نظام تخطيط "هوشين": توجيه الجميع في الاتجاه الصحيح

تخيّل أنَّك جزءٌ من أسطولٍ من الطائرات ينطلق من مجموعةٍ متنوعة من المواقع مسافراً إلى وجهةٍ واحدة، إنَّ كلَّ طيارٍ مسؤولٌ عن الوصول إلى تلك الوجهة، ولكنَّ تقديم توجيهاتٍ دقيقة إلى كل طيار لا يُعَدُّ أمراً عمليَّاً. فثمَّة الكثير من نقاط الانطلاق، وحالات تأخُّر مختلفة، وظروف جوية قاسية، ونقاط انعطاف قد يواجهها القادة خلال الطريق. ولكنَّكم أُعطيتم جميعاً بسبب ذلك جهاز ملاحةٍ متطور يجعلكم تلتزمون بمسار رحلتكم. وسيضمن لكم جهاز الملاحة هذا وصول الطيارين جميعاً في الوقت نفسه على الرغم من أنَّ كل طيارٍ يعمل بشكلٍ مستقل.



إنَّ التحدّي الذي يواجه هؤلاء الطيارين يشابه إلى حدٍّ كبير التحدي الذي يواجه الأشخاص الذين يعملون في العديد من المنظمات. فثمَّة وجهةٌ استراتيجية من المفترض أن يصل الجميع إليها – بيد أنَّهم لا يملكون دائماً جهازاً فعالاً كهذا الجهاز يساعدهم على بلوغ هدفهم.

من الممكن في بعض الأحيان أن يحيد الأفراد، وأن تحيد الفرق، وأن تحيد حتى إداراتٌ بأكملها، عن المسار بحيث يبدو أنَّهم لا يتذكرون حتى ما كان من المفترض أن يكون وجهتهم النهائية.

نهج الأنظمة:

من المفيد هنا أن يكون ثمَّة نظامٌ للربط بين مختلف أجزاء منظمتك وإبقائها على المسار الصحيح كنظام "هوشين كانري" (Hoshin Kanri). حيث يُعَدُّ نظام "هوشين كانري" (والذي يُعرَف أيضاً باسم عملية "هوشين") الذي طوَّره اليابانيون في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي إحدى العمليات المفيدة فيما يتعلق بتوجيه العمل ليكون هذا النظام بمنزلة خطة استراتيجية أساسية. يربط هذا النهج جميع أجزاء المنظمة لتحقيق أحد أهدافها المهمة.

عملية "هوشين":

إنَّ "هوشين كانري" هو نظامٌ للتخطيط الاستراتيجي يقوم بالأمور الآتية:

  1. اختيار غايةٍ أساسية.
  2. ربط خطط التنفيذ في جميع المستويات بعضها ببعضها الآخر.
  3. تنفيذ الخطة، ومراجعتها، وتحسينها بشكلٍ مستمر.

ملاحظة:

تأتي عملية تخطيط "هوشين" بعد ما يُسمَّى بدورة "خطط، ونفذ، وتحقق، وصحح" (Plan-Do-Check-Act) لـ "ديمينغ" (Deming). إنَّ "خطط، ونفذ، وتحقق، وصحح" في الواقع هي إحدى الأدوات المؤثِّرة التي استُخدِمت لبناء "هوشين كانري"، وهي طريقة عامة للاستمرار في التحسين وهو ما يسعى إليه نظام تخطيط "هوشين". وسنبيِّن لك في قادم السطور مختلف الخطوات التي ترتبط من خلالها "هوشين كانري" بدورة "خطط، ونفذ، وتحقق، وصحح".

الخطوة الأولى: (خطّط) حدّد ما ترغب في تحسينه

يمكن أن يكون ذلك غالباً إحدى الغايات الاستراتيجية الأساسية التي تحتاج إلى إجراء تغييرٍ جذري في الكيفية التي تُنجَز الأمور من خلالها.

نصيحة:

يرتبط نظام "هوشين كانري" عادةً بالتخطيط والتغيير على المستوى التنظيمي أو الاستراتيجي، بيد أنَّ نظام تخطيط "هوشين" يمكن أن يُستخدَم أيضاً على مستوى الفرق أو الإدارات للقيام بالتغييرات المهمة.

الخطوة الثانية: (خطّط) ضع أهدافاً فرعية للوصول إلى غايتك

  • ما أهداف المنظمة (أو الفريق/الوظيفة/الإدارة) خلال هذا العام والتي نحتاج إليها لتحقيق هذه الغاية؟
  • ما نقاط التحقق الضرورية لإبقاء الأهداف على المسار الصحيح؟
  • ما الضوابط التي يمكنك وضعها للتأكد من النجاح في الوصول إلى الأهداف؟
  • كيف ستقيس التقدم وتقوِّم النجاح؟

سجل هذه الأشياء واستخدمها كأساسٍ لعملية المراجعة التي ستقوم بها.

الخطوة الثالثة: (نفِّذ) وضِّح الخطة

  • وضِّح خطتك في جميع أرجاء المنظمة.
  • تأكَّد من أنَّ المنظمة في جميع مستوياتها تفهم رؤياك وأهدافك.
  • وجِّه كل أعضاء إدارةٍ وفريق نحو وضع أهدافهم الخاصة وربطها ربطاً مباشراً بالغاية وبالأهداف الفرعية التي وضعتها.
  • تأكَّد من أنَّ المديرين في هذه الإدارات والفرق "ينشرون" هذه الأهداف بحيث يتعرف الجميع على الجزء المنوط بهم تنفيذه من الخطة، وتأكَّد من أنّ المديرين يستخدمون عملية "هوشين" لإدارة الموظفين الذين يتبعون لهم.
  • حدد مسؤولية كل عنصر بشكل واضح فيما يتعلق بخطة التنفيذ.
  • تأكد من أنَّكم اتفقتم على جميع العناصر الواردة في الخطة عبر جميع تقاريركم وتأكَّد من أنَّه قد جرى "نشر" هذا الاتفاق أيضاً.

