نصيحتان تساعدانك على الاستثمار الأمثل لوقت الفراغ

نحن نعمل يومياً لمدة 8 أو 9 ساعات من أجل أن نحصل على قليل من وقت الفراغ، لكنَّنا في النهاية نهدر هذا الوقت الذي عملنا بجد من أجل الحصول عليه.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتب "داريوس فوروكس" (Darius Foroux)، ويُقدِّم لنا فيه نصيحتين لاستثمار وقت الفراغ بطريقة تساعد على تحقيق الأهداف.

ربما يجب أن تنظر لوقت الفراغ من هذا المنظور، وستدرك أنَّ عدم استثمار وقت الفراغ بشيء مفيد هو طريقة عبثية للعيش، لكن كل شخص لديه عمل تقليدي يعيش بهذه الطريقة.

أتذكَّر عندما أدركتُ هذه الحقيقة بوضوح منذ ثلاث سنوات؛ إذ كنت أعمل في شركة متخصِّصة بأبحاث الذكاء الاصطناعي في مدينة "لندن" (London)، بينما كنت أعمل في مشاريعي الخاصة بعد الظهيرة وفي المساء.

كنت أستقل القطار بعد يوم حافل في العمل، وكنت أقرأ كتاب "عن قِصَر الحياة" (On The Shortness Of Life)، للفيلسوف الرواقي "سينيكا" (Seneca)، وهذا الكتاب مشهور جداً لكونه غيَّر طريقة التفكير بالنسبة إلى كثيرين من الأشخاص.

التقيتُ وقرأت لأشخاص اعترفوا بأنَّ "سينيكا" أثَّر في الطريقة التي عاشوا فيها حياتهم، ويرجع السبب غالباً إلى أسلوب "سينيكا" البسيط والمباشر في الكتابة.

لقد كنت أجلس في القطار مثل الملايين من الأشخاص الآخرين الذين يصلون يومياً إلى لندن، فلم يكن وضعي مأساوياً لدرجة جعلتني أفكِّر بأنَّني يجب أن أقلب حياتي رأساً على عقب، فقد كنت أعيش حياةً عادية، وكان ذلك اليوم مشابهاً لباقي الأيام، ولم يكن فيه أي شيء مميز.

لكن في ذلك الكتاب عثرت على عبارة دفعتني للتأمل بعمق، يقول فيها سينيكا: "ليست المشكلة أنَّ الحياة قصيرة، لكنَّنا نهدر كثيراً من الوقت، فالحياة طويلة بما يكفي ولدينا متسع من الوقت لتحقيق الإنجازات إذا استثمرنا وقتنا بحكمة".

عندها بدأت بالتفكير في الطريقة التي أستثمر بها وقتي، فقد كنت أعمل في وظيفة لا أملك تجاهها أي شغف، وأسافر نحو ساعتين ونصف في القطار يومياً، ومن ثمَّ أقضي وقت الفراغ بالتسكع مع زملاء العمل، أو مشاهدة التلفاز وأحياناً الثرثرة.

إذ نعمل بجد لنكسب شيئين: المال ووقت الفراغ الذي نخصصه للراحة، وهذا طبيعي، لكنَّ الحقيقة المؤسفة هي أنَّنا نهدر وقت الفراغ على أنشطة غير مفيدة أبداً.

يتابع "سينكيا" الحديث ويقول: "عندما نهدر وقتنا في الاستمتاع دون مبالاة، ونضيِّع ما لدينا من وقت على أنشطة غير مفيدة، فإنَّنا نُصاب بالندم في نهاية المطاف، لكن بعد أن يكون قد فات الأوان، إذن المشكلة ليست أنَّ حياتنا قصيرة، بل إنَّنا نضيِّع منها الكثير، وليس لأنَّنا ليس لدينا وفرة في الوقت، بل إنَّنا نهدره، فالحياة طويلة إذا عرفنا كيف نعيشها".

في مرحلة ما يجب أن تأخذ موقفاً شجاعاً وتقرِّر التغيير:

  1. لا مزيد من العمل من أجل كسب لقمة العيش فقط.
  2. لا مزيد من إضاعة لوقت الفراغ الذي لديك.

عندها ستكون جاهزاً لاستثمار وقت فراغك بطريقة مفيدة، لنفترض أنَّك تبلغ من العمر حالياً 35 عاماً، ولنفترض أنَّك ستبقى في صحة جيدة حتى تبلغ من العمر 70 عاماً.

