مرض عرق النسا: أسبابه، وأعراضه، وطرائق علاجه

يتساءل الكثير منا عن مرض عرق النسا، وعن سبب تسميته بهذا الاسم، وعمَّا إذا كان مرضاً مقتصراً على النساء أم لا، وعن علاماته وأعراضه والأسباب التي تؤدي إلى الإصابة به وطرائق علاجه.



ما هو مرض عرق النسا؟

هو مرضٌ يصيب الرجال أكثر من النساء، ويُطلَق على الألم الذي يمتد على طول العصب الوركي، ويتفرع من أسفل الظهر ممتداً إلى الوركين والأرداف وصولاً إلى أكف القدمين.

يؤثر عرق النسا عادة في جانب واحد فقط من الجسم، وينشأ نتيجة ضغط القرص المُنفتق أو النتوءات العظمية في العمود الفقري، أو بسبب حدوث تضيق في القناة الشوكية تضغط على العصب الوركي الذي يعدُّ أطول عصب في جسم الإنسان، وقد يستمر الألم لعدة أسابيع ثم يزول لوحده، ويمكن له أن يستمر أحياناً لسنةٍ أو أكثر.

ما هي علامات وأعراض مرض عرق النسا؟

من أكثر العلامات التي تدل على إصابتك بمرض عرق النسا هي ما يأتي:

  1. الشعور بألم يبدأ من أسفل العمود الفقري ويمر بالمؤخرة والجانب الخلفي من الفخذ والساق، ويمكن أن يصل إلى كف القدم.
  2. تختلف أنواع الألم التي يمكن أن تشعر بها، فيمكن أن تشعر أحياناً بألم بسيط، أو بألمٍ رهيب في أحيان أخرى؛ كما يمكن أن تشعر بالألم على هيئة موجة كهربائية أو صدمة، ويمكن أن يكون الإحساس أحياناً حارقاً وحاداً، ويزداد الأمر سوءاً وتشعر بالألم على نحو كبير عند العطس أو السعال.
  3. الشعور بالخدر، والضعف العضلي في القدم المصابة أو الرجل، ويمكن أن تشعر أحياناً بألم في جزء من الرجل، وتشعر في جزء آخر من الرجل ذاتها بالخدر.

غالباً ما تزداد الأعراض المذكورة سابقاً عند الجلوس لفتراتٍ طويلة.

إقرأ أيضاً: 4 معلومات خاطئة عن صحة الرجل

أسباب مرض عرق النسا:

توجد العديد من الأسباب التي تؤدي إلى الإصابة بمرض عرق النسا، وهي:

1. انزلاق الديسك (القرص):

تكون معظم حالات الإصابة بعرق النسا بسبب حدوث انفتاق أو انزلاق في الديسك في العمود الفقري، حيث تُصاب إحدى الديسكات الواقعة بين عظام العمود الفقري لتبدأ بالضغط على الأعصاب. ينجم عن هذا الانزلاق ضعف العضلات، أو مشكلات في القدرة على الإحساس.

يتكون العمود الفقري في جسم الإنسان من:

  1. الفقرات: وهي عبارة عن مجموعة من العظام تكوِّن هيكل العمود الفقري وتحمي الأعصاب، وتتكئ على الديسكات.
  2. الديسكات: تتكون من حقيبة ليفية صلبة يوجد بداخلها مادة ناعمة يشبه قوامها الهلام.
  3. الأعصاب.

لا يوجد سبب واضح ينتج عنه تلف الديسك، ولكن يعدُّ التقدم في السن عاملاً أساسياً في حدوث "تنكس الأقراص الفقرية"، حيث تصبح الديسكات:

  1. أقل مرونة.
  2. تفقد ما تحتويه من المياه؛ لذا تصبح أكثر قابلية للتمزق.

