نصائح لإيقاف النزيف في حالات الطوارئ

إنَّ النزيف الشديد ليس أمراً يمكن تجاهله؛ بل هو حالة طوارئ؛ فالنزيف الخارجي هو السبب الرئيسي لحالات الوفاة التي يمكن تجنبها قبل وصول المصابين إلى المستشفى، وذلك وفقاً للجنة هارتفورد كونسينسس (The Hartford Consensus)، وهي لجنة تترأسها وكالات حكومية أمريكية وممارسون طبيون، تهدف إلى زيادة نسبة النجاة من حوادث إطلاق النار والإصابات الجماعية.



يُعدُّ إطلاق النار الجماعي من الأسباب المروعة للإصابة بنزيف مهدد للحياة، لكن من الشائع أكثر أن يحدث النزيف في منزلك أو في أثناء تنقلاتك.

النزيف هو أبرز أسباب الوفاة بعد الإصابات، والذي يمكن الوقاية منه؛ فقد تكون في طريقك إلى العمل عندما يقع حادثٌ مروري أمامك مباشرةً، وقد يحدث ذلك في مرآب أحد الأشخاص عندما يعمل في النجارة، وقد يحدث حتى في المطبخ في أثناء تحضير العشاء.

إنَّه شيء قد يحدث في أيِّ مكان، وعلى الرَّغم من أنَّك قد لا تكون متخصصاً بتقديم الإسعافات الأولية، يمكن لأيِّ شخص تقديم مساعدة قد تنقذ حياة شخص ما؛ خلال حوادث الإصابات الجماعية، يُسعِف العامة 80% من الضحايا إلى المستشفى.

بعد الاتصال بالطوارئ، قد يكون تحديد مصدر نزيفك أو نزيف شخص آخر وإيقافه كفيلاً بإنقاذ الحياة، فبمجرد أن تدرك أنَّ النزيف حاد، فإنَّك لا تمتلك سوى بضع دقائق للتدخل، فكلُّ ثانيةٍ هامة، فكلَّما تدخَّلنا مبكراً لوقف هذا النزيف، زادت القدرة على إنقاذ أرواح المرضى ما إن يصلوا إلى المستشفى.

إليك النصائح الضرورية لذلك:

أولاً: اتصل بالطوارئ وكن دقيقاً

في معظم الحالات، قبل البدء في إيقاف النزيف يجب عليك الاتصال بالطوارئ للحصول على المساعدة، وبهذه الطريقة لن يكون الأمر مسؤوليتك تماماً لتقديم الإسعافات الأولية.

يوصي الأطباء عامة بالاتصال بالطوارئ في أقرب وقت ممكن، لكن توجد بعض الاستثناءات، على سبيل المثال، قد تتنزه في مكانٍ بعيد جداً فلا تستطيع الاتصال بالطوارئ؛ لذلك في مثل هذه الحالة، يوصي الأطباء بأن يبدأ شخصٌ ما إجراءات إيقاف النزيف المنقذة للحياة قبل المشي لمدة ما بغية الاتصال بالطوارئ.

كن واضحاً في مكالمتك - إذا كان في الإمكان -  وأعطِ العنوان الدقيق بدلاً من مجرد قول: "الرجاء المساعدة، لدي حالة طوارئ".

عادةً ما يهلع الناس ولا يعرفون أين هم، فقد يقولون: "أنا في المتجر"، لكن أي متجر؟ ونتيجةً لذلك، قد يقضي المسعفون وقتاً طويلاً في البحث عن المصاب.

ثانياً: حدِّد موقع النزف وما إذا كان مهدِّداً للحياة

يوجد فرق بين الإصابة الخفيفة والحالة التي تهدد الحياة، والتي تحتاج إلى معالجةٍ في أسرع وقت ممكن، فإذا كان النزيف الذي تراه مستمراً أو غزيراً في التدفق، فإنَّه مهددٌ للحياة.

إذا كنت تتساءل عن مقدار النزيف الشديد، فبإمكانك استخدام مقياس عبوة المياه الغازية، فإذا رأيت مقداراً من الدم يعادل نصف عبوة مياه غازية على الشخص الذي ينزف، فإنَّ هذا النزيف غالباً يهدد حياته.

