هل يجب تقديم التغذية الراجعة وجهاً لوجه أم عبر برامج التواصل؟

إنَّ ما يثير القلق بين الموارد البشرية والمديرين عندما يستعملون أداة للتغذية الراجعة هو:

"ما هو التأثير الذي ستحدثه في التغذية الراجعة وجهاً لوجه؟"، هل ستعوق التواصل في المكتب بدلاً من أن تحسنه؟ فكما هو الحال في أيَّة تقنية جديدة، يمكن أن تكون إيجابياتها هامة عندما تُستعمَل بطريقة تُعزِّز العملية الحالية.



في عصر مساحات المكتب غير التقليدية والمكشوفة، فقد جعل تطبيق "سلاك" (Slack) مواكبة التواصل أمراً ممكناً، وساهم في الوقت ذاته في التقليل من الضجة والمشوشات؛ إذ تعني ميزة "الغفوة" (Snooze) أنَّه يمكنك الانضمام عندما ترغب، أو تخرج عندما تحتاج إلى التركيز. ومع الحاجة إلى المزيد من المشاريع التعاونية هذه الأيام، فإنَّ الأداة المناسبة هي التي تترك التواصل مفتوحاً دون جعله أمراً متعباً.

تعني قنوات التواصل الأفضل والأسرع أنَّه يمكن تعديل العمل وفقاً للتغيرات في عالم الصناعة على الفور، وليس بعد سنة، وبالمثل فإنَّ أداة التغذية الراجعة يمكن أن تساعدك على زيادة إشراك الموظفين والتعلُّم والتطور عندما تقرنها بالتغذية الراجعة وجهاً لوجه.

إليك دليلاً مختصراً ليساعدك على تعرُّف أدوات التغذية الراجعة المفيدة ومتى يجب أن تأتي تلك التغذية الراجعة منك بشكل مباشر.

إقرأ أيضاً: كيف تقدم تغذية راجعة بناءة في مكان العمل؟

إيجابيات أدوات التغذية الراجعة:

1. تنمية الموظفين:

سيكون الموظفون قادرين على الحصول على التغذية الراجعة عندما يتطلب الأمر ذلك وليس عندما يكون الوضع ملائماً، ومع تكنولوجيا التواصل التي تسرع عملية التغيير، فإنَّ العمل والقوى العاملة أصبحت تحتاج إلى مرونة أكثر في التعلُّم، ولكنَّ كثرة الانشغال في مكان العمل تعني أنَّ المديرين والزملاء والموظفين مشغولون في اجتماعات ورحلات لإتمام الصفقات ومقابلة المستثمرين، وما إلى ذلك.

إنَّ هذه البيئة ذات الخطوات المتسارعة تسهل التغاضي عن بعض الأمور حتى الهامة منها كالنمو والتطور، ولكنَّ التكنولوجيا من ناحية أخرى تسمح للناس بإعطاء التغذية الراجعة بطريقة أكثر سهولة في الوقت المناسب وليس بعد شهور، وبالمثل فإنَّ الناس الذين يتلقون التغذية الراجعة سيتمكنون من تخزينها لكي يعودوا إليها عندما يريدون التركيز فيها.

2. تسهيل التغذية الراجعة فيما بين الأقسام:

بدلاً من الالتزام بالقواعد الصارمة المفروضة في الشركة، أصبحنا نرى اليوم ارتفاعاً في الاستفادة من الفِرق التي تتشكل سريعاً وتتعدى اختصاصاتها قسماً محدداً. والقدرة على العمل مع المصممين والمطورين والمسؤولين التنفيذيين العاملين في مجال المبيعات وكتَّاب المحتوى في فريق واحد، يمكن أن تقوي المشروع من الجوانب كافة وتزيد من فرص النجاح.

لكنَّ الناس في الأقسام المختلفة يمكن ألَّا يملكوا الوقت الكافي دائماً للاجتماعات الثنائية بأعضاء الفريق، وأن يفوِّتوا فرصاً عظيمةً للنمو، وتساعد أدوات التغذية الراجعة على التقليل من حواجز المعرفة في الأقسام بالسماح للموظفين بالسؤال وإعطاء التغذية الراجعة لأي شخص بالمؤسسة.

وهذا يقودنا إلى جانب آخر مفيد؛ إذ لا يجد الجميع أنَّه من السهل تقديم وتلقِّي التغذية الراجعة؛ إذ فرَّقت عالمة النفس في "جامعة ستانفورد" (Stanford University) "كارول دويك" (Carol Dweck) في بحثها بين الناس الذين لديهم عقلية نمو تتقبَّل التغذية الراجعة وأولئك الذين لديهم عقلية ثابتة؛ إذ سيبدأ الناس ذوو العقلية الثابتة عادةً بالانفعال والغضب عندما يتلقون تغذية راجعة بنَّاءة، ولحسن الحظ فإنَّه يمكن التغلُّب على هذا "الخوف من التغذية الراجعة"، كما أنَّ أدوات التغذية الراجعة يمكن أن تساعد على السماح للشخص بتلقِّي التغذية الراجعة بشكل خاص لإعطائه الوقت للتفكير فيها والاستفادة منها.

