نزف الدماغ

يحدث النزف الدماغي التلقائي ( اللا رضي ) إما في متن الدماغ أو على سطحه (تحت العنكبوتية(

وتنشأ كل النزوف ، إلا فيما ندر ، عن أحد الأسباب الثلاثة التالية :

·         أذية مترقية تنتهي أخيراً بانبثاق أحد شرايين الدماغ الثاقبة بسبب ارتفاع التوتر الشرياني أو العصيدة أو تنكس باطن الشريان

·         انبثاق شريان ثاقب تلقائياً بسبب زيادة مضادات التخثر أو بسبب عيب في التخثر

·         تمزق شوه شرياني خلقي أو مكتسب في الحيز تحت العنكبوتي ( أم الدم التوتية أو الفطرية الجرثومية ) أو في متن الدماغ ( الشوه الشرياني الوريدي (



والآليات الأخرى النادرة هي النزف داخل الورم الدماغي والنزف بسبب اعتلال وعائي التهابي كالتهاب الشريان العقدي أو التهاب الشريان عند مدمني الأمفتامين أو بتنكس الأوعية النشواني عند المسنين .

وقد بحث الاحتشاء النزفي مع انسداد شرياني أو وريدي في بحث سابق . ويشكل النزف الدماغي حوالي 15% من كل السكتات السريرية وتكمن أهميته فيما يسببه من نتائج خطيرة .

النزف الدماغي بارتفاع التوتر الشرياني العصيدي :

ويسبب 90% من نزوف متن الدماغ التلقائية . ويسبق النزف في ثلثي الحالات ارتفاع شديد في الضغط . ويتوازى حدوث النزف عموماً مع شدة ارتفاع الضغط ومدته ، وينجم النزف عن تمزق الشريان بسبب ارتفاع الضغط غالباً وأحياناً بسبب وجود منطقة ضعف في الشرينات الثاقبة ( التي قطرها 100 - 150 ميكرومتر (

يمكن للنزف التلقائي أن يحدث في أي جزء من الدماغ وإن كان يفضل مناطق الدماغ العميقة في المحفظة الداخلية والعقد القاعدية والمهاد والجسر ومناطق النوى العميقة ، أما أكثر النزوف التي تصيب المناطق السطحية أو أحد قطبي الدماغ فتحدث أعراضاً خفيفة وأعراضاً تشبه السكتة القفارية . أما مناطق الدماغ البيني السفلي والدماغ المتوسط والبصلة والحبل الشوكي فقلما تحدث فيها نزوف بفرط التوتر الشرياني العصيدي .

وخلافاً للسكتة القفارية التي تحدث عادة أثناء النوم ، فإن نزوف الدماغ بفرط التوتر الشرياني تحدث أثناء اليقظة مرافقة للجهد غالباً . ويعلن الصداع الشديد الفجائي بدء النزف( يقول المريض عنه أنه أشد صداع صادفه في حياته ) تعقبه خلال دقائق أو ساعات علامات عصبية تشير إلى مكان النزف وشدته . ويكشف الفحص السريري ارتفاعاً في الضغط الشرياني يصل مؤقتاً إلى درجات عالية، تضخماً في القلب وتغيرات عصيدية في شرايين الشبكية .

نزوف العقد القاعدية - المحفظة الداخلية :

تبدأ بصداع في جهة النزف يتلوه بعد قليل خزل شقي مترقٍ في الجهة المقابلة مترافق غالباً بانحراف العينين نحو جهة النزف بسبب إصابة المركز البجهي لاقتران العينين.

والاختلاجات شائعة وقد تأخذ شكل الداء الكبير المتعمم أو شكلاً بؤرياً يصيب نصف الجسم المقابل للنزف وفيه تنحرف العينان بعيداً عن جهة النزف أثناء النوبة . ويكثر انبثاق النزف داخل البطين الجانبي ويسبب أعراضاً ودية من عرواء وغثيان وقيء .

والنزوف الواسعة التي يتجاوز قطرها 2.5- 3 سم تحدث غالباً سباتاً خلال بضع ساعات وتؤدي لعلامات الانفتاق عبر الخيمة يعقبه عجز شديد أو الموت . والنزف الأصغر يسبب أذية دماغية أقل وقد يكون التحسن في النهاية جيداً .

