مضاعفات القرحة في المعدة

ليست المضاعفات قليلة في القرحة الهضمية . وقد قُدّر أن حوالي ثلث المرضى الذين شخص لديهم المرض أثناء الحياة يصابون بواحد أو أكثر من المضاعفات خلال سير المرض . وتُعدّ هذه المضاعفات الاستطاب الرئيسي للمعالجة الجراحية للمرض القرحي .



النزف :

النزف من القرحة الهضمية أكثر أسباب النزف الهضمي العلوي شيوعاً ويصادف في نحو 10 - 15 % من الرضى . وقد يكون النزف هو المظهر الأول للقرحة ، ويقدر معدل الوفيات الإجمالي بسبب النزف 7 % .

ومن المرجح أن تحدث الوفاة بسبب النزف القرحي عند المتقدمن بالسن ( أكثر من ستين سنة ) ، أو المصابين بأمراض أخرى مرافقة ، وعند المصابين بقرحة المعدة أو بنزف غزير راجع ( يحتاج الريض لأكثر من ثلاث وحدات من الدم في اليوم الواحد ) ، أو عندما يكشف التنظير الداخلي وجود وعاء نازف في الفوهة القرحية .

يتوقف النزف من القرحة الهضمية في نحو 85 % من المرضى بالمعالحة الطبية ، بينما يحتاج نحو 15 % من المرضى للمعالجة الجراحية . ويتضمن التداخل الجراحي عادة ربط الوعاء النازف من قرحة العفج إضافة لقطع جذع العصب المبهم وتصنيع البواب ( رأب البواب) .

يستطب قطع المعدة القاصي عادة في المعالجة الإسعافية لقرحة المعدة النازفة الواقعة في القسم القاصي من المعدة . أما القرحات النازفة الواقعة في القسم الداني من المعدة فتعالج يربط الوعاء النازف وأخذ الخزعات من القرحة وقطع القسم القاصي من المعدة . وإذا أصيب المريض القرحي بالنزف مرة ازداد احتمال إصابته به مرة أخرى . وتبلغ نسبة هذا الاحتمال ما بين 30 – 50 بالمئة .

الانثقاب Perforation :

قد تسبب القرحة تآكل كامل جدار المعدة والعفج وقد يؤدي ذلك أحياناً إلى نفوذ القرحة لأحد الأعضاء المجاورة مثل المعثكلة مسببة التهاب المعثكلة والألم المعند . إلا أن الانثقاب الحر في جوف الصفاق أكثر مصادفة ويحدث في القرحات العفجية الواقعة على الجدار الأمامي للبصـلة ، أو القرحات المعدية الواقعة على انحنائها الصغير .

تحدث هذه المضـاعفات عند 5 - 10 % من المرضى المصابين بقرحة العفج وعند 2 - 5 % من المرضى المصابين بقرحة المعدة ، وليس من النادر أن يترافق الانثقاب بالنزف .

يندر أن يكون الانثقاب العرض الأول للقرحة الهضمية ، ويغلب أن يكون في سوابق المريض أعراض قرحية نموذجية . يتظاهر الانثقاب في الحالات النموذجية بأعراض البطن الجراحي الحاد ، حيث تبدأ الأعراض بألم بطني مفاجئ شديد مع علامات صفاقية ( تقفع عضلات البطن - إيلام ارتدادي ) ، وهبوط الضغط مع تسرع القلب .

ويمكن إظهار وجود الهواء الحر في جوف البطن بالتصوير الشعاعي البسيط في ووضعية الوقوف . تستطب المداخلة الجراحية العاجلة عند معظم المرضى المصابين بانثقاب حر بغية رتق الانثقاب وتنظيف جوف الصفاق . وقد تجرى في الوقت نفسه جراحة حاسمة للقرحة ( مثل قطع العصب المبهم مع قطع الغار ) إذا كانت حالة المريض تسمح بذلك .

أما عند بعض المرضى الخطرين فقد يترك الانثقاب ليلتئم تلقائياً مع الاستمرار بمصّ العصارة المعدية بوساطة أنبوب أنفي معدي وإعطاء السوائل والصادات .

الانسداد Obstruction :

قد ينسد البواب المعدي بسبب الالتهاب أو التشنج أو التليف الناجم عن القرحة . وتحدث هذه المضاعفة بشكل خاص في القرحات الواقعة في القناة البوابية . تتضمن الأعراض الشبع السريع والغثيان والقيء بعد الطعام والألم الشرسوفي وحسّ الامتلاء .

