عدم قبول كلمة "لا أعرف" كإجابة؛ ونتيجة لذلك، نتعلم أن نسأل عن الأشياء الأكثر أهمية وتأثيراً، والتي تثير فينا حس النقاش والاكتشاف والتعلم.

المدهش هو أنَّنا نستطيع إسقاط عملية التعلم الذاتي على حياتنا الشخصية، والسؤال الهام الآن هو كيف تصبح متعلماً ذاتياً؟

إقرأ أيضاً: ما هو التعليم المستمر؟ وما هي أهميَّته؟

استراتيجية التعلم الذاتي:

لا يعدُّ تطوير استراتيجية التعلم الذاتي أمراً صعباً، ومن الضروري أن تُدرَس هذه الاستراتيجية بوضوح بالنسبة إلى معظم الناس.

تساعد الطرائق التالية في تنمية وتعلم هذه الاستراتيجية:

1. تحديد أهداف التعلم:

حدد ما ترغب في تعلمه أولاً؛ ذلك لأنَّك لن تتمكن من تحقيق أي شيء لم تتصور ماهيته مسبقاً.

2. التساؤل عن الأهمية:

عوِّد نفسك على عدم تقبل ظواهر الأمور، وتسلَّح بالفضول، واطرح الأسئلة التي تحرضك على البحث عن الإجابة.

3. البحث عن التحديات:

يمكن للتحديات أن تكون مثيرة ومثمرة، وليست بالسوء التي نظنها عليه؛ ولكن شريطة أن يكون التحدي مبنياً على مشكلة تهتم بالبحث عن حل لها.

4. التحقق من سير عملية التعلم:

تمسي عملية التعلم أفضل عندما يكون لدينا معايير لما نريد تعلمه؛ لذا بناء عليه، يمكنك قياس تقدمك من خلال تتبع أهداف التعلم الذاتي التي حددتها بنفسك، وليس اعتماداً على الدرجات أو الاختبارات التقليدية.

5. فهم نهج التعلم المتبع:

توجد مصادر مساعدة كثيرة تساعدنا على تحديد أساليب التعلم، لكن هل تعرف حقاً أيُّها الأنسب بالنسبة إليك؟

يمكنك النظر في شكل نهج التعلم وأدواته، وتغييره من وقت إلى آخر بما يتناسب مع أهدافك وظروفك.

6. استكشاف خلفية أي موضوع يُدرَس:

تعمق في معرفة الموضوع الذي تتعلمه عن طريق التحقق من خلفيته؛ ولتحقيق هذه الغاية، اقرأ مقالات مختلفة، أو راجع ما يقوله موقع ويكيبيديا حول الموضوع.

7. تعزيز التحفيز الذاتي:

قد يبدو هذا بسيطاً، لكنَّ الكثير من الناس يعانون للوصول إليه؛ ولحسن الحظ أنَّه شيء يمكن تعلمه، وأحد أشكاله هو التخطيط لمشاركة ما تتعلمه مع الآخرين.

إقرأ أيضاً: 8 خطوات للحفاظ على استمرارية التحفيز الذاتي حتى في الأوقات الصعبة

8. صنع شيء ممَّا تعلَّمته:

قد يكون ما تصنعه أغنية أو دفتر يوميات أو صورة، أو أي شيء آخر؛ حيث لا يساعد هذا في ترسيخ ما تعلمته فحسب، لكنَّه يعطيك شيئاً تتطلع إليه.

9. الاستفادة من الوقت:

تلهينا مشاغل الحياة أحياناً، ولا تترك لنا وقتاً للتعلم؛ لكن ضيق الوقت يجب أن يكون هو ما يدفعنا إلى الاستفادة من الوقت الذي نملكه.

لذا، خذ استراحة وقت الغذاء التي تستغرق ثلاثين دقيقة واجعل منها جلسة تعلم؛ كما يمكنك أيضاً أن تستمع إلى مدونة صوتية أو كتاب صوتي في أثناء قيامك بجلسة تمرينات رياضية.

10. وضع قائمة بالمواضيع التي تود التعلم عنها:

فكر في الأمر على أنَّه قائمة مهمات بالأشياء التي تريد التعلم عنها، والتي قد تكون مواضيع عامة أو محددة؛ حيث تساعدك هذه القوائم في تحديد الأهداف والعمل على تحقيقها.

11. تقييم تقدمك وليس أدائك:

لا تتوقف عملية تعلمنا أبداً، ودائماً ما نجد أجزاء صغيرة من المعلومات أو الآراء التي لم نكن نعرف عنها مسبقاً؛ لكن علينا تركيز انتباهنا على تحفيز عملية التعلم أكثر من تركيزنا على الأداء الفعلي إذا أردنا التعلم فعلاً.

12. تحديد أهداف تعلم واقعية:

ترتكز عملية التعلم الذاتي على نظام ننشئه نحن، ولكن علينا أن نحرص على سلامة هذا النظام ووضع كل شيء ضمن الحدود التي تُمكِّننا من الاستفادة منه، فآخر ما نريده هو أن نشعر بالإحباط بسبب عملية التعلم.

إقرأ أيضاً: الأهداف الذكية "SMART": اجعل أهدافك قابلة للتحقيق

13. إنشاء شبكة من زملاء التعلم:

فليكن لدينا مجموعة من الأشخاص الذين يمكننا التعاون والتواصل معهم، حيث ستدفعنا هذه المجموعة لكي نتعلم المزيد، كما يمكنها أن تكون متنفساً لنا عندما نريد التحدث عمَّا تعلمناه؛ وأفضل ما في هذه المجموعات أنَّها يمكن أن تتشكل على أرض الواقع أو على الإنترنت.

شاهد: خطوات التعليم الذاتي

أفكار أخيرة:

إنَّ التعلم الذاتي منهج تعليمي يمكِّننا من خوض تجربة تعليمية أغنى، حتى وإن تضاءلت رغبة الجميع في التعلم بسبب قِدَم وعدم فاعلية نظام التعليم القائم حالياً، والذي لا يشجع التعلم العميق، ولا يدعم الطلاب للتعلم أكثر أو لتحديد أهداف عالية وهامة بالنسبة إليهم؛ كما أنَّه يركز على الدرجات وأداء الطلاب في الاختبارات، ولا يُعدُّ هذا هو الهدف من عملية التعلم.

التعلم الذاتي هام جداً لأنَّه يعلِّم الناس كيف يكونون أشخاصاً أكثر استقلالية ومسؤولية، ويعلمهم كيف يطورون مهارات تمكِّنهم من تقوية التحفيز الداخلي والاكتفاء الذاتي؛ ممَّا يدفعهم إلى طرح أسئلة مؤثرة وذات معنى، وربَّما أكثر من ذلك. لذا ابدأ عملية التعلم الذاتي فوراً، فربَّما تقع في حب التعلم من جديد؛ إذ ما يزال هناك الكثير من المعلومات التي في متناول أيدينا، والتي تستحق أن نستكشفها.

 

المصدر




مقالات مرتبطة