10 سمات يتميز بها رواد الأعمال عن غيرهم

"التميُّز ليس فعلاً، بل عادة". الفيلسوف "أرسطو" (Aristotle). لطالما بدا النجاح أمراً سهلاً بعد فوات الأوان، فكم مرة قلتَ لنفسك: "لقد خطر لي هذا منذ سنوات؟ لو أنَّني..!"؛ فقبل أن تكون قادراً على تحقيق النجاح، عليك أن تملأ هذا الفراغ.



يتميَّز رواد الأعمال بأسلوب عملهم وإنجازاتهم، لكن نادراً ما يشاركون سِمات أو تحديات متطابقة فيما بينهم طوال رحلتهم، وذلك لأنَّ ما يحدِّد سِمات شخصية رائد الأعمال، هو القدرة على مطابقة ميزة فريدة لديهم مع شاغر غير متوقع في السوق.

ما هي السِمات المشتركة لرواد الأعمال؟

يوجد لرواد الأعمال الناجحين أنواع وخلفيات وشخصيات مختلفة، وتوجد بعض السِمات المشتركة يتقاسمها عديد من هؤلاء المبتكرين العظماء، وهي:

1. الشغف:

كما يقول الكاتب "توني روبنز" (Tony Robbins)، في كتابه "قواعد اللعب لرواد الأعمال" (The Entrepreneur Playbook): "ابدأ باكتشاف ما أنت شغوف به أكثر من نفسك، فنادراً ما يشارك رائد الأعمال في مشروع ما لكسب المال فقط".

عندما تتَّبع شغفك، فإنَّك تربط هدفكَ بإقامة مشروع تجاري ناجح بغايتكَ الأسمى في الحياة، سواء كانت تتمثَّل بالتأثير في مجتمعك، أم تحقيق الاستقلال المالي، أم قضاء مزيد من الوقت مع العائلة.

2. الابتكار:

يوجد من ولدوا للقيادة والتفكير خارج الصندوق؛ إذ إنَّهم الأشخاص الذين لديهم دائماً رؤية لم تخطر لأحد من قبل، وقدرة على التفكير بالخطوات الصحيحة لتحقيقها، أو توظيف أشخاص قادرين على فعل ذلك، فإنَّهم أشخاص مبتكرون بالفطرة، يُدركون أنَّه في إمكانك أن تبني علامةً تجاريةً وتسيطر على السوق إذا تمكَّنت من تقديم قيمة أفضل من أي شخص آخر في مجال عملك.

3. الرغبة المُلِحَّة:

لا يوجد روَّاد الأعمال الناجحون هذه الأيام في "وادي السيليكون"(Silicon Valley) فحسب، وقد لا يعملون بالضرورة في مجال التكنولوجيا، لكنَّهم يُقدِّمون منتجات وخدمات تُضفي معنىً أكبر على حياة الناس، فالرغبة المُلِحَّة هي إحدى السِمات التي تُحدِث فرقاً، والتي يتمتَّع بها رائد الأعمال، فالرغبةُ في النجاح تقضي على خوفك من الفشل بأن تمنحك الإصرار اللازم، وتُثبِّتك على الهدف الذي تسعى إليه، فعندما تملك رغبةً مُلِحَّة في الإنجاز، لن يقف شيء في طريقك.

4. الدافع:

إحدى الصفات الهامة لرائد الأعمال هي المثابرة حتى لو كنت تريد الاستسلام، فكيف يمكنك تحقيق ذلك التوافق بين ما يحتاج إليه الناس ويرغبون فيه ورؤيتكَ الخاصة؟ يضمن لك وضع الخطط انطلاقةً قوية، لكنَّ الخطط تتغيَّر؛ لذا حدِّد غايةً ورؤيةً أكبر، ثمَّ ارسم خريطةً للوصول إلى هدفك، فهذا هو جوهر الدافع، وعندما يكون لديك دافع أكبر من المال، ستفعل ما يلزم لتحقيق النجاح دون شكوى.

إقرأ أيضاً: 6 طرائق بسيطة لإيجاد الدافع في حياتك اليومية

5. التفاني:

قد تتمتَّع بجميع سِمات روَّاد الأعمال الناجحين، لكنَّك لن تُحرز نجاحاً ما لم تتَّبع نهجاً فعَّالاً في إنشاء مشروع ذي رؤية خاصة، فعندما تضع خطة لتأسيس شركة متميِّزة، وتدرك كيف ستؤثر في الناس، وتجعل العالم مكاناً أفضل، ستُكرِّس نفسك لهدفٍ يمكنك تصوره وتحويله إلى حقيقة.