يمكن أن تخفي الملابس كميةً كبيرةً من الدماء؛ لذا تذكر التحقق تحتها أيضاً، وتحقق دائماً من وجود مصادر متعددة للنزيف، وخاصةً قبل وضع العصابة، يمكن إجراء عملية فحص سريعة من خلال تحسس وجود بلل تحت الملابس.

على سبيل المثال، إذا لاحظت إصابةً في ربلة الساق؛ ولكنَّك لم ترَ إصابةً بين الركبة والفخذ لأنَّها مخفية بالملابس، فإنَّ وضع عصابةً أسفل الركبة، قد يزيد الأمور سوءاً في هذه الحالة.

ثالثاً: طبِّق ضغطاً مباشراً على الجرح

بمجرد ملاحظة النزيف الحاد، عليك فوراً الضغط مباشرة على الجرح، ومقدار الضغط المطلوب هو ما يلزم لوقف النزيف، وفي معظم الحالات ينجح تطبيق الضغط في وقف النزيف.

يجب من الناحية المثالية أن ترتدي قفازات من النتريل أو الفينيل لحماية نفسك من العوامل الممرضة المنقولة بالدم، لكن إذا لم يكن لديك قفازات في متناول يدك، فابحث عن شيء مثل قطعة من الملابس لتضعها بين يديك والجرح، وإذا كان لديك قطعة شاش، فهذا رائع.

أحد الأخطاء الشائعة التي يرتكبها الناس هي عندما يتوقفون عن ضغط الجرح للتحقق ممَّا إذا كان النزيف قد توقف، فمن الأفضل الاستمرار بالضغط حتى وصول المساعدة الطبية.

تأكد من إبقاء الشخص النازف دافئاً باستخدام البطانيات إذا لزم الأمر؛ فالدم البارد لا يتخثر؛ لذا عندما يعاني المصاب انخفاض حرارة الجسم أو يصاب بالبرد، فسيستمر في النزف.

رابعاً: غطِّ الجرح إذا كانت منطقة النزيف كبيرة

إذا كان الجرح كبيراً وعميقاً، فلن يكفي الضغط المباشر بيديك، وفي هذه الحالة عليك تغطية الجرح؛ إنَّ الشاش المُصنَّع لإيقاف النزيف مصمم لتسريع تخثر الدم ووقف النزيف بسرعة، فإذا كان لديك بعضاً منه في عدة الإسعافات الأولية، فهو وسيلةٌ مثالية لتغطية الجرح، أمَّا إذا لم يكن لديك أيُّ شاش، فجرب أيَّ شيء، وابحث عن بعض المواد النظيفة، شيء ليس مليئاً بالأوساخ مثل منديل أو منشفة ورقية نظيفة.

خامساً: ضع العصابة مباشرةً عند وجود نزف شديد من الأطراف

توجد حالات طارئة لا يكفي فيها تغطية الجرح أو الضغط المباشر؛ ففي بعض الأحيان قد تجرِّب هذه الخطوات وتدرك أنَّها لا تنفع، وتضطر عندها إلى وضع عصابة، لكن إذا رأيت الدم يتدفق بقوة كبيرة، ضع العصابة على الفور.

عندما ترى نزيفاً هائلاً يتدفق بشدة ويضرب الأسقف ويغطي الجدران، تجاوز كلَّ الخطوات السابقة وضع العصابة فوراً.

إنَّ العصابة مفيدةٌ أيضاً في حالة وجود إصابة في الأطراف ويتعين عليك التحرك، ولا يمكنك الاستمرار في الضغط المباشر المستمر؛ ففائدة العصابة هي أنَّك بمجرد تطبيقها يمكنك تركها وإزالة يديك، وضَعْ في حسبانك أنَّ العُصابات مخصصة للذراعين والساقين فقط؛ فإذا كانت الجروح في الجذع وأجزاء أخرى من الجسم، عليك الاستمرار بالضغط.

