مهارات الانصات و فنون الإصغاء

أعجب ملامح عصرنا هو افتقاده لحسن الإصغاء، فالكل حولنا يتكلم ولا أحد يسمع.

قديماً كانوا يقولون إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب، ويبدو أن الفضة تغلبت على الذهب.



الإنصات الجيد والواعي مهارة لازمة ومكملة لفن الحديث. فن الإصغاء من أهم سمات التحضر، ومن أكثر مظاهر الدبلوماسية والإتيكيت حسن الاستماع وإظهار التشوق لما يقوله الناس وهو دليل الذوق والرقي والسلوك بالغ التهذيب. أخطر عدو للإصغاء، هو الملل، ويحاول المرء دائماً بأن يقاوم الملل أو على الأقل يخفيه بكل وسيلة ممكنة احتراماً للمتحدث وخلق صداقات مع الناس.

والعدو الآخر هو الرغبة في التحدث واتخاذ المبادرة بالكلام يشهده التحدث أقوى من الاستماع، ويدور دائماً الصراع بينهما.

وضع أحد خبراء الاتصال عشر وصايا للإنصات، قال:

1. توقف عن الكلام

2. إجعل المتحدث يشعر بالارتياح

3. تخلص مما يشتت الانتباه

4. تعاطف مع المتحدث

5. إجعل المتحدث يحس أنك تريد الإصغاء

6. كن صبوراً

7. حافظ على اتزان مزاجك

8. لا تتعثر عند المواقف التي تثير الجدل والنقد

9. إطرح أسئلة للمتحدث في نهاية الحديث

10. قاوم رغبتك في الكلام والمقاطعة

لإصغاء الجيد مهارة، وقدرة تحتاج لأن تتدرب عليها لخدمة عملية الاتصال بين الأفراد في أي مجتمع. عند حضور محاضرة أو حديث عام يجب مراعاة:

- إذا كان المتحدث رئيساً أو كبيراً وصاحب موقع رفيع، فيجب الإنصات باهتمام، فليس المهم ما يقوله فقط، بل كيفية قول ما يقول.

- لا تتصور نفسك قادراً على قراءة أفكار المتحدث أمامك. وبالتالي لا يحتاج إلى حسن الإنصات. لا يوجد شخص مهما كانت مهارته يستطيع قراءة أفكار الآخر تماماً. ركز على كل ما يقال فقد تفوتك نقطة في الحديث تؤدي إلى كسر تسلسل الأفكار وتشويشها.

- استمع متوقعاً أن يواجه المتحدث إليك سؤالاً، ركز جيداً في ما يقوله لتحسن الإجابة.

- أن تتسرع بإلقاء دعابة أو مزحة لكسر حدة الضجر، فبرغم أن هذا قد يطرد الملل، خصوصاً إذا طال الحديث، لكن الإسراف فيه مكروه. كن حساساً في ذلك لئلا يغضب المتكلم وتشتت الاستماع إليه.

- إذا ترك المتحدث فسحة من الوقت للأسئلة والتعليقات، لا تحتكر الوقت لنفسك، تمهل واترك الفرصة لغيرك.

- راقب حركة جسمك عندما يتحدث الآخرون. حركة الساقين والجلوس باسترخاء، إسناد الذقن على اليد، كثرة الحركة والتململ، والنظر إلى الساعة والتثاؤب، علامات محبطة للمتكلم.

- تظاهر دائماً بأنك تحسن الاستماع حتى ولو لم تكن كذلك لتساعد المتحدث على إحسان الحديث.

وفي حالة الحديث الخاص أعمل على:

• تركيز العينين على وجه المتحدث عامة. لا تركز على عينيه أو أجزاء من جسمه أو وجهه، بل على الوجه كله.

• حاول أن يكون وجهك على مستوى وجه المتحدث لا أعلى ولا أسفل.

• لاحظ ذلك جيداً إذا اختلط طول قامتك عنه.

• إجعل وجهك وعينيك تظهر الاهتمام والإعجاب والدهشة والاستمتاع.

• حرك جانب الوجه والأذنين أو حتى رأسك قليلاً حين ينخفض صوت محدثك لتعبر عن اهتمامك بحديثه وعدم رغبتك في فقدان أية كلمة منه. بذلك تكون مستمعاً جيداً في عالم لا يحسن الإصغاء.