6. المصداقية:

المصداقية واحدة من أكثر صفات روَّاد الأعمال التي يُستخَفُّ بها، لكنَّها تؤدي دوراً كبيراً في نجاح العمل؛ وذلك لأنَّها تساعدك على بناء علاقات أعمق مع كلٍّ من عملائك وموظفيك، وإنشاء جو من الألفة، وتزيدُ من تأثيرك؛ إذ يكتشف معظم العملاء الخداع بسهولة؛ لذلك كلما كان عملك أكثر مصداقية، ستحصد مزيداً من النتائج.

7. المرونة:

يقول الكاتب الأميركي "توني روبنز" (Tony Robbins): إنَّ "الشخص الذي يواصل النهوض بعد الفشل سينجح في النهاية"، ولاكتساب هذه المرونة، تحتاج إلى الخبرة والفشل كذلك.

فالقدرة على المجازفة والفشل وتعلُّم الدرس والوقوف من جديد، هي إحدى السِمات الأساسية لروَّاد الأعمال الناجحين، فإنَّهم يستندون إلى إيمان عميق بأنفسهم، يُعزِّزُ القوة الداخلية اللازمة لمواصلة التقدم، فالعمل التجاري خُلق للمحاربين، وليسَ لضعاف القلوب، فهل أنت محارب؟

8. الإقناع:

يجب أن يكون جميع أرباب الأعمال مندوبي مبيعات في مرحلةٍ ما، ولذلك فإنَّ الإقناع أحد السِمات الشخصية الهامَّة لرواد الأعمال، فعندما تريد إقناع مسؤول تنفيذي بدعم منتجك الجديد، أو التواصل مع شخص ما لتقديم رؤيتك الخاصة لسوق العمل، فإنَّ أحد مفاتيح النجاح هو القدرة على إقناع الآخرين بصحة رؤيتك.

9. الوعي الذاتي:

المنظمات قوية بقدر القوة النفسية لقادتها، فعليك أن تكون على دراية بنقاط ضعفك كما نقاط قوتك، حتى تتمكَّن من توظيف أشخاص أذكى منك، ويجب أن تعرف ما هي مهاراتك ومهارات شركائك، كي تبني فريقاً يضاهيك قدرةً وإنجازاً، فعندها فقط تكون مالكاً فعلياً للمشروع، وليس مُشغِّلاً له فحسب.

10. الاستعداد:

الأوقات الصعبة قادمة لا محالة، وهذا يثير خوف معظم الشركات، لكن ستكون هذه أفضل فرصة لك إذا كنت مستعداً؛ إذ ستحتاج إلى أكثر من خطة للانتقال من النقطة "أ" إلى النقطة "ب"، فتوجد دائماً أمور مجهولة بين تلك النقاط قد تعرقل خطة العمل الأساسية، فبدلاً من ذلك، ضع خطة عمل شاملة تكون مرنةً ومُفصَّلةً، تتلاءم مع عديد من السيناريوهات المختلفة، وإذا تمكَّنت من تخطي الأوقات الصعبة، ستنعم بلحظات النجاح.

شاهد بالفيديو: 10 سمات يتميز بها رواد الأعمال عن غيرهم

بعض رواد الأعمال الناجحين:

ما هي السِمات المشتركة لروَّاد الأعمال؟ أحياناً تكون أفضل طريقة للإجابة عن هذا السؤال هي إلقاء نظرة على بعض الأسماء المشهورة، مثل:

الكاتبة "جي كي رولينج" (J.K. Rowling):

لم تكن "رولينغ" التي تعيش في لندن في عام 1993 مجرد كاتبة تشقُّ طريقها، بل كانت أُمَّاً تعيش وحدها مع ولدها، تعيش على الرعاية الاجتماعية، وتحارب الفقر والاكتئاب الشديد، وبالكاد تستطيع تحمُّل تكاليف التدفئة في منزلها، وتأخذ رحلات طويلة بالحافلة؛ إذ كانت تجلس في المقاهي عندما تكون ابنتها الصغيرة نائمة، تكتب على نحو دؤوب القصة الخيالية التي رسمتها في ذهنها قبل سبع سنوات.

