وهل هذا معقول!؟ أتتزوج بدون..!؟

 

فى صحيح البخارى عن جابر قال: "كان رسول الله يعلمنا الاستخارة فى الأمر كله كما يعلمنا السورة من القرآن". انظر أخى الحبيب إلى هذه الجملة "فى الأمر كله" نعم فى كل شىء.. من الأمور الأساسية والثانوية.. لابد من صلاة استخارة.. أخشى أن تكون قد تزوجت بدون استخارة! بالله!! وهل هذا معقول!؟ إن الزواج قرار مصيرى فكيف تأخذ هذا القرار بدون استخارة!! قال صلى الله عليه وسلم: "الاستخارة لا تأتى إلا بخير".



 

كيفيتها:
تصلى ركعتين من غير الفريضة ثم تقول: "اللهم إنى أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر – ويسمى حاجته – خير لى فى دينى ومعاشى وعاقبة أمرى فاقدره لى ويسره لى ثم بارك لى فيه. وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لى فى دينى ومعاشى وعاقبة أمرى فاصرفه عنى واصرفنى عنه واقدر لى الخير حيث كان ثم أرضنى به".

 

انظر إلى مدى الافتقار إلى الله.. دعاء يشعرك بمعان عديدة تتلخص فى "فوضت أمرى إلى الله" ومن لا يشعر بالاطمئنان والراحة بعد هذا الدعاء!؟ البعض مر على الدعاء مرور الكرام..!! والبعض الآخر قال: إنه دعاء جميل حقا ولكنه كبير ولن نستطيع حفظه!! سبحان الله!! إنكم أحبتى الكرام تحفظون أغان لا حصر لها بل وتعبتم وبذلتم الجهد لتتعلموا اللغات المختلفة وصبرتم عليها!! فهل نأتى عند هذا الدعاء ونقول إنه صعب.. إنه كبير!! علم أخى الحبيب أنك أنت المحتاج لهذا الدعاء، وأنت المستفيد منه..

أتترك السعادة وتبغى الشقاء!؟

يقول النبى صلى الله عليه وسلم: "من سعادة ابن آدم رضاه بما قضى الله له، ومن شقاوة ابن آدم تركه استخارة الله، ومن شقاوة ابن آدم سخطه بما قضى الله".


ومن يستطيع فعل ذلك!؟

ومن السنن غير التابعة للفرائض: صلاة الضحى وهى سنة مؤكدة، واظب النبى صلى الله عليه وسلم عليها ورغب الناس فيها وأشاد بفضلها.. أخى الحبيب هل تصلى الضحى أم لا..!؟ إنى أحسبك بخير ولا أزكى على الله أحدا.

وقتها.. بعد شروق الشمس بثلث ساعة، حتى قبل صلاة الظهر بثلث ساعة، يقل النبى صلى الله عليه وسلم: "يصبح على كل سلامي من أحدكم صدقة، فكل تسبيحة صدقة، ولك تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهى عن المنكر صدقة ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما الضحى".

والسلامى: هى عظام الجسد ومفاصله، وهى 360 مفصلاً‌ تقريباً.

هيا أخى.. الحبيب تصدق عن كل سلامى وكذلك عن كل تسبيحة وتهليلة وتكبيرة وتحميدة وأمر بمعروف ونهى عن منكر.


يا الله من يستطيع فعل ذلك ‍‍!؟

اللهم لك الحمد على صلاة الضحى فبها نصبح من الأغنياء!! وعن أبى هريرة رضى الله عنه قال: "أوصانى خليلى صلى الله عليه وسلم بثلاث، ليست بتاركهن: إلا أنام حتى أوتر، وألا ادع ركعتى الضحى فإنها صلاة الأوابين، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر". والأوابين عكسها الغافلين.

أخى الحبيب.. كن من الأوابين وصل الضحى. عدد ركعاتها.. وأقل صلاة الضحى ركعتان، وأكثرها ثمانية، فعن أم هانى: "أن النبى صلى الله عليه وسلم صلى الضحى ثمانى ركعات ، يسلم من كل ركعتين" وقليل دائم خير من كثير منقطع.. فلنبدأ بركعتين ولنداوم عليها.. فعليك صدقات كثيرة ويجب أن تخرجها!!


