هل تستطيع الطيور التحليق فوق الغيوم وفي الجو الماطر؟

يوجد نحو 10000 نوعاً مختلفاً من الطيور، ويرفرف الطائر بجناحيه لأعلى ولأسفل للتحرك إلى الأمام وتحقيق الارتفاع، وتوجد طرائق مختلفة لرفرفة الأجنحة، فمثلاً يطير الحمام بشكل مستقيم، بينما يرفرف بجناحيه باستمرار، وفي المقابل تطير البلابل بنِّية الأذنين وطيور الذعرة بنمط متموج، ومن المثير للاهتمام أنَّ طيور العوسق تظل ثابتةً في الهواء ولا تتحرك إلى الأمام ولا إلى الأعلى، وتدعى بالحوم.



يوجد أسلوب طيران آخر هو "الانزلاق"، وهو عندما يرفرف الطائر بجناحيه قليلاً وينشرهما على وسعهما، ويطير بشكل مستقيم مثل طائر السنونو وطيور الحدأة، و"التحليق" هو ​​عندما ينزلق طائر وينشر جناحيه على وسعهما ويمر في تيار هواء متصاعد، والسؤال الآن هل هي قادرة على الطيران فوق الغيوم؟ وإلى أي مدى يمكن أن تطير الطيور؟ دعنا نعرف المزيد من الحقائق المثيرة للاهتمام عن طيرانها في هذا المقال.

هل تطير الطيور فوق الغيوم؟

يمكن لبعض الطيور أن تطير فوق السحب، مثل طيور الفرقاطة والنسور، وغالباً ما تُرصد الطيور المهاجرة في بعض الأوقات فوق الغيوم، وهذا يجعلها للأسف ضحايا لحوادث الطائرات، ومع ذلك تتجنب الطيور الأليفة الشائعة الطيران بالقرب من السحب وتحافظ على ارتفاع أقصر.

لا تملك كل الطيور القدرة على الطيران على ارتفاعات عالية؛ إذ يمكن فقط لعدد قليل منها ممن لديها تكيفات خاصة تزيد من امتصاص الأوكسجين التحليق فوق الغيوم، ويقع طائر الغريفن والإوز مخطط الرأس والبط البري في هذه الفئة.

غيوم العاصفة لا يمكنها التغلب على النسور، كما تحلق النسور عالياً في السماء لتجنب المطر، وقد تصل النسور إلى ارتفاع 10000 قدماً فوق مستوى سطح البحر بسهولة، ولا يمكن لجميع الطيور الطيران على ارتفاعات عالية، إضافة إلى ذلك يقلل الضباب والسحب المنخفضة من الرؤية في أثناء الطيران، وهذا يؤثر في اتجاه الطيور ويعطل سلوكات الهجرة الأخرى.

إلى أي ارتفاع يمكن أن تطير الطيور؟

يمكن للطيور أن تطير أعلى كلما كانت أخف وزناً، وهذا لأنَّ رئتي الطيور يمكنها أن تمتص كمية من الأوكسجين من الهواء أكثر مما تستطيع رئة الثدييات، وقد كانت الرحلة القياسية لطيور غريفن التي تم شفطها للأسف في محرك طائرة نفاثة على ارتفاع 37900 قدماً.

مع ذلك ربما تم تسجيل مدى ارتفاع قياسي بواسطة قطيع من التم الصداح الذي شوهد على الرادار قادماً فوق أيرلندا الشمالية عند الهجرة، وتم تحديده بصرياً بواسطة طيار على ارتفاع 29000 قدم؛ إذ ترتفع النسور أحياناً على ارتفاع يزيد عن 10000 قدم لمسح مساحات أكبر بحثاً عن الطعام ولمراقبة سلوك النسور البعيدة بحثاً عن أدلة على مواقع الطعام.

