يمكن ان يكون الكلام من ذهب .. ولكن متى؟!

 

معظم الرجال ليس بامكانهم تحديد شعورهم حيال الأشياء في أي وقت من أوقات النهار، فقد أثبتت الدراسات أن الرجال يستخدمون اللغة فيما بينهم لكي يختلفوا و يتفرقوا بينما استخدام اللغة مختلف جدا بالنسبة للنساء حيث يستخدمن اللغة لكي يتواصلن. هل تعلمان أن حياة الثنائي شبيهة برقصة "التانغو"، خطوة الى الامام وأخرى إلى الوراء؟! ولكن كل ما عليكي هو تقديم الوضعية المناسبة للمحافظة على المسافة المثالية بينكما مما يجعلكما تتقدمان معاً بخطى ثابتة.. ولكن ما هو فعلاً سر الثنائي الناجح؟ الحوار؟! ربما، ولكن لا للكلام الكثير.


 

ولماذا لا يجب البوح بكل شيء لبعضكما؟!
بين الحلم بحياة ثنائية ناجحة، والتوق الى حرية العيش واثبات الذات، من خلال استغلال الشخصية تتأرجح حياة كل منكما، مما يسبب لديكما اضطرابات وتردد في احيان كثيرة. فتقولان في نفسكما " إذا اخبرته بكل شيء أفقد خصوصيتي وذاتي، وإذا لم اخبره فإن حياتنا كثنائي لا معنى لها! " . من هنا بات كل فرد من الثنائي يبحث عن اسلوب جديد في التعامل والتعاطي مع العلاقة ككل، وهذا الاسلوب يعتمد على طريقة جديدة في الحوار.
وتعاني النساء كثيراً (8% من النساء مقابل 2% من الرجال) من هذه المشكلة، وهي عدم وجود أي حوار بينها وبين شريكها، اذ انها تعتبر ان الكلام هو مفتاح أي علاقة ثقافية ترتكز على الحب والتفاهم، وفي رأيها ان هذا الحوار الصريح والبناء قد يؤدي الى تجديد العلاقة وتقوية الروابط من جديد، مما يمنع دخول الملل اليها وسيطرته على مجرياتها، خصوصاً اذا كان تقسيم الادوار على الثنائي تقليدياً ورتبياً.
وحسب علم النفس فإن النساء يعبرن اكثر بضعفين من الرجال عمّا يخالجهن من مشاعر، وفي العديد من المواقف يتجلى هذا التعبير بالغضب، فالنساء يردن ان يكون الرجال مثلهن، أي ان يعبروا عما يخالجهم، حتى لو وصل الامر الى الغضب وبعض المشاحنات.
وسام خوري (اعزب)
هناك مناقشة وصراحة الى اقصى الحدود في علاقتنا، فالعلاقة الصحيحة لا تبنى على الكذب، وانا شخصياً اتقبل مناقشة مختلف المواضيع وبالتفصيل، حتى ولو كان الموضوع يتعلق بعلاقاتها السابقة. ويضيف وسام: هناك الكثير من الامور الخاصة احتفظ بها لنفسي، فأنا بطبيعتي لا اخبر احداً بأسراري حتى زوجتي في ما بعد، وهذا لا يعني انني لست صريحاً، فالخصوصية اتقبلها ايضاً من الطرف الآخر. وبالنسبة الى الصمت في بعض المناقشات فله حسنات لتفادي بعض المشاكل.
ما هي اخطار "نحن نقول كل شيء لبعضنا البعض"؟ يرى علماء النفس والاجتماع ان الحوار والصراحة المطلقة في جميع الامور بين الطرفين قد تسبب رد فعل سلبياً، خصوصاً وأن دور المرأة صار فاعلاً في الميادين كافة، في عصرنا هذا مما اثر بشكل او بآخر على علاقتها بشريكها في العلاقات الاكثر عصرنة.
فالمرأة عززت دورها اكثر فأكثر مع خوضها مجالات مهنية عديدة، خصوصاً في حقبة الخمسينات، حيث اصبحت تؤمن المال وتساهم في مصاريف المنزل، ومع اكتشاف الحبوب المانعة للحمل سنة 1967 كانت لها كلمة اخرى، اذ بات موضوع الانجاب يخضع لسيطرتها، مما جعل المرأة فاعلة اكثر فأكثر في الحياة الزوجية.