خلوة مع الله

تعب شديد.. وجهد جهيد.. وسياحة فى يوم طويل مشحون بآمال وآلام ومكدس بأعباء لا تخلو من العناء وتستمر المعركة ويصمد هذا الجسد الذى يحتوى هذا القلب إلى أن يأتى الليل، ويخلو كل حبيب بحبيبه، وكل عاشق بمعشوقه، وما احلاها من لحظات يغيب فيها معنى التعب، ويعيش فيها القلب أسعد الأوقات. ليل ساكن.. قلوب تقف بين يدى الله.. دموع تفيض من خشية الله.. الخلوة مع الله هى الحياة الحقيقية، فهيا إلى قيام الليل.. هيا نطهر قلوبنا فقيام الليل يسعه القلب المؤمن. هناك من لا يستشعر هذه المعانى بل وبقول: إننى لم أنتظم فى أداء الفرائض بعد فكيف أشعر بقيام الليل؟ اعلم أخى الحبيب أننى سأعطيك سرا من أسرار هذه الحياة.. إن قيام الليل سر من أسرار هذه الحياة.. أراك تقول: أرجو التوضيح!! لك ذلك.


مرآة واحدة وصور كثيرة !!

قلب الإنسان كالمرأة لا ترى إلا ما يوضع أمامها.. فكل ما يوضع أمام قلبك يسيطر على تصرفاتك، فإذا وضعت أمام قلبك المال فتجده قد سيطر على تصرفاتك وأصبحت شرها للمال محبا له، وإذا وضعت أمام قلبك امرأة لا تحل لك فستقع فى الحرام يقول الله عزر وجل: "ولا متخذات أخدان" فلا يجوز للمراة أن تتخذ "خدن" أى: "صديق". وهناك أناس تتزاحم الصور أمام مراياهم، صور كثيرة أمام قلوبهم "زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المنقطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المئاب".

 

ولذلك.. قلب أمامه كل هذه الصور وغيرها كيف تدخل أمامه صورة "القرآن"؟ صورة "حب الله؟" شىء واحد يستطيع فعل ذلك: إنه قيام الليل.. به تكون المرآة واحدة والصورة أيضاً واحدة. أحبتى الكرام.. من ذاق عرف.. ومن عرف اغترف.. أليس كذلك!؟


الفرق بينهما كما بين السماء والارض !!

لذلك فتأثير قيام الليل على القلب ليس له حدود.. يجعلك تشعر بما لا يشعر به الناس وتتأثر بما لا يتأثر به الناس. فتجده يبكى فى الصلاة بكاء شديداً، وتجده يبكى حين تدوى فى السماء "الله أكبر".. لقد صار يسمع ويرى بقلبه الحى، يقول ابن القيم: "إن الرجلين ليقامان فى الصف القدم بجوار القدم خلف إمام واحد يسمعون نفس الآيات وبين صلاتهما كما بين السماء والأرض" ما الذى جعل بينهما هذا الفارق الكبير!؟ نعم إنها الصور الموضوعة أمام القلب. أخى الحبيب تذكر.. ليصبح قلبك أمامه صورة واحدة وهى "حب الله" عليك بقيام الليل والناس نيام!!

 

شاب أحيا زمن الصحابة من جديد

فى شهر رمضان الماضى كنت اصلى بجوار شاب صلاة التهجد، فما إن قال الإمام : "الله أكبر" حتى سمعت نحيباً وبكاء من هذا الشاب. فتعجبت بشدة!! إن الامام لم يقرأ بعد.. وبعد أن انتهينا من الصلاة قلت لهذا الشاب: أخى الحبيب لا تغضب منى وأخبرنى عن سبب بكائك ونحيبك بالرغم من أن الامام لم يكن قد قرأ حرفا واحداً من القرآن الكريم.. فإذا به يفاجأنى قائلا: حينما قلت بلسانى "الله أكبر" خفت خوفا شديداً من أن أكون كذاباً أقولها بلسانى وهى ليست كذلك من قلبى، بعضنا يشعر بهذا الكلام كأنه هذا الشخص.. هيا نحب الله كما يحبه هذا الشاب الصادق.. يا من عشتم فى هذه الدنيا ولم تذوقوا أحلى ما فيها وهو الإقبال على الله: عليكم بقيام الليل.

 

عمرو خالد لمجلة المرأة اليوم يتاريخ 28/10/2003