كيف تقلل احتمال الإصابة بانزلاق الديسك وتخفيف آلام عرق النسا؟

يمكنك تقليل احتمال الإصابة بانزلاق الديسك وتخفيف آلام عرق النسا من خلال:

  1. ممارسة التمرينات الرياضية الخاصة بتخفيف آلام عرق النسا.
  2. أخذ وضعية مناسبة، خاصة في الأعمال التي تتطلب رفع أوزان ثقيلة.

2. تضيق العمود الفقري:

يعدُّ تضيق العمود الفقري من الأسباب غير الشائعة جداً للإصابة بهذا المرض، وهو عبارة عن تضيق يُصاب به الممر الذي يسري فيه الحبل الشوكي إلى أسفل العمود الفقري، حيثُ إنَّ الممرات العصبية في العمود الفقري تتضيق أو تلتهب أو تتعرض إلى إصابة ما، ويمكن أن يحدث التضيق نتيجة نمو أورام داخل العمود الفقري، أو نتيجة تضخم الأربطة بجانب بروز الديسكات والنتوءات العظمية من العمود الفقري، أو ناتجة عن مرض تنكسي في مفاصل العمود الفقري؛ الأمر الذي يؤدي إلى عدم استقامة الفقرات بصورة سليمة؛ كما من الجدير بالذكر أنَّها مرتبطة بتقدم السن.

تتركز الأعراض الناتجة عن هذا السبب في أسفل الظهر مع حدوث ثقل في الساقين، وصعوبة في المشي، ووضعية منحنية.

3. الانزلاق الفقاري:

يحدث الانزلاق الفقاري عادة عندما تنزلق إحدى فقرات العمود الفقري من مكانها؛ فإذا ضغطت هذه الفقرة على العصب الوركي، ستتسبب بحدوث آلام شديدة.

من أكثر أسباب الإصابة بالانزلاق الفقري للأمام هو التليف التنكسي لمفاصل الهيكل العظمي، أو بسبب التقدم في السن؛ كما يمكن يحدث عند صغار السن نتيجة التعرض إلى كسور في العمود الفقري والانحناء المفرط له.

4. أسباب أخرى للإصابة بمرض عرق النسا:

توجد أسباب أخرى نادرة الحدوث يمكن أن تتسبب في الإصابة بمرض عرق النسا، منها:

  1. متلازمة ذنب الفرس، وهو عبارة عن حزمة من الأعصاب التي تتفرع من نهاية الحبل الشوكي، والتي تحدث عندما تتلف الأعصاب أو تنضغط؛ وإذا تُرِكت دون علاج، تؤدي إلى شلل الجسم.
  2. تعرض العمود الفقري أو ما يحيط به من أربطة وعضلات إلى إصابة ما.
  3. إصابة العمود الفقري بالالتهاب.
  4. نشوء ورم داخل العمود الفقري.

متى يجب أن تذهب إلى الطبيب؟

تكون الآلام الناتجة عن عرق النسا متصاحبةً مع الإحساس بالوخز، حيث ينتشر الألم من أسفل الظهر ويمتد إلى ساق واحدة؛ ومن الجدير بالذكر أنَّ الألم في أسفل الظهر يكون أقل شدةً من ألم الساق، ولكن عندما يزداد الألم مع مرور الوقت، لا بد من زيارة الطبيب، حيث يمكنه أن يُشخص المرض بالاعتماد على الأعراض الناتجة عن تهيج العصب الوركي، ووصف العلاجات المناسبة لكل حالة.

يجب الذهاب فوراً إلى الطبيب إذا ظهرت إحدى الأعراض التالية:

  1. فقدان الإحساس في الساقين والأرداف.
  2. الشعور بفقدان السيطرة على الأمعاء والمثانة.
إقرأ أيضاً: 6 عوامل تُسبّب آلام أسفل الظهر

كيف يشخص مرض عرق النسا؟

توجد عدة طرائق يتبعها الأطباء لتشخيص عرق النسا نذكر منها:

1. الاختبار السلبي لرفع الساق باستقامة:

يعتمد الأطباء على هذه الطريقة لتحديد فيما إذا كان المصاب يعاني من عرق النسا أم لا، وهذا الاختبار يحدث على النحو التالي:

  • أولاً: يستلقي المريض على ظهره بصورة مستوية، مع إبقاء ساقيه مستقيمتين.
  • ثانياً: يرفع ساقاً واحدة من الساقين في كل مرة.
  • ثالثاً: إذا شعر المريض بالألم خلال رفع الساق مع استمرار المحاولة وتكرارها، وإذا ازداد الشعور بالألم قوة، يعدُّ ذلك دليلاً على الإصابة بعرق النسا.