قد يكشف الفحص السريري وجود علامات التجفاف والخضخضة عند رج جدار البطن . قد تبين الفحوص المخبرية وجود قلاء استقلابي ونقص البوتاسمية .

يشكو معظم المصابين بهذه المضاعفة من أعراض قرحية قديمة العهد وهي تحدث في نحو 5 % من المرضى القرحيين . ويندر أن تكون هذه المضاعفة العرض الأول للمرض القرحي .

يمكن إثبات وجود الانسداد بسولة إذا كان اختبار حمل المصل الفيزيولوجي إيجابياً ( حيث رشف العصارة المعدية بعد ثلاثين دقيقة ، فإذا زاد مقدارها عن 400 مل كان الاختبار إيجابياً ) . وقد لا يكون إجراء هذا الاختبار ضرورياً إذا تبين أن مقدار العصارة المعدية المرشوف بعد صيام ليلة كاملة يعادل 200 مل . كما يمكن بيان وجود الانسداد عن طريق التنظير الداخلي أو بشكل لا مباشر عن طريق التصوير الشعاعي للجزء العلوي من أنبوب الهضم .

يجب أن نحاول معالجة كل مرضى انسداد البواب بالوسائل الطبية بنزح العصارة المعدية بوساطة الأنبوب الأنفي المعدي ، وإصلاح عوز السوائل والكهارل وإعطاء السيميتدين أو الرانتيدين ( بغية إنقاص فقد حمض كلوريديك عن طريق النزح ) والتغذية الوريدية . يستجيب بعض المرضى على الأقل للمعالجة الطبية خلال عدة أيام ويتجنبون بذلك المداخلة الجراحية ، ومن المرجح أن الوذمة والتشنج هما السبب الرئيسي للانسداد عند هذه الفئة من المرضى .

الألم المعنّد Intractable :

يندر أن يعند ألم القرحة الهضمية إذا ما تقيد المريض بالخطة العلاجية ، وقد يكون السبب في الألم المعند نفاذ القرحة الخلفي أو إلى أحد الأحشاء المجاورة .

التشخيص :

لايمكن تشخيص القرحة الهضمية إلا بعد رؤية الفوهة القرحية مباشرة أثناء التنظير الداخلي ( وهي الطريقة الأكثر حساسية ونوعية ) أو بشكل لا مباشر عن طريق التصوير الشعاعي للقسم العلوي من أنبوب الهضم . إلا أن التصوير الشعاعي هو الإجراء الأول الذي يلجأ إليه لدى دراسة المريض بسبب قلة تكاليفه بالمقارنة مع التنظير الداخلي .

وإذا لم يكشف التصوير الشعاعي وجود فوهة قرحية وكانت الشبهة بها عالية يستطب حينئذ إجراء التنظير الداخلي لأن التصوير الشعاعي يخفق في كشف الفوهة القرحية في خمس الحالات . وإذا كشف التصوير وجود قرحة في المعدة كان من الضروري بيان ما إذا كانت قرحة سليمة أم خبيثة .

يساعد عدد من الموجودات على التمييز بين القرحة الخبيثة والسليمة ( سن المريض ، موقع القرحة وحجمها ، صفات ثنيات الغشاء المخاطي حول القرحة ) . إلا أن هذا التمييز لا يمكن أن يتم بدرجة مقبولة من الدقة إلا بمعاينة القرحة مباشرة وأخذ خزعات متعددة منها . ويدعم بعض الأطباء هذه الطريقة بأخذ عينات للفحص الخلوي .

عندما يتأكد وجود قرحة نموذجية بالتصوير الشعاعي أو التنظير الداخلي فمن النادر أن يتطلب الأمر إجراء دراسات أخرى لأن إمراض القرحة ما يزال غامضاً في معظم الحالات . ويستطب عيار غاسترين المصل أو النتاج الحامضي الأساس والأعظمي للمعدة في عدد قليل من الحالات فقط وبخاصة عند الشك بوجود ورم غاستريني وسوف يدرس لاحقاً .

عندما يتأكد وجود القرحة الهضمية ، وبعد نفي الورم الغاستريني ، يجب تمييز الأعراض الوصفية للقرحة عن تلك الناجمة عن عسر الهضم الوظيفي وسرطان المعدة وأمراض الطرق الصفراوية والتهاب المعثكلة وغيرها من الأمراض البطنية .

المصدر: بوابة الصحه