ويرى علم النفس ايضاً ان الازمات الاقتصادية والمادية والحياة المهنية التي اصبحت اكثر صعوبة ساهمت في الحد من نسبة الحوارات الايجابية بين الطرفين، واصبح التذمر من واقع الحياة هو سيد الموقف، مما جعل الطرفين يتهربان من سماع مشكلات بعضهما البعض الرتبية، وهذه الامور تبين افتقار هذا الثنائي الى الثقافة النفسية.
تتفاهمان من نظرة .. هذا ليس جيداً!!
بعد دراسات عدة توصل علماء النفس الى النتيجة التالية: "دائما تشعر بالقلق حين يقصدنا ثنائي قائلاً"، نحن نتفاهم من نظرة، ومن دون ان نقول اي كلمة!". لا شك في ان هذا الشعور جميل جداً، وهو ناتج عن معرفتنا الجيدة بالآخر، ولكن هل هذا الامر يولد شعوراً بتملك الآخر؟!
حسام شمس (اعزب)
هناك الكثير من المناقشة في علاقتنا، فكل منا يعرض آراءه الى أن نتوصل الى نقطة اتفاق واحدة، الا ان هناك بعض المواضيع التي تزعجني، ومنها التكلم عن علاقتها السابقة، لذا لا احب التوسع فيها "حتى ما اعصب"، ويضيف حسام: انا احب الخصوصية لكن من ناحيتي فقط، اما هي فلا احبها ان تكون كتومة، وذلك لا يعني عدم صراحة.
طبعاً ، فالانسان يعرف عن كثب الآلة التي يستعملها، وهو يبرمجها حسب ارادته، ودواعي استعمالها، كونه يملكها وله حرية التصرف فيها، فهل معرفتنا بالآخر تجعلنا نتصرف معه تماماً كما نتصرف مع آلة نعرفها؟
السكوت يجنبكما الحرج في مواقف عدة
الحفاظ على عدم الصراحة في العلاقة
يرتكز الحوار بين الثنائي على النضج والحرية في التعبير، اذ يعتبر علم النفس ان قول كل شيء والبوح بالامور كافة للشريك هو من الامور الطفولية، فعادة تقول الام لطفلها "عليك ان تقول لي كل شيء". فهي بالتالي تتحمل مسؤوليته وتلقي به على عاتقها، والامر سيان، اذ ان كل تلقين منكما يلقي بنفسه الى شريكك عندما يقوم بإخباره كل شيء وبالتفصيل الممل، وعلى الفرد ان يعتمد منهجية للحفاظ على خصوصيته منذ بداية العلاقة، لان تغيير اسلوب التعاطي والتعامل خلال العلاقة ومع مرور وقت كبير قد يؤدي الى تغيير جذري فيها، وبالتالي الى خلل كبير.
فعلى سبيل المثال سعاد (42 سنة) قالت انها تعرفت بزوجها فادي وعمرها 18 سنة، وتزوجا عندما بلغا الـ 22 سنة، وانجبا بعد سنتين، فجاءت ابنتهما تزامناً مع انتهاء دراستهما الجامعية، وعاشا معاً قصة رائعة خلال 20 سنة من الزواج، اذ كانا شديدي التعلق ببعضهما، وكانا صوتاً واحداً، ولا يتفارقان ابداً، وعندما قررت سعاد انشاء مهنة مستقلة عن زوجها دعماً لمستقبلها المهني وتحسيناً لوضعهما المعيشي، ترددت قليلاً، ومن ثم اقدمت على هذه الخطوة، مما اثار مشكلات عدة في حياتها الزوجية، وطلقت بعد 6 أشهر!
هذه التجرة تدفعنا الى الحفاظ على خصوصيتنا، بالرغم من التزامنا علاقة زوجية رائعة، مهما كان الحب قوياً وجياشاً.
فعلينا الاحتفاظ بما لنا ، لنا وحدنا، من دون الابتعاد عن الآخر، ومنذ بداية العلاقة"، كما ينصح علماء النفس الملتزمين بعلاقات زوجية أو صداقة حميمة الابتعاد لبعض الوقت، كالسفر بصورة منفردة، او الذهاب في رحلة، والاسترخاء بعيداً جداً عن اجواء الثنائي، مما يقوي العلاقة فيما بعد.