تعدُّ العُصابات التجارية أكثر فاعلية من تلك التي تُصنَّع يدويَّاً على عجل في حالات الطوارئ؛ فعند استخدامها استخداماً صحيحاً، تمنع العُصابات التجارية بشكل فعَّال فقدان الدم عن طريق ضغط الأنسجة في تلك المنطقة.

إنَّها تعمل بشكل أساسي على إغلاق الأوعية الدموية، ومنع الدم من عبورها من خلال القيام بذلك، فإنَّها تقطع تدفق الدم من القلب إلى أصابع اليدين أو القدمين، وتوقف النزيف أو فقدان الدم من هذا الوعاء المقطوع.

إنَّ العُصابات المخصصة للاستخدام الحربي (Combat application tourniquet) والمتاحة والشائعة هي من أفضل الأنواع المتوفرة؛ إذ توصي لجنة الجراحين الأمريكية المعنية بالصدمات (American College of Surgeons Committee on Trauma) بهذه العُصابات وعصابات إس أو إف التكتيكية (SOF tactical tourniquet).

إذا كنت في مبنى عام، فقد تجد عصابةً تجارية في مجموعة أدوات إيقاف النزيف بجوار جهاز مُزيل رجفان القلب الآلي، ويجب أن تبقى العُصابات المُصنَّعة يدويَّاً الملاذ الأخير؛ لأنَّها بديل رديء للعُصابات التجارية؛ لكنَّ الأبحاث التي درست حوادث إطلاق النار الجماعية، أظهرت أنَّها قد تفيد في حالات الطوارئ.

الأحزمة الجلدية غير مفيدة؛ لأنَّها ليست عريضة بما يكفي، ولا يمكن شدها بدرجةٍ كافية؛ ولكنَّ ربطةً من النايلون أو سلكٍ كهربائي قد تكون فعالة؛ إذ توصي منظمة "فيرست كير بروفايدر" (First Care Provider)، وهي منظمة غير ربحية يديرها الجنود المتقاعدون الذين يسعون لتعليم عامة الناس كل ما يتعلق بالإسعافات الأولية، باستخدام طوق معدني وحلقة مفاتيح إذا تعين عليك صنع عُصابة بنفسك.

إقرأ أيضاً: 6 معلومات هامة عن الإسعافات الأولية

إليك كيفية تطبيق العُصابة:

لف العُصابة فوق مكان الإصابة نحو 5 إلى 7.5 سنتيمتر، ثم اسحب الطرف الحر لشريط الفيلكرو الخاص بالعُصابة، ثم اربطه خلال المشبك، وثبِّته إلى الطرف الآخر.

دوِّر قضيب العصابة حتى لا تستطيع تدويره أكثر من ذلك، ثمَّ تأكَّد من توقف التروية الدموية، إنَّ عدم شد العُصابة بما فيه الكفاية هو خطأ فادح يرتكبه ناس كثيرون.

يجب ألا تشعر بالنبض في الطرف المصاب؛ فذلك هو مدى الشد المطلوب؛ فيجب ألا يسيل أيُّ دم، صحيح أنَّ العُصابة مؤلمةٌ للغاية؛ ولكنَّها أفضل بكثير من النزيف حتى الموت.

ثبِّت القضيب جيداً من خلال إحكامه بشريط لاصق آخر حتى لا يفشل عملك، وأخيراً سجِّل الوقت الذي طُبِّقَت فيه العصابة؛ لأنَّ تركها لفترة طويلة جداً قد يسبب تلف الأنسجة، بعض العُصابات فيها فراغٌ أبيض؛ إذ يمكنك تدوين ذلك بسهولة.

إقرأ أيضاً: 5 طرق طبيعيّة تساعد على التئام الجروح الطفيفة

في الختام:

لكي تتعلم المزيد أو تصبح متدرباً رسمياً، شارك في دورة تدريبية رسمية متخصصة بإيقاف النزيف، سواء شخصياً أم عبر الإنترنت، ويمكنك أن تطلب من رجال الإطفاء أو وحدات الطوارئ المحلية تدريبك أيضاً.

المصدر




مقالات مرتبطة