نصائح لتمتلك عقلية إيجابية وتحافظ عليها

أرسلَ إليَّ أحد الأشخاص ممَّن يقرؤون مقالاتي رسالةً عبر البريد الإلكتروني يسألني فيها: "ما هو السرُّ وراء بقائك إيجابياً؟". حاولتُ أن أتذكَّر إذا ما كنتُ قد كتَبتُ عن هذا الموضوع مسبقاً؛ لذلك راجعتُ جميعَ المقالات التي كتبتها، وكانت النتيجة أنَّني لم أتطرق إلى هذا الموضوع من قبل، فقد كتبت عن أهمية امتلاك عقليةٍ إيجابيةٍ كثيراً، لكن بعد 6 سنوات من كتابة المقالات كانت تلك أول مرَّةٍ أتلقَّى فيها هذا السؤال، وهو سؤال وجيه جداً.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتب داريوس فوروكس (Darius Foroux)، ويقدِّم فيه 4 نصائح لتبني موقف إيجابي من الحياة بصرف النظر عن التجارب السلبية.

أحياناً نتعامل بعضَ الأمور على أنَّها بديهيات؛ فعلى الرَّغم من أنَّني واجهت كثيراً من الصعوبات في الحياة - مثل جميع الأشخاص تقريباً - إلَّا أنَّني لم أتخلَّ أبداً عن موقفي الذهني الإيجابي.

أحياناً نُفكِّر في الحياة ونشعر أنَّها مملوءة بالسلبيات، وهذا ليس شيئاً مفاجئاً؛ فيكفي أن تتصفح سريعاً في المواقع الإخبارية حتَّى تُصاب بالإحباط وإن كنتَ من أكثر الأشخاص تفاؤلاً، فيحدث هذا مع الجميع، لكن أن يصل بنا الأمر إلى النظر إلى الحياة بأكملها نظرةً سلبيةً ليس إلَّا إطلاق حكمٍ خاطئٍ، ولا يؤدِّي هذا إلَّا إلى الإحباط.

لقد وضَّح الفيلسوف الرواقي "إبكتيتوس" (Epictetus) هذا الأمر في تعليماته قبل ألفي عام مضت، قائلاً: "عندما نُصاب بالإحباط والغضب أو عندما نشعر بالتعاسة يجب أن نتحمل مسؤولية هذه المشاعر؛ فهي ليست سوى نتيجة لموقفنا الذهني".

تقوم الفلسفة الرواقية بأكملها على فكرة أن نكون موضوعيين في تصوراتنا؛ فعندما تصبح أفكارك سلبية لسبب ما، فإنَّ ما يحدث حقيقةً هو أنَّك تُجري محاكمةً خاطئةً، ويتابع إبكتيتوس: "لا أحد سواك مسؤول عن هذه المشاعر؛ فعندما تُحمِّل الآخرين مسؤولية مشاعرك السلبية، فأنت تُغيِّب وعيَك لا أكثر، أمَّا عندما تتحمَّل بنفسك مسؤولية هذه المشاعر، فإنَّك تبدأ بتحقيق تقدُّم، لكن عندما تتوقف عن لوم نفسك أو لوم الآخرين، فقد أصبحت حكيماً"؛ لذلك فإنَّ لوم نفسك أو لوم الآخرين ليس ما تريدُ فعلَه إذا أردت أن تبقى إيجابياً؛ بل عليك أن تتَّبع هذه النصائح الأربع من أجل تحقيق ذلك:

1. مارس الامتنان:

يساعدك تخصيص بضع دقائق يومياً للكتابة عن أشياء تشعر بالامتنان لأجلها في تغيير منظورك، الأمر الغريب في هذا هو أنَّك عندما تقرأ عنه لا تصدق أنَّ له هذا التأثير، فهذا ما كنتُ أظنُّه أيضاً، لكن بمجرد أن بدأت بممارسة الامتنان شعرت بمزيد من القدرة على التحكم بحياتي.

توقفت في فترة من الفترات عن الكتابة عن الأشياء التي تجعلني أشعر بالامتنان، وفي الواقع لم أشعر بأيِّ فرق خلال الأسابيع الأولى، لكن بعد بضعة أشهر لاحظت أنَّني بدأت بالتذمر أكثر من المُعتاد، كما أنَّني شعرت بمزيد من الإحباط مقارنةً بالسابق، وعندما عدت مجدداً إلى ممارسة الامتنان شعرتُ بالتوازن مجدداً وأصبحت هادئاً طوال الوقت.

الجدير بالذكر أنَّ بإمكانك أن تشعر بالامتنان حتَّى تجاه أشياء لم ترغب فيها؛ بل من المفيد جداً أن تكون ممتناً لكلِّ شيء حتى الأشياء السيئة.