 

نزف المهاد:

على الرغم من خطورته إلا أنه يكون غالباً أصغر حجماً وأقل تخريباً من نزف المحفظة الداخلية ، ويتميز بفقد الحس والحركة وفقد البصر في الجهة المقابلة . ويحدث انضغاط سقف الدماغ المتوسط عادة وسناً ولا يسبب سباتاً إلا في الحالات السريعة المميتة .

وشلل الحملقة شائع ويشمل ضعفاً في الحملقة إلى الأعلى . وتتجه العينان في حالة الراحة إلى الأسفل والجانب وهي علامة واصمة لنزف الدماغ المتوسط ، كما قد يحدث انضغاط الدماغ المتوسط مؤقتاً عدم تساوي الحدقتين أو ثباتهما .

نزف الجسر:

يكون البدء عادة صاعقاً بصداع فجائي يتلوه خلال ثوان أو دقائق سبات يترافق بتنفس شخيري أو بتنفس غير منتظم وبحدقتن نقطيتين وبشلل الحملقة للجهتين أو باهتزاز العينين وبشلل الأطراف الأربعة ، وغالباً بصمل فصل الدماغ أو فصل القشر .

ويموت معظم المرضى عادة أما الذين يبقون أحياء فيعيشون مشلولي الأطراف الأربعة ومعتمدين على الغير .

نزف المخيخ :

يبدأ بصداع قفوي وحيد الجانب يتبعه رنح واضطراب التناسق في الطرف العلوي والسفلي في نفس الجهة وعدم وضوح النطق ، وأحياناً غثيان وقيء . ويظهر اضطراب التوازن وضعف نصف الوجه الموافق الذي يتلوهما بعد ساعات شفع وشلل الحملقة لنفس الجهة .

وذلك إما لتسليخ الورم الدموي لجانب الجسر أو بضغطه على جانب الجسر . ويوحي نقص الوعي أو علامات العصبون العلوي في الأطراف باحتمال انضغاط مضيق الدماغ ، إما بسبب اتساع الورم الدموي أو بسبب انسداد البطين الرابع الحاد وموه الدماغ .

التشخيص :

لا يلتبس النزف الدماغي سوى بالسكتة القفارية الحادة ، ولا يمكن تفريق النزف داخل المتن الدماغي عن النزف داخل ورم دماغي .

ولكن الصداع وارتفاع التوتر الشديد والخبل الحاد والغثيان والقيء والاختلاجات والعلامات المستقلة وفقد الوعي كلها من صفات النزف أكثر من القفار .

وإذا وصل الدم النازف إلى الحيز تحت العنكبوتي أو هدد حجمه بانفتاق نحو الأعلى أو نحو الأسفل تتصلب النقرة .

والتصوير الطبقي المحوري المحسب مشخص ولكن يترك سبب النزف مشكوكاً فيه . ويحتاج المرضى دون ارتفاع توتر ولا سيما الشبان منهم لتصوير شرياني للتفتيش عن شوه وعائي قابل للمعالجة الجراحية .

ويمكن للبزل القطني أن يسرع حدوث انفتاق مميت ولا يجوز إجراؤه إلا إذا لم يكن التصوير الطبقي المحسب متوفراً وكان احتمال التهاب السحايا قوياً .

المعالجة :

تتكون المعالجة من خفض وئيد للتوتر الشرياني ودعم حالة المريض العامة. وعندما توجه العلامات السريرية والتصوير الطبقي المحوري لوجود نزف مخيخي ضاغط على مضيق الدماغ أو مسبب لموه الدماغ تصبح إزالة الضغط عن طريق البطين الجانبي منقذة للحياة .

وقد يكون من الضروري أحياناً تخفيف الضغط جراحياَ عن الحفرة الخلفية . وتؤدي محاولات نزح النزوف الدماغية الحادة جراحياً عادة إلى نتائج عصبية أسوأ مما كانت هي عليه قبل التدخل . وقلما يبقى مسبوتو النزف الدماغي أحياء .

ويبقى المصابون بأذية مضيق الدماغ الشديدة بحالة عصبية نباتية كارثية . ولكن يعقب النزف المعتدل في المخ أو المخيخ تحسن الأعراض العصبية لأن الدم يسلخ النسج أكثر مما يخربها

 

المصدر: البوابة الصحية