الخطوة الرابعة (تحقّق): تطوير نظام لجمع المعلومات حول عوامل التحكم الخاصة بك ومن ثمَّ استخدامه لإدارة التغيير

هل تم استيفاء مقاييسك الرئيسة؟ وإذا لم يتم ذلك فلماذا؟

أنشئ جدولاً للمراجعة يبيِّن الأمور الآتية:

  • الهدف.
  • صاحب (أصحاب) الهدف.
  • الإطار الزمني.
  • مقاييس الأداء.
  • الغايات.
  • النتائج الفعلية.

ومن ثمَّ استخدم هذا الجدول للتحكم بالحركة باتجاه هذه الأهداف بشكلٍ مستمر.

تضمن لك خطوة "التحقق" هذه أن تكون خطتك بمنزلة وثيقةٍ حية (قابلةً للتعديل) (living document)، وألا يكون مصيرها بعد أن تنتهي إلى الرف وتتكدس فوقها أكوام الغبار. يعتمد نظام تخطيط "هوشين" على فكرة أنَّه لكي تحقق الشركة أهدافك الاستراتيجية فإنَّها في حاجةٍ إلى أن تكون في حالةٍ من التفكُّر والتقويم المستمرَّيْن.

نصيحة:

راقب ضمن جدول المراجعة الخاص بك أي اختلافات بين الأداء المُستهدَف وبين الأداء الفعلي. فهذه المعلومات ستُستخدَم ضمن الخطط اللاحقة لأنَّ نظام تخطيط "هوشين" يُبنى بشكل تدريجي مع مرور الوقت. والخطة التي تضعها في هذا العام ستُستخدم بوصفها أساساً لخطة العام القابل.

الخطوة الخامسة (صحِّح): حلّل النتائج واتّخذ إجراءاتٍ تصحيحية عند الحاجة

إذا كان ثمَّة أي اختلاف بين النتائج المتوقعة والنتائج الفعلية فحدد مصادر تلك الاختلافات، ومن ثمَّ ناقشها، ونظِّم إجراءاتٍ تصحيحية، ونفِّذ هذه الإجراءات.

  • ما الذي يجري بشكلٍ صحيح؟
  • ما الذي يجري على نحوٍ خاطئ؟
  • هل تنجح الخطط في مواجهة الوقائع التي تحدث في عملك والمشاكل التي تعترض سبيلك؟
  • هل المقاييس ملائمة؟
  • ما الذي يمكن أن يتم القيام به بشكلٍ أفضل أو مختلف للوصول إلى الوجهة التي تسعى إلى الوصول إليها؟

تضمن هذه المرحلة من العملية وجود نظامٍ مبنيٍّ على التحسين المستمر. ومن أجل الاستمرار في دفع المنظمة نحو رؤياها راجع الخطط ليس مرةً في العام ولكن بشكلٍ مستمر لتحديد الكيفية التي يجب القيام بالعمل اليومي من خلالها. حيث تستطيع من خلال خطوة المراجعة هذه ضمان تطور الخطط باستمرار بحيث تأخذ في الحسبان البيئة المتغيرة.

الخطوة السادسة: كرّر العملية كُلّما كان ثمَّة حاجة إلى ذلك

يمكن لهذه العملية أن تُكرَّر مراتٍ ومرات لتحسين نوعية جهودك. كما يمكن أن تُستخدَم أيضاً ضمن مجموعات متنوعة من وحدات العمل، والوظائف، والفرق الخاصة بك لضمان أنَّ لاستراتيجياتهم المحددة الهدف نفسه المرتبط بالتحسن المستمر والملتزم به.

النقاط الرئيسة:

  • يبني نظام تخطيط "هوشين" عمليةً يستطيع من خلالها جميع من في المنظمة التعرف على التوجه العام للمنظمة. فقد طُوِّرَ هذا النظام لبناء عمليةٍ منهجية لربط الأهداف على جميع المستويات بالرؤيا الاستراتيجية بحيث يصبح تحقيق استراتيجية المنظمة أمراً ممكناً.
  • اعتماداً على كلٍّ من القيادة من خلال الغايات ودورة "خطط، ونفذ، وتحقق، وصحح" يُعَدُّ نظام تخطيط "هوشين" طريقةً فعالة لتوجيه القوة التي تتمتع بها منظمتك باتجاه نتائج الأداء الرئيسة.
  • إنَّ العملية التي تنتج عن ذلك يمكن أن تُبقِيَ وثائق التخطيط الاستراتيجي وثائق حية وأن تضمن معالجة الاختلافات التي تظهر بين الأداء المُخطَّط له والأداء الفعلي.
  • إنَّ نظام تخطيط "هوشين" ليس فقط للمديرين التنفيذيين المسؤولين عن الاستراتيجية التنفيذية – فهو ينطبق أيضاً على مديري الصف الأول وقادة الفرق لأنَّه أداةٌ للتوجيه تُستخدَم لتطوير خطط الأداء على مستوى الأفراد والفرق.

المصدر




مقالات مرتبطة