هل كتب المساعدة الذاتية مضيعة لوقتك؟

لماذا يوجد كثير من المنتقدين لأفكار المساعدة الذاتية؟ ما الذي يعترضون عليه؟ هل توجد أي ادعاءات مثبتة على أنَّ كتب المساعدة الذاتية غيَّرَت حياة شخص ما؟ إذا كانت هذه الكتب تساعد على النجاح، فكيف نفسِّر إذاً نجاح بعض الأشخاص دون قراءة أي كتاب عن المساعدة الذاتية؟



هذه هي الأسئلة التي سنجيب عنها في هذا المقال، وسنكشف عمَّا إذا كان من الأفضل لك توفير أموالك ووقتك، أو ما إذا كان يوجد شيء قوي للغاية في المبادئ التي يتبناها المدافعون عن منهج المساعدة الذاتية.

ما هي المساعدة الذاتية؟

يحرص بعض علماء النفس على مهاجمة مجال المساعدة الذاتية، ومن المثير للاهتمام أنَّ هذا الأمر يتزامن عادةً مع وجود كتاب خاص بهم للترويج له، ربما يرون المبيعات الضخمة لبعض كتب المساعدة الذاتية، ويقارنونها بأرقامهم الضئيلة نسبياً ويشعرون بالحزن؛ لأنَّ شخصاً لا يحمل لقب أستاذ أو دكتور يجرؤ على التحدث عن روح الإنسان وعقله.

مهما كانت الحالة سيكون من الغباء تجاهُل ما يقوله بعض علماء النفس، ولقد أُجرِيَت دراسة مثيرة للاهتمام في عام 2001 واختبرت حكمة المساعدة الذاتية الشائعة في البحث العلمي، واكتشفت أنَّ بعض الركائز الأساسية لهذا النوع لم تصمد؛ فمثلاً إنَّ التنفيس عن غضبك والتفكير في الأفكار السعيدة عند الاكتئاب وتصور أهدافك وترديد عبارات التحفيز واستخدام أسلوب الإصغاء الفاعل للتواصل مع شريكك؛ كلها أمور ثَبُتَ أنَّها ذات قيمة قليلة، وفي بعض الحالات تتركك غير سعيد.

كما يحب بعض الصحفيين أيضاً الانضمام إلى المعركة؛ فهؤلاء المروِّجون للسلبية يسارعون إلى تصنيف شخصيات المساعدة الذاتية الشعبية على أنَّهم معلمون أو دجالون إذا كانوا يحقدون عليهم، وعادةً ما تتركز شكواهم الرئيسة على حجتين:

  1. لم تحقق شخصيات المساعدة الذاتية شيئاً في العالم، في الأساس اكتسبوا أموالهم وشهرتهم من خلال إخبار الآخرين بطريقة اكتساب المال والشهرة، وتبدو حجة عادلة حتى تفكر في حقيقة أنَّه ليس بالضرورة أن يصبح أفضل اللاعبين أفضل الكوتشز، كما كتب المجدِّف "ستيف ريدغريف" (Steve Redgrave) الحاصل على الميدالية الذهبية في 5 دورات أولمبياد متتالية كتاباً عن المساعدة الذاتية، ولكن إذا كانت لديك فرصة الاختيار بينه وبين الكاتب "توني روبنز" (Tony Robbins) لتلقي الكوتشينغ، من ستختار؟
  2. ليس لديهم تدريب أكاديمي؛ مثل الأشخاص الذين لا يمتلكون شهادات أو غير مؤهلين لتقديم أفكار عن طريقة تحسين حياتك، ويذكِّرنا هذا الأمر بالمعاملة التي تلقاها المعالِج "ليونيل لوغ" (Lionel Logue) عندما ساعد الملك جورج السادس (King George VI) في مشكلات النطق.

لم يحمل لوغ - معالِج الكلام واللغة اللامع - آنذاك شهادة أكاديمية رسمية؛ ونتيجةً لذلك حاول مستشارو الملك دحض ما ثبت أنَّه يمثل علاجاً فاعلاً، ولحسن الحظ عارضهم الملك في ذلك؛ لأنَّ ما افتقده لوج في التدريب الأكاديمي عوَّضه أكثر من خلال الخبرة والسجل الحافل في الحصول على نتائج في علاجه.

هل من غير المقنع الاعتقاد بأنَّ بعض شخصيات المساعدة الذاتية اليوم على الرغم من عدم حملها لقب دكتور، قد تحمل الصفات نفسها التي تُعَدُّ أساسية جداً لتكون مدرساً فاعلاً؟

هل يمكن للمساعدة الذاتية أن تغير حياتك حقاً؟

مع انتشار كثير من العناوين؛ مثل غيرِّ حياتك في 7 أيام، وحقِّق أي شيء تريده في عام واحد فقط، قد يحسب أي شخص أنَّ تحقيق الذات والأحلام هو شيء يمكن تحقيقه بنقرة إصبع، وهل كل هذا مجرد دعاية تسويقية أم توجد أدلة تشير إلى أنَّ المساعدة الذاتية تنجح بالفعل؟

أقوى دليل على نجاح شيء ما هو عندما يكون لديك شخص ناجح يخبرك بالضبط ما الذي ساعده على تحقيق نجاحه، ونقدم لك فيما يأتي مثالين من هذا القبيل، على الرغم من أنَّ كليهما لم يكن لديهما دافع خفي لإفشاء سر نجاحه، لا دورة تدريبية يقدمها ولا كتاب يبيعه، فقط شرح صادق لأسباب نجاحه.