شاهد بالفديو: 10 طرق لجعل التفكير الإيجابي عادة من عاداتك

2. لا تأخذ أقوال الآخرين وأفعالهم على محملٍ شخصيٍّ:

السبب في معظم حالات الإحباط التي نعيشها هو ما يقوله الآخرون أو يفعلونه؛ بمعنى أنَّنا نشعر بخيبة أملٍ؛ بسبب ما قاله لنا الآخرون أو بسبب الطريقة التي تصرفوا بها معنا.

حسناً توقف عن ذلك وخذ الأمور بروح رياضية؛ فمن الأمور الهدَّامة على صعيد السعادة والرفاهية النفسية المبالغة في التفكير فيما قاله الآخرون أو فعلوه؛ لذا هدِّئ من روعك واعلم أنَّ الناس غالباً يقومون بأشياء ليس لها معنى، ومعظم ما يفعله الأشخاص من حولنا لا يجب أن يؤخذ على محملٍ شخصيٍّ.

إذا كنت تريد أن تحيا بسعادة فلا يجب أن تأخذ كلَّ شيء على صعيد شخصي، وبدلاً من ذلك اهتم بأشياء أكثر أهمية مثل صحتك وعائلتك ومهنتك.

3. عبِّر عن مشاعرك:

من المفيد جداً أن تسيطر على أفكارك وعواطفك وتحاول استخلاص الدروس من تجاربك؛ فجميعنا نواجه مشكلات في الحياة؛ كشريكك الذي لا يصغي إليك، وزملائك الذين يضايقونك، والجيران المزعجين، وغير ذلك، فلا أحد يعيش حياةً مثالية وهادئة تماماً، وهذا شيءٌ ينبغي علينا تقبُّله؛ إذ يحتاج بعضنا وقتاً طويلاً حتَّى يتقبَّلوا هذه الحقيقة؛ والسبب أنَّ معظم الناس لديهم هذه الفكرة غير الواقعية عن إمكانية تحقيق حياة مثالية لا يوجد فيها أي منغصات أو قلق أو مسؤوليات مُرهقة.

لكن عندما تنضج شخصيتك ستعلم أنَّ الحياة عبارة عن صعوبات مستمرة، لكن لا يجب أن تسمح للصعوبات بتحويلك إلى شخص يائس؛ لذلك يجب عليك أن تترك الأمور تأخذ مسارها الطبيعي.

عليك أن تتخلص من إحباطك واستيائك وشعورك بالقلق وعدم الأمان من خلال التعبير عن مشاعرك بكتابة اليوميات، والتحدث إلى صديق، وحتَّى الخضوع إلى علاج نفسي، والأمر الهام هو أن تتخلص من هذه المشاعر والانفعالات السلبية.

4. ركِّز على تطوير الذات:

الحياة ليست دائماً سهلة؛ إذ يمرُّ جميعُنا بأوقاتٍ عصيبة؛ لكنَّنا نميل إلى أخذ هذه الأوقات على أنَّها الصفة الأساسية للحياة، فعندما نُخفق أو نعيش تجربة سلبية نقوم بتضخيم آثارها فينا، ونُعِدُّها كارثة على بساطتها، لكن هل فكرتَ حقاً في أنَّ المشكلة ليست بهذا التعقيد وأنَّه يمكن النظر إليها بوصفها فرصةً يمكنك من خلالها تحسين حياتك؟

سواء أكنت في أفضل حالاتك أم كنت تمر بوقت عصيب للغاية يجب أن تعلم أنَّهما عبارة عن حالة مؤقتة وأنَّ كليهما سينتهيان، وهذا ما يجب أن تدركه، وبعد أن تدرك هذه الحقيقة ستعلم أنَّ لديك دائماً فرصة لتحسين حياتك، وهذا هو أفضل استثمار للوقت والطاقة.

إقرأ أيضاً: 30 قول رائع في تطوير الذات والنجاح في الحياة

في الختام:

لا تُهدِر أيَّ دقيقة بالشعور بالندم، ركِّز على ما تستطيع فعله الآن لتحسين أي جانب من جوانب حياتك، حتَّى لو كان ما تفعله بسيطاً جداً مثل الخروج في نزهة، أو الاستحمام حتَّى تشعر بتحسُّن، أو ربَّما كتابة بعض اليوميات، أو إصلاح عطل في منزلك، أو تحديد هدف وتدوين بعض الأفكار، فيمكنك القيام بهذه الأشياء حتَّى لو لم تكن على ما يرام؛ لأنَّ الهدف ليس أن تكون دوماً في أحسن حالاتك.

في الحقيقة عندما كنت أكتب هذا المقال لم أكن أشعر أنَّني في أحسن حالاتي؛ والسبب أنَّني أشعر بشيء من الوهن وتبدو عليَّ أعراض وعكةٍ صحيةٍ، لكن بمجرَّد أن بدأت بالكتابة شعرت بتحسن.

المصدر




مقالات مرتبطة