أحد أسباب الانفعال عند تلقِّي التغذية الراجعة هو تحيُّز عقولنا الطبيعي السلبي، فحتى عندما نتلقى التغذية الراجعة الإيجابية أو البنَّاءة، نميل بطبيعتنا إلى التركيز أكثر فيما نَعُدُّه جوانبَ سلبية لأدائنا؛ وهذا يعني احتمالية نسيان كل الجوانب الإيجابية في الأداء، وبكتابة التغذية الراجعة وتخزينها، يمكن أن يعود الموظف إليها ويقرأها بعقل متفتح ويحلل ما قيل فيها، ومن هنا سيصبح من السهل أكثر تقديم خطة تطوير فعَّالة.

3. البدء بتقديم التغذية الراجعة:

إن كان من الصعب تقديم التغذية الراجعة للأقران، فإنَّ صعوبة تقديمها لمن هو أعلى في سلَّم الإدارة مضاعفة؛ وبالأخص للمديرين التنفيذيين؛ إذ يعطي تقديم التغذية الراجعة دون ذِكر هوية مُقدِّمها بدايةً الموظفين الفرصة لتقبُّلها، وبمجرد أن يبني المديرون الثقة بإظهار أنَّه لن تكون هناك عواقب لإعطاء التغذية الراجعة، فسيشعر الموظفون بارتياح أكبر للانفتاح. وأفضل طريقة ليفعل المديرون هذا هي أخذ التغذية الراجعة التي يتلقونها في الحسبان وبإظهار مدى تقبُّلهم لها.

إقرأ أيضاً: 3 استراتيجيات لإعطاء أفضل تغذية راجعة

4. توفير البيانات:

إنَّ أفضل ما في استعمال أدوات التغذية الراجعة هو أنَّ المعلومات تتحول مباشرة إلى بيانات مساعدة، فمع التحليل سيصبح الموظفون أكثر قدرة على تعقُّب تقدمهم وتخزين التغذية الراجعة التي يتلقونها لاستعادتها بسهولة ووضع الأهداف، وبالنسبة إلى المديرين فإنَّ المعلومات يمكن أن توفِّر أفكاراً قيِّمة لاحتياجات الكوتشينغ الخاص بفِرقهم، ويمكن لقسم الموارد البشرية أن يعرِفَ فجوات المهارة ويتَّخذ قرارات توظيف أكثر حكمة، وفي هذه الأثناء يمكن أن يستعمل الموظفون المعلومات لمراقبة عملية التطور والتحكم بها.

متى تقدم تغذية راجعة وجهاً لوجه؟

1. خلال الاجتماعات الثنائية المنتظمة:

حتى لو كنت مشغولاً، يجب أن تخصص وقتاً لتقديم تغذية راجعة وجهاً لوجه بشكل أسبوعي أو مرتين كل شهر في الاجتماعات الثنائية، ومع أنَّ الأدوات يمكن أن تساعدك على التدريب على سلوك التغذية الراجعة، فإنَّ لغة الجسد ونبرة صوتك يمكن أن يعطيا أدلة أكثر فيما يخص مشاعر الشخص الآخر تجاه التغذية الراجعة.

شاهد أيضاً: 10 وسائل لإنجاح الاجتماعات

2. في الأوضاع الحرجة:

إنَّ التغذية الراجعة وجهاً لوجه يمكن تقدِّر خطورة الوضع والحاجة إلى إيجاد حل، على سبيل المثال إن كان الموظف يفوِّت الموعد النهائي لمشروع الفريق، فإنَّ ذلك يمكن أن يؤثر سلباً في نجاح الآخرين في فريقك، ومن الهام في هذه الحالة أن تتحدث إليه لتجد ما يمنعه عن تحقيق الموعد النهائي، وكيف يمكن أن تساعده، وما هي الخطوات التي يمكن أن يتخذها ليعود إلى المسار الصحيح.

3. عند الاحتفاء بالإنجازات:

يجب تقدير الإنجازات الهامة بشكل شخصي، بينما يكون إظهار التقدير للإنجازات السهلة عن طريق أدوات التغذية الراجعة طريقة رائعة لإظهار دعمك للموظفين، فإنَّ تخصيص بعض الوقت للاحتفاء بالإنجازات الكبيرة يُعَدُّ أمراً ضرورياً لبناء روح الفريق، وعندما يَبرُم أحد أعضاء فريق المبيعات صفقةً كبيرة أو ينشر فريق الموارد البشرية لديك ميزة جديدة كبيرة، فمن الهام أن تُظهر تقديرك وتعترف بمساهمته في الفريق أو أهداف المؤسسة، فهذا لا يحافظ فقط على الحافز؛ وإنَّما سيكون تشجيعاً للآخرين أيضاً.

الاحتفاء بالانجازات

في الختام:

بدلاً من التقليل من التواصل وجهاً لوجه، يمكن لأدوات التغذية الراجعة أن تساعد على إغناء التغذية الراجعة عندما يتم تبادلها بين أعضاء الفريق بالتدريب عليها، وإعطاء الموظفين الثقة لأن يكونوا منفتحين على من هم أعلى منهم منصباً من خلال ملاحظاتهم وتقديم المعلومات التي يمكن أن تكون بمنزلة نقطة انطلاق لمحادثات شخصية أكثر فاعلية.

المصدر




مقالات مرتبطة