إقرأ أيضاً: شائعات وحقائق عن عالم المساعدة الذاتية

1. الممثلة فيليس ديلر (Phyliss Diller):

لمدة 35 عاماً عاشت فيليس ديلر حياة هادئة إلى حد كبير، فتزوَّجت في الثانية والعشرين من عمرها وعملت في سلسلة من الوظائف التي لم يكن لديها شغف حقيقي تجاهها، وكل ذلك تغيَّر عندما قرأت كتاب "سحر الإيمان" (The Magic of Believing) للكاتب كلود بريستول (Claude Bristol)، وبعد دراسة الكتاب لمدة عامَين شرعَت في مهنة جديدة وهي ممثلة كوميدية، فأخبرها الأصدقاء أن تحافظ على وظيفتها اليومية، وأخبرها المطلعون في المجال بالتخلي عن الضحكة التي اشتُهِرَت بها فيما بعد، ولقد انسحبَت من المسرح أكثر من مرة بسبب سخرية الجمهور منها، ومع ذلك لم يمنعها أي من ذلك؛ لأنَّها من خلال قراءة الكتاب كوَّنت إيماناً لا يتزعزع بنفسها.

2. الممثل جيم كاري (Jim Carrey):

على الرَّغم من أنَّ كاري لا ينسب نجاحه إلى أي كتاب من كتب المساعدة الذاتية إلا أنَّه يتحدث كثيراً عن فضل بعض ممارسات المساعدة الذاتية في تحقيق شهرته في هوليوود، ففي عام 1987 في حين كان يكافح من أجل أن يصبح ممثلاً وكوميدياً كان يقف كل ليلة في طريق مولهولاند (Mulholland Drive) ويتخيل أنَّه نجم هوليوودي ناجح، وكان يتخيل أنَّ المخرجين مهتمون به والأشخاص الذين يحترمهم يهنِّئونه على عمله، وبجرأة كتب لنفسه شيكاً بمبلغ 10000000 دولاراً وحدَّد له تاريخاً في عيد الشكر عام 1995، والآن يمكنك رؤيته وهو يتحدث في برنامج حواري مع مقدمة البرامج المشهورة أوبرا (Oprah) عن تحقيق حلمه بالأموال التي حصل عليها من فيلم الغبي والأغبى (Dumb and Dumber) في عام 1995.

إقرأ أيضاً: هل تنجح المساعدة الذاتية مع الأشخاص المحطمين؟

في الختام:

إذا كانت مبادئ المساعدة الذاتية مفيدة في تحقيق النجاح، فكيف يمكن لأي شخص أن يحقق النجاح من دونها؟

هل كان رجل الأعمال ريتشارد برانسون (Richard Branson) وبيل جيتس وستيف جوبز يتصفَّحون كتب زيادة الثروة وطريقة كسب الأصدقاء والتأثير في الناس في أواخر سن المراهقة وأوائل العشرينيات؟ على الأغلب لا، بدلاً من ذلك كانوا يقضون ساعات طويلة في تعلم حرفتهم وتجريب أفكار جديدة، فكيف استطاعوا إذاً إنشاء شركات بمليارات الدولارات دون تدريب أنفسهم أولاً على أهمية الإيمان بالذات والصورة الذاتية وتطوير القدرة على تحسين حالتهم العاطفية وتعلم أفضل طريقة لمعاملة الفشل؟

ليس مستحيلاً أنَّ بعض الناس يتبعون دون وعي مبادئ المساعدة الذاتية دون قراءة كتاب أو حضور ندوة؛ إمَّا من خلال الفطرة أو التنشئة، ربما كان لدى برانسون وجيتس وجوبز عقلية مثالية للنجاح دون الحاجة إلى تحسينها، كما يوجد عامل آخر يجب مراعاته أيضاً وهو مبدأ المساعدة الذاتية الكبير للتركيز.

ينصُّ هذا المبدأ على أنَّ أي شيء تواظب على التركيز فيه سيصبح جزءاً من حياتك؛ لذلك إذا كنت تقضي أكثر من 20 ساعةً أسبوعياً في العمل بنشاط على حلمك والتفكير في الطرائق التي يمكن أن تنجح بها أنت أو منتجك؛ فإنَّ تركيزك الشديد سيحقق نتائج مذهلةً، ربما يكون هذا هو أعظم درس على الإطلاق ومن أسهل الدروس التي يمكن تطبيقها؛ لذا ركز على ما تريد وشاهد حياتك تتغير.




مقالات مرتبطة