هل يصاب الأطفال بالاكتئاب؟

قد يستغرب البعض عند معرفة وجود «اكتئاب الأطفال»، فالوضع الطبيعي للطفل هو حالة الفرح والابتسام والمرح. ومن الصعب أن نتصور أن احد أطفالنا يعاني الاكتئاب.



بيد أن الأطفال ليسوا بمنأى عنه فهو يصيب جميع الفئات العمرية، لترتفع نسبة الإصابة في الفئة العمرية ما بين 20 ــــ 50 سنة وبمتوسط 30 سنة. وقد ظهرت دراسات مسحية تبين إمكان إصابة من هم دون السنوات الخمس بالاكتئاب، ولكنه قد يكون صعب التشخيص. وبشكل عام، تعرف منظمة الصحة العالمية الاكتئاب بأنه اضطراب عقلي عام يصاحبه اعتلال مزمن في الحالة المزاجية، وفقدان الاهتمام أو المتعة بالأشياء مع الشعور بالذنب وفقدان حب الذات. بينما تعرف الأكاديمية الأميركية للطب النفسي للأطفال والمراهقين، اكتئاب الطفل بوجود استمرارية في مشاعر الاكتئاب لمدة زمنية طويلة بما يؤثر على قدرته التفاعلية مع محيطه بشكل طبيعي. وتتميز أعراض اكتئاب الأطفال بالانزواء، اضطراب الشهية، ظهور اضطرابات سلوكية تتميز بالعنف وفرط الحركة والرسوب الدراسي والشعور بالذنب، الخوف وأعراض جسدية كالصداع وألم البطن.

أهم مسببات اكتئاب الطفل

لا ينجم الاكتئاب عادة عن سبب واحد واضح ولكن نتيجة لعدة عوامل، من أهمها:

- الشعور بالتوتر أو الضغط شديد: غالبا ينتج بسبب وفاة شخص قريب أو الطلاق أو معاناة من صعوبات في التعلم أو اضطرابات الانتباه

- الوراثة: فإصابة فرد في أسرة الطفل بالاكتئاب يرفع احتمال إصابته. وكلما قصرت صلة القرابة مع الطفل زاد احتمال إصابته. بما يعلل انتشار حالات الاكتئاب في بعض العائلات.

- أسباب في كيميائية الدماغ: وجود اختلال في توازن الدماغ الكيميائي بسبب انخفاض مواد لها دور ناقل عصبي (وبخاصة السيروتونين والأدرينالين والدوبامين)

ــــ اعتلالات عضوية: فقد يعزى سبب الاكتئاب لمرض عضوي يسبب اختلال في كيميائية الدماغ، مثل الإصابة بالسكري أو الصرع أو اعتلال في الغدة الدرقية.

ــــ التعرض للتحرش الجنسي أو الجسدي.

ــــ سوء التربية: الإحساس بعدم الاستقرار والأمان وغياب دور الوالدين المسؤول عن الرعاية.

ــــ عوامل شخصية وسلوكية: تتداخل عدة عوامل سلوكية وشخصية للاكتئاب، بما يجعل بعض الأطفال أكثر عرضة للاكتئاب من غيرهم.

دلائل الإصابة

خلافا للبالغين، فالأطفال لا يعرفون كيفية وصف ما يشعرون به، ولا يمكنهم تحديد المشكلة بوضوح، لذا يجب على الآباء البحث عن علامات التحذير التالية، مثل:

1ــــ الطفل غير سعيد أو حزين طوال الوقت، أو يبكي بسهولة بالغة.

2ــــ فقد اهتمامه وتمتعه بعمل الأشياء التي اعتاد التمتع بها، أو إحساسه بالملل دائما.

3ــــ ان يبدو قلقا أو مذعورا.

4ــــ تدهور ادائه المدرسي، فمن يعاني الاكتئاب يجد صعوبة في التركيز أو تذكر الأشياء، بما يؤثر في أدائه في المدرسة.

5ــــ اضطراب عادات الأكل (سواء انخفاض أو الإكثار من الأكل)، وما يترتب على ذلك من تغيير ملحوظ في الوزن سواء باكتساب أو فقدان.

6ــــ شكوى من أعراض جسمانية غير مفسرة فيزيولوجيا، مثل صداع دائم أو الم في المعدة.

7ــــ النوم لساعات طويلة، أو الأرق والسهاد.

8ــــ الإجهاد الواضح أو الخمول وبطء القيام بالأعمال مقارنة بالمعتاد.

9ــــ تجنب الأنشطة اليومية أو الابتعاد عن الأهل والأصدقاء.

10ــــ قد يصبح الطفل أكثر اعتمادا أو التصاقاً بالآخرين أو التصرف بعدم ثقة.

