هل تتفوق التحديات التي تواجهها على قراراتك؟

عندما كان ممثلاً كوميدياً شاباً، علَّق "جيري ساينفيلد" (Jerry Seinfeld) تقويماً كبيراً في حائطه؛ إذ بدأ يكتب النكات كل يوم، وكان يضع إشارة حمراء كبيرة إلى جانب اليوم بعد الانتهاء من الكتابة.



وفقاً لـ "ساينفيلد": "بعد بضعة أيام ستكون لديك سلسلة، ومهمتك الوحيدة هي عدم كسر هذه السلسلة".

لم يقرر "ساينفيلد" أن يصبح ممثلاً كوميدياً رائعاً؛ بل كان يتحدى نفسه أن يكتب كل يوم، فهل ترى الفارق؟ المسألة ليست مجرد كلمات.

إنَّ التحديات موجهة نحو العمل، في حين أنَّ الأمنيات موجهة نحو النتائج؛ مع الأمنية، تفكر فيمن تريد أن تصبح، لكن مع التحدي تصبح ذلك الشخص من خلال العمل المستمر الذي تقوم به. إذا كنت تتحدى نفسك في الكتابة أو الرسم أو ممارسة التمرينات الرياضية يومياً، فأنت بحاجة إلى الكتابة أو الرسم أو التمرين، فالعمل واضح ومحدد ومحكوم بالمواعيد النهائية.

من ناحية أخرى، إذا قررت "أن تصبح كاتباً أفضل"، فستكون هناك حاجة ملحة للبدء. ماذا تعني كلمة "أفضل"؟ يمكن أن تكون الأمنيات أيضاً مقيدة، فنحن فقراء فيما يتعلق بالحكم على إمكاناتنا، فلماذا تضع لنفسك نتيجة طموحة تعسفية بينما لا يمكنك أن تعرف إلى أيِّ مدى يمكن أن يأخذك عملك اليومي؟

لا تركز على النتائج:

خذ مثلاً قصة الروائي الأمريكي "جون غريشام" (John Grisham)، فعندما اقترب "غريشام" من سن الثلاثين، كان مشغولاً بمهنة المحاماة؛ إذ كان يعمل من 60 إلى 70 ساعة في الأسبوع في مكتب محاماة في "ميسيسيبي" (Mississippi). أراد "غريشام" أن يكتب رواية لكنَّه لم يستطع التوقف عن ممارسة مهنة المحاماة لتحقيق حلمه.

لذا، خلق التحدي لنفسه، فكل يوم كان "غريشام" يستيقظ في الخامسة صباحاً ويسرع إلى مكتبه، بحيث يكون جالساً إلى مكتبه مع القهوة والقلم ومفكرته القانونية في يده، بحلول الساعة 5:30 صباحاً.

لقد تحدى نفسه لكتابة صفحة واحدة على الأقل في اليوم، وفي بعض الأحيان كان يكتب أكثر، وبعد ثلاث سنوات، ومن خلال الالتزام بروتينه اليومي الثابت في الكتابة، أنهى "غريشام" كتابة وتحرير روايته الأولى، "وقت للقتل" (A Time to Kill).

رفض 28 ناشراً رواية "وقت للقتل"، وفي النهاية وافق ناشر صغير على طباعة 5000 نسخة، وبينما كان فيلم "وقت للقتل" (A Time to Kill) مخفقاً بعض الشيء عند إطلاقه، تابع "غريشام" الكتابة، وحقق كتابه الثاني الشركة "The Firm" نجاحاً هائلاً، ومنذ ذلك الحين، باع أكثر من 300 مليون كتاب.

شاهد بالفديو: كيف تستمر في مواجهة التحديات عندما تزداد الحياة صعوبة؟

التركيز على مستقبل أفضل:

الفائدة الحقيقية للتحديات هي أنَّها تؤدي إلى تغيير مستدام في السلوك.

إذا كتبت لمدة 30 يوماً على التوالي، فسيصبح الأمر روتينياً، وسوف يترسخ هذا العمل، وستبدأ برؤية الفوائد من عملك، وستحتاج إلى المشاركة في المزيد من السلوك الذي أدى إلى النتائج، فالشيء الذي يمنع الناس من أن يصبحوا نسخة أفضل من أنفسهم هو أنفسهم، فنحن نخفي معتقدات محدودة حول ما نحن قادرون عليه.

وفقاً لـ "الدكتور دانييل جيلبرت" (Daniel Gilbret)، عالم النفس في "جامعة هارفارد" (Harvard University)، يفترض معظم الناس أنَّ ذاتهم الحالية هي ذاتهم إلى الأبد؛ إذ إنَّه يقول: "البشر أعمال جارية تعتقد خطأً أنَّها قد انتهت".

أفضل طريقة للتغلب على هذا الاعتقاد المحدود هي أن تتخيل نسخة أفضل منك، وأن تبدأ باتخاذ الإجراءات اللازمة لتصبح ذاتك التي تختارها في المستقبل.

ماذا تريد أن تحقق؟ وما هي الإجراءات التي ستؤدي إلى النتيجة؟ تظهر الأبحاث أنَّ أكثر من 80% من الأشخاص يتخلون عن أمنيات العام الجديد بحلول الأسبوع الثاني من شهر شباط/ فبراير.

واجه الصعاب، واعمل كل يوم، ولا تتوقف.

المصدر




مقالات مرتبطة