إذاً لديك 35 عاماً يمكنك أن تقضيها في القيام بأي شيء تحبه، فهذه حياتك في نهاية المطاف، لكن ليس من الحكمة أن تهدر 35 عاماً في القيام بأشياء غير نافعة.

إذاً المشكلة كما نرى، ليست في قلة الوقت، بل في الطريقة التي تستثمره بها؛ إذ نعمل بجد لنحصل على وقت فراغ، لكن لا يمكننا القيام بأي شيء مفيد خلال هذا الوقت لأنَّنا متعبون، هذا ما كنت أشعر به، فعندما تعيش حياة تستنزف طاقتك، لن يبقى لديك ما يُقوِّيك على فعل شيء في المساء أو عطل نهاية الأسبوع.

هذا ما يجب عليك تجنُّبه مهما كلَّف الأمر، فلا يستحق الأمر كل هذا العناء لتجني مالاً وتكسب وقت فراغ في حين أنَّك عاجز عن استثمارهما.

شاهد: 18 نصيحة لاستثمار الوقت بفاعلية

مهما تكن وظيفتك فلا بدَّ أنَّك قادر على عيش حياة مليئة بالإنتاجية:

قد تقول لا أستطيع ترك وظيفتي، فأنا أحتاج إليها، هذا صحيح بلا شك، يجب أن تكون عملياً، لكن هذا لا يعني أنَّه من المستحيل أن تعيش حياةً تجعلك تشعر بالحيوية، إيَّاك أن تصدِّق هذه الكذبة بما تنطوي عليه من عدم ثقة بالنفس، فمن دون الثقة بالنفس لن تكون قادراً على تحقيق أي شيء، فقط كن واقعياً.

عندما استقلت من وظيفتي عدت إلى مسقط رأسي وبدأت أعيش حياتي بأقل التكاليف، وركَّزت على تحسين شركتي ولاحقاً على مدونتي، ولم أخرج للتسلية، لم أنفق المال، ولم أقم بأي نشاط من أجل التسلية فحسب.

عليك أن تضع التعلُّم في رأس قائمة الأولويات لديك بدلاً من التسلية:

أنت تريد أن تحقِّق لنفسك حياةً ذات مغزى، لكن دون أي تضحية، وهذا مستحيل، لا يمكنك أن تستمتع بوقتك على مدار الأسبوع وتعمل على تطوير مهاراتك في نفس الوقت، هذا أمر غير واقعي إطلاقاً.

تحتاج إلى هاتين النصيحتين إذا كنت ترغب في تحقيق أشياء ذات قيمة في الحياة:

1. ركِّز على هدفك:

ما هو الشيء الذي تريد تحقيقه في الحياة؟ ما الذي تطمح للحصول عليه؟ وما هي دوافعك؟

2. ثابر على العمل:

بعد أن أدركت ما هو هدفك، تكون الخطوة التالية هي المثابرة على العمل حتى تحقق هدفك، وبعد أن تحقق هدفك ضع هدفاً آخر واعمل على تحقيقه.

إقرأ أيضاً: ماذا تفعل في وقت الفراغ وكيف تستفيد منه؟

قد تحتاج إلى تحقيق النجاح في أشياء أخرى، وهذا يعتمد على ما تريد تحقيقه، لكنَّ التركيز والمثابرة هما العنصران الأساسيان في كل نجاح، فلم يحقق أي إنسان فيما مضى، كما لن يتمكَّن أي إنسان لاحقاً من تحقيق أي إنجاز دون التركيز والمثابرة.

إقرأ أيضاً: كيف تنظم وقت الفراغ للحصول على أكبر استفادة منه؟

في الختام:

تذكَّر أنَّ لديك حياةً واحدة، وهي حتماً ليست من أجل المرح والتسلية فحسب؛ بل يجب أن تجد شيئاً يستحق أن تعيش من أجله؛ إذاً كما قال "سينيكا" إنَّ الحياة طويلة إذا عرفت كيف تستثمرها؛ أي إنَّك عندما تقوم بأشياء ذات قيمة، فإنَّك تستثمر الوقت بدلاً من أن تضيعه؛ لذا اختر الأنشطة التي تساعدك على تحقيق أهدافك، واقضِ معظم وقتك في القيام بها.




مقالات مرتبطة