2. العلامات التحذيرية:

هي عبارة عن إشارات تشير إلى وجود مرض يتسبب في الإصابة بعرق النسا، وكمثال على ذلك الإصابة بكلٍّ مما يأتي:

  1. التهاب العمود الفقري.
  2. متلازمة ذيل الفرس.
  3. السرطان.

لكي يتأكد الطبيب من الإصابة، يجب أن يعرف ما هي الظروف الصحية للمريض، بهدف التوصل إلى التشخيص الصحيح له؛ وتتجلى الأعراض لكلِّ حالة بما يأتي:

2. 1. العلامات التحذيرية الناتجة عن مرض السرطان:

تتمثل العلامات التحذيرية الناتجة عن الالتهاب أو الإصابة في:

  1. وجود تاريخ سابق للإصابة بالسرطان.
  2. الإصابة بالتهاب المجرى البولي، أو الالتهاب البكتيري.
  3. ألَّا يقل عمر المريض عن 20 عاماً ولا يزيد عن 50.
  4. فقدان الوزن غير المبرر، وارتفاع درجات الحرارة، والشعور بالقشعريرة.
  5. وجود تشوه هيكلي في العمود الفقري.
  6. الحقن المسبق بالمخدرات، منها الكوكائين والهيروئين.
  7. وجود مرض يضعف جهاز المناعة، منها فيروس نقص المناعة البشرية HIV.

2. 2. العلامات التحذيرية لمتلازمة ذيل الفرس:

تتمثل العلامات التحذيرية الخاصة بمتلازمة ذيل الفرس في:

  1. ضعف في الساقين والقدمين.
  2. الوخز أو الخدران بين الساقين وحول الأرداف.
  3. التعرض إلى فقدان السيطرة على التبول والتبرز حديثاً.

2. 3. العلامات التحذيرية للإصابة بكسر في العمود الفقري:

تتمثل العلامات التحذيرية التي تدل على وجود كسر في العمود الفقري في:

  1. الإصابة البسيطة، مثل الرفع المجهد لدى مرضى هشاشة العظام.
  2. وجود تشوه هيكلي في العمود الفقري.
  3. الألم المفاجىء في العمود الفقري، والذي يتحسن بمجرد الاستلقاء.
  4. التعرض إلى إصابة شديدة، مثل: السقوط من مكان مرتفع، أو بسبب حادث سير.

عموماً، إذا وجدت واحدة أو أكثر من العلامات التحذيرية المذكورة سابقاً، فليس بالضرورة أن يدل ذلك على وجود حالة خطيرة، بل يمكن أن يدل على وجود إحدى مسببات عرق النسا، ويجب التأكد منه وأخذه في عين الاعتبار؛ ولكن إذا كانت العلامات التحذيرية تشير إلى الإصابة بمتلازمة ذيل الفرس، سيحول الطبيب المريض إلى المشفى لإجراء الفحوصات اللازمة.

كيف تعالج عرق النسا؟

تتحسن معظم حالات الإصابة بعرق النسا تلقائياً خلال ستة أسابيع؛ ولكن في حال كانت الإصابة شديدة أو مستمرة، توجد وسائل متعددة للعلاج، نذكر لكم منها:

1. المساعدة الذاتية:

يمكن للمصاب بعرق النسا مساعدة نفسه ذاتياً، وذلك من خلال قيامه ببعض الإجراءات العلاجية البسيطة، ونذكر لكم عدداً منها:

  1. استخدام الكمادات الباردة والكمادات الساخنة.
  2. البقاء بحالة نشطة قدر الإمكان.
  3. تناول المسكنات البسيطة مثل: الباراسيتامول والإيبوبروفين.

