مفهوم خدمة العملاء

بات من الشائع أن نقرأ هذه العبارة – خدمة العملاء – حتى كادت كل الأنشطة التجارية تخصص لها حيزاً مهما في ترتيب أولوية أعمالها، بل إن استراتيجية نجاح عمل هذه الشركة أو تلك مرهون بنجاح وتألق القائمين على خدمة العملاء لديها.



 

لماذا كل هذا الاهتمام بهذا المفهوم ؟ مفهوم خدمة العملاء؛ السبب الأول هو أن خدمة العملاء هي حلقة الوصل بين الشركة أو المؤسسة أو التاجر وبين عملائه، فهي الجهة التي تقوم على رعاية مصالح الطرفين ( العميل من جهة ، والشركة من جهة أخرى على حد سواء ) إذا هذا المفهوم ليس بالشيئ البسيط أو السهل بل هو الأكثر تعقيداً وتداخلاً لكونه يحمي حقوق كلا الطرفين دون الإخلال بأي منهما أو التفريط، إن حداثة المفهوم أضافة إليه عدداً من المقاييس التي يمكن من خلالها قياس نجاح أداء مهمة خدمة العملاء، أبسطها هو الاستماع إلى العميل نفسه عن رأيه حول الخدمة المقدمة له، والأفضل هو الحصول على إجابة خطية مكتوبة على بطاقة تقييم الخدمة كالتي نراها في المطاعم والمقاهي والفنادق.
هل تبادر إلى أذهان القراء الكرام هذا السؤال :- كيف أختار من يؤدي خدمة العملاء لدي في منشأتي التجارية ؟ هل اختار من لديه الخبرة في هذا المجال ؟ أم أختار من لديه العلم في هذا المجال ؟ السر في الإجابة على هذا السؤال الحيوي موجود لدى علماء النفس، فقد قسموا الدوافع البشرية إلى ثلاثة دوافع رئيسية وهي – السيطرة ، الإنجار ، الإنتماء – فكل إنسان لديه هذه الدوافع الثلاثة بنسب متفاوته غالبا ما تكون واحدة منها لها الحظ الأوفر ثم الثانية ثم الثالثة، ولو نظرنا إلى أصحاب دافعية السيطرة فلا ينجح الواحد منهم بالعمل في مجال خدمة العملاء – كمزود خدمة – لأن صاحب هذه الدافعية ترتفع لديه الرغبة بالسيطرة من ما سيوجد جواً من التوتر في أداء العمل الأمر الذي يجعل العملاء يرتابون في أمر هذه المنشأة التجارية في إختيارهم لمثل هذا النوع من الناس، إذا هل يكون أصحاب دافعية الإنجاز هم المقصودين في ذلك ؟ هم الأكثر ملائمة لمثل هذا المكان ؟ أيضا أصحاب دافعية الإنجاز المرتفعة لا يصلحوا لأن يكونوا مزودي خدمة عملاء لأن طبيعة الدافعية لديهم مرتبطة بتحقيق أهداف لا برضا الناس ! فلم يعد أمامنا إلا أصحاب دافعية الإنتماء فهم من يصلح أن يشغلوا مثل هذه الأعمال لذلك فالترتيب الأنسب بالنسبة لتقسيم الدوافع الرئيسية هي كما يلي :-
الإنتماء = النصيب الأوفر / الإنجاز = النصيب الثاني / السيطرة = الجانب الأقل. من واقع خبرتي في مجال خدمة العملاء التي تزيد على العشر سنوات، فإن هذه التقسيمة في توزيع الدوافع الانسانية هي الأفضل ويمكن معرفة ذلك من خلال استيبان لقياس توزيع الدوافع الانسانية، إذا الخبرة ليست المقاس والشهادات العلمية أيضاً لأنه لو توفر لديك انسان بتلك التقسيمة للدوافع مع القليل من التدريب سيتحول إلى أحد أبطال خدمة العملاء المتميزين الرائعين، وسيكون التفعيل الحقيقي لحلقة الوصل بين المنشأة التجارية وبين العملاء تفعيلاً رائعاً بناءً قائماً على الحفاظ على مصالح الطرفين على حد سواء وتحقيق رغبات الكل قدر الإمكان، وكما نقول بالأمثال الشعبية :- الشخص المناسب في المكان المناسب.