احتفظا بأسراركما، فهي لكما وحدكما!
لا شك في أن الحياة الزوجية اخذ وعطاء متبادل ودائم، وهذا التبادل هو الذي يولد الشراكة في كل شيء، ولكن عندما يخيم الصمت على العلاقة ماذا يحدث، وماذا يعني هذا السكوت؟! هل هو مؤقت؟! هل هو مؤشر ابتعاد وعدم حب؟! طبعاً، لا، فإن العلاقة في حاجة للراحة لبعض الوقت، مع استذكار بعض قصص الحب، الخيالية منها والواقعية، والقصة الواقعية، والقصة الواقعة التي يقف عليها كل ثنائي هي قصة لقائهما الاول، وكيف انجذب الواحد الى الآخر؟! مع زيادة بعض العبارات الرقيقة لتجميل القصة، والتي غالباً ما تكون عادية جداً.
اعطاء العلاقة اجازة للراحة من الامور المهمة جداً، اذ لا يمكن للفرد الوقوف عند امور رتيبة في العلاقة، والتركيز عليها.
على كل فرد ان يحفظ مساحة خاصة له، وهو يقرر ما اذا كان جاهزاً لمشاركة شريكه فيها.
فالحوار المعقول والمناسب هو الذي يبدأ في الوقت المناسب، وينتهي في الوقت المناسب، مع معرفة اوقات الراحة وحدود الخطوط الحمر التي تبدأ مع بدء حرية كل فرد وخصوصيته.
للصمت حسناته ايضاً!
هل تعلمان ان منطق الحوار المشترك قد يختلف كلياً عن منطق الحب، لذا من المستحسن التوقف عن الكلام في مواقف عديدة، تساعدنا في امور عدة منها:
         احترام العلاقة: الترابط والعلاقة الجيدة والراقية تستوجب احترام مشاعر الآخر. فالشريك ليس معالجاً نفسياً، حيث يمكنك ان تخبره عن المآسي التي عشتها في طفولتك.
         احمي شريكك من الامور التي تجرحه وتحرجه! علاقاتنا السابقة تعنينا وحدنا ولا تهم اطلاقاً شريكنا الحالي، كما انه لن يحتمل سماع الحديث فيها، اجعلي من علاقاتك السابقة ذكرى جميلة.
         حافظ على علاقتك: الخيانة هي اصعب امر يمكن سماعه، لذا فمن غير المجدي الحديث عن علاقة عابرة او مغامرة الا اذا كان يريد احد منكما افتعال مشكلة ما للانفصال عن الشريك.
         لا تقولا كلاماً مسيطراً: هل تعلمان ان قلة الصبر تدفعكما الى قول ما لا ترغبان فعلاً في قوله، وانكما قد تقولان كلاماً جارحاً بغية السيطرة على مشاعر الشريك الآخر او جرحه، فالرغبة الجامحة التي تتملكنا بالحديث مع الآخر بفوقية هي وليدة قلة الصبر، وعدم تمكننا من السيطرة على انفسنا,
         تجنب الأزمة الحادة والانفعال: ان ضرب الباب بدلاً من اغلاقه امر طبيعي في منزلك، ولكن هذا الامر قد لا يكون مستحب في علاقتك مع شريكك.
         لا لتبرير الموقف، السكوت افضل: الشرح بالتفصيل الممل قد يكون غير مستحب، وقد يعود بنتائج سلبية لذا فإن السكوت قد يكون حلاً مثالياً في موقف كهذا.
         لا للتعبير بطريقة مفرطة: انت مسرورة جداً برفقة شريك، ولكن لا تكرري ذلك مراراً، وتعود لتسأل عما اذا كان مسروراً!
         لا تستشير شريكك في أمور خاصة جداً وتافهة: ان الرسائل المرسلة اليك على هاتفك النقال، والبريد الالكتروني، هي من الامور الشخصية، فلا تستشير شريكك فيها!
 

المصدر: بوابة المرأة