فن الإصغاء: أرادت سيدة أن تمتحن حسن اصغاء الناس, فقالت لضيوفها وهي تقدم إليهم بعض الحلوى : جربوا قطعة منها .لقد ملأتها بالزرنيخ.

ولم يتردد أحد في تناول الحلوى, بل قالوا جميعا: أنها لذيذة حقا, الرجاء تزويدنا بطريقة تحضيرها .

جميعنا ننزع إلى الاعتقاد بأننا نصغي جيدا . والواقع أن معظمنا يتكلم بمعدل .12 إلى .18 كلمة في الدقيقة ويفكر بمعدل أربعة أو خمسة أضعاف ذلك . وهكذا فان انتباهنا يتوه بنا, وفي أكثر الأحيان لا نستوعب من حديث الشخص الآخر سوى نصفه, مع العلم إن المقدرة على الإصغاء والتجارب أمر ذو أهمية في أي علاقة إنسانية سواء في العمل أو في البيت أو مع الأصدقاء.

منذ سنوات تعلمت درسا قاسيا .خرجت ابحث عن وظيفة وكنت تخرجت لتوي في الكلية. فكانت لي مقابلة مع محرر جريدة تصدر في بلدة صغيرة.كانت المقابلة تجري علي احسن ما يرام , وبنفسية مرحة بدأ المحرر يخبرني عن رحلته الشتوية للتزلج على الثلج .وإذ كنت مهتمة لأحداث تأثير عظيم فيه وتدبيج حكاية عن إحدى رحلاتي إلى تلك الجبال ,جنحت في تفكيري عنه وبدأت تخطيط حكايتي الخاصة.

ما رأيك بذلك سألني فجأة وبما إني ما كنت استعوب كلمة واحدة مما قال , أجبته بمنتهى الحماقة يبدو أنها كانت عطله مدهشة كلها مرح فحدق إلى برهة طويلة وقال : كلها مرح وأين المرح لقد قضيت معظم العطلة في المستشفى من جراء كسر في ساقي ّ. كيف يمكننا أن نحسن مقدرتنا على الإصغاء

لكي أحصل على الجواب حدثت عددا من الذين تتطلب مهنتهم اصغاء جيدا_ من أطباء نفسانيين ومستشارين للمشاكل العائلية وعاملين اجتماعيين وفي ما يأتي اقتراحاتهم:

أولاً : إصغ بكليتك:النقر بالأصابع وهز الرجلين مقبولين إذا كنت تصغي إلى المسجل ، أما إذا كنت تصغي إلى شخص آخر فذلك غير مقبول ، إذا لا شيء يسيء إلى كبريائه كسلوكك هذا ، لذلك حاول تنسى جميع الملهيات أظهر إصغائك الكلي بنظرة مباشرة إلى محدثك أو بإيماء مشجعة من رأسك أو بإشارة من يدك تحثه على متابعة حديثه .

ثانياً : إذا كنت في مجتمع وجاء دورك في الحديث لا تشعر بأن واجبك التمسك به ، بل أفسح المجال لسواك.

ثالثاً : ساعد الشخص الآخر على الانطلاق في الكلام بإبدائك ملاحظات قصيرة أو بطرحك بعض الأسئلة التي تظهر أنك مصغ إلى ما يقول ، وإن تكن ملاحظاتك من “حقا ” أو ” هات المزيد ” : التحدث إلى شخص لا يتجاوب معك هو كالصياح في هاتف معطل .

رابعا : نم حساسيتك لتفهم مضمون الكلام تلك الأفكار الباطنية التي كثيراً ما تحجبها الكلمات : من السهل أن نسمع الكلمات فقط و تفوتنا الفكرة الحقيقية وراءها.

خامساً : إصغ من دون أن تدين الشخص الآخر جميعنا نتحمس لوضع مقاييس للصواب و الخطأ ونصدر أحكاما على الآخرين ، لكننا بإدانتنا لهم بدلاً من الإصغاء إليهم نقطع خطوط الاتصال معهم .

الإصغاء فعل اهتمام ، فعل غير أناني يسمح لنا بالتخلص من عزلتنا في ذواتنا المنفردة و الدخول إلى دائر الصداقة و الدفء الإنساني.