نصائح عملية لتصبح أكثر امتناناً وسعادةً

قبل أن تخلد للنوم، خُذ نفساً عميقاً، وقدِّر ما تملكه من نعم، وكن مُمتناً لما لديك، فمعظمنا لديه عائلات رائعة، وأصدقاء وأشخاص يحبُّوننا بصدق، وهذه حقاً نعمة يجب أن نقدِّرها.



ومعظمنا صحته جيدة، وهي أيضاً نعمة أخرى؛ إذ ننعم بالبصر الذي يمكِّننا من الاستمتاع بالمظهر المذهل لشروق الشمس والطبيعة والجمال المحيط بنا، ولدينا نعمة السمع التي تمكِّننا من الاستمتاع بالأصوات، وهي فعلاً إحدى أروع النعم التي لدينا.

قد لا يكون لديك كل هذه النعم، فما من أحد يمكن أن يكون لديه كل شيء، لكن لدينا ما يكفي لنكون مُمتنِّين، وجميعنا يعلم هذه الحقيقة، لكنَّنا أحياناً ننساها، حتى أفضل الأشخاص يحدث معهم ذلك.

فقد ننشغل أحياناً أنا وزوجي مارك بالسعي وراء الهدف التالي لدرجة أنَّنا ننسى أن نتأمَّل قليلاً ونقدِّر ما لدينا فعلاً، ونقدِّر التجارب التي عشناها، وما الذي تعلَّمناه وحقَّقناه طوال هذه الفترة، والشيء الأكثر مأساوية في كل هذا أنَّنا نضحِّي بسعادتنا عندما ننسى.

تفسير علاقة الامتنان بالسعادة:

عندما لا نكون مُمتنين لما لدينا، فلا يمكننا أن نكون سعداء، وما نقوله ليس مجرد عبارات مُبتذلة من عبارات تطوير الذات، بل هي أمر مُثبت علمياً، على سبيل المثال، قسَّم الباحثون في معظم دراسات علم النفس الإيجابي المشاركين في الدراسة إلى مجموعتين، وطلبوا من أفراد إحدى المجموعتين أن يفكِّروا في الأشياء البسيطة التي يشعرون تجاهها بالامتنان في نهاية كل يوم.

في حين طُلب من أفراد المجموعة الأخرى أن يتابعوا روتينهم اليومي بأسلوب طبيعي، وبعد أسابيع عدة قُوبِلتْ كلتا المجموعتين واتَّضح أنَّ المجموعة الأولى تمتَّعت بقدرٍ أكبر من الرضى عن الحياة مقارنةً بالمجموعة الأخرى؛ وذلك خلال الفترة الزمنية التي استمرت فيها الدراسة.

تفسير ذلك أنَّنا عندما نركِّز على الأفكار والأفعال المرتبطة بشعورنا بالامتنان، بصرف النظر عن الظروف، فإنَّنا بذلك نُحفِّز أدمغتنا على تعزيز عواطف إيجابية.

ففي إحدى الدراسات البارزة، طلب الباحثون من المشاركين أن يجبروا أنفسهم على الابتسام في أثناء التفكير في شيء محدَّد يشعرون بالامتنان تجاهه، ووجدوا أنَّ هذا التمرين يحفِّز باستمرار النشاط الذهني المرتبط بالمشاعر والعواطف الإيجابية.

بصرف النظر عن الاكتئاب الشديد وغيره من الأمراض النفسية، فإنَّ النتيجة واضحة لا جدال فيها، وهي أنَّه عندما نجبر أنفسنا على الشعور بالامتنان من خلال جعل الامتنان جزءاً من ممارساتنا اليومية، نشعر فعلاً بسعادة أكبر.

كيف تصبح أكثر امتناناً؟

الطريقة للشعور بالامتنان ليست معقَّدة، بل أنت تختار أن تكون ممتناً، وتواظب على ذلك، وعندما تنسى تتذكَّر ذلك، ومن ثمَّ تعود لتشعر بالامتنان، وتوجد ثلاث نصائح للشعور بالامتنان طبَّقناها أنا ومارك مع عملائنا الذين نقدِّم لهم الكوتشينغ، وقد أدَّت هذه النصائح إلى نتائج مبهرة خلال السنوات العشر الماضية.

