نعم للعقاب.. لا للركلات والصفعات

نعم للعقاب.. لا للركلات والصفعات لكي تصل بأبنائك إلي أعلي درجة الصحة النفسية فأنت بحاجة لمعرفة أساليب جديدة للتعامل معهم. فهو من ناحية أسلوب تربوي ناجح ومفيد إذا استخدمناه وفق معايير محددة لمنع الأبناء من تكرار أفعال ارتكبوها.. وهو من ناحية أخري أسلوب ضار ومؤذي إذا تم استخدامه كرد فعل لانفعالات نفسية ولتفريغ شحنات الغضب التي بداخلنا جراء أفعال خاطئة ارتكبها الأبناء.. ثم هو أسلوب غوغائي فاشل إذا تحول إلي تصرفات انتقامية تستخدم فيها الركلات الصفعات المباشرة.. لأننا بذلك نفقد الطفل احترامه لذاته، ونزرع بداخل ميول عدوانية، بل ونجعل منه شخصية مهزوزة ضعيفة لا حول لها ولا قوة..



صحيح أن العقاب يعد جزءاً أساسياً في عملية التربية المبنية علي تعليم وتنشئة الطفل علي تمييز الخطأ من الصواب، لكن العقاب الذي نقصده له قواعده، وأساليبه، وأهدافه، بل وأوقاته، وهي أمور يجب الالتزام بها وإتباعها بدقة متناهية.. فحرمان الطفل من بعض الامتيازات عقاب.. وعدم السماح بخروجه من المنزل عقاب.. وعزله عن الناس بضعة دقائق عقاب، وكلها أساليب أكثر فاعلية وتأثيراً في تعديل السلوك من الضرب والركل والصفعات.. أبداً لا تعاقب الرضيع ولنبدأ بالطفل الرضيع، فهناك ستة أسباب رئيسية لضرورة عدم معاقبة الطفل الرضيع:

1-     الرضيع لا يدرك عواقب أفعاله والنتائج عليها.. مثلاً بكاء طفلك المتواصل في الليل تسبب في إصابتك بالصداع وبالتالي تغيبك عن العمل.. تذكري أن طفلك لا يدرك ذلك.

2-      إن طفلك الرضيع لا يقوم بأفعاله عن قصد، مثلاً الطفل في مرحلة الحبو قد يتسبب في كسر بعض إكسسوارات المنزل ليس لأنه يريد ذلك، بل إنه يسعي لاكتشاف العالم المحيط به وهذه طريقته للوصول لذلك ومتي أدركناها استطعنا التعامل معه بسهولة.

3-     أن تقبلك لطفلك كما هو.. إعادة توجيهه، ومكافأته، هم ثلاثة استراتيجيات جيدة الاستعمال لمساعدة الأطفال الصغار للتكيف مع البيئة الجديدة المحيطة بهم.

4-     إن طفلك الصغير ليس لديه المهارات المعرفية للتمييز بين الخطأ والصواب.

5-     أطفالنا الصغار يحتاجون للحب، الحماية، والمساندة وليس العقاب.

6-     إذا انتابك الغضب أو الضغط النفسي نتيجة لسلوك طفلك الصغير.. بدلاً من الصراخ عليه أو معاقبته اتجه إلي غرفة أخري في المنزل واجلس لفترة حتي تتمالك أعصابك ويقل غضبك.

 

طرق للعقاب:

سأتناول في حديثي أربعة أنواع أو طرق للعقاب أرى أنها ملائمة لاستخدامها مع أطفالنا الصغار من سن 2.5 إلى 11 سنة.

أ‌- فقدان بعض الامتيازات:

هو عقاب مناسب لعمر 2.5 وما فوق، الامتياز هو حق تم إعطاؤه للطفل من خلال الوالدين، وقد يكون عبارة عن مشاهدة التلفاز، ممارسة ألعاب معينة داخل المنزل كلعب الكرة مثلاً، أو غيرها إذا أساء طفلك استخدام هذا الحق أو حتى أساء استخدام هذا الامتياز كأن يلعب بالكرة داخل صالة المنزل، اسحبي منه هذا الامتياز لفترة معينة، انتبهي.. احرمي طفلك من هذا الامتياز إذا أساء استخدامه مثل "القذف، الكسر..... الخ".

 

ب‌- البقاء في المنزل:

عقاب مناسب لسن 3.5 وما فوق، عندما يخرج طفلك من المنزل دون استئذان كأن يزور بيت الجيران أو يلعب في الخارج فقومي بمعاقبته بأن تطلبي منه البقاء في المنزل لفترة تقومي بتمديدها حسب حجم الخطأ الذي وقع به وليس حجم الغضب الذي أنت به، إذا شعرت أن طفلك لم يدرك أن ما قام به كان من الأفعال الغير مقبولة أو ملائمة فلا تستخدمي معه هذا الأسلوب من العقاب واكتفي بإبداء سبب امتعاضك له وقومي بتوجيهه للسلوك الملائم.

