10 خطوات لتغير حياتك وتصبح شخصاً أفضل (الجزء الثاني)

لقد تحدَّثنا في الجزء الأول من هذا المقال عن خطوتين لتغيِّر حياتك وتصبح شخصاً أفضل، وسنكمل في هذا الجزء الثاني ونتحدَّث عن 4 خطوات أخرى.



3. التحكُّم بذهنك:

وجدت دراسة أُجريت على 2250 شخصاً أنَّ ذهننا يكون شارداً ما يقرب من نصف الوقت، ووَفقاً للدراسة التي أجراها "دانييل جيلبرت" (Daniel Gilbert)، مؤلف كتاب "العثور على السعادة" (Stumbling on Happiness)، فإنَّنا لا نركِّز على العالم الخارجي أو ما نفعله في 46.9% من الوقت؛ إذ نستغرق في أفكارنا، وتُعرف هذه الظاهرة باسم شرود الذهن، وهو السبب في أنَّ بعض الناس يكرهون عدَّ النقود في حين يعشق ذلك آخرون، فعندما نشرد فإنَّنا نفكِّر في أهدافنا دون أن نسأل أنفسنا كيف سنحقِّقها أو ما الذي يمنعنا من ذلك.

الناس لا يحبون أن يشردوا؛ وهذا يعني أنَّنا غير سعداء نصف الوقت الذي نكون فيه واعيين، فعندما نشرد نتخيَّل حياتنا دون التفكير بها حقاً، ونحدِّد أهدافنا بناءً على ما حقَّقه الآخرون بالفعل؛ فاسأل نفسك ما هي الأحلام التي تظنُّ أنَّها مستحيلة وتقبَّلت أنَّها كذلك لأنَّ الآخرين أخبروك بذلك؟

هل سمعت من قبل عن قصة الفيل والحبل؟ كان هناك رجل يمرُّ بجوار فيل، لكنَّه توقف فجأة، كان يتوقع أنَّه مقيد بشجرة، لكنَّه لاحظ أنَّ هذا المخلوق العملاق مقيد فقط بحبل صغير بسيط؛ فسأل صاحب الفيل عن سبب ذلك، فأجابه: "عندما تكون الأفيال صغيرة جداً، تُربَط بحبل صغير يكفي لمنعها من الهروب، لكن عندما تكبر تظل معتقدة أنَّها لا تستطيع التحرر منه".

إذا قبلت ظروفك كما هي، فأنت الفيل المربوط بالحبل، ويعدُّ تحديد هذه المعتقدات والتخلص منها فرصة رائعة لتطوير نفسك.

يؤكد "بيتشام" أنَّ الوعي هو أحد أهم العوامل التي تميز الأشخاص الذين يقدِّمون أداءً متفوقاً: "يطور أفضل المنافسين مهارة فهم وإدارة أفكارهم اللاواعية من خلال التحكم بأفكارهم وسلوكاتهم الواعية".

فكِّر: ما هي الأفكار التي كنت تشرد فيها؟ من قال لك أنَّك لا تستطيع تحقيق أهدافك؟ هل تصدِّقه؟ ما هي القيود الذهنية التي تشعر أنَّها تعوقك؟ هل هي حقاً موجودة؟

شاهد بالفيديو: 6 طرق لتدريب عقلك على تحسين التركيز

4. الاستفادة من أنظمتك:

أعلن رياضي يُدعى "جالين روب" (Galen Rupp) في الأول من آذار عام 2010، أنَّه مستعد لتحطيم الرقم القياسي الأمريكي لأسرع رجل في سباق 10000 متر، ولم يقتصر الأمر على كسره هو الرقم القياسي في تلك الليلة، ولكنَّ منافسه "كريس سولينسكي" (Chris Solinsky)، حطَّم الرقم القياسي أيضاً، كما حطَّم رجل يدعى "سيمون بايرو" (Simon Bairu) الرقم القياسي الكندي في تلك الليلة.

كيف حطَّم كل هؤلاء الرجال الأرقام القياسية في ليلة واحدة؟ في اللحظة التي أعلن فيها "جالين روب" أنَّه يستطيع تحطيم الرقم القياسي أصبح تحطيم الرقم القياسي أمراً ممكناً، فلقد أُجبر هؤلاء الذين حطَّموا الأرقام القياسية على استخدام جزء من دماغهم أخرجهم من حالة شرود الذهن، ويسمِّي البروفيسور "دانيال كانيمان" (Daniel Kahneman) مؤلف كتاب "التفكير السريع والبطيء" (Thinking, Fast and Slow) هذا الجزء من دماغنا "النظام 2".

ما هو النظام 2؟

النظام 2 هو طريقة تفكير بطيئة ومدروسة، يُستخدَم عند اتخاذ قرارات صعبة أو التفكير "خارج الصندوق"، وهو عكس النظام 1، الذي تمليه العادات، وعندما نستخدم جزء النظام 2 من دماغنا، نصبح على الفور أكثر إبداعاً ونتحدى طرائق التفكير القديمة.

  • استخدمه لتحويل هواية صغيرة ممتعة إلى مهنة.
  • استخدمه لتحويل فكرة عملك إلى حقيقة واقعة.
  • استخدمه لتحلم أحلاماً أكبر.

النظام 2 قوي جداً، ويمكنك استخدامه في أي مكان تريده، ويتطلَّب شيئاً واحداً فقط، وهو التركيز الكامل، ولكنَّ معظم الناس لا يركِّزون على أحلامهم وأهدافهم تركيزاً كاملاً، إنَّهم مشغولون جداً بالتسلية وهدر الوقت.

