ولاء العملاء - نحو ثقافة المحافظة على المنشأة

 كم مرة يحصل معنا جميعا، أن نختار منشأة تجارية لسبب الخدمة المقدمة من قبلها، تماما ينطبق الأمر على منشآت أخرى نقرر أن لا نتعامل معها لنفس السبب، وهو الخدمة المقدمة من قبل هذه المنشأة ما السبب في ذلك ؟ هذا ما سنحاول التعرف عليه من خلال هذه المقالة إن شاء الله.



 إذا نحن بصدد الحديث عن ولاء العملاء للمنشآت التجارية، أو ما أطلق عليه ثقافة المحافظة على المنشأة التجارية من خلال رفع معايير المحافظة على العملاء كثقافة للمنشأة التجارية، ماهو ولاء العملاء، هي تلك العلاقة الخاصة بين سين من الناس وهو العميل وبين المنشأة التجارية، إليكم هذا المثال:- حين تقرر أن تفتح حساباً بنكياً في بنك ما؟ أي من البنوك ستختار ؟ إذا علمت أن جميع البنوك يتساوون في الخدمات فالمفاضلة لديك ستكون للبنك الأقرب، حسناً فتحت حسابك البنكي في ذلك البنك الذي اخترته، ووجدت أن الأمور تسير على ما يرام من حيث حرارة الاستقبال والترحيب وعرض الخدمات التي تناسبك، في يوم من الأيام تتلقى من هذا البنك، تقرير بحركة مصروفاتك البنكية، وتجد أن الاستقطاعات تكررت معك تماما كما لو أن النظام المحاسبي لدى البنك قام بتحميلك أجور لا تستحقها ويبدأ الإنزعاج لديك في هذه المرحلة، الآن ماذا يحدث لولائك يبدأ بالنزول، من خلال تقديمك للشكوى للبنك يتدارك الموظف الخلل ويقوم بتصحيحه والأعتذار إليك حول ذلك الخطأ، ولكن ولائك لا يزال في موقعه بالأسفل!

في اليوم التالي أو بعد أسبوع تتلقى إتصال من شخص مسئول بالبنك ليقدم لك اعتذاره عن الخطأ ويأكد على أنك حصلت على ما تريد تماماً وأنك راضي عن البنك، لا يزال حتى الآن ولائك للبنك لم يتغير من موقعه، بعد أسبوع تتفقد بريدك فإذا بك تجد في صندوقك البريدي، طرداً تفتح هذا الطرد لتجد فيه رسالة اعتذار من البنك ومعها محفظة نقود كهدية رمزية وأعتذار لما حصل لك، هل سيبقى ولائك في مكانه بالأسفل ؟ بالتأكيد لا لن يبقى كذلك بل سيصعد إلى سابق عهده.
إن الفن في الاحتفاظ بولاء العملاء لا يكمن في الذكاء باحتواء انزعاج العميل وحسب وذلك من خلال تصحيح الخطأ الذي من المحتمل أن يحدث للعميل، بل يتعدى ذلك بكثير وذلك من خلال الفن الذي يكمن فيه القدرة على التأثير على موقف العميل وتغيير نظرته من سلبية إلى أقصى درجات الإيجابية، كيف يحصل ذلك ؟ يجب التفرقة بين مختلف درجات الخدمة التي يحصل عليها العميل من هذه المنشأة أو من تلك فهناك الخدمة الأساسية ، ثم إن هناك الخدمة الإضافية ، ويلي ذلك الخدمة الحصرية ، ثم الخدمة الرائعة، هذه الدرجات المتفاوتة في تقديم الخدمة هي ما يميز خدمة العملاء فهل فكرتكم سابقا في أن تكونوا بذلك المستوى الرائع من تقديم الخدمة ؟ ألم يحصل مع أحدنا أن جاء في يوم إلى منشأة تجارية وأختار أن ينتظر قليلا بوقت إضافي لمجرد أننا نريد أن نتمتع بنفس مستوى الخدمة الرائعة من ذلك الموظف المحترف ! ؟
إن وضع أعلى المقاييس والمعايير في تمييز الخدمة وتحويلها إلى خدمة رائعة هو ما أشير إليه بحديثي هذا أنقل لكم تجربة شخصية حصلت معي في أحدى سفراتي إلى الجمهورية العربية السورية الشقيقة، في أثناء تواجدي في دمشق، وكانت المرة الأولى التي أغير الفندق الذي اعتدت النزول فيه وهو أحد الفنادق المعروفة لدى كل الناس – تصنيف 5 نجوم – واخترت أن أنزل في فندق على شكل بيت دمشقي قديم تم تحويله إلى فندق راقي، أعجبتني صور الفندق في الموقع الألكتروني فبادرت بالحجز فيه بعد تأكيد الحجز، بحوالي من ربع ساعة، أتلقى إتصال من رقم مصاحب لفتح خط البلد سوريا، أرد على الإتصال والذي دار فيه هذا الحوار:-
المتصل :- السلام عليكم
العميل :- وعليكم السلام
المتصل :- أسمي – ذكر إسمه الثلاثي – ثم – وصفه الوظيفي – ثم الجهة التي يعمل بها وهي إدارة الفندق الذي قمت بالحجز فيه. بداية تكوين علاقة ناجحة. 
العميل :- أهلا وسهلا ومرحبا ، تفضل.
 

المتصل :-  أولاً أسمح لي أن أعرب لك عن خالص شكري وتقديري لك ياسيدي الكريم لأنك أخترت فندقنا للنزول فيه، فلا تعلم مدى سعادتي لأنكم اخترتم ذلك. – ثقافة تقدير العميل !