فقد تلقَّى نص "هاري بوتر وحجر الفيلسوف" (Harry Potter and the Sorcerer’s Stone) كثيراً من الرفض المتتالي، ما جعل "رولينج" تلجأ إلى تقديم النص تحت اسم مستعار لرجل لمجرَّد الحصول على فرصة ليُنظر فيه بجدية أكبر، وما دفعها لتواصلَ الكفاح، هو الرغبة المُلِحَّة في النجاح، وتوفيرِ حياة أفضل لعائلتها، وقد أتى ذلك بثماره، فـ "رولينغ" الآن كاتبة مشهورة عالمياً، وفاعلة للخير، تقوم بدورها في تغيير العالم.

سيدة الأعمال "سارة بلاكلي" (Sara Blakely):

Sara Blakely

تُحقِّق بعض العلامات التجارية نجاحاً جوهرياً، وتُعيد تعريف الأصناف التي تقدمها في أذهان العملاء، فعلى سبيل المثال، أصبحت "زيروكس" (Xerox)، و"كلينيكس" (Kleenex)، و"ستاربكس" (Starbucks)، اختصاراً للنُسخ المصورة، والمناديل الورقية، ومشروبات القهوة.

بحسب صحيفة "وول ستريت جورنال" (The Wall Street Journal)، أصبحت شركة الملابس الداخلية "سبانكس" (Spanx) الخاصة بـ "سارة بلاكلي" (Sara Blakely) قوةً لا يمكن إيقافها، حيث أعادت تعريف الملابس الداخلية للسيدات.

إذ انتقلت "سارة بلاكلي" من عملٍ للمبتدئين إلى آخر، فعملت بصفتها مدربة مبيعات في النهار، ومؤدية كوميدية في الليل، واعترفت سارة بنفسها، بأنَّها "لم تكن تعرف شيئاً عن صناعة الجوارب الطويلة".

في حين كانت تستعد لحضور حفلة ذات ليلة، أجرت بعض التعديلات على جواربها الطويلة، لكن بحلول الليل، أصبحت مهووسةً بابتكار شكل جديد من الملابس الداخلية لم يكن موجوداً، ونظراً لأنَّ ليس لديها خبرة سابقة في الأزياء، أو البيع بالتجزئة، لم يكن لدى بلاكلي سوى فكرتها ودافع استثنائي لتحقيقها، غير مدركة أنَّها كانت تكشف بذلك عن إحدى أهم سِمات شخصية رواد الأعمال.

لقد كلَّفها المنتج الأولي مبلغ 5000 $، أنفقتها من مدخراتها على مدى عامين من البحث والتخطيط والإنتاج، في حين كانت تعمل في نفس الوقت بوظيفة يومية من الساعة التاسعة إلى الخامسة، من أجل تدبر تكاليف المعيشة.

فانتقلت من العمل بوصفها بائعة متجولة للترويج لمنتجها على طاولة قابلة للطي أمام واجهة متجر "نيمان ماركوس" (Neiman Marcus)، إلى العرض المباشر على قناة "كيو في سي" المتخصصة بالتسوُّق المنزلي (QVC)، إلى الظهور في برنامج "ريبيل ملياردير" (Rebel Billionaire) لرجل الأعمال "ريتشارد برانسون" (Richard Branson).

فقد حاربت بلاكلي شعورها الدائم بالقلق الاجتماعي، وأقدمت على خطوات متهورة وجريئة أحدثت ثورة في عالم صناعة الملابس الداخلية، لتضع "سبانكس" (Spanx) أمام العملاء والموزعين المحتملين، وتواصلت مباشرةً مع عدة مصانع للجوارب، لكنَّها تلقَّت الرفض منها واحداً تلو الآخر، حتى وصلت إلى أحد أصحاب المصانع، وقد لفت الإبداع في فكرة بلاكلي نظرَ بناتها على الفور، فكان الدافع وحده، وهو أحد سِمات رائدة الأعمال، ما حثَّها على الاستمرار.

مع أنَّها لم تفز في النهاية في برنامج "ريبيل ملياردير" (Rebel Billionaire)، إلا أنَّ "برانسون" أبدى إعجابه الشديد بعزيمة بلاكي الرائعة التي لا يمكن ثنيها، لدرجة أنَّه منحها شيكاً شخصياً بقيمة 750.000 $ أمريكي لتمويل مؤسسة خيرية، ومنذ أن دخلت بلاكلي وشركتها السوق باستثمار تبلغ قيمته مليار دولار في أكثر من 60 دولة، تبرَّعت بمبلغ 17.5 مليون $ لتمكين الشابات في جنوب إفريقيا من خلال المنح التعليمية.