إذاً ما الذي يمكنك تحقيقه؟ إلى أي مدى يمكنك أن تتقدم في تحقيق أحلامك؟ أعطِ هذه الإجابة كامل انتباهك، ولا تدع المعتقدات الخاطئة تؤثر في جوابك؛ لأنَّ الإجابة عن هذا السؤال ستحدِّد حدود نجاحك، وتذكَّر، كلما آمنت أنَّ شيئاً ممكناً، أصبح ممكناً حقاً.

إقرأ أيضاً: التفكير المنظومي Systems Thinking

5. توقُّع الحظ:

حان الوقت الآن للتشكيك في توقعاتك اللاواعية، يظنُّ أصحاب الأداء المتميِّز أنَّهم محظوظون؛ إذ يؤمنون بقوة الاحتمالات، ويغيِّر هذا الاعتقاد فرص نجاحهم جذرياً؛ وذلك لأنَّ توقعهم للحظ يغيِّر سلوكهم.

وجد الباحثون في دراسة أجرتها "جامعة كاليفورنيا" في "لوس أنجلوس" (UCLA)، و"جامعة كولومبيا" (Columbia University)، أنَّ معتقداتنا بشأن الحظ تندرج ضمن فئتين: ثابت أو متغير.

  • يعتقد الأشخاص دائماً أنَّهم إمَّا محظوظون أو غير محظوظين.
  • يعتقد الأشخاص أنَّ الحظ متقلب وغالباً ما لا يمكن التنبؤ به.

اتَّضح أنَّ الأشخاص الذين يؤمنون بأنَّ الحظ ثابت لديهم دافع أعلى بكثير للنجاح من الأشخاص الذين رأوا أنَّ الحظ يتغيَّر؛ إذ يجعلك الإيمان بالحظ تنجح؛ وذلك لأنَّ المؤمنين بثبات الحظ شعروا أنَّه تحت سيطرتهم، واستخدموا هذا الاعتقاد لمصلحتهم، أمَّا الأشخاص الذين رأوا أنَّ الحظ متقلِّب لم يهتموا به.

إقرأ أيضاً: أربع استراتيجيات لتغيير حظك بشكل كامل

6. فهم توقعاتك:

كانت ابنة "بيتشام" على وشك خوض سباق جري، وفي صباح يوم السباق أعطى "بيتشام" ابنته بعض الجوارب الرياضية الجديدة، وقال لها: "جرِّبي هذه الجوارب الجديدة، وأراهن أنَّك ستركضين أسرع ممَّا تفعلينه عادة إذا كنت ترتدينها، وستشعرين بأنَّ ساقيك أسرع وأكثر خفة".

عندما قال "بيتشام" ذلك، أعدَّ ابنته رسمياً للفوز، والنتيجة هي أنَّها جرت أسرع سباق في حياتها، فعندما كانت توقعاتها عالية كسرت حاجز 19 دقيقة في جري 5 كيلومترات لأول مرة على الإطلاق؛ لذا سواء كنت تعتقد أنَّ هذا كان حظاً أم لا، ذلك لا يهم وفقاً للعلم، ما يهم حقاً هو توقعاتك بشأن النتيجة، ويوافق "د. بيتشام" بأنَّ الحظ ليس ما يحدِّد نجاحك؛ بل التوقع، وثمَّة اسم لهذا النوع من ظاهرة التوقع، يُطلَق عليه "تأثير بجماليون" (Pygmalion effect).

ما هو تأثير بجماليون؟

تأثير "بجماليون" هو ظاهرة تغيِّر فيها توقعات الآخرين بشأن شخص ما سلوكه وأدائه، وفي أول دراسة درست التوقعات، في ستينيات القرن الماضي، أجرى عالم نفس من جامعة "هارفارد" (Harvard) يُدعى "روبرت روزنتال" (Robert Rosenthal) دراسة لتحديد ما إذا كانت توقعات المعلم ستؤثر في أداء الطالب في الفصل الدراسي.

أخبر "روزنتال" المعلمين أنَّ من المتوقع أن يكون بعض الطلاب في الفصل الدراسي متفوقين بناءً على اختبار "هارفارد" المتخصص الذي خضعوا له، وما لم يعلمه المدرسون هو أنَّه تم اختيار هؤلاء الطلاب المتفوقين عشوائياً، ولم يكونوا أذكى أو موهوبين أكثر من الطلاب الآخرين، لكنَّ النتيجة المذهلة هي أنَّ هؤلاء الطلاب حققوا في الواقع أداءً أكاديمياً أفضل بكثير من أقرانهم، وكل ذلك بسبب التوقعات.

لا يمكن تجنُّب التوقعات؛ بل يمكن تغييرها فقط؛ لذا إذا كنت تتساءل: "كيف يمكنني أن أصبح أفضل؟"، فليس عليك الإيمان بالحظ؛ بل حاول الإيمان بالتوقعات.

كما أظهرت دراسة ابنة "د. بيتشام"، و"روزنتال"؛ فإنَّ التوقعات العالية يمكن أن تدفعنا حقاً إلى النجاح، خاصة إذا كان مصدرها شخص مؤثر في حياتنا.

في الختام:

لقد تحدَّثنا في هذا الجزء من المقال عن 4 خطوات لتغيِّر حياتك وتصبح شخصاً أفضل، وسنكمل حديثنا في الجزء الثالث والأخير عن 4 خطوات أخرى.




مقالات مرتبطة