تكتسب الطيور ارتفاعاً باستخدام الرياح السائدة في أثناء الهجرة، وتطير العديد من الأنواع على ارتفاع 2000 إلى 5000 قدم أو أعلى، على سبيل المثال قد يبدأ الطائر بالهجرة على ارتفاع 5000 قدماً تقريباً ويصعد ببطء إلى 20000 قدم، وغالباً ما ترتفع الطيور إلى ارتفاعات عالية نسبياً في أثناء الهجرة ربما لتجنُّب الجفاف في الهواء الدافئ بالقرب من الأرض، ففي منطقة البحر الكاريبي تتم ملاحظة الطيور المهاجرة في الغالب على بعد نحو 10000 قدم.

إقرأ أيضاً: 12 خرافة حول الحيوانات لا نزال نؤمن بها

أعلى الطيور تحليقاً:

1. النسر الأبقع (الغريفن) - 37000 قدماً:

النسر الأبقع

تم تسجيل وصول نسر غريفن إلى أعلى ارتفاع يبلغ 37000 قدماً، ومع ذلك فإنَّ ترقُّق الهواء على ارتفاعات عالية لا يمثل مشكلة بالنسبة إليه؛ وذلك لأنَّ النسر الأبقع لديه خضاب فريد يخلق نظاماً فعالاً لاستهلاك الأوكسجين.

2. طائر الكركية - 30000 قدماً:

طائر الكركية

يمكن أن تصل طيور الكركية إلى أكثر من 30000 قدماً، وقد طارت عبر جبال الهيمالايا، وتُعرف أيضاً باسم الكركية الأوراسية التي تُرى في الأجزاء الشمالية من آسيا وأوروبا؛ إذ إنَّها طيور متوسطة ​​الحجم، ولكنَّ طول جناحيها يتراوح بين 6 و8 أقدام.

3. الإوز مخطط الرأس - 29000 قدماً:

موطنها آسيا الوسطى، ويمكن أن ترتفع الإوزة ذات الرأس المخطط إلى 29000 قدماً بارتفاع كافٍ للإبحار فوق جبل إيفرست، وإنَّها تتكيف تماماً مع قمم جبال الهيمالايا العالية؛ فينخفض ​​ضغط الهواء ديناميكياً، وتتمتع هذه الإوزة أيضاً بسعة رئة أكبر من الأنواع الأخرى في العائلة.

الإوز مخطط الرأس

4. التم الصداح - 27000 قدماً:

هذه البجعة طائر كبير في جنوب أوراسيا معروف بندائه الصاخب، ويحب المراعي التي غمرتها الفيضانات والتندرا والأراضي الرطبة والبرك والبحيرات، ولديها منقار أصفر وأسود وأعناق طويلة، وتتوجه إلى ألمانيا وبريطانيا والدنمارك في الأشهر الباردة.

5. الزمت الألبي - 26500 قدماً:

يُطلق على طيور جبال الألب، وهي طيور الجبال العالية في آسيا الوسطى وجنوب أوروبا، وأيضاً يطلق عليها اسم الغراب ذي المنقار الأصفر بسبب مناقيرها الصفراء الزاهية، فهي تبني أعشاشها على ارتفاعات 21000 قدماً أو أكثر، وعش الزمت الألبي هو أعلى عش في العالم.

الزمت الألبي

هل يمكن للطيور أن تطير في المطر؟

يمكن للطيور أن تطير في المطر، ولكنَّها عادة تختار عدم القيام بذلك، على سبيل المثال يمكن رؤية الطيور وهي تطير لمسافات قصيرة في طقس سيئ؛ إذ تحتاج معظم الطيور إلى تناول الطعام مرات عدة في اليوم والطيران لمسافات قصيرة تحت المطر للعثور على الطعام، لكنَّ معظمها يفضِّل البقاء محتمياً.

يُصعِّب المطر الطيران على الطيور؛ لذلك تجد الطيور جالسة على فروع الأشجار أو أسلاك الكهرباء في أثناء العاصفة، وعندما تمطر ينخفض ​​الضغط وتقل كثافة الهواء، وهذا يجعل الطيران أكثر صعوبة، كما يتطلب التحرك في السماء في مناطق ذات ضغط جوي منخفض قدراً كبيراً من الطاقة.