العميل :- وقد أعجبني ما قاله – أشكر لك مبادرتك في تقديم الشكر لي.
المتصل :- ليس هذا وحسب يا سيدي ، إنما تقديراً وعرفاناً مني شخصياً لك، ولأنها المرة الأولى التي تستفيدون فيها من خدمات فندقنا، فهل لك يا سيدي أن تسمح لنا بالتعبير عن امتنانا لك وذلك بإحضارك من المطار ؟ هذه الخدمة مجانية وهي عربون محبة ! ( خدمة رائعة للغاية )
العميل :- بكل سرور يسعدني ذلك، ستكون رحلتي على خطوط كذا رقم كذا وزمن الوصول الساعة كذا في يوم كذا.
المتصل :- هل من الممكن أن أعيد ذكر المعلومات لك لأتأكد أنني كتبتها بالشكل الصحيح ؟ - فن الاهتمام والعناية بالعميل - !
العميل :- بكل تأكيد تفضل ، نعم ـ صحيح ـ نعم ـ بالضبط.
 

المتصل :- ستجد سائقنا يقف بالصالة يحمل لوحة عليها أسمكم الكريم المرجو التوجه إليه وتعريفه بحضركم، لقد تم تكليفه إلى جانب مهمة إيصالك أن يحمل حقائبك أيضا، وتذكر سيدي أن هذه الخدمة مجانية والسائق يعرف ذلك تماما. لعب دور المحامي !

العميل :- جميل جدا أتوق لأن أحضر بالقريب العاجل.
 

المتصل :- وسنكون بانتظارك وسعداء لوجودك معنا، هل ترغب في أي شي آخر ؟ أو أي خدمة إضافية ؟ - تحديد احتياج العميل ، والتأكد من رضا العميل !

العميل  :- شكرا جزيلا كل شي تمام.
 

المتصل :- في حال إحتجت أو تذكرت أي شي هذا رقم هاتفي المحمول أرجوا أن لا تتردد بالإتصال علي في أي وقت فأنا موجود لخدمتك يا سيدي، أيضا لديك موقعنا على الانترنت وغيرها من السبل المتاحة للتواصل معنا، نرجوا أن لا تتردد في طلب المساعدة، كما وأشكرك على وقتك الذي منحتني إياه في هذه المكالمة، إلى لقاء قريب، مع السلامة. تم تحقيق هدف بناء علاقة دائمة ناجحة مميزة.

السؤال الموجه لكل من يقرأ هذا المقال ووصل إلى هذا الحد في قرائته، لو كنت أنت العميل ماهو إحساسك ؟ هل من المعقول لو أن فندقاً آخراً قدم لك خصماً ستترك هذا الفندق ؟ أترك لكم الإجاية على هذين السؤالين.
لكم أن تتصورا ماذا حدث معي، وصلت بالوقت وركبت السيارة المخصصة وقد قام السائق بحمل الحقائب عني كما وفتح لي الباب وأشعرني بالاحترام الكبير والخدمة الرائعة، حتى وصلنا إلى الفندق وكان الوقت متأخر قليلاً فأجد موظف الإستقبال يرحب بوصولي ويصافحني ويناديني بإسمي ويطلب مني الجلوس لحين إنزال الحقائب، كأول رد فعل تجاه هذه الخدمة الرائعة ، قمت بدفع مبلغ إقامتي لديهم نقداً مقدماً ؟ لماذا لأنني سعيد للغاية معهم، والمميز في خدمتهم أنهم أختاروا لي الغرفة التي طلبتها بالضبط ذات الألوان الهادئة المريحة وأكثر من ذلك أجد في الغرفة وردة بيضاء مرفق معها رسالة شكر لأختياري للفندق، وأجد أيضا سلة فواكة طارجة، وأكثر من ذلك أن حامل الحقائب بعد أن شرح لي كيفية أستخدام مرفقات الغرفة يسألني هل كل شي على ما يرام ؟ في أثناء ذلك قمت بجولة فضائية عبر قنوات التلفاز ، فأطلب منه أن يقوم بعمل قائمة مفضلة لقنوات محددة أرغب في مشاهدتها، فإذا بحامل الحقائب يستأذن بعمل ذلك لي بعد أن قام يتحديد ما أرغب في مشاهدته بالمفضلة لدي !
مرة أخرى، لو كنتم مكاني هل ستقومون باختيار فندق آخر بعد أن حصلتم على هذه الخدمات الرائعة ؟ أعلم يقينا أن إجاباتكم ستكون لا !
هذا ما يقصد بولاء العملاء، فهو ذلك الفن في تقديم تلك الخدمة الرائعة التي تبهر العميل لأول وهلة وتجعل هذه الذكرى مطبوعة في ذهنه إلى مدى بعيد من الزمن، وتذكر أن اللحظة الحاسمة وهي اللحظات الأولى هي ما تصنع التأثير الذي يدوم طويلاً كما وأنه سيحتاج إلى جهود جبارة لتغيير هذه النظرة أو تلك الفكرة، فهل أنتم على إستعداد لذلك.
 

أرجوا التكرم بعد قراءة هذا الموضوع التكرم باختيار التقييم الأنسب من وجهة نظركم، حتى وإن كانت نجمة واحدة فإنني أحترم وجهات النظر، وتقييمكم هو المرآة التي تعكس مدى التطور الذي يحصل لي من خلالكم.