إليك هذه النصائح:

1. تذكَّر ثلاثة أشياء إيجابية حدثت معك خلال اليوم واشعر تجاهها بالامتنان:

إليك تدريب رائع للشعور بالامتنان، ولا يستغرق سوى خمس دقائق في كل مساء: في كل مساء وقبل أن تخلد للنوم، دوِّن ثلاثة أشياء جرتْ على أحسن ما يرام خلال اليوم وما الذي نتج عنها، اكتب تفسيراً مختصراً وبيِّن فيه الأسباب والنتائج لكل واحد من هذه الأشياء الثلاثة.

فالأمر بهذه السهولة، فنحن ننفق كثيراً من المال على الأجهزة الإلكترونية والمنازل الكبيرة والسيارات الفخمة والإجازات باهظة التكاليف، وكل ذلك من أجل أن نشعر بالسعادة، لكنَّ هذا شيء بسيط ومجانيٌّ ويحقِّق نتائج رائعة، وإذا بدأت بهذا التمرين من اليوم، فمن المُحتمل أن تتذكَّر هذا اليوم بعد سنوات عدة من الآن وتشعر أنَّه اليوم الذي غيِّر حياتك.

شاهد بالفديو: 6 نصائح لتحقيق الامتنان في حياتك

2. عبِّر عن امتنانك للآخرين:

مع أنَّ الشعور بالامتنان يأتي من الداخل، فإنَّ التعبير عن هذا الشعور وإظهاره إلى العلن أمرٌ هامٌّ أيضاً؛ إذ يقدِّم المتخصص في علم النفس الإيجابي "مارتن سيلغمان" (Martin Seligman)، في كتابه الرائع "السعادة الحقيقية" (Authentic Happiness)، بعض المقترحات العملية لكيفية تطبيق ذلك.

فيوصي بأن نعبِّر عن الامتنان من خلال كتابة رسائل إلى الأصدقاء والعائلة وزملاء العمل وجميع من نتعامل معه في حياتنا، وقد طبَّقت أنا ومارك هذه النصيحة في حياتنا من خلال جعلها جزءاً من برنامجنا الصباحي، فكتبنا رسائل نصية ورسائل بريد إلكتروني مختصرة وحتى رسائل ورقية في كل صباح وأرسلناها إلى شخصٍ محدَّد.

تضمَّنت هذه الرسائل التعبير عن الشكر والتقدير لما قدَّمه هذا الشخص لنا وكيف ساهم في جعل حياتنا أفضل، وكانت النتائج مذهلة حقاً.

إقرأ أيضاً: وفقاً للعلم، كيف يزيد الامتنان سعادتك؟

3. اشعر بالامتنان تجاه الأشياء في حياتك:

من السهل جداً أن تشعر بالامتنان للأشياء الكبيرة وذات الأثر الواضح في حياتك، مثل مولود جديد، أو ترقية، أو إنجاز كبير في العمل، وإلى ما هنالك، لكنَّ الناس السعداء حقاً يتذكَّرون حتى أبسط الأشياء ويشعرون تجاهها بالامتنان.

إليك بعض من هذه الأشياء التي يغفل عنها معظم الناس:

  1. كن مُمتنَّاً لكونك على قيد الحياة.
  2. لديك القدرة على شراء الطعام.
  3. لديك منزل يأويك.
  4. لديك القدرة على شراء الملابس.
  5. لم تتعرَّض حياتك للخطر.
  6. يوجد شخص يحبك.
  7. يوجد لديك مياه شرب نظيفة.
  8. يمكنك زيارة طبيب عندما تشعر بالمرض.
  9. يمكنك تصفُّح الإنترنت.
  10. لست أمُيَّاً ويمكنك القراءة.

كن صادقاً وحاول أن تتذكَّر متى كانت آخر مرة شعرت فيها بالامتنان لأشياء بسيطة مثل هذه، فكِّر في كل الأمور الصغيرة التي لديك؛ كالشعور بالسلام لأنَّ لديك منزل يأويك، والوفرة لأنَّك قادر على شراء الطعام، ومتعة الاستماع للموسيقى، ورؤية شروق الشمس الخلاب.

في الختام:

انتبه لكل هذه النعَم وقدِّرها واشعر بالامتنان، وصدِّق أنَّ الإنسان الغني ليس من يملك كثيراً، بل من يحتاج قليلاً، فالشعور بالوفرة هو موقف ذهني، تستطيع امتلاكه متى قدَّرت ما لديك وقلَّلت من حاجياتك، والأهم من ذلك أن تتذكَّر أنَّ أكثر الأوقات التي تحتاج فيها إلى الامتنان هي عندما لا ترغب بذلك، لأنَّ ذلك ما يؤدي إلى النتائج الإيجابية.

المصدر




مقالات مرتبطة