في عام 2010 درس فريق بحث عينات دم من الطيور التي تعيش في غابة مطيرة في كوستاريكا، ووجدوا أنَّ الطيور لديها مستويات أعلى من هرمون التوتر في الأيام الممطرة.

هل يمكن للطيور أن تطير بأجنحة مبللة؟

القليل من المطر لا يزعج الطيور كثيراً؛ إذ تستخدم العديد من الطيور المطر بوصفه حمَّاماً ثم تهز ريشها لتنظيفه، ومع ذلك فإنَّ الأمور تتغير قليلاً عندما تكون الأمطار غزيرة ومتكررة، فعندما تبتل الطيور بالكامل بما في ذلك أجنحتها، فإنَّها تواجه صعوبة في الإقلاع للطيران بسبب ريش الجناح الرطب، ومع ذلك بمجرد أن يجف تصبح قادرة على الطيران بشكل صحيح.

لكنَّ الطيور لا تُبلَّل بالكامل بسرعة؛ وذلك لأنَّ ريشها مقاوم للماء بدرجة عالية وينساب الماء من ريشها، وهذا يحمي الجلد تحته، إضافة إلى ذلك تنتج العديد من الطيور زيتاً يمكنها نشره على ريشها لحماية نفسها من المطر؛ إذ تساعدها هذه الحماية على الطيران لمسافات قصيرة في المطر للعثور على الطعام عند الحاجة، لكن عندما يتساقط المطر بكثافة قد تتسرب المياه من خلال الريش، وهذا يسبب لها البرودة ويحد من قدرتها على الطيران.

هل يمكن للطيور أن تطير إلى الخلف؟

أكثر من 99% من جميع أنواع الطيور لا يمكنها الطيران إلى الخلف، وتشمل الطيور التي قد تتحرك إلى الخلف قليلاً صائدة الذباب والطيور المغردة والبلشون والمالك الحزين باستخدام طريقة الرفرفة، كما يمتلك هيكل الجناح لمعظم الطيور عضلات قوية لسحبها إلى الأسفل وعضلات ضعيفة للتحرك إلى الأعلى، وتعتمد هذه الطيور على الرياح لتحريك أجنحتها إلى الأعلى دون مساعدة الريح، ولا يستطيع معظمها الطيران إلى الخلف.

الطائر الوحيد الذي يمكنه الطيران إلى الخلف هو الطائر الطنان أصغر الطيور، فإنَّه الطائر الوحيد الذي يمكنه الطيران إلى الخلف والأمام دون الاعتماد على الريح، إضافة إلى ذلك يمكنه الطيران إلى الأمام والجانب والخلف، بينما يمكنه أيضاً تغيير اتجاهه في أثناء الطيران.

لديه مفصل كروي فريد عند الكتف يسمح له بتدوير أجنحته 180 درجة في جميع الاتجاهات، ويتم تتبع نمط الشكل ثمانية عند أطراف الأجنحة، بينما يرتفع مع ضربات الجناح الخلفية والأمامية، وبشكل مثير للدهشة يمكنه أيضاً إجراء العديد من المناورات البهلوانية في الهواء مثل الغوص والقفز فوق المكان لفترة طويلة، وعادة ما تتم ملاحظة الطيران الخلفي عندما يتراجع هذا الطائر من زهرة واحدة لينتقل إلى أخرى.

إقرأ أيضاً: أغرب 17 نوعاً من الطيور في العالم

هل يمكن للطيور أن تطير دون أن ترفرف بأجنحتها؟

يفكر العلماء عموماً في نوعين من الطيران عند الحيوانات الطائرة؛ الطيران الخفَّاق والطيران المحلق، وقد قال "بريت توبالسك" خبير طيران الطيور في جامعة مونتانا: "إنَّ الاختلاف يمكن مقارنته بركوب الدراجة صعوداً مقابل الهبوط على المنحدرات".