2. ممارسة التمرينات الرياضية:

عند الإصابة بعرق النسا، فإنَّه من الهام جداً البقاء بحالة نشطة؛ ومن التمرينات الرياضية البسيطة التي يمكنها تقوية العضلات التي تدعم الظهر، وتقلل من شدة أعراض الإصابة بعرق النسا: المشي والمد بلطف.

في المقابل، تعدُّ الاستراحات الطويلة على السرير غير مفيدة، رغم أنَّ القليل منها يمكن أن يُحدِث تحسُناً مؤقتاً.

3. استعمال الكمادات:

يجد بعض المصابين بعرق النسا أنَّ استخدام الكمادات الساخنة أو الباردة مفيدة جداً لهم لتخفيف شدة الألم.

4. تناول المُسكنات:

إذا كان المُصاب بعرق النسا يشعر بألمٍ متواصل أو مزعج، فيمكنه استخدام أي نوع من المسكنات التالية للتخفيف من شدة الآلم:

  1. الباراسيتامول، والإيبوبروفين.
  2. المُسكنات المُخدرة، ومنها: الكودائين، والمورفين الذي يُستخدَم في حالات الألم الشديد الذي لا يُحتمَل.
  3. مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقة TCA، ونذكر منها: "الأميتريبتيلين".

بالطبع، لا يمكن استخدام هذه الأدوية إلَّا بعد استشارة الطبيب؛ ذلك لأنَّ بعض هذه الأدوية يمكن أن تسبب أعراضاً جانبية خطيرة جداً.

إقرأ أيضاً: الأدوية النفسية: ما أهميتها؟ وكيف تستخدم؟

5. العلاج الطبيعي:

يمكن للطبيب أن ينصح المريض المصاب بعرق النسا بممارسة بعض التمرينات الرياضية الخاصة، ويمكن في بعض الحالات أن يحوله إلى معالج فيزيائي، حيث يقوم المعالج بما يأتي:

  1. يُعلم المريض كيفية تحسين وضعيته، وكيفية التقليل من الإجهاد الزائد الواقع على ظهره.
  2. يعلم المريض مجموعة من التمرينات الرياضية التي تدعم الظهر، وتقوي العضلات، وتحسن مرونة العمود الفقري.

6. حقن العمود الفقري:

إذا لم تنجح جميع الطرائق التي ذُكِرت سابقاً في تخفيف حدة الألم، يمكن عندها أن يحول الطبيب المريض إلى طبيب مختص لإعطائه حقنة ستيروئيدات قشرية في العمود الفقري، أو حقنة بنج موضعية؛ الأمر الذي يؤدي إلى تخفيف الألم، وتقليل الضغط على عصب عرق النسا؛ حيث إنَّه يعدُّ مُضاداً قوياً للالتهاب، ومُسكناً مباشراً وقوياً للمنطقة التي تظهر فيها الأعراض الالتهابية وحول أعصاب العمود الفقري.

7. إجراء عملية جراحية:

إنَّه لمن النادر أن يكون إجراء العملية الجراحية ضرورياً لعلاج عرق النسا، ولكن يمكن أن يكون الخيار الأمثل في بعض الحالات، وهذه الحالات هي:

  1. ألَّا تكون إجراءات العلاج الأخرى ذات فائدة في معالجة المرض وتخفيف أعراضه.
  2. استئصال الديسك (القرص).
  3. إذا كان المسبب لعرق النسا أمراً معلوماً، مثل: وجود ديسك منفتق.
  4. عملية الاندماج أو الانصهار.
  5. أن تسوء الأعراض أكثر.
  6. استئصال الصفيحة الفقرية.

 

المصادر: 1، 2، 3




مقالات مرتبطة