البنات أكثر عرضة للإصابة من الأولاد

بحسب الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال، يعاني طفل أميركي من كل 33 طفلا الاكتئاب، وترتفع النسبة عند المراهقين لتصل إلى 1 من كل 8 مراهقين. ووفقا لأرقام الإحصاء الوطني في بريطانيا، يعاني واحد من كل خمسة أطفال بين 10 إلى 16 عاما من اضطراب نفسي، في حين يعاني %4 من الأطفال من اضطرابات القلق أو الاكتئاب.

وتشير الدراسات الى أنه حتى سن 12 عاما، يكون احتمال إصابة الفتيان والفتيات بالاكتئاب متساويا. ولكن الاختلاف يظهر عند عمر 12 عاما، لتتضاعف فرصة إصابة البنات بمرتين. وفي دراسة شملت 198 ذكرا و136 أنثى من تلاميذ المدرسة الإعدادية في مدينة الإسكندرية بمصر تبين أن تكرار حدوث الاكتئاب بلغ معدل %10، بواقع %7 للذكور، و%13 للإناث.

عار الأمراض النفسية لا يبرر إهدار الطفولة

لا تتأخر في طلب الاستشارة والمساعدة الطبية إذا شعرت بظهور بعض الأعراض السابقة على طفلك، فقد يكون يعاني حالة اكتئاب. وإذا استمرت بعض هذه الأعراض لأكثر من شهر، يجب طلب المساعدة الطبية فورا قبل تطور الأمور إلى ما لا تحمد عقباه. فاستمرار الأعراض المرضية بصورة نشطة قد تولد أعراضا فصامية وأوهاما، مما يجعل حياة الطفل ومن حوله في خطر. ومن المؤسف، أن هناك اعتقاداً خاطئا يعرف الاكتئاب كمرض غير موجود، أو كحالة تجلب العار والفضيحة للأسرة، لكنه من الأمراض النفسية شأنها شأن الأمراض الجسدية. وعليه يجب تشخيصها وإدراكها مبكرا لعلاجها حتى لا تصبح مزمنة. فعذر الخوف من الفضيحة لا يبرر وصول الطفل لحالة الفصام أو اعتلالات جسدية متعددة أو إهدار سنوات طفولته في خوف وقلق وحزن.

التشخيص والعلاج

عند الشك في إصابة الطفل بحالة اكتئاب غالبا ما يتم تحويله لاختصاصي طب الأطفال النفسي ليشخص حالته بدقة ويعالجها. وبحسب تقييمه، يتم وضع برنامج علاجي متكامل للتعامل مع اكتئاب طفلك، وغالبا ما يشمل ذلك جلسات من العلاج النفسي والسلوكي والإرشادي وقد يتضمن صرف مضادات الاكتئاب (إذا كان عمر طفلك يسمح بتناول العقاقير)..

ومن المهم هنا التنبيه إلى دور الوالدين الأساسي في العلاج، فالطفل المصاب بالاكتئاب لا يمكنه السيطرة على مشاعره، ولا يمكنه ان يكون سعيدا أو يخفي مرضه ومشاعره، كما انه يشعر بالحزن وبعدم الفائدة. وعليه يجب ان يركز الوالدان على منحه كل الحب والعطف والدعم الذي يحتاجه لاجتياز هذه المحنة، مع ضرورة التفاؤل والايجابية بإمكان شفائه مع الوقت. كما يقتضي الأمر، تخصيص وقت خاص لسماع ما يشعر به مع تفهم وجهة نظره، وتشجيعه على الخروج والتمتع بأوقات ترفيهية سواء لوحده أو مع الآخرين. كما لابد من المشاركة والالتزام بالخطة العلاجية التي غالبا ما تتضمن حضورهم للجلسات الإرشادية والنفسية ومنحه ما يحتاجه من وقت. ولا يغفل هنا تأكيد ضرورة تناول الطفل لحمية غذائية صحية.

نصائح غذائية لزيادة

ذكاء طفلك

ــــ تناول الأغذية الغنية بالفيتامينات والمعادن، والغنية بمضادات الأكسدة، مثل: الفراولة، والتوت البري، والجزر.

ــــ تناول الأسماك مرة إلى ثلاث مرات أسبوعياً.

ــــ عدم إهمال وجبة الإفطار لزيادة الطاقة وتحسين التركيز والأداء الفكري في المدرسة.

ــــ أكدت عدة دراسات دور الجفاف في تقليل التركيز، وعليه يجب تشجيع الأطفال على شرب المياه والعصائر والحليب

ومن جانب آخر، نبه خبراء التغذية في عدة مقالات الى إعاقة أنواع من الأطعمة لقدرات الطفل الذهنية وتركيزه ولو بشكل مؤقت، ليشعروا بعد تناولها بالخمول. ومن أهمها الأطعمة الغنية بالدهون المثقلة للمعدة أو بالسكريات التي توفر دفعة قوية مؤقتة بالطاقة، ولكنها تزيد من توترهم