بالنسبة إلى الطيور التي يمكن أن تطير دون أن ترفرف بأجنحتها فإنَّ السماء هي مكان طبيعي لميزات غير مرئية مثل هبوب الرياح وتيارات الهواء الدافئ الصاعد وتيارات الهواء التي تدفعها إلى الأعلى وميزات أرضية مثل الجبال، فتسمح لها التيارات الهوائية في التحليق لمسافات طويلة مع تقليل مجهود رفرفة أجنحتها.

كوندور الأنديز أثقل طائر محلِّق وما يزال على قيد الحياة إلى اليوم، ويمتد جناحاه إلى 10 أقدام ويصل وزنه إلى 33 رطلاً، ومع ذلك يمضي هذا الطائر 1% فقط من وقته في رفرفة أجنحته عالياً، ومعظم هذه الرفرفات كانت في أثناء الإقلاع، وقد طار طائر واحد لأكثر من خمس ساعات دون أن يرفرف بجناحيه، وغطى أكثر من 100 ميل (160 كم)، ونُشرت النتائج في مجلة (Proceedings of the National Academy of Sciences).

تعدُّ مهارة كوندور الأنديز الفائقة في التحليق أمراً ضرورياً لنمط حياة الطيور القمَّامة، وقال "سيرجيو لامبرتوتشي" الباحث المشارك للدراسة وعالم الأحياء في جامعة كوماهو الوطنية في الأرجنتين: "إنَّ الأمر يتطلب ساعات في اليوم من الدوران حول الجبال العالية بحثاً عن وجبة من الجيف، وفي الدراسات السابقة كانت رفرفة طيور اللقلق الأبيض والعقبان تمثل 17% و25% من رحلات الهجرة البرية".

لماذا لا تطير الطيور في الليل؟

تفتقر معظم الطيور إلى الخلايا العصوية المسؤولة عن الرؤية الليلية، لذلك لا يمكنها رؤية الأشياء بوضوح في ضوء ضعيف أو خافت بسبب عدم وجود هذه الخلايا، وهذا هو سبب عودة الطيور إلى عشها في المساء؛ لذا يتجنب الطائر النهاري الطيران ليلاً ما لم يتم استفزازه أو تعرضه للخطر، ومع ذلك تتخصص الطيور الليلية مثل البوم في الطيران ليلاً؛ هذا لأنَّ أجسادها مضبوطة لاستشعار الأصوات والحركات التي تُحدثها الفريسة في الليل.

إنَّ الخصائص مثل ألوان الريش الخافت والعيون الكبيرة المعقدة لالتقاط حركات الفريسة ليلاً والشم والحواس السمعية المحسنة تجعلها تطير ليلاً وتصطاد، فقد تكون الطيور النهارية نشطة في أثناء الليل في ظروف معينة، على سبيل المثال تعد الهجرة الليلية نشاطاً تشارك فيه العديد من الطيور النهارية مثل العصافير والسُمَّن، وبالمثل تقوم الطيور الصغيرة أحياناً بالهجرة الليلية لتجنب الحيوانات المفترسة الخطرة مثل النسور والصقور التي تنشط فقط خلال النهار.

في الختام:

قد تطير الطيور عالياً أو بشكل منخفض وفقاً لنوعها؛ وذلك لأنَّها تحتاج إلى البحث عن الطعام والمأوى وإطعام صغارها، ومع ذلك فإنَّها تُقيِّد رحلاتها في بعض الأحيان؛ إذ يمكنها الشعور بالعديد من الأحداث المستقبلية مثل العواصف الوشيكة؛ ونتيجة لذلك يمكن لهذه المخلوقات أن تتنبأ بالطبيعة أفضل بكثير من البشر؛ لذا فإنَّ دراسة الطيور تخبرنا بالكثير من الأشياء ومليئة بالألغاز.




مقالات مرتبطة