 

ج – مناسب للطفل في 2.5 وما فوق:

إظهار امتعاض الوالدين ويمكن فعل ذلك بعبارة تصدر عنهما أو تعبير في الوجه يقومان به يشير إلى عدم رضائهما واستيائهما من السلوك الصادر من طفلهما.. الغرض من هذا العقاب هو خلق شعور من الاهتمام والحرص لدي الطفل علي إرضاء الوالدين وعدم التسبب في استيائهما مثال "يا... إنني أشعر بالاستياء لأنك ضربت أخاك الصغير رغم أنها ليست من طبائعك.. أنا متأكد أنه في المرة القادمة عندما تكون متضايق لن تضرب أخاك الصغير وتطلب منه عدم مشاركتك بألعابك.. لكن حالياً أنا فعلاً مستاء مما فعلته". بعد هذه العبارة أخبري الطفل إما أنه محروم من الخروج أو سيتم استخدام الـ time out معه وهو ما سنقوم بشرحه في النقطة التالية:

 

د- time out:

مناسب للطفل من 3 سنوات وما فوق، يقصد منه عزل مؤقت للطفل عن الآخرين لأنه اختار أن يسيء التصرف، إنه نوع من التكتيك لتعليم الطفل أنه عندما يختار أن يسيء التصرف ويضايق الآخرين فإنه يستحق أن يقضي لوحده فترة من الوقت.

 

يجب الانتباه إلى أن الـ time out:

لا يقصد منه عزل الطفل عن الآخرين لفترة طويلة.. ولا يقصد منه وضع الطفل في غرفة مظلمة.. كما لا يهدف إلى تخويف الطفل عن فقده لحب وحماية الوالدين، إنه مجرد تكتيك لتعليم الطفل أنه عندما يختار أن يخترق التعليمات فإن عليه أن يجلس لوحده هادئاً لفترة من الوقت.

 

متى نستخدم الـ time out:

يتم استخدامه عندما يخترق الطفل تعليمات الوالدين أو عند قيامه بسلوك غير مقبول تماماً، مثال على ذلك كأن يقوم عمداً بكسر طبق طعامه.. يقذف ألعابه في أرجاء المنزل ويتجاهل طلب والديه للتوقف عن ذلك.. يضرب الآخرين، يشد شعر أخواته.. الخ.

 

متى لا يجب استخدام الـ time out:

لا تستخدمي هذا النوع من العقاب عندما لا يكون تصرف طفلك سيئاً للغاية، أو عندما يكون الإزعاج الصادر منه يقصد به المرح وليس الإيذاء.. أو عند وقوع حوادث طبيعية كأن يصطدم الطفل بطاولة الطعام فيقع الطبق وينكسر.. الخ. حاولي تجاهل الحدث أو استخدمي وسيلة أخرى للتحكم في سلوك طفلك بدلاً من الـ time out وتذكري دائماً أن الاختيار المدروس لهذا النوع من العقاب يزيد من فعاليته وتأثيره في تعديل السلوك.

 

1-     قبل استخدام الـ time out تأكدي من فهم وإدراك طفلك الهدف من هذا العقاب وقبل استخدامه تأكدي أن طفلك يفهمك عندما تقولين له time out وماذا تتوقعين منه أثناء قضائه لفترة العقاب.

2-     قومي بتشريع تعليمات باختراقها يتم استحقاق الـ time out لتطلقي عليه تعليمات العائلة وعلى جميع أفراد العائلة معرفتها واتباعها.

3-     اختاري موقع مناسب لتطبيق العقاب، المكان يجب أن لا يحتوي على ألعاب أو أشياء تشد الانتباه، إرسال الطفل إلي غرفته ليس بالطبع المكان المناسب لقضاء فترة العقاب، لا تقومي أبداً بوضع طفلك في الغرفة وإغلاق الباب عليه، أو وضعه في غرفة مظلمة أو غرفة غير جيدة التهوية.

4-     وضحي لطفلك كم سيستغرق عقابه، الوقت الذي يقضيه الطفل يجب أن يكون مناسب لعمره وحجم سلوكه، التصرفات الأقل سوءاً غالباً تستحق دقيقة إلى دقيقتين بينما الأكثر سوءاً تستحق 3 إلى 7 دقائق، غالباً ما تكون فترة العقاب القصيرة (1- 7 دقائق) أكثر تأثير من إطالة المدة (15- 30 دقيقة).

 

كيف يتم استخدام الـtime out :

1-     قومي بتحذير الطفل في البداية أن تصرفه غير مقبول، وإذا استمر به سيستحق الـtime out .

2-     إذا استمر التصرف الغير مقبول أصدري أمرك إلى الطفل للتوجه إلى منطقة العقاب.

3-     تجاه كل ما يصدر من طفلك من تعليقات أو وعود بعدم تكرار الفعل مرة أخرى، كوني حازمة في تنفيذ العقاب.

4-     وضحي لطفلك الفترة الزمنية التي عليه أن يبقي فيها معاقب.

5-     ذكري طفلك أن وقت الـ time out لن يبدأ حتى يلتزم الهدوء.

6-     عند انتهاء فترة العقاب أجلسي مع طفلك ووجهيه إلى السلوك السليم.

بعض النقاط التي يجب مراعاتها: هذا العقاب ينفع ويؤثر أكثر في الأطفال في سن ما قبل المدرسة وحتى 11 سنة.

لا ينصح باستخدامه مع مرحلة المراهقة ويفضل استخدام أساليب أخرى مثل الاختبارات وتحمل عواقبها، فقدان الامتيازات، البقاء في المنزل وغيرها مما يكون أفضل وأكثر تأثيراً على البالغين. تذكروا دائماً أن الـ time out يكون أكثر تأثيراً عندما يكون الوقت الذي يقضيه الطفل قبل العقاب ذا جودة ومعنى، لذا نحرص على صنع علاقات حميمة وأوقات سعيدة مع أبنائنا حتى نشعرهم بقيمة ذلك أثناء فترة العقاب.

 

موقع الأسرة السعيدة