"أورسولا بيرنز" (Ursula Burns):

Ursula Burns

كنت ستجد أورسولا بيرنز في صيف عام 1980 تتجوَّل بصفتها متدربة في مكاتب شركة "زيروكس" (Xerox)، وتتولَّى في نهاية الأمر وظائف مختلفةً في التنمية والتخطيط؛ إذ كانت تتقدم بخطىً ثابتة في الشركة، لدرجة أنَّه بحلول عام 2000، لم تتعيَّن بصفتها نائبة المدير فحسب، بل بدأت شراكةً قويةً مع المديرة التنفيذية آنذاك "آن مولكاهي" (Anne Mulcahy)، وازدهرت هذه العلاقة لتصبح علاقةً قائمةً على المنتورينغ، غيَّرت حياة بيرنز إلى الأبد.

لقد كرَّست "بيرنز" نفسها للابتكار على مدار العقد التالي، وتطلَّعت إلى "مولكاهي" بصفتها قدوة يُحتذى بها لتطوير سمات رواد الأعمال الناجحين لديها، فلم تُعد "بيرنز" تصميم سلسلة التوريد والإنتاج في الشركة فحسب، بل خفضت تكاليف التشغيل أيضاً بمقدار الثلث، وقامت بإصلاحات شاملة في قسم تطوير المنتجات، وهو ذات القسم الذي تدرَّبت فيه في السنوات السابقة، وبحلول الوقت الذي أصبح فيه المنتج محط تركيزها الأساسي، كانت "زيروكس" تطرح ما يصل إلى 40 إصدار جديد في السوق كل عام.

ولأنَّ بداياتها كانت متواضعة واضطرت إلى العمل بجد، أدركت "بيرنز" قوة الناس، وأهمية إنشاء وتمكين وإطلاق العنان لفريقٍ مذهل، وبعد أن عُيِّنت حديثاً بمنصب الرئيس التنفيذي، طوَّرت ووظَّفت جيلاً جديداً من المواهب على مدار العقد التالي، ونجحت في تحويل "زيروكس" من شركة مصنعة للمعدَّات، إلى شركة تركِّز على خدمات الأعمال التجارية بصورة موسَّعة، وبذلك جسَّدت "بيرنز" التفاني بوصفها واحدة من أهم سِمات رائد الأعمال.

فلم تكن جهودها مكرَّسة لتحقيق رؤيتها فحسب، بل كرَّستها للموظفين لديها، ولبناءِ فريق ناجح، فإذا لم تكن مُخلصاً لأولئك الذين يساعدونك على تحقيق النجاح، فلا فائدة تُرجى من أي من السِمات الأخرى لرائد الأعمال؛ وذلك لأنَّ رواد الأعمال الناجحين لا يعنيهم ما يحصلون عليه، بقدر اهتمامهم بما يقدِّمونه لأولئك الذين يعملون لمصلحتهم وللعالم بأسره كذلك.

يوضح "توني روبنز" ذلك قائلاً: "لا يتعلَّق الأمر بما نُحصِّله، بل إنَّ ما يُضفي معنىً على حياتنا هو ما نصبح عليه وما نُساهم به".

إقرأ أيضاً: قصة نجاح جاك ما مؤسس موقع علي بابا الشهير

أي نوع من رواد الأعمال أنت؟

من المفارقات أنَّ أهم نقاط قوتك غالباً ما تكون الركيزة الأساسية للتحدي الأصعب الذي تواجهه؛ فإنَّ اكتشاف تميُّزكَ فيما ستفعله أو تقدِّمه أو تبتكره لتقديم التجربة الأسمى للعميل، يمنحك ميزةً لا تقبل المنافسة إذا تمكَّنت من تجاوز الاختبار الأهم الذي يظهر لك.

فإنَّ ميِّزات رائد الأعمال تضعه في مرتبة أعلى من أولئك الذين لا تتوافق صفاتهم مع مقومات النجاح على نحو أعمق، وتساعدهم هذه السمات على عيش حياة مُرضية وتحقيق مساعٍ ناجحة كذلك.

في الختام:

قد تختلف سمات شخصية رائد الأعمال من شخص إلى آخر اختلافاً بسيطاً، لكنَّ السمات العشرة المذكورة، تتطابق إلى حدٍّ كبير عند النظر إلى كبار رواد الأعمال عبر التاريخ، فعندما تكون قادراً على دمج الرغبة المُلِحَّة والدافع والتفاني في مخطط عملك، واستخدامها للدفع بالنجاح نحو الأمام، ستعزِّز من تقدمك، وتصبح بذلك رائد أعمال حقيقياً.